أردوغان يُغري المستثمرين بالأوهام

أردوغان يُغري المستثمرين بالأوهام


12/11/2020

 سوق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأربعاء حزمة من الإغراءات محاولا جذب المستثمرين للسوق التركية التي يؤكد خبراء اقتصاد أنها أصبحت طاردة للاستثمارات بفعل تدخلات الرئيس في السياسات النقدية وبفعل مناخ سياسي مضطرب.

وأكد أردوغان، أن سياسة بلاده الاقتصادية الجديدة تمنح فرصا كبيرة للمستثمرين الأجانب عبر الاستناد على 3 ركائز أساسية هي، استقرار الأسعار والاستقرار المالي واستقرار الاقتصاد الكلي.

لكن حديث الرئيس التركي عن هذه العوامل الثلاث يفتقد للمصداقية فلم يعد خافيا على أحد أنه لا يوجد لا استقرار للأسعار ولا استقرار ماليا وأن الاقتصاد يعاني من حالة من الركود، حيث أن أوضح إشارة إلى المغالطات التي يُسوق لها أردوغان هي اضطراب الليرة التي تتقلب بين هبوط وآخر منذ العام 2018 والتي لم تنتعش إلا في مرات نادرة.

وسلطت استقالة وزير المالية بيرات البيرق وإقالة محافظ البنك المركزي، الضوء على الانسداد السياسي والاقتصادي وعلى حالة من الإرباك في التعاطي مع أزمة الليرة وارتفاع معدل التضخم.

ويراهن الرئيس التركي على محافظ البنك المركزي الجديد إقبال ناجي لضبط إيقاع الليرة ووقف النزيف، لكن الرجل لا يملك عصا موسى ليقلب مؤشرات الانهيار إلى التعافي بين ليلة وضحاها.

وفي خطاب ألقاه في اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمقر البرلمان التركي في العاصمة أنقرة، أوضح أردوغان أن تركيا استطاعت خلال السنوات الـ18 الأخيرة تحقيق تحول كبير، مكّنها من إظهار قوتها في كافة المجالات وإسماع صوتها في عموم المحافل.

وكان الرئيس التركي يشير بذلك إلى الطفرة الاقتصادية التي حدثت منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في 2002، إلا أن في كلامه مغالطة أخرى فقد حققت تركيا نموا جامحا في عشر سنوات وليس في 18 عاما، ففي العشرية الأخيرة تقريبا أو في منتصفها تقلبت تركيا بين النمو والركود الاقتصادي.

وفي الوقت الذي يحذر فيه خبراء من أن الاقتصاد التركي يواجه الكثير من الصعوبات وأنه لا توجد مؤشرات على تعاف قريب خاصة مع في ظل الأزمات التي فجرها أردوغان مع الحلفاء والشركاء التجاريين من الخليج إلى الاتحاد الأوروبي وصولا إلى الولايات المتحدة، قال (أردوغان) إن تركيا اليوم تتفوق على البلدان المتقدمة في العديد من المجالات الخدمية والبنية التحتية ووصلت إلى أفضل مؤشرات الاقتصاد الكلي في تاريخها.

وتابع "استطعنا تسديد كافة ديون البلاد إلى صندوق النقد الدولي وتخليص تركيا من سطوة هذه المؤسسة"، مبينا أن "عرقلة نمو الاقتصاد التركي كانت أبرز غايات الهجمات الإرهابية ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 2016".

وأشار إلى دور النظام الرئاسي في إنعاش اقتصاد البلاد قائلا "رأينا محاسن النظام الرئاسي في فترة وباء كورونا" وهو رأي لا ينسجم مع حقيقة الوضع العام في تركيا فقد سبق للمعارضة أن طالبت بتغيير النظام السياسي الحالي الذي أطلق يد الرئيس وعزز نزعته التسلطية.

وقال أردوغان إن تركيا تسعى لتحقيق النمو وتطوير البلاد بما يتماشى مع أهدافها، في فترة يمر فيها العالم بمرحلة تاريخية من التغيير السياسي والاقتصادي.

ولفت إلى سعي بلاده إلى إنشاء هيكل نمو يخلق فرص عمل ولا يتسبب في حدوث تضخم أو عجز في الحساب الجاري للموازنة، مضيفا "مصممون على جعل بلدنا مركز جذب للمستثمرين المحليين والدوليين بمخاطر منخفضة وثقة عالية وأرباح مرضية وهذا ما سنركز عليه في الفترة المقبلة".

وقال "نعتبر أرباح المستثمرين المحليين والدوليين الذين يثقون بالاقتصاد التركي والليرة التركية مكسبا لنا أيضا وسنقدم جميع أنواع الدعم لهم. سأعقد سلسلة من الاجتماعات مع مستثمرين دوليين وسأطلعهم على الفرص والإمكانات والدعم الذي سنقدمه لهم في بلدنا".

وأكد أن الإدارة الاقتصادية لبلاده ستعمل بشكل أوثق مع المستثمرين المحليين والدوليين في المرحلة المقبلة.

وأعلن أن حكومته ستطلق حملة جديدة تركز على الاستقرار والنمو والتوظيف، إدراكا منها بأن الدولة ذات الاقتصاد الضعيف لا يمكنها الحفاظ على مكتسباتها في مجالات أخرى.

واستطرد "نسعى جاهدين لتخفيض نسب التضخم إلى ما دون العشرة بالمئة والحفاظ على القوة الشرائية للمواطنين".

ودعا الرئيس التركي المواطنين إلى المزيد من الثقة بالعملة المحلية وتحويل مدخراتهم إلى الليرة التركية وتفضيلها على باقي العملات، فيما تأتي دعوته بعد أن فقد الأتراك الثقة في العملة الوطنية التي هوت بنحو 40 بالمئة منذ العام الماضي وتمر بفترة من التقلبات.

وأوضح أردوغان أن انتعاش الليرة التركية أمام العملات الأجنبية عقب تعيين رئيس جديد للبنك المركزي ووزير جديد للخزانة والمالية، مؤشر على أن تركيا في الطريق الصحيح.

وقال"انخفضت الفائدة في تركيا على السندات لأجل 5 سنوات بمقدار 60 نقطة أساس وبلغت 13.23 بالمئة"، مشيرا إلى تراجع مؤشر مبادلة مخاطر الائتمان في تركيا بمقدار 50 نقطة أساس لتبلغ 478.

وتابع "الأصول التركية سجلت طلبا من قبل المستثمرين الدوليين بقيمة 2.3 مليار دولار خلال الأيام الأخيرة. نسعى لتحقيق نهضة اقتصادية جديدة لبلادنا من خلال التعاون بين مختلف المؤسسات والقطاعات، ففي مجال التمويل تتعاون وزارة المالية مع البنك المركزي، وكذلك تعمل وزارة التكنولوجيا والصناعة مع وزارة التجارة ومن جانب آخر نتعاون مع رجال الأعمال".

واستخدم أردوغان هذه المرة لهجة هادئة لكن خطابه كان مليئا بالمغالطات. ويبدو أن الرجل يحاول الإيهام بقدرة حكومته على استعادة توازناتها المالية وكبح انهيار الليرة وفي نفس الوقت يسعى لاغراء المستثمرين الذين فقدوا الثقة في السوق التركية.

ويأتي خطاب أردوغان فيما يخيم القلق على تركيا التي قد تتعرض لعقوبات أميركية بسبب اختبار أنقرة منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية اس 400 وأيضا لعقوبات أوروبية بسبب انتهاكاتها في شرق المتوسط.  

وقال "سيرى الجميع أنه عندما يتم الاستثمار على أكمل وجه، سوف نرتقي إلى مصافي الدول التي توفر أعلى نسبة من الأرباح الآمنة. بفضل آليات صنع القرار الفعالة، سنعزز استقرار الاقتصاد الكلي من خلال زيادة التناغم بين السياسات النقدية والمالية وسياسات التمويل".

ولفت إلى أن السياسات الاقتصادية لحكومته تعتمد على استقرار الأسعار والاستقرار المالي واستقرار الاقتصاد الكلي، وهو أمر تفتقده تركيا منذ تولي أردوغان الرئاسة وتركيزه على الحروب التوسعية وخدمة طموحاته السلطوية.

وأكد أنه سيتم ضمان النمو والتوظيف السليم والمستدام والقوي، مبينا أنه سيتم تقديم جميع أنواع التسهيلات والدعم للمستثمرين المحليين والدوليين الذين يثقون في الاقتصاد والليرة التركيين، مشيرا ضمن محاولاته رسم صورة وردية مناقضة للواقع على الأرض، إلى مواصلة حكومته العمل على تعزيز سيادة القانون في البلاد، لافتا إلى استمرار العمل على إحداث نظام قضائي فعّال يتمتع بسهولة الوصول إليه والتنبؤ به.

لكن خصومه يتهمونه بتسييس القضاء وبانشاء أجهزة أمنية لخدمة أجندته وقمع معارضيه وقمع الحريات.

إلا انه حاول التغطية على كل العثرات الاقتصادية بالقول إنه "سيتم إعداد إصلاحات هيكلية في مجالات تحسين بيئة الاستثمار وزيادة نشاط الأسواق المالية وزيادة جودة الإيرادات والنفقات العامة".

كما أشار إلى عزم الحكومة التركية تحسين مناخ الاستثمار بطريقة إيجابية من خلال المراقبة الدقيقة للوائح التشريعية وأوجه القصور في التنفيذ.

وتعيش تركيا منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم على وقع انقسامات لا تهدأ حاول النظام الالتفاف عليها بخطابات شعبوية وبتصعيد على كافة الجبهات باعتماد نهج صدامي، فكسب أردوغان وخسرت تركيا.

عن "ميدل إيست أونلاين"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية