أساليب شيطانية تلجأ إليها إسرائيل لسرقة أراضي الفلسطينيين

أساليب شيطانية تلجأ إليها إسرائيل لسرقة أراضي الفلسطينيين


22/09/2020

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي نشاطها المحموم بالاستيلاء على العقارات والمنازل الفلسطينية عبر أساليب وذرائع مختلفة؛ بتجنيد شركات استيطانية تمّ إنشاؤها لذلك الغرض، بهدف الاحتيال على الفلسطينيين وتزوير عقاراتهم، لممارسة إجراءاتها العنصرية وبناء عدد من المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، المحتلة منذ العام 1967.

وكشف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف؛ أنّ 614 شركة إسرائيلية مسجلة في "بيت أيل" متخصصة في نقل ملكيات الأراضي، وتسريب أراضي الفلسطينيين.

السلطات الإسرائيلية تستخدم جمعيتي العاد وعطيرت كوهنيم الاستيطانيتين للاحتيال على السكان وشراء ممتلكاتهم بمساعدة سماسرة فلسطينيين يشترون العقارات وينقلونها للمستوطنين مقابل حصولهم على مبالغ مالية باهظة

وأشار عساف، خلال مؤتمر صحفي، عقده في مدينة رام الله، في تموز (يوليو) الماضي، وذلك للحديث عن أبرز انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، خلال عام 2018، وحصاد إنجازات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إلى تأسيس 49 شركة إسرائيلية فقط، خلال عام 2018، لتسريب الأراضي إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ونوّه عساف إلى أنّ أكثر من 95% ممّا تسمى عمليات تسريب الأراضي هي عمليات مزورة، مؤكّداً أنّه يستطيع إثبات ذلك بالأدلة والوثائق لأيّة قضية من قضايا التسريب الموجودة لدى هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مشيراً إلى أنّ الهيئة تمكّنت من حماية عشرات آلاف الدونمات خلال العام الماضي، كما جرى في أراضي السواحرة، التي تمّ تزوير تسريب 11 ألف دونم للاحتلال، وتمكّنت الهيئة بالتعاون مع أصحاب الأراضي من إبطال مشروع التسريب.

وأحبط جهاز المخابرات الفلسطينية، خلال عام 2018، عمليات تسريب أراضٍ لصالح الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وأوقف "شبكة" متخصصة في هذا المجال، وقالت المخابرات إنّ عملية الكشف تمّت بعد متابعة حثيثة وجهود استخبارية دقيقة، قادت إلى إلقاء القبض على أعضاء الشبكة، الذين أدلوا بمعلومات مهمة، وقدموا أدلة ووثائق تشير إلى المشاركة في عمليات تسريب أراضٍ في الضفة الغربية.

وصادقت السلطة الفلسطينية، في تشرين الأول (أكتوبر) 2014، على قانون يدين من يثبت تورطه في عملية بيع أو تأجير أراضٍ للإسرائيليين، بعقوبة السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة.

اقرأ أيضاً: فلويد الفلسطيني لـ"حفريات": نجوت بأعجوبة من موت محقق

كما جدّد مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، في 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2018، فتواه بتحريم بيع أو تأجير العقارات والأراضي في فلسطين للاحتلال الإسرائيلي، واعتبار البائع خائناً للوطن والدين، وإبطال كلّ قضايا البيع التي تمّت منذ حقبة الانتداب البريطاني في بدايات القرن الماضي.

ووفق المادة (8) من ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الصادر في 17تموز (يوليو) 1998م، فإنّ قيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أفراد من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد، أو نقل كلّ سكان الأرض المحتلة، أو أفراد منهم داخل هذه الأرض، أو خارجها، يعدّ جريمة حرب.

تزوير وانتحال شخصيات

بدوره، يقول مدير الدائرة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، عايد مرار: إنّ "الشركات الإسرائيلية تلجأ لاستخدام عقود مزورة أو انتحال شخصيات لتسريب ومصادرة الأراضي الفلسطينية"، مبيناً أنّ إسرائيل تستغلّ القانون العثماني، الصادر عام 1858، للاستيلاء على الأراضي التي تبقى دون تسجيل لما يزيد عن 10 أعوام، وتقوم باستصدار أوامر عسكرية لمصادرتها مستندة على ذلك القانون".

ويضيف مرار، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "هناك 700 ألف دونم مسجلة في السجلات العثمانية، و600 ألف دونم مقيدة بالسجلات الأردنية؛ حيث يلجأ الاحتلال الإسرائيلي للعمل بقانون الاستملاك، ويسمح هذا القانون للحكومة الصهيونية بتملك أراضٍ خاصة، حتى إن كانت مسجلة لأغراض عامة، كإنشاء مستشفيات ومدارس وطرق وغيرها، مقابل تعويض أصحابها الفلسطينيون بمبالغ مالية رمزية، وهي تعويضات يرفض مُلاك تلك الأراضي الحصول عليها".

اقرأ أيضاً: هل تفرض اليونسكو ولايتها على مؤسسات التعليم الفلسطينية؟

ولفت إلى أنّ "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان استطاعت خلال الفترة الأخيرة الوقوف إلى جانب الفلسطينيين الذين يتم الاستيلاء على أراضيهم وسلبها، من خلال تحمّل الأعباء المالية المترتبة في حال جرى الاعتراض على القرار الإسرائيلي حول مصادرة الأرض والعقار، والتي تستوجب إحضار مسّاح أراضٍ ومحامٍ وخبير خطوط وبصمات، لإثبات ملكيتها لأصحابها، وهي إجراءات ترهق كاهل الفلسطيني مالياً، موضحاً أنّ "الهيئة تمكنت، خلال الشهرين الماضيين، من إلغاء 8 صفقات تسريب أراضي للاحتلال، من بينها 11 ألف دونم في منطقة السواحرة بالقدس، و7 صفقات في مناطق رام الله، وسلفيت وقلقيلية بالضفة الغربية".

حيل جديدة وخطرة

"وأصبح من الصعب على الشركات الاستيطانية الإسرائيلية خلال العامين 2019 و2020م, وفق مرار تسريب أي أراضي فلسطينية بعد الإجراءات الفلسطينية المتخذة, ليظهر حيل جديدة وأشد خطورة من خلال لجوء تلك الشركات بواسطة البائعين إلى كتاب عدل أردنيين لإصدار وكالات دورية عرفية لا تكون ظاهرة في العلن، ولا يتمّ اكتشافها إلا حين إعلانها في الصحف حول نية إحدى الشركات تسجيل قطعة أرض، بعد أن يتمّ تحديد رقم القطعة ومكانها، وبهذه الطريقة يتمّ الالتفاف على كافة الإجراءات الفلسطينية لتسريب الأراضي للإسرائيليين".

مدير الدائرة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، عايد مرار لـ"حفريات": الشركات الإسرائيلية تلجأ لاستخدام عقود مزورة أو انتحال شخصيات لتسريب ومصادرة الأراضي الفلسطينية

وعن الطرق الواجب اتّباعها لحماية الأراضي الفلسطينية من تسريبها للاحتلال، يؤكد مرار على "ضرورة إصدار مجلس الوزراء الفلسطيني قانوناً يلزم الفلسطينيين الذين يرغبون ببيع عقاراتهم وأراضهم بالحصول على إذن بيع من هيئة فلسطينية مختصة، وفي حال تمّ البيع من دون الحصول على ذلك الإذن تعدّ محاولة فلسطينية لتسريب أراض، وتتمّ محاسبة البائعين من قبل الجهات القانونية المختصة، إضافة إلى التأكيد على المملكة الأردنية الهاشمية، والموقعة على معاهدة أبوستيل، التي صاغها مؤتمر "لاهاي" للقانون الدولي، الخاص بأنّ أيّة وكالة دورية يتمّ إصدارها في الأردن، يلزم تصديقها وتوثيقها من قبل وزارة الخارجية الأردنية، وذلك للقضاء على كافة أشكال التسريب للأراضي الفلسطينية".

قانون أملاك الغائبين

الباحث في شؤون الاستيطان الإسرائيلي، عبد الرؤوف التميمي، يقول لـ "حفريات": إنّ "سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستغلّ قانون أملاك الغائبين، الصادر في مارس (آذار) عام 1950، الذي ينصّ على أنّ كلّ مَن هجِّر أو نزح، أو ترك حدود فلسطين المحتلة حتى تشرين الثاني من العام 1947، تحت أيّ سبب كان، على أنّه غائب، وهو ما يخوّل السلطات الصهيونية بالسيطرة والاستيلاء على أراضي السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية  المحتلة".

ولفت إلى أنّ "السلطات الإسرائيلية تستخدم جمعيتي العاد وعطيرت كوهنيم الاستيطانيتين للاحتيال على السكان وشراء ممتلكاتهم بمساعدة سماسرة فلسطينيين، يشترون العقارات وينقلونها للمستوطنين مقابل حصولهم على مبالغ مالية باهظة"، مبيناً أنّه "في حالة فشل عمليات شراء الأراضي والعقارات عبر السماسرة، تلجأ سلطات الاحتلال إلى تزوير وثائق وعقود تثبت عدم ملكية أصحاب العقارات الفلسطينيين لها، ومن ثم تبدأ الجمعيات الاستيطانية برفع دعاوى في داخل المحاكم الصهيونية، لمصادرة تلك الممتلكات وإقامة مشروعات استيطانية عليها، أو بيعها في المزاد العلني للسكان الإسرائيليين فقط".

نظام فصل عنصري

 وتابع التميمي بأنّ "مصادرة وتسريب الأراضي تنشط بشكل كبير في عدة مناطق بالضفة الغربية في البلدة القديمة، بالقدس والخليل ونابلس والأغوار الفلسطينية، وتستغل إسرائيل المنطقة (ج)، التي تشكّل 61% من مساحة الضفة الغربية، وتخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية، للاستيلاء على الأراضي ومصادرتها".

اقرأ أيضاً: الاحتلال الإسرائيلي يحرم طلبة 40 قرية في النقب من التعليم

وبعد الاستيلاء على تلك المناطق؛ استطاع الاحتلال أن يخلق نظام فصل عنصري مبني على التمييز، وفق التميمي، وذلك من خلال حرمان أكثر من 300 ألف فلسطيني يعيشون في هذه المناطق من حرية الحركة والتنقل والوصول إلى أراضيهم، في حين منحت 390 ألف مستوطن كافة حقوقهم؛ لبسط النفوذ الإسرائيلي على كافة المناطق الفلسطينية.

ودعا التميمي إلى "ضرورة تنفيذ الأحكام القضائية الفلسطينية بحقّ مسرّبي الأراضي الفلسطينيين، وإيقاع أشدّ العقوبات بحقّهم حتى لا تكون تلك العقوبة حبراً على ورق، وكذلك ضرورة أن تحلّل السلطة الفلسطينية من اتفاقية أوسلو، ليتمكن القضاء الفلسطيني من محاكمة المواطنين الإسرائيليين، والأشخاص الذين يحملون الجنسية الفلسطينية، كمواطني القدس والمتورطين بقضايا تسريب أراضي وعقارات فلسطينية، لعرضهم على المحاكم الفلسطينية".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية