ألمانيا تضيّق الخناق على جماعة الإخوان المسلمين

ألمانيا تضيّق الخناق على جماعة الإخوان المسلمين


23/06/2021

ترجمة: علي نوار

تشهد أوروبا حالة من الحراك السياسي الحثيث المضاد للتيار الإسلاموي الأصولي، فبعد الحملات التي أطلقتها حكومة كل من فرنسا والنمسا، انضمّت إليهما ألمانيا خلال الأسابيع الماضية، وقد بدأت الحكومة الفيدرالية الألمانية بالفعل بوضع إستراتيجية ناجعة بهدف التصدّي للأصولية الإسلاموية في إطار التهديد المطّرد الذي يمثّله الفكر المذكور.

اقرأ أيضاً: وقف المد التركي لتسييس الإسلام في أوروبا... ألمانيا تلحق بفرنسا

وعرض وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، ورئيس المكتب الفيدرالي لحماية الدستور توماس هالدنفانج، مؤخّراً، تقرير عام 2020 لحماية الدستور الألماني، والذي تضمّن الأخطار الكبرى التي تمسّ أمن الدولة الأوروبية.

ويبرز تصاعد معدّل العنف من جانب اليسار المتشدّد بين التحدّيات الأضخم فيما يتعلّق بالأمن القومي خلال العام الماضي، بيد أنّ التقرير سلّط الضوء كذلك على "التهديد المستمر الذي يشكّله الإرهاب الإسلاموي".

الاستخبارات الألمانية تحذّر من الإسلام السياسي

وكشف المكتب الفيدرالي عن تخوّفاته من وقوع جرائم إرهابية من قبل عناصر إسلاموية متشدّدة على الأراضي الألمانية، وهو ما دفعه لأن يورد في تقريره حوادث سابقة، مثل الهجمات التي تعرّضت لها فرنسا العام الماضي، وكذلك الاعتداء الذي نفّذه أحد المتعاطفين مع تنظيم داعش في العاصمة النمساوية، فيينا، وكذا عملية قتل سائح مثليّ على يد إسلاموي، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

بالمثل، حذّر التقرير الأمني من تزايد "الخطر الإسلاموي" بشكل مقلق على مدار الأشهر الأخيرة، فضلاً عن تبنّي الغالبية العظمى من المنظمات الإسلاموية للخطاب المعادي للسامية، وتأتي في مقدّمة هذه الجماعات "الإخوان المسلمين"، الحركة التي تدّعي أنّها تحافظ على طابعها السلمي.

وفي هذه الجزئية تحديداً، ينطلق التحذير الوارد في التقرير من حقيقة الزيادة الكبيرة في عدد أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، فقد قفز عدد الأعضاء النشطين في الجماعة على الأراضي الألمانية، من ألف و40 شخصاً عام 2018، حين بدأ حصر قوام الجماعة الإسلاموية في ألمانيا، وصولًا إلى ألف و450 عنصراً نشطاً العام الماضي.

علاوة على ذلك، حذّر التقرير من زيادة في عدد أعضاء "حزب التحرير" الإسلاموي في الداخل الألماني. ورغم حظر أنشطة هذه الجماعة منذ 2003 في ألمانيا، ما تزال تعمل على المستوى العالمي.

تحاول جماعة الإخوان المسلمين تخريب "أسس الجمهورية الفيدرالية في ألمانيا"، ويلمّح تقرير  أمني إلى أنّ الجماعة الإسلاموية تدأب وبإصرار على مهاجمة المبادئ الدستورية والنظام الديمقراطي

على أيّة حال؛ فإنّ خصائص جماعة "الإخوان المسلمين" تختلف بشكل كبير عن باقي التنظيمات الإسلاموية، حسبما تعتقد السلطات الألمانية، فيؤكّد التقرير أنّه "في الوقت الذي تحاول فيه تنظيمات مثل داعش والقاعدة تقويض النظام الأمني عن طريق شنّ الهجمات الإرهابية، تسعى جماعات أخرى تعمل بصورة قانونية في ألمانيا نحو تحقيق أهداف على المدى البعيد".

وتحاول جماعة الإخوان المسلمين تخريب "أسس الجمهورية الفيدرالية في ألمانيا"، ويلمّح التقرير إلى أنّ الجماعة الإسلاموية تدأب وبإصرار على مهاجمة المبادئ الدستورية والنظام الديمقراطي والاجتماعي والقوانين المحلّية الألمانية.

اقرأ أيضاً: "بؤر لصناعة التطرف".. مدارس الإخوان من الشرق الأوسط لأوروبا

وأشار التقرير إلى القرار الذي أصدرته عام 2017 المحكمة الإدارية في هيسن، والذي يؤكّد على وجود صلة بين منظمة "المجتمع الإسلامي"، التي تستمدّ أفكارها من جماعة "الإخوان المسلمين" وتنشط في ألمانيا، وبين الأخيرة، وتعمل أيضاً على تقويض النظام السياسي في البلاد.

كما كشف التقرير أنّ جماعة الإخوان المسلمين نفسها تعترف بفرعها في ألمانيا كأحد "الأجنحة الأوروبية" التابعة لها، الأمر الذي يسلّط الضوء على التواطؤ بين الجماعات الإسلاموية للعبث في ألمانيا من الداخل.

المؤسّسات الألمانية تتحرّك

ويقترح التقرير خطّة مكوّنة من خمس نقاط لفهم الإسلاموية السياسية في ألمانيا ومكافحتها، ويطالب المكتب الفيدرالي لحماية الدستور في المقام الأول بتحديد سبل لدراسة التيار الإسلاموي وهياكله، وكذلك بدء الدراسات العلمية.

كما دعا المكتب إلى وقف التعاون الحكومي وإنهاء العلاقات مع منظّمات الإسلام السياسي، وهما قراران أسهما في الحدّ من استمرار وجود هذه الجماعات.

أمّا النقطة الثالثة فقد بدأ تفعيلها قبل أيام؛ تتمثّل في تدشين برنامج لتدريب القيادات الدينية الجديدة من جانب الدولة الألمانية وتأهيلها بشكل أكثر احترافية، وترمي هذه الخطوة إلى ضبط عدد الأئمّة الأجانب الذين لهم صلة بدول أخرى تريد التأثير على ألمانيا وتقليصه.

ودعا التقرير مختلف المنظّمات إلى إيجاد قدر أكبر من الشفافية فيما يحيط ببنية الجماعات ومصادر التمويل، بما فيها المنح والتبرّعات والعقود وكافّة صور التعاون التي تحصل عليها المساجد التي تعمل في ألمانيا.

يقترح التقرير خطّة من خمس نقاط لفهم الإسلاموية السياسية في ألمانيا ومكافحتها، ويطالب المكتب الفيدرالي لحماية الدستور في المقام الأول بتحديد سبل لدراسة التيار الإسلاموي وهياكله

وأخيراً، يحثّ المكتب الفيدرالي لحماية الدستور على مزيد من التعاون بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات الألمانية والمجتمع المدني في مسألة رصد ومكافحة التطرّف.

وأعلن النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، هانز يورجن إيرمر، مطلع حزيران (يونيو)؛ أنّ ألمانيا يجب أن تكون لديها "خريطة سياسية للإسلام"، وهي مبادرة مثيرة للجدل أطلقتها وزيرة الاندماج النمساوية، سوزانة راب، وتتضمّن نشر أسماء ومواقع 620 مسجداً ومنظمة ذات صلة محتملة بالخارج في النمسا.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: بحث عن ملاذ إيراني ومتاجرة بفلسطين وتصاعد الضغوط بأوروبا

من جانبه، شنّ رئيس المجلس المركزي لمسلمي ألمانيا، أيمن مزيك، هجوماً عنيفاً على تصريحات الحكومة، واصفاً تحرّكاتها بـ "غير المسؤولة"، وصرّح مزيك بأنّ "إطلاق صيحات الحرب على غرار الإسلام السياسي والممارسات من هذا النوع يعزّز موقف التيارات المعادية للإسلام والمتشدّدين من المتديّنين على حدّ سواء، في الوقت الذي يصبح فيه ملايين المسلمين موضع اتّهام".

وفي جميع الأحوال؛ فإنّ ألمانيا قد وضعت خطة عمل ضد الإسلاموية المتشدّدة، ستستمرّ بالتأكيد للأشهر المقبلة، ومن المتوقّع أن تسير على خطى كلّ من فرنسا والنمسا في هذا الصدد.

مصدر الترجمة عن الإسبانية:

https://bit.ly/3vQnjix


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية