إعفاء الحافي من رئاسة المحكمة العليا الليبية.. هل ينهي سيطرة الإخوان على القضاء؟

إعفاء الحافي من رئاسة المحكمة العليا الليبية.. هل ينهي سيطرة الإخوان على القضاء؟

إعفاء الحافي من رئاسة المحكمة العليا الليبية.. هل ينهي سيطرة الإخوان على القضاء؟


29/09/2022

في ضربة جديدة لجماعة الإخوان في ليبيا، أقال مجلس النواب الليبي، محمد الحافي، أحد أبرز حلفاء الإخوان، من رئاسة المحكمة العليا، بعد أن حاول الأخير تطويع المؤسسة القضائية لصالح الجماعة، الأمر الذي بلغ ذروته في 18 آب (أغسطس) الماضي، حين أعلن تفعيل الدائرة الدستورية المختصة في الفصل بالقضايا الدستورية، بإيعاز من الإخوان، لإقحام القضاء في المشهد السياسي، وتطويعه من أجل التخلص من خصوم الجماعة؛ وإعاقة عمل مجلس النواب؛ عبر إصدار أحكام ببطلان قراراته وقوانينه.

تاريخ من العمل لصالح الإخوان

والحافي معروف بميوله الإخوانية، وانخراطه ضمن الأجندة السياسية للجماعة، والتي تدعمه هي الأخرى باستمرار. وكانت الرابطة القضائية الليبية، قد رفضت في31 كانون الثاني (يناير) 2021، بشكل قاطع ترشيح رئيس المجلس الأعلى للقضاء لمنصب سياسي. وطالبت، بسحب المستشار محمد الحافي ترشيحه لمنصب تنفيذي، معتبرة ذلك خرقاً لمبدأ فصل السلطات، وانتهاكاً لوحدة السلطة القضائية وحيادها.

وطالبت الجمعية الحافي بتسليم استقالته من مجلس القضاء الأعلى كخطوة أولى، إذا كان حريصاً على الاستمرار في ترشيح نفسه لعضوية المجلس الرئاسي، موضحة أنّها لا تعترض على حق أيّ عضو من أعضاء القضاء في الترشح لمنصب السياسي، بشرط أن يتقاعد أو يستقيل من منصبه في القضاء.

وقالت الجمعية، آنذاك، إنّ أحد أهدافها هو الحفاظ على نزاهة واستقلال القضاء، مضيفة أنّها تقف بشكل كامل ضد تقويض مبدأ الفصل بين السلطات، وكذلك ضدّ اعتماد نظام الكوتا بين المناطق.

الحافي معروف بميوله الإخوانية

وناشدت الجمعية العمومية للمحكمة العليا، والمجلس الأعلى للقضاء، عقد اجتماع لاتخاذ موقف حازم يحفظ استقلال القضاء ونزاهته، حتى لو اضطروا إلى إقالة رئيس المجلس في حال رفضه سحب ترشيحه، ودعت بعثة الأمم المتحدة إلى رفض ترشيح أيّ مسؤول حالي في السلطة القضائية.

عز الدين عويدات: طالما مقر المحكمة يوجد بمدينة طرابلس، فستكون قراراتها خاضعة بطبيعة الحال لضغط الميليشيات الإخوانية، التي تسيطر على المدينة

 

وزعم الحافي وقتها أنّ القانون لا يلزمه تقديم استقالته، زاعماً أنّ هناك قضاة تولوا مناصب سياسية، قائلاً: "القانون لا يلزمني بتقديم استقالتي، وإنّما يمنعني من ازدواجية ممارسة القضاء والسياسة في آن واحد. وعندما يقع عليّ الاختيار، تلقائياً سأتقاعد، بإمكاني مزاولة مهمتي دون تقاعد، لكنّني أفضل أن أقدم على التقاعد، إذا ما قُدّر لي الفوز في هذه المناظرة". وانتهت الأزمة بعدم اختيار الحافي، على الرغم من الضغوط التي مارسها الإخوان، لكنّ رئيس المحكمة العليا أصبح منذ ذلك الوقت أحد أبرز الساسة الذين يعملون في خدمة الجماعة وإستراتيجيتها.

الناشطة السياسية الليبية لبني القذافي، قالت في تصريحات لصحيفة "العين"، إنّ ترشح الحافي لذلك المنصب كشف الطموح السياسي لديه، "وكان بداية سقوط الحافي من أعين الجميع؛ كون الترشح لمنصب كذاك يحتاج إلى تحالفات سياسية مسبقة، وإن كان الحافي يملكها، معنى ذلك أنه لم يكن يعمل قاضياً عادلاً، بل كان موالياً لطرف من أطراف الأزمة".

مقر المحكمة العليا في قبضة الإخوان

وعلى الرغم من إقالة محمد الحافي، فإنّ هناك مخاوف كبيرة من عدم القدرة على تخليص المؤسسة القضائية من قبضة الإخوان، وفي هذا السياق، يرى عز الدين عويدات، أستاذ القانون في الجامعات الليبية، أنّ "الإخوان لم يخسروا بعد ورقة القضاء، بإعفاء الحافي من رئاسة المحكمة العليا".

محمود الكزة: جماعة الإخوان كانت حريصة منذ البداية على الهيمنة على المؤسسة القضائية، ومن خلال هذه الهيمنة نجح الإخوان في تقويض الانتخابات

 

وتابع عويدات في تصريحات صحفية ليشرح خطة الجماعة مؤكداً أنّ "تنظيم الإخوان كان يعتمد في خطته لإقحام القضاء في الأزمة، واستخدامه سلاحاً ضد خصومه على أمرين: أول تلك الأمور هو رئيس المحكمة السابق محمد الحافي، وقد سقط الآن، لكن يبقى الأمر الآخر الذي لا يزال في يد الإخوان، وهو مقر المحكمة في العاصمة طرابلس". مضيفاً: "طالما مقر المحكمة يوجد بمدينة طرابلس، فستكون قراراتها خاضعة بطبيعة الحال لضغط الميليشيات الإخوانية، التي تسيطر على المدينة". ما يفسر، في رأيه، إصرار الجماعة على بقاء مقر المحكمة في العاصمة، ما يكشف نوايا استخدامها لصالحهم. وتابع: "المشري يعلم جيداً أنّ طرابلس غير مؤهلة لأن تكون مقراً للمحكمة العليا، كون المدينة تعج بالميليشيات التي سبق أن اقتحمت وزارة العدل نفسها، فما بالك بالمحكمة".

ولفت عويدات إلى أنّ "خطر استخدام الإخوان للقضاء لا يزال قائماً، حتى بعد إسقاط الحافي من على رأس المحكمة العليا.. والحل يكمن بنجاح مجلس النواب في نقل مقر المحكمة لأيّ مدينة أخرى غير خاضعة لسيطرة الميليشيات؛ ليضمن الليبيون أحكاماً عادلة لا لغط فيها".

تطهير القضاء

الناشط السياسي الليبي، محمود الكزة، خصّ "حفريات" بتصريحات، قال فيها إنّ جماعة الإخوان كانت حريصة منذ البداية على الهيمنة على المؤسسة القضائية، ومن خلال هذه الهيمنة نجح الإخوان في تقويض الانتخابات؛ عبر الضغط على القضاة من أجل إصدار أحكام تسير في اتجاه أجندة الجماعة، من أجل استبعاد خصومها والحكم ببطلان القوانين، وكذلك الضغط على المفوضية العليا للانتخابات، وفي النهاية تحقق ما أرادته الجماعة، وتمّ تخريب العملية الانتخابية.

ويرى الكزة أنّ تطهير القضاء بات مُلحّاً، وكذلك نقل مقر المحكمة العليا من طرابلس، خاصّة وأنّ مجلس النواب اتخذ قراراً في العام 2014، ينص على إعادة تنظيم المحاكم العليا، في إطار قانون، تنص مادته الأولى على نقل مقر انعقاد جلسات المحكمة العليا إلى مدينة البيضاء، ما يعني تقويض هيمنة الإخوان عليها، وهو الأمر الذي إن تحقق، فإنّه يضمن إلى حد كبير، تخفيف ضغط الجماعة على القضاة، ووضع القضاة الموالين لها تحت المجهر، كخطوة أولى لتطهير القضاء.

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية