أين ذهب مؤسسو حركة طالبان الحقيقيون؟

أين ذهب مؤسسو حركة طالبان الحقيقيون؟


06/09/2021

بالنظر إلى تاريخ نشأة حركة طالبان الأفغانية سنجد أنّ هناك 3 شخصيات ساهموا في بنائها لكنهم اختفوا في ظروف غامضة، ولم تتذكرهم سوى بعض سطور وشذرات نادرة، وكأن هناك من يريد تسليط الضوء على النهاية وتجنب كشف أسرار البداية.

الرائد بشير وصناعة طالبان

في الفترة من عام 1981 وحتى عام 1984 خلص كثير من الأفغان إلى أنّ الفساد استشرى بين القادة، وأنّ ملايين الدولارات التي تأتي كتبرعات للمجاهدين الأفغان تذهب لجيوب السياسيين ولا تصل للمقاتلين، كما أنّ هناك تمويلات معينة لا تذهب سوى لتيار سلفي بعينه، وهو ما أثار مشكلات فكرية داخلية كبيرة، كما أنّ تأثير جهاز الاستخبارات العسكري الباكستاني على من يقاتلون في الداخل أصبح كبيراً ومعقداً لدرجة أنّه منع عنهم أنواعاً معينة من السلاح، كما تم تدريبهم بشكل محدد، وأصبحت هناك توازنات تشترك فيها قوى أجنبية مثل الولايات المتحدة.

من هنا تلاقت الآراء على إصلاح هذه الشؤون من خلال حركة جديدة تقفز على أمراء الحرب القدامى، وتتجاوز أخطاءهم، بل وتحاسبهم بعد ذلك على ما اقترفوه في حق أفغانستان.  

وجاء عام 1981 ليكشف النقاب عن خلاف كبير بين زعيم حركة الانقلاب الإسلامي مولوي محمد نبي، ومولوي نصر الله منصور، الذي انشق عن الحركة، للأسباب السابقة إضافة إلى اتهامه قائده "نبي" أنه ترك الحركة لابنه ليعيث فيها فساداً.

أنشأ نصر الله منصور معسكر قيس التدريبي العام 1984، وهو الذي لعب دوراً مهماً في إنشاء طالبان، ولاقت جهوده في ذلك الدعم من جانب عدد من المتطوعين الأجانب الذين ساندوا المشروع، ومن بينهم كان رائد من الجيش الباكستانى يدعى "رشيد أحمد"، سيختفي فيما بعد في ظروف غامضة، وفق أبو الوليد مصطفى حامد في كتابه (الأفغان العرب).

 أنشأ نصر الله منصور معسكر قيس التدريبي العام 1984 وهو الذي لعب دورا مهماً في إنشاء طالبان

يحكي أبو الوليد مصطفى حامد عن رشيد أنه كان ضابطاً برتبة رائد، وأنه اختلف مع قيادته حول ضرورة الدفاع عن باكستان لكن في الخطوط المتقدمة من أفغانستان، لذا فقد استقال وذهب للجبهة، وفي بيشاور اختلف مع بائع أسلحة حول ثمن بندقية، فقال له إنّها للجهاد، فسمعه أحد أتباع حقاني فاستدعاه ودفع له الثمن، وجعله معه في الحركة، ومن يومها قام بتدريب المقاتلين، وأحدث نقلة كبيرة في التدريب.

حينما ترك منصور جماعة جلال الدين حقاني ذهب إلى مولوي منصور وساعده في استئجار مدربين باكستانيين، كما ساعد عدداً من العرب في الإعلام والتعليم والتدريب، مما أدى إلى ظهور معسكر قيس الذي كان البداية لظهور طالبان.

اقرأ أيضاً: 7 أسباب تثير مخاوف الغرب بعد عودة طالبان

يقول مصطفى حامد "مولوي منصور" كان مسؤولاً عن إنشاء ودعم ذلك المعسكر، والذي قدّم أول تدريب جدي للعرب والأفغان بما فيهم "طالبان"، الذين جاء الكثير منهم من داخل منظمة منصور، الذي هدف من تشكيل تلك الجماعة إنشاء مجموعة جهادية من طلاب الشريعة الإسلامية، والقيام بثورة ضد انحرافات والفساد المستشري بين القادة في بيشاور الغارقة في الفساد لدرجة لا يمكن التساهل معها أو التغاضي عنها، فزعماءالأحزاب يعملون لأجل مصالحهم الخاصة، بصرف النظر عن مصير أفغانستان.

اقرأ أيضاً: طالبان سيطرت على أفغانستان فهل تستطيع الاحتفاظ بالحكم؟

انضم إلى معسكر صدى المجموعة الأولى التي أنشأت طالبان، وكذلك المجموعة الأولى التي أسست تنظيم القاعدة مثل عبدالرحمن العراقي، وعبد الرحمن المصري، وديع الحاج، وأبو حفص المصري، وكلهم تدربوا على يد الرائد بشير أحمد، الذي كانت أولى محاضراته هي (كيف تكون حرب العصابات؟).

أبو برهان والضابط الأمريكي

يذكر عبدالسلام ضعيف في كتابه (حياتي مع طالبان) على الهامش أنّ إنشاء معسكر قيس خطوة مهمة إلى الأمام، على الأخص بعد فشل المجهودات المبكرة لإقامة نشاط تدريبي.

أقام مولوي منصور ذلك المعسكر فى منطقة صدى الحدودية في باكستان، وهي منطقة أقيم فيها سابقاً عدة معسكرات للأفغان تحت رعاية عناصر المخابرات العسكرية الباكستانية.

اختفى فجأة الرائد بشير أحمد، وظهر آخران، أحدهما ضابط في الجيش السوري وهو "أبو برهان"، ورجل أمريكي من أصل مصري وهو "علي محمد"، وكلاهما أحدث نقلة كبيرة في تدريب الأفغان العرب، وطلاب الشريعة، الذين أسسوا فيما بعد حركة طالبان.

طالبان خرجت من رحم الحرب الأفغانية وبين المعاهد الدينية وتحت رعاية المخابرات الباكستانية

أبو برهان انشق عن الجيش السوري لأنّه كان إخوانياً سابقاً، وفر من سوريا عقب أحداث مدينة حماة، وامتدت مساهمته في معسكر قيس بمنطقة صدى من العام 1986 إلى العام 1993، حين انتقل إلى معسكر "خلدن" الذي أسسه قلب الدين حكمتيار، وكان أغلب من تدربوا فيه من شمال أفريقيا، وهم من رفضوا الانضمام للقاعدة، وكان بن لادن يطلق عليهم (التكفيريين).

أهم أعمال أبو برهان وفق أبو الوليد مؤرخ القاعدة في كتابه عن العرب الأفغان، خارج مجال التدريب، كان تجميع موسوعة الجهاد الأفغاني التي طُبعت ووزعت بواسطة مكتب الخدمات، وتضمنت معظم الدورات التدريبية التي أعطيت في معسكرات التدريب، أو تلك التي كان ينبغي تدريسها، ولكن الظروف لم تسمح بذلك، والتي ستستخدمها فيما بعد مجموعات القاعدة وداعش.

اقرأ أيضاً: هل تبخرت وعود طالبان للنساء الأفغانيات؟

عقب دخول طالبان الأول إلى كابول تم نقل معسكر خلدن إلى الداخل الأفغاني بعيداً عن منطقة خوست، وبعدها هددت باكستان أبو برهان، فغادر إلى السودان، ولا يُعرف مصيره إلى الآن.

في ذات التوقيت الذي فر فيه رشيد أحمد ولم يعد، ظهر علي محمد، وهو أمريكي مصري، كان يقيم في الولايات المتحدة، وعمل مع الجيش الأمريكي، وفجأة وصل إلى بيشاور، ثم عمل مع القاعدة، وكذا في تدريب طلاب المعاهد الدينية، الذين سيؤسسون طالبان فيما بعد.

أسهم علي محمد في تدريب تلاميذه على عدد من الأسلحة المهمة مثل الهاون وقاذفات الصواريخ BM12، ودرّس لهم لأول مرة الطوبوغرافيا التي جعلتهم أكثر مهارة في الاستطلاع وتوجيه نيران المدفعية.

يذكر كتاب (ما بعد بن لادن) أنّ طالبان خرجت من رحم الحرب الأفغانية، وبين المعاهد الدينية، وتحت رعاية المخابرات الباكستانية، وأنّ الملا عمر، زعيم الحركة فيما بعد حاز رضا الأغلبية من الطلاب.

ويؤكد عبدالسلام ضعيف في كتابه (حياتي مع طالبان) أنّهم ذهبوا في وفد للملا عمر في قندهار وعرضوا عليه القيادة، فوافق بعد تفكير عميق وصمت، وبايعه الجلساء، لتظهر الحركة للنور.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية