أبو الحسن الهاشمي: (رواية شبح يُنعى)!

أبو الحسن الهاشمي: (رواية شبح يُنعى)!

أبو الحسن الهاشمي: (رواية شبح يُنعى)!


18/12/2022

أعلن المتحدّث الرسمي لتنظيم الدولة أبو عمر المهاجر، في تسجيل صوتي صدر عن مؤسسة الفرقان، مقتل أبي الحسن الهاشمي القرشي خليفة داعش -المزعوم-، وأبدى تولي قيادة التنظيم خلفاً لأبي إبراهيم الهاشمي القرشي، المعروف بـ"عبد الله قرداش"، ولم يُحدِّد "المهاجر" المكان أو الزمان.

إلا أنّ القيادة المركزية للجيش الأمريكي، وبعد إعلان داعش مقتل خليفته بساعات، أنزلت بياناً تؤكد فيه مقتل زعيم تنظيم داعش أبي الحسن الهاشمي القرشي في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، في عملية نفذها الجيش السُّوري الحُر بمحافظة درعا جنوب سوريا.

وقد كَثُرت الروايات، وتعددت الأقاويل والأحاديث بخصوص العملية التي نُفِّذت منتصف تشرين الأول (أكتوبر)، ولستُ هنا في صدد الحديث عمَّن نفَّذ العملية، أو ما علاقة نظام الأسد بذلك، وإنّما سألتزم الحديث عن أبي الحسن، ومع تعدُّد الروايات إلا أنّ الجميع اتفقّ على مقتل المُكَّنى بـ"أبي عبد الرحمن العراقي" الملقب بـ "سيف بغداد" نور كريم مطني عساف الراوي، عراقي الجنسية، وآخرين، وهذا هو الأهم والمُهم، ومحور الحديث.

لا يُمكن الجزم على بيان القيادة المركزية للجيش الأمريكي، والأمثلة على ذلك كثيرة، فقد أعلنت القيادة المركزية العشرات من البيانات، ثم يظهر خلاف ذلك

فقد تحدّث الكثير، وأشار البعض إلى كون الملقب بـ "سيف بغداد" هو زعيم تنظيم داعش أبو الحسن الهاشمي القرشي، وذلك لأسباب:

أولًا: بيان الجيش الأمريكي الذي يؤكد مقتل الهاشمي منتصف تشرين الأول (أكتوبر) في محافظة درعا، وهذه العملية تحديداً التي قُتل فيها "سيف بغداد".

ثانياً: هاشميّة وقرشيّة "سيف بغداد" المُكَّنى بأبي عبد الرحمن العراقي، نور كريم عساف المطني الراوي، هو من نسل أحمد بن يحيى بن حسون، صعوداً إلى موسى الكاظم، صعوداً إلى الحسين بن علي بن أبي طالب.

ثالثاً: قِدم "سيف بغداد" في التنظيم، وقد التحق بالجماعات الإرهابية منذ وقت مبكر مع صِغر سنّه، إلا أنّه اختفى عن أهله ومدينته منذ عام 2010م، وأشارت لذلك الإعلامية سونيا الزغول في "برنامج ستديو الآن".

- وأسباب كثيرة يصعُب تأكيد بعضها أو نفي بعضها الآخر، كحديث بعض المصادر عن نفوذ أقرباء المُشار له في تنظيم داعش، وسيطرة ابن عمه على ماليّة التنظيم، إلا أنّ ما ذُكر أبرز ما يرتكز عليه.
إلا أنّ البعض شكَّك في كون "سيف بغداد" هو زعيم تنظيم داعش، وأنّ التنظيم استغل مقتل  "الراوي" للتضليل على جنوده وأنصاره، وذلك لإخفاء اعتقال أبي الحسن الهاشمي القرشي من قبل القوات التركية، والمقصود بهذا "بشار خطاب الصُميدعي" المعروف بـ "أستاذ زيد"، معللين ذلك بأسباب وأدلة أستطيع أنّ أقول إنّها قوية، أختصرها بما يلي:

أوّلاً: لا يُمكن الجزم على بيان القيادة المركزية للجيش الأمريكي، والأمثلة على ذلك كثيرة، فقد أعلنت القيادة المركزية العشرات من البيانات، ثم يظهر خلاف ذلك، وأقرب مثال على ذلك، إعلان استهداف "أبي حمزة اليمني" في إدلب، وغير ذلك كثير جداً في اليمن والشام والعراق.

ثانياً: عدم أهليّة "الراوي" من الجهة الشرعية والعلمية، خلافاً لما يجنح إليه تنظيم الدولة ويهتم به، فيقدّم صاحب العلم والشرع على صاحب الخبرة العسكرية والأمنية، ولو كان جاهلاً.

ثالثاً: عند الرجوع إلى العملية التي قُتل فيها "أبو عبد الرحمن العراقي"، وُجد برفقته شاب مقتول يُدعى "وليد البيروتي"، لبناني الجنسية، وتقول مصادر إنّ "البيروتي" نفر منذ فترة وجيزة إلى داعش، فكيف لرجل لم ينفر إلا منذ بضعة أيام أو أشهر أن يجلس ويُرافق الخليفة؟ وهذا يخالف تماماً بروتوكول داعش مع الخليفة، ولكن عند التدقيق والاستقصاء يتبين أنّ البيروتي سبق أن نفر من قبل، وعاد إلى لبنان ليُشرف على بعض الأعمال وسُجن هناك.

رابعاً: بشار الصُّميدعي كان يُكنّى ويُنَادى في ولاية الرقة عام 2015م بـ "أبي الحسن".
خامساً: الكفاءة الشرعية العملية، والخبرة العسكرية الميدانية، والتجربة القديمة التي يحظى بها "الصميدعي"، خلافاً لـ "سيف بغداد".

سادساً: الوثائق السريّة التي اطلعتُ عليها، والتي لم تُنشر بعد لعام 2022م، كانت تُخاطب "بشار"، وكانت تُخاطب "حجي عبد الله قرداش" "أبو إبراهيم الهاشمي القرشي".

سابعاً: بعد القبض على "الصميدعي" وقع خلاف شديد بين جنود التنظيم وتفشى إلى المناصرين، في مسألة حُكم "بيعة الخليفة المأسور"، هل تُنزع ويُبايع غيره، أم تبقى حتى يطلق سراحه؟ وقد تفاقم الموضوع، وصار حديث الساعة في مجموعاتهم الخاصة وقنواتهم، ثم جاء تعميم بترك الحديث والنقاش في مثل تلك المسائل.

كالعادة من شبح يُنعى إلى شبحٍ يُبايع، ومن مجهول يُبكى إلى مجهول يُمدح بـ "الصنديد الهمام"، فقد أعلن المتحدث الرسمي عن اجتماع أهل الحلّ والعقد المجهولين أيضاً على تعيين ومبايعة من يُدعى بأبي الحسين الحسيني القرشي

وشرعياً، بما هو مقرر في الكتب والمراجع التي يستدل بها تنظيم داعش، عن مسألة "حكم بيعة الخليفة المأسور"، يوجد خلاف، إلا أنّ القول الذي عليه الأغلب، له حالتان:

1ـ أن يُؤسر الخليفة، ويغلب فكُ أسره وتخليصه؛ فهنا تبقى البيعة ولا تنزع، ويُخلص من الأسر.

2ـ أن يؤسر الخليفة، ويُعجز عن تخليصه، لضعف، أو لقوة العدو؛ فهنا تخلع البيعة، وتنزع ويُبايع خليفة آخر.

- والإشكالية؛ هل يستطيع تنظيم داعش تخليص "الصميدعي" من الأسر بحيلة، أو مقابل أموال، كما أخرج العديد من القيادات؟ فيُقال صعبٌ جداً، لأنّ القبض على "الصميدعي" قد أعلن، ويعتقد الكثير أنّه الخليفة. 
ومع كلّ هذا، هناك من يتحدث عن خلاف شديد كان بين "الصميدعي" و"أبي بكر البغدادي"، وقد سبق أن سُجن، وطُرِد من التنظيم، والحقيقة أنّ هذا الكلام غير دقيق، وذلك لأنّ السجن في فتنة "الغلاة"، أو "التكفير" داخل التنظيم لم تقتصر على "الصميدعي"، وإنّما على أسماء عديدة بارزة، وهذا ما جنح له "البغدادي" لإخماد الفتنة والحفاظ على تماسك التنظيم، وقد عاد عدد منهم إلى مناصب مركزية في داعش، وأيضاً الوثائق السرّية الحديثة تُثبت عودة الصميدعي وعمله في رأس التنظيم.

- ومع كلّ هذه الروايات، لا يمكن البتُّ في هوية زعيم تنظيم داعش أبي الحسن الهاشمي القرشي، إلا أنّ كل المؤشرات تُشير إلى "الصميدعي"، وتستبعد أن يكون "سيف بغداد" هو الخليفة المُنعى، وما قد يكون معقولاً ومنطقياً هو أن يكون "أبو الحسن الهاشمي" شخصية أخرى غير "سيف بغداد"، و "الصميدعي"  قُتل في وقت آخر وبمكان آخر، أو قتل مع "سيف بغداد" بالعملية نفسها، وما يمكن قوله هو أنّ التنظيم نجح في إخفاء هويته هذه المرّة.
وكالعادة من شبح يُنعى إلى شبحٍ يُبايع، ومن مجهول يُبكى إلى مجهول يُمدح بـ "الصنديد الهمام"، فقد أعلن المتحدث الرسمي عن اجتماع أهل الحلّ والعقد المجهولين أيضاً على تعيين ومبايعة من يُدعى بـ "أبي الحسين الحسيني القرشي"، وتهافتت البيعات من كُلّ وكر.

مواضيع ذات صلة:

هل تساعد تركيا بإعادة إحياء داعش في شمال سوريا؟

بعد مقتل القرشي... ما السيناريوهات المتوقعة لتنظيم داعش؟

تنظيما داعش والقاعدة يكرهان كأس العالم... لماذا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية