أيهما أولى بالتبرعات: المساجد أم المدارس؟

أيهما أولى بالتبرعات: المساجد أم المدارس؟

أيهما أولى بالتبرعات: المساجد أم المدارس؟


18/09/2022

مختار الدبابي

خلال عودة المدارس والمعاهد والجامعات من العطلة الصيفية المطولة يجد الكثير من العائلات التونسية صعوبة في توفير حاجيات الأبناء من ملابس وكتب وكراسات وبقية الأدوات. وهذه السنة كانت الظروف أصعب بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد وخاصة ارتفاع الأسعار الذي طال كل ما يتعلق بحاجيات العودة إلى المدارس.

الحكومة التونسية لم تخف رغبتها في أن يساهم الناس في تقديم المساعدات لتحسين أوضاع المدارس من جهة والتكافل لمساعدة أبناء محدودي الإمكانيات على العودة المدرسية والجامعية. الاستجابة هذه السنة أكبر من السنوات الماضية بكثير.

قد لا يكون للأمر أي علاقة بنداء الحكومة حتى لا يتحول الأمر إلى استثمار سياسي. لكن الثابت أن الأزمة الاقتصادية الحادة زادت من منسوب التضامن والتكافل لدى الناس. والملاحظ هنا هو تراجع دور الجمعيات الخيرية وبروز التحرك الفردي غير المنظم في مساعدة التلاميذ من الجيران والمعلمين والأستاذة، ولا يقف هذا الجهد عند الكتب والكراسات بل تشمل المساعدات النظارات الطبية وأجهزة السمع وملابس الرياضة.

كما أن المدارس والمعاهد ربطت صلات بداعمين معروفين باتوا يقدمون لها المساعدات كل سنة، ويقف دورها عند ضبط قائمة بأسماء التلاميذ المحتاجين للدعم.

الحاجة أم الاختراع. والاختراع هنا هو حركة التضامن التي تأخذ في الغالب بعدا دينيا يلهب حماس المتبرعين. لكن هذا التضامن ظرفي ويحتاج إلى آليات وفاعلين من أجل تحويله إلى عمل دائم لخدمة العلم والمتعلمين والقطع مع ثقافة تحميل الدولة مسؤولية رعاية المؤسسات التربوية وصيانتها ومساعدة الفقراء من التلاميذ.

ويمكن مقاربة الأمر هنا بما يحدث في المساجد، حيث يتولى الناس توفير كل شيء من فرش وزينة وأجهزة تبريد وحملات تنظيف وترتيب أسبوعية.

ماذا لو يتم معاملة المدارس تماما مثل معاملة المساجد اعتمادا على الثقافة الدينية التي تحض على دعم العلم والمتعلمين، وهي أحد ثوابت الاهتمام بالمساجد والجوامع التي كانت في عقود ماضية مدارس وجامعات ودور عبادة وأماكن لمداواة المرضى وجرحى الحروب.

الآن خرج التعليم من المساجد إلى مؤسسات خاصة به، وهذا لا ينفي عنه الحاجة إلى الدعم والتبرع والإنفاق الذي يحض عليه الدين لفائدة العلم وطلابه. بمعنى آخر أن الدين بصورته الإيجابية الحاثة على الخير يجب أن يغادر المساجد كأماكن مغلقة تختص بالخير والكرم ليطال المؤسسات التعليمية والصحية، وهذا أحد أدوار الأئمة والخطباء بأن يربطوا الدين بحياة الناس وليس بالقصص والأمثال والفتاوى القديمة التي لم يعد لها معنى.

وبالنتيجة، فالتبرعات والصدقات تصلح أينما احتاجها الناس، وهي لا تختص فقط بالمساجد دون سواها.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية