أين وصل الدعم الأمريكي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل؟

لبنان

أين وصل الدعم الأمريكي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل؟


28/04/2019

يقول لبنان إنه مستعد لوضع حدوده البحرية مع إسرائيل تحت إشراف الأمم المتحدة، بعد وساطة أمريكية، ومحاولات تدعمها قبرص واليونان للتوسط في "صفقة".

كانت إدارة ترامب حريصة على التوصل إلى اتفاق من شأنه حل مشكلة الحدود والسماح بالتنقيب عن النفط والغاز

وقال نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، إنّ لبنان مستعد لتحديد حدوده البحرية عبر الآلية نفسها المستخدمة في رسم "الخط الأزرق"، أيْ الحدود غير الرسمية بين لبنان وإسرائيل.
وكان بري يتحدث في اجتماع مع اللواء ستيفانو ديل كول، رئيس قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية اللبنانية. وقد وافق ديل كول على أنّ دور الأمم المتحدة في المحادثات يمكن أن يعزز الأمن البحري والاستقرار.
ومع عدم وجود حدود برية رسمية بين لبنان وإسرائيل، استخدمت قوة الأمم المتحدة "الخط الأزرق" للحفاظ على السلام. وقد وافق كلا الجانبين على ذلك.
ويذكر تقرير لصحيفة "ذا ناشونال"، الصادرة بالإنجليزية من أبوظبي، أنّ الحدود البحرية هي قضية مهمة بالنسبة للاقتصاد اللبناني؛ حيث يتراجع معدل النمو فيه، ويفتقر إلى الإصلاح، ويعاني العجز المتزايد.
اللواء ستيفانو ديل كول، رئيس قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"

الحدود البحرية

وتغطي المنطقة الحدودية البحرية منطقة متنازعاً عليها غنية بالنفط والغاز.
وقد قسّم لبنان وإسرائيل مياههما الإقليمية إلى كتل مرقمة (بلوكات/مربعات) يمكن أن تستثمرها شركات النفط للتنقيب والحفر، لكن العديد منها ما يزال محل خلاف. وتعود القضية، وفق "ذا ناشونال"، إلى عام 2007 عندما رسمت لبنان وقبرص حدودهما البحرية لإنشاء مناطق اقتصادية خاصة للتنقيب عن النفط والغاز في الخارج.

اقرأ أيضاً: هل تستجيب لبنان لهذا المطلب اليمني؟
ومثل هذه المناطق، على مسافة محددة من الخط الساحلي لبلد ما، هي مساحة المياه وقاع البحر التي تتمتع فيها الدولة بحقوق حصرية في صيد الأسماك والتنقيب عن النفط. إثر ذلك استخدمت إسرائيل النقاط التي وافق عليها لبنان وقبرص لتحديد حدودها البحرية، لكن هناك نزاع حول الكتل (المربعات) 8 و 9، وهي منطقة تغطي نحو 860 كيلومتراً مربعاً في البحر الأبيض المتوسط.

 الحدود البحرية هي قضية مهمة بالنسبة للاقتصاد اللبناني

توسيع أدوار الأمم المتحدة
ويشير إعلان الرئيس بري إلى أنّ قوة الأمم المتحدة يمكن أن توسّع دورها لتحديد الحدود البحرية وكذلك الحدود البرية.
وقال متحدث باسم قوة الأمم المتحدة لصحيفة "ذا ناشونال" إن الحدود البحرية كانت خارج ولايتها.
وتبنت الأمم المتحدة قراراً بعد حرب 2006 بين لبنان وإسرائيل للحفاظ على وقف إطلاق النار على طول الحدود البرية، مما يعني أن القوة قد تتطلب تفويضاً أكبر.

اقرأ أيضاً: لبناني يترشح للانتخابات من داخل سجن إيفين الإيراني.. تعرف إليه
لكن على الرغم من تفاؤل رئيس البرلمان بري، فقد لا يتم التوصل إلى اتفاق قريب بسبب الانقسامات في الحكومة اللبنانية.
وكان وزير الدفاع اللبناني، إلياس بوصعب، أثار جدلاً حول تصريحاته قبل أيام بشأن الإستراتيجية الدفاعية في لبنان، وتأكيده "أن يكون السلاح فقط في يد الجيش اللبناني، ويكون الجيش اللبناني الجيش الوحيد الذي يحمي لبنان في جميع المناطق والحدود"، كما قال في حوار مع قناة "الحرة"، مضيفاً أنه لا تزال هناك 13 نقطة خلافية بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود، مشيراً إلى أن ترسيم الحدود سيخفف من أخطار اندلاع حرب.
في المقابل، قال بو صعب لوكالة الأنباء الحكومية "سنواصل المطالبة بكل شبر من الأراضي اللبنانية"، وتشمل تلك الأراضي مزارع شبعا وقرية الغجر.

موقف إدارة ترامب
في واشنطن، كانت إدارة ترامب حريصة على التوصل إلى اتفاق من شأنه حل مشكلة الحدود والسماح بالتنقيب عن النفط والغاز، بحسب "ذا ناشونال".

بري: لبنان مستعد لتحديد حدوده البحرية عبر الآلية نفسها المستخدمة في رسم "الخط الأزرق"

وفي شباط (فبراير) 2018، زار القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد ساترفيلد، بيروت، وعرض على السلطات اللبنانية 60 في المائة من المنطقة المتنازع عليها، وهي حزمة كان قد تفاوض عليها أيضاً مع إسرائيل، حسبما ذكرت صحيفة "الحياة"، وقد رفضت بيروت العرض.
وخلال زيارته الأخيرة للمنطقة في آذار (مارس) 2019، توقف وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في لبنان وإسرائيل.
وقال أحد المصادر لصحيفة "ذا ناشونال"، إن الحدود البحرية كانت البند الأول في محادثاته مع رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري. واستمرت هذه المناقشات في واشنطن خلال زيارة قام بها وفد لبناني قبل نحو أسبوعين.

رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري
وقالت المصادر إنّ النهج الجديد يشمل إشراف الأمم المتحدة، ومن الوارد أن يمكّن من التوصل إلى اتفاق يحدد الحدود البرية والبحرية.
وتلعب قبرص أيضاً دوراَ نشطاً في هذا الإطار؛ فقد زار وزير خارجيتها، نيكوس خريستودوليدس، لبنان الشهر الماضي، والتقى في الحادي عشر من الشهر الجاري في بيروت رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري.
وقد صرح مسؤول أمريكي لصحيفة "ذا ناشونال" بأن واشنطن تنتظر الآن أن يتوصل لبنان إلى إجماع داخلي حول هذه القضية.

اقرأ أيضاً: إيران تريد العراق لبناناً آخر!
وقال المسؤول "موقفنا لم يتغير. عندما يتوصل الزعماء اللبنانيون إلى موقف متفق عليه بشأن المسار إلى الأمام في مفاوضات الحدود، فإنّ الولايات المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لإعادة الانخراط والعمل من أجل التوصل إلى حلول مقبولة للطرفين".
لكن بيان بري الأخير أشار إلى أن إشراف الأمم المتحدة يمكن أن يكون مقبولاً من جميع الأطراف.

مخاطر غياب ترسيم للحدود
من جانبها قالت الباحثة رندة سليم، مدير دبلوماسية القنوات الخلفية في "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن، إنّ التوصل إلى صفقة سيكون أمراً مهماً.
وقالت سليم إن عدم وجود حدود برية رسمية "يمكن أن يكون حافزاً للتصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله"، وفق "ذا ناشونال". ويمكن للبنان أن يستفيد اقتصادياً من خلال تحفيز الاستثمار الدولي في قطاع النفط والغاز.
وأضافت سليم: "سيكون ذلك بمنزلة دعم للعلاقات الأمريكية-اللبنانية، بالنظر إلى دور الوساطة الأمريكية والفرص التي قد توفرها للشركات الأمريكية في التنقيب عن النفط والغاز".

 

كونسورتيوم نفطي
يذكر أن لبنان كان قد وقّع اتفاقات للتنقيب عن النفط والغاز في أيار (مايو) 2018 مع شركات "توتال" الفرنسية و"إيني" الإيطالية و"نوفاتك" الروسية.
ويقع لبنان في حوض شرق البحر المتوسط الذي جرى فيه اكتشاف عدد من حقول الغاز البحرية الكبرى منذ عام 2009.

اقرأ أيضاً: توجه أمريكي جديد في لبنان.. ما علاقة حزب الله؟
وسيحفر الكونسورتيوم أول بئر بحرية في لبنان بحصة نسبتها 40 بالمئة لتوتال، مقابل 40 بالمئة لإيني و20 بالمئة لنوفاتك، وفق "سكاي نيوز عربية".
وقد تمت الموافقة على جولة تراخيص ثانية في أوائل شهر نيسان (أبريل) الجاري لأربع كتل، تتضمن الأشغال في المربع 8.

وتقول لوري هايتيان الخبيرة في مجال حوكمة النفط والغاز، ومديرة مكتب "معهد حوكمة الموارد الطبيعية" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومقره في نيويورك، إن حقيقة أن الكثير من المنطقة موضع نزاع قد يثبط المستثمرين.

خلافات لبنانية

وفي إشارتها إلى العديد من القضايا العالقة، تقول هايتيان، وفق "ذا ناشونال": "إذا كان هناك اتفاق على أن تكون قوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) هي الطرف المناسب للتعامل مع الحدود، فإن لبنان وإسرائيل بحاجة إلى تشكيل فريق لقيادة تلك المفاوضات"، وأضافت بأن الخلافات داخل الحكومة اللبنانية تمنع التوصل إلى اتفاق؛ فبينما يدعو رئيس البرلمان، نبيه بري، إلى اتفاق مشترك للحدود البرية والبحرية، فإن رئيس الوزراء، سعد الحريري، ووزير الخارجية، جبران باسيل، يفضّلان ترتيبين منفصلين. ويقولون إن التركيز على كل حدودٍ على حدة من شأنه أن يمنح لبنان مزيداً من النفوذ ويسرّع المفاوضات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية