أبوظبي والقاهرة.. عاصمتا التسامح

أبوظبي والقاهرة.. عاصمتا التسامح

أبوظبي والقاهرة.. عاصمتا التسامح


24/10/2022

أحمد شعبان

تبنت الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية جهوداً مشتركة لنشر قيم التسامح والسلام والأخوة الإنسانية، ونبذ العنف والتطرف والإرهاب، وجاءت هذه الجهود المباركة والمثمنة عالمياً نتيجة للعلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين الشقيقين، ونتج عنها خروج أهم وثيقة في العالم «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي وقعها برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في أبوظبي 2019.
وتحرص الإمارات قيادةً وشعباً على دعمها المستمر والمتواصل للأزهر الشريف، كمنارة للعلوم الإسلامية ومختلف فروع المعرفة، ومنصة قوية لمواجهة الفكر المتطرف، كما أن الأزهر الشريف يتمتع بمكانة كبيرة واحترام بلا حدود لدى دولة الإمارات لدوره التنويري الكبير، ومكانته التي يشهد بها العالم كله بمختلف فئاته وأطيافه.
ويعد التعاون بين دولة الإمارات والأزهر الشريف والكنيسة المصرية بمثابة نموذج يحتذى به ومثال للعلاقات التاريخية بين الإمارات ومصر والتي تتسم بروح المودة والإخاء والإخلاص في خدمة البشرية.
والرؤية المصرية الإماراتية حول مكافحة الإرهاب متقاربة، وتعد هذه الرؤية المشتركة عاملاً مهماً لصون الأمن القومي العربي والحفاظ على مقدراته، نتيجة التنسيق والتعاون المشترك، بما يحقق وحدة الموقف العربي في ظل التحديات غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة.
وأكد علماء من الأزهر الشريف ورجال دين من الكنيسة المصرية لـ «الاتحاد»، أن هناك تعاوناً وثيقاً بين الإمارات ومصر في نشر قيم التسامح والأخوة الإنسانية نتيجة للعلاقات الطيبة التي جمعت بين الأزهر الشريف والكنيسة المصرية والمؤسسات الدينية والمراكز البحثية في الإمارات، ومن خلال المبادرات والمشروعات المشتركة التي كان لها عظيم الأثر في ترسيخ أسمى معاني السلام العالمي. 

مشاريع الكنيسة
في إطار سعي الإمارات لنشر قيم التسامح والتعايش بين جميع الأديان، تم تنفيذ مشاريع خدمات الكنيسة المصرية بالتعاون بين المكتب التنسيقي للمشاريع التنموية الإماراتية في مصر، والبطريركية المرقسية بالقاهرة، واشتملت على 4 مشاريع في 3 محافظات، تضمنت إنشاء مركز لتراث الفن المصري القبطي بالعبور، وتجهيز وتشطيب مستشفى الشفاء بمدينة السلام بالقاهرة، وإنشاء مدرسة الأقباط الأرثوذكس الخاصة بالمنيا، إضافة إلى تشطيب ورفع كفاءة وتجهيز دار مار مينا لرعاية الأيتام بمدينة فايد بالإسماعيلية.

مؤتمرات وندوات عالمية تدعم حوار الأديان

الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، أشارت إلى أن هناك علاقة قوية تربط مصر والأزهر بدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بتحقيق التعاون في مختلف المجالات العلمية والثقافية والدينية، وعقد المؤتمرات والندوات العالمية التي تدعم حوار الأديان والأخوة الإنسانية، وتعزز قيم السلام العالمي والتقارب بين الشرق والغرب. 
وفي العام 2017، شاركت دولة الإمارات من خلال المجلس الوطني الاتحادي في أعمال مؤتمر الأزهر العالمي للسلام برعاية وحضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبحضور عدد من القيادات الدينية من أنحاء العالم، وعلى رأسهم بابا الفاتيكان فرنسيس.
ووجه المؤتمر رسالة مشتركة للعالم كله بأن رموز وممثلي الأديان المجتمعين في رحاب الأزهر الشريف يُجمعون على الدعوة إلى السلام بين قادة الأديان والمجتمعات الإنسانية كافة، ويؤكدون دعوة أتباع الأديان للاقتداء بهم، والعمل بهذه الدعوة يداً واحدة من أجل نبذ كل أسباب التعصب والكراهية، وترسيخ ثقافة المحبة والرحمة والسلام بين الناس.
وأوضحت مستشارة شيخ الأزهر لـ «الاتحاد» أن التعاون بين الأزهر والإمارات يأتي في إطار العلاقات الممتدة والقوية بينهما في خدمة الدين، مؤكدة أن الأزهر يعتز بعلاقته بدولة الإمارات، والتي أسهمت كثيراً في التعريف بصحيح الدين الإسلامي وسماحته ووسطيته من خلال عقد المؤتمرات العالمية المشتركة، والمبادرات والمشروعات التي كان لها عظيم الأثر في ترسيخ أسمى معاني الأخوة الإنسانية والاحترام والسلام العالمي.
وأكدت «الصعيدي» أن الأزهر يقدر جهود الإمارات في نشر رسالة السلام والمحبة والتسامح، وتعزيز قيم الأخوة الإنسانية بين البشر، ودعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وأن الإمارات، قدمت للعالم نموذجاً فريداً في التسامح والتعايش المشترك بين مختلف الجنسيات والثقافات، والسعي الدائم لتحقيق السلام ونشر الخير في أرجاء العالم.

تعاون يقوي الدعائم الدينية

الدكتور أحمد زارع، المتحدث الرسمي لجامعة الأزهر، أشاد بالعلاقات الأخوية بين الإمارات ومصر، قائلاً: «هذه العلاقات تاريخية وقديمة ونعتز بها كمصريين وأزهريين ومسلمين»، مثمناً احتضان الإمارات توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. 
ووصف المتحدث الرسمي لجامعة الأزهر خلال حديثه لـ «الاتحاد» الوثيقة بالحدث العالمي، منوهاً إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة قال عنها: «أعظم وثيقة وقعت في العصر الحديث»، منوهاً إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية وضعت بروتوكول تعاون وإخاء دينياً بين بني البشر جميعاً ليس فقط بين أصحاب الأديان السماوية فقط، بل أيضاً بين أصحاب الأديان غير السماوية من ذوي النوايا الحسنة. وأكد «زارع» أن الوثيقة رسخت لقيم الإخاء والمساواة ورفض ما يعرف بالأقليات، وأن تكون الوحدة الوطنية بين الشعوب على أساس المساواة والعدل، وأن يتجه العالم إلى الحوار العقلي البناء فيما يحدث من خلافات، لافتاً إلى أن جامعة الأزهر أصبحت تدرس الوثيقة فكانت من أعظم المخرجات الدينية بين الإمارات ومصر والتي تشع النور والسلام، وتنبذ التطرف والكراهية والتطرف في العالم. وأشار المتحدث الرسمي لجامعة الأزهر إلى العلاقات العلمية والثقافية بين الإمارات ومصر، خاصة بين الأزهر والمؤسسات الدينية والمراكز البحثية في الإمارات من خلال المؤتمرات التي يعقدها الأزهر الشريف بمشاركة كبيرة من الإمارات، مؤكداً أن هذا التعاون يقوي الدعائم الدينية، لافتاً إلى أن الإمارات دولة تحتضن الفكر الوسطي النابع من الأزهر الشريف، قائلاً: «التقت الدولتان مصر والإمارات على هذا القاسم المشترك وهو الفكر الوسطي المعتدل غير المتشدد».
ونوَّه «زارع» إلى أن الكثير من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر يعملون في جامعات الإمارات، وأن العلماء من كلا البلدين يلتقون في مؤتمرات وندوات متعددة في البلدين، مثمناً مساهمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في الكثير من منشآت الأزهر والكثير من المؤسسات الدينية في مصر، منوهاً إلى بصماته الواضحة في ذلك، ومنها مركز اللغة العربية لغير الناطقين بها في جامعة الأزهر.

سمات مشتركة تجمع بين الشعبين 

القس رفعت فكري، رئيس مجلس الحوار والعلاقات المسكونية بالكنيسة الإنجيلية بمصر، الأمين العام المشارك بمجلس كنائس الشرق الأوسط، قال إن الإمارات ومصر دولتان شقيقتان، وبينهما سمات مشتركة تجمع بين شعبي الدولتين، وعلاقات أخوية منذ 50 عاماً، ولهما جهود مشتركة في نشر قيم التسامح والأخوة الإنسانية ومكافحة التطرف والإرهاب.
وأضاف فكري لـ «الاتحاد»، أن الإمارات ومصر تبذلان جهوداً مكثفة من أجل مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان والتي تبنتها دولة الإمارات على أرضها، وثيقة مهمة ليست فقط للرد على الجماعات الإرهابية أو المساهمة في مكافحة الإرهاب، ولكن لتدعيم روح الأخوة والتسامح بين جميع البشر.
وأشاد «فكري» بجهود الدولتين الشقيقتين المكثفة لتجفيف منابع الإرهاب من خلال التوعية الفكرية والثقافية والحوار مع الشباب، وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني من خلال المؤتمرات واللقاءات الثنائية، مثمناً ما تقوم به الإمارات في نشر قيم الحب والتسامح من أجل بناء إنسانية أفضل تجمعهم الحب والسلام والرحمة والمحبة، تلك القيم الحضارية حتى يعيش العالم في أمان وسلام دون عنف وإرهاب.

جسور التعاون

وثمَّن القس بولا فؤاد رياض، كاهن كنيسة مارجرجس المطرية بالقاهرة، الاحتفال بمرور 50 عاماً على العلاقات الإماراتية المصرية، لافتاً إلى أن المؤسسات الدينية في مصر والمتمثلة في الأزهر الشريف والكنيسة المصرية لها جسور تعاون مع المؤسسات الدينية في الإمارات الشقيقة، مؤكداً أن الإمارات لها باع طويل وخطوات ملموسة على أرض الواقع في تأسيس مبدأ المساواة والتعاون بين الشعوب، ونموذج يُحتذى به في التعايش السلمي بين الشعوب. وأوضح لـ «الاتحاد» أن الإمارات عبر تاريخها خطت خطوات لترسيخ مبدأ التعايش السلمي والأخوة الإنسانية بين شعوب العالم، ووقعت وثيقة الأخوة الإنسانية بالتعاون مع الأزهر الشريف والفاتيكان، وأطلقت جائزة زايد للأخوة الإنسانية، مشيراً إلى التعاون الوثيق بين الكنيسة المصرية والكنائس المسيحية بجميع طوائفها في دولة الإمارات، لنشر قيم التسامح والتقارب والتفاهم الإنساني والحوار بين الأديان، وتفاعل الحضارات ونبذ الصراعات.
وأكد «رياض» أن الإمارات تسير على نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أرسى مبادئ التعايش السلمي، منوهاً إلى أن أبناءه المباركين ساروا على نهجه وعلى الخطى نفسها، متمنياً كل التوفيق لمصر والإمارات في جهودهما المباركة لنشر السلام العالمي ونبذ التعصب الديني، مؤكداً أن السلام هو الذي يصنع التقدم والرقي والحضارة، قائلاً: «نشكر ربنا على هذه الجهود المشتركة، ودولة الإمارات نموذج يحتذى به على مستوى العالم كله».

حكماء المسلمين

في ظل التعاون المشترك بين الأزهر الشريف والإمارات العربية المتحدة بمجال نشر السلام ونبذ العنف والتطرف، تأسس مجلس حكماء المسلمين في عام 2014، وهي هيئة دولية مستقلة، تهدف إلى تعزيز السلم، وترسيخ قيم الحوار والتسامح، يرأسها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ومقرها في أبوظبي.
ويضم المجلس في عضويته نخبة من العلماء، وكان لمجلس حكماء المسلمين دور في تسيير قوافل السلام إلى مختلف دول العالم، لإيصال رسالة إلى شعوب العالم كافة أن الإسلام دين سلام ورحمة يقر التعايش مع الآخر أياً كان جنسه أو دينه، ولا يقر مظاهر العنف والإرهاب التي ضربت مناطق عدة حول العالم.
ويسعى مجلس حكماء المسلمين من خلال إحدى مبادراته «حوار الشرق والغرب» إلى الانفتاح على الآخر، ومد جسور التعاون بين بني البشر على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم، في محاولة منه للبحث عن سبل العلاج من مرض التطرف والعنف والإرهاب، والعمل على التعاون على البر والتقوى والتعايش السلمي ونشر ثقافة السلام في العالم.

4 فبراير يوم تاريخي

في 4 فبراير 2019 وقع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي، «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
وأكدت الوثيقة المساهمات القيمة للشعوب من جميع الأديان والمعتقدات للإنسانية، ودور التعليم في تعزيز التسامح والقضاء على التمييز القائم على أساس الدين أو المعتقد، وأثنت على جميع المبادرات الدولية والإقليمية والوطنية والمحلية والجهود التي يبذلها القادة الدينيون لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع يعلن يوم 4 فبراير «اليوم الدولي للأخوة الإنسانية»، ضمن مبادرة قدمتها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية.
وركزت الوثيقة على نشر قيم التسامح والسلام في المجتمعات العالمية، وطالبت قادة الدول وصناع السياسات الدولية والاقتصاد العالمي بالعمل جدياً على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فوراً لإيقاف ما يشهده العالم من حروب وصراعات ونزاعات وتراجع مناخي وانحدار ثقافي وأخلاقي.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية