إخوان الجزائر ورئاسيات تركيا: تبجيل أردوغان وهوسٌ بالنموذج التركي

إخوان الجزائر ورئاسيات تركيا ... دعم أردوغان وهوسٌ بالنموذج

إخوان الجزائر ورئاسيات تركيا: تبجيل أردوغان وهوسٌ بالنموذج التركي


18/05/2023

يرى إخوان الجزائر أنّ نتائج الانتخابات الرئاسية التركية تشكّل أهمية كبيرة للتيارات الإسلامية السنّية، وفي مقابل دعمهم لأردوغان في جولة الإعادة، يرون أنّ "البديل العلماني المخيف" و"تحالفاته مع قوى حاقدة وغير مقنعة" وراء عدم خسارة رئيس حزب العدالة والتنمية في الدور الأول. 

أبرز عبد الرزاق مقري، الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية (أكبر واجهة محلية للإخوان)، أنّ الأزمة المالية الظرفية التي عرفتها تركيا في الأعوام الأخيرة وتراجع العملة وارتفاع تكاليف المعيشة كانت كافية ليقول نصف الشعب التركي لأردوغان: "لقد طال مكوثك في الحكم، ولا بدّ أن نجرّب غيرك".

لكنّ مقري (62) عاماً في قراءته لنتائج الجولة الأولى لرئاسيات تركيا يذهب إلى أنّه "لو لم يكن البديل مخيفاً في توجهاته العلمانية المتشددة وضعيفاً بلا إنجاز ولا رؤية، وقد تحالف مع قوى عرقية وأخرى إيديولوجية أو ذات عداوات شخصية حاقدة وغير مقنعة، لكان أردوغان، هذا الزعيم التاريخي الرمز" ـ على حدّ وصفه ـ "قد خسر الانتخابات في الجولة الأولى".

 عبد الرزاق مقري الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية (أكبر واجهة محلية للإخوان)

وعلى صفحته الرسمية في شبكة التواصل "فيسبوك" حرص مقري على تبجيل أردوغان بقوله: "ها هو ذا يقبل التحدي ومواجهة الصناديق مجدداً في الجولة الثانية دون أن يمنّ على الشعب التركي، ويستنكر عليهم عدم نصرته نصراً مؤزّراً كاسحاً جرّاء الخدمات التاريخية الجليلة التي قدّمها للبلاد والعباد"، مثلما قال.

ولم يتردد مقري في مهاجمة المنافس المباشر لأردوغان، كمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، حيث علّق: "تعيش تركيا حالة تاريخية في انتخاباتها الجارية الرئاسية والتشريعية، فرغم النهضة التاريخية التي أحدثها أردوغان وحزبه في بلده، في التكنولوجيا والصناعة والأمن الغذائي والتعليم والخدمات الصحية وارتفاع دخل الفرد والمكانة الإقليمية والدولية وعودة تركيا إلى حضارتها الإسلامية وتاريخها المجيد، يجد نفسه يواجه وضعاً صعباً في مواجهة ممثل حزب الشعب الذي أوصل تركيا إلى انهيارات اقتصادية كبيرة وتفكك اجتماعي معقد وتفسخ ثقافي شديد باسم العلمانية الأتاتوركية في نهاية تسعينيات القرن الماضي".

عشق القومية الحضارية الإسلامية

مقري الذي يقول بصريح العبارة إنّ لديه الرغبة والقدرة في أن يكون رئيساً للجزائر، ركّز على أنّ كثيراً من "الحركات المحرومة من الديمقراطية"، وبشكل خاصّ التي سمّاها "الحركات المضطهدة التي تستضيفها الأرض التركية"، تعتز ـ مثلما قال ـ بالتجربة التركية أكثر من اعتزازها بتجاربها، وتحرص عليها أكثر من حرصها على الديمقراطية في بلدانها، ويربط ذلك بـ "اليأس في انقشاع قريب لهمومها السياسية، أو ربما للاستقواء بنجاح النموذج، ولو بالحجة في مواجهة المستبدين في أوطانهم، وبدون ريب بسبب عشق القومية الحضارية الإسلامية الذي يعد بها إخوانهم الأتراك المظفرين سياسياً واقتصادياً".

وإلى جانب تركيا، تغنّى الوجه الإخواني الجزائري بنماذج ماليزيا وأندونيسيا وباكستان وإيران، واعتبر أنّ هذه الأخيرة "صمدت أمام الحصار الغربي الأمريكي، فبنت اقتصاداً مقاوماً وتحكّمت في التكنولوجيا، وهي توشك أن تكون دولة نووية، تعيش تداولاً حقيقياً على الرئاسة والبرلمان بين المحافظين والإصلاحيين".

مقري مخاطباً أتباعه في مهرجان دعائي سابق لحركة مجتمع السلم

على النقيض، يعتقد مقري أنّ "الدول العربية ما تزال مستعصية على الديمقراطية"، ويتصور أنّها "آخر الدول في العالم التي لم تتوصل فيها شعوبها لتحقيق سياداتها في اختيار حكامها وأنظمة حكمها، وكانت آخر محاولة للانتقال الديمقراطي الانتفاضات الشعبية السلمية التي سُمّيت الربيع العربي التي أجهضتها الثورات المضادة وحولتها إلى شتاء عاصف بالفتن".

واختار الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم إسباغ السوداوية على الراهن العربي، مُسقطاً ذلك على "سوريا واليمن والسودان، وقبلهما العراق ولبنان"، كما تحدّث عن "خضوع جزء آخر مهم لاستبداد قائم دائم تحت أنظمة جمهورية وملكية استئصالية أو غير تعددية كما هو حال مصر وكل دول الخليج سوى الكويت، ومؤخراً التحقت تونس بالركب الاستئصالي من جديد" (...).

رفض لـ "ديمقراطية الواجهة"

عاد مقري لينتقد الوضع السياسي في الجزائر، واعتبرها "نموذج ديمقراطية الواجهة في أتم صورها بدون أيّ أفق في التداول على السلطة إلى حدّ الآن"، وفي إشارة قوية إلى تشكيلة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة "جبهة التحرير"، سجّل النائب السابق في البرلمان الجزائري أنّ الحزب المذكور "يحكم البلد صورياً منذ أكثر من (60) عاماً، وحين يترهل الحزب الحاكم يشدّ الحكام الفعليون عضده بأحزاب يُخرجونها من صلبه للمشهدية الديمقراطية".

وفي إحالة على تطلعه لنقل النموذج التركي، انتهى مقري إلى مناشدة الحكام العرب: "لا نسألكم ديمقراطية الغرب العريقة، اسمحوا لشعوبكم أن تتمتع بالديمقراطية التي تتنعم بها شعوب مسلمة مثلنا، دعونا نخدم بالحرية بلداننا كما خدمتها هذه الدولة المسلمة الناهضة"، على حدّ تعبيره.

يد تركيا في الجزائر

استغرب ناشطو منصة التواصل "فيسبوك" تصريحات عبد الرزاق مقري، وطرحوا تساؤلات ومقارنات كثيرة بين التجربتين؛ الجزائرية والتركية، في هذا الشأن، وعلّق أمين نجاري جازماً: "حركة مجتمع السلم يد تركيا في الجزائر"، بينما أردف وليد شماخي: "قلها يا أستاذ مقري بلا تردّد، نحن وحزب العدالة والتنمية ننهل من مشرب واحد".

من جانبه، استفهم مقران دحو: "وماذا عن العلاقة التنظيمية القائمة على الانتماء والولاء للتنظيم العالمي للإخوان التي تجمعكم بحزب أردوغان وغيره؟ هل نفهم أنّ التنظيم العالمي قد حُلّ؟ ما الذي حدث؟ هل هناك من جديد؟".

من لقاء سابق بين مقري وأردوغان

وقال طارق معزوز: "الذي أعجبته تركيا يروح لعندها، كفانا الله شرهم وشرّ من جاء وراءهم، ولا نريد علاقات معهم، أمّا الإخوان المنافقون، فليذهبوا لعندهم"، وتابع حفيظ داودي: "الإخوان في الجزائر عملاء يدافعون عن سادتهم، ماذا تحملين يا جزائر؟ لأجل هذا مكثت تركيا (3) قرون وفرنسا (132) عاماً.    

من جهته، ردّ أبو هاشم على مقري: "نسيت أو تتناسى يا دكتور القول إنّ أردوغان نجح في إنقاذ تركيا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في مدة قصيرة جداً حوالي (10) أعوام أو أكثر بقليل... في حين فشلتم أنتم في التقدم خطوة واحدة نحو تحقيق التغيير المنشود منذ قرابة (30) عاماً...، وتقول لي إنّ أردوغان أخذ من فكرنا وتجربتنا؟ إذن أنت فاشل بالمعيار الذي تتكلم به أنت. ثانياً، تعلم أنّ أردوغان انشق عن حزب الفضيلة، واتخذ طريقاً آخر، وأسّس حزب العدالة والتنمية، فكان له النجاح، أمّا أنتم فلم ينجح منكم لا المُنشق ولا المُنشق عنه...، بل صرتم تتنابزون بالألقاب والنعوت علانية. كفى تشبثاً بأردوغان لتلميع صورتكم الممزقة".

بدوره، أوضح منير مومو: "فرق بين حزب العدالة والتنمية التركي بمنهجه وعمله في الواقع، هي ليست شعارات رنانة يعدّها الأتراك في كل مرة، بل هو حزب حقّق نهضة اقتصادية كبيرة، فأصبحت تركيا في مصف الدول الاقتصادية الكبرى، أمّا حركة مجتمع السلم، فلا تحمل إلّا التوجه فقط، أمّا العمل في الواقع، فلا أثر له، وهذا كله بالنظر إلى النتيجة التي وصلت إليها البلاد من استشراء الفساد والاختلاسات الكبيرة والاحتجاجات والإضرابات، لذا نقول: لا خير في قول لم يتبعه عمل".

مواضيع ذات صلة:

مؤتمر حركة البناء الجزائرية ... لم يتغيّر أي شيء!

كيف دعمت إيران جبهة الإنقاذ الجزائرية؟

الجزائر: إجماع على رفض عودة فلول الإنقاذ.. ما الجديد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية