اتهامات للبرهان بتعطيل تسليم البشير لـ"الجنائية الدولية"... هل يحصل على إفراج صحي؟

اتهامات للبرهان بتعطيل تسليم البشير لـ"الجنائية الدولية"... هل يحصل على إفراج صحي؟

اتهامات للبرهان بتعطيل تسليم البشير لـ"الجنائية الدولية"... هل يحصل على إفراج صحي؟


19/09/2022

في غمرة الأزمات المتلاحقة التي تضرب السودان، سادت تكهنات حول اتجاه مجلس السيادة، الذي يرأسه الفريق عبد الفتاح البرهان، للإفراج الصحي عن الرئيس المعزول عمر حسن البشير، ولا سيّما في ضوء اتهامات للبرهان بتعطيل تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية على ذمة اتهامات بارتكاب جرائم حرب.

 ونقل موقع "الراكوبة" السوداني عن الناشط الحقوقي عامر حسبو قوله: إنّ هناك أمر توقيف صادر من المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير وحكومة الإنقاذ الانقلابية والمحتجزين منذ العام 2019 في المحاكم السودانية بعدة تهم جرائم حرب، لكنّ الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة هو من "عطّل عمل المحكمة الجنائية الدولية، ولم يقم بتسليم عمر البشير والمتهمين معه بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية".

 ووفقاً لحسبو، فإنّه على الرغم من الجرائم الدولية، توجه المحاكم السودانية للبشير تهم اختلاس أموال عامة، وهي التي تتم محاكمته عليها الآن بعيداً عن الجرائم الكبرى والجرائم ضد الإنسانية وأيضاً تمثيله في المحكمة الدولية.      

 عرقلة العملية السياسية

 الاتهامات الموجهة للبرهان والمخاوف من إقدامه على الإفراج الصحي عن الرئيس المعزول لم تأتِ من فراغ، ففي الواقع دأب البرهان ومجلسه، وفق محللين، على عرقلة العديد من المحاولات السودانية الرامية إلى تشكيل حكومة مدنية قد تتيح للجنة إزالة تمكين نظام البشير من مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الجيش والشرطة، الفرصة لاستئناف عملها بشكل عملي والتخلص للأبد من نظام البشير وبقاياه من مؤسسات الدولة، ولعل آخرها مسودة "الدستور الانتقالي" التي عارضتها جماعة الإخوان المسلمين ومشتقاتها في السودان بشدة".

 الإفراج الصحي عن البشير لن يعفيه من التسليم للجنائية الدولية

 وفي حين رحّب نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي" الرجل الثاني في السودان، بمشروع الدستور الانتقالي، نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن العميد الطاهر أبو هاجة مستشار البرهان قوله: إنّ الجيش لن يسلم السلطة إلا لمن يختاره الشعب السوداني، ولا مجال لحكم الفترة الانتقالية بوضع اليد، مشدداً على التزام الجيش بأن تكون حكومة باقي المرحلة الانتقالية حكومة كفاءات وطنية مستقلة غير حزبية تحصل على موافقة القوى السياسية.

سادت تكهنات حول اتجاه مجلس السيادة، الذي يرأسه الفريق عبد الفتاح البرهان، للإفراج الصحي عن عمر حسن البشير

 

 رهن تسليم السلطة لحكومة تحظى بتوافق القوى السياسية في السودان هو بمثابة وضع العقدة في المنشار، فقد هدّدت جماعات دينية، من بينها التيار الإسلامي العريض، ذو الغالبية الإخوانية، التي سيطرت على الحكم طوال نحو (30) عاماً، بعزمها تنظيم حملة كبرى لمناهضة مسودة الدستور الانتقالي، وهددت بمقاومته بـ"القوة".

جنرالات البشير

النظام القائم الآن يرأسه البرهان و"هو أحد جنرالات البشير، ولا يريد للبشير وزمرته والمجلس القيادي في حكومة المؤتمر الوطني بالذهاب وتمثيل أنفسهم في المحكمة الدولية"، على حدّ قول حسبو، الذي نقلت عنه وكالة "سبوتنيك" قوله: إنّ رئيس الجنائية الدولية عبد الكريم خان زار عدداً من المناطق والمعسكرات التي ارتكب فيها عدد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في السودان الشهر الماضي، لكن بكل أسف قد عاد "بخفي حنين"؛ لأنّ الحكومة الانتقالية الحالية لم تسمح بتسليم المطلوبين.

دأب البرهان، وفق محللين، على عرقلة العديد من المحاولات السودانية لتشكيل حكومة مدنية قد تتيح التخلص للأبد من نظام البشير وبقاياه

 

 ووفقاً لحسبو، عاد خان إلى لاهاي، وبعث برسالة إلى الأمم المتحدة برفض تعاون الحكومة السودانية، التي يقودها مجلس البرهان، مع المحكمة الدولية، وفي اليوم الثاني أصدر وزير العدل السوداني بياناً يتحدث فيه عن عدم مصداقية بيان رئيس المحكمة الذي أرسله للأمم المتحدة.

 الإفراج الصحي

 حكومة المرحلة الحالية بقيادة البرهان، الذي يُرجح الكثيرون أنّه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، "لا تريد تسليم البشير للمحكمة الدولية"، وفقاً للحقوقي السوداني، الذي أضاف أنّ حكومة البرهان "خرجت علينا بعدة تقارير مزيفة أو تقارير طبية عن الحالة الصحية للبشير، وتطالب بالإفراج عنه".

 الإفراج الصحي عن البشير لن يعفيه من التسليم للجنائية الدولية، فقد قال حسبو: "حتى لو تمّت عملية الإفراج، فسوف يظلّ مطلوباً للجنائية الدولية حتى آخر يوم في حياته، لأنّ هذه القضايا لا تسقط بالتقادم.

حسبو: حكومة البرهان خرجت علينا بعدة تقارير مزيفة أو تقارير طبية عن الحالة الصحية للبشير، وتطالب بالإفراج عنه

 

 وأشار إلى إمكانية الإفراج عن البشير بكفالة مالية "إفراج صحي"، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، قائلاً: إنّ "هذا كله وارد، لكن مسألة أن يخرج من السودان فهذا لن يحدث، عمر البشير لا يستطيع الخروج من السودان، ولا تستطيع أي دولة موقعة على اتفاق المحكمة الجنائية استقباله، وهناك أمثلة سابقة عندما طلب رئيس تشاد حسين حبري اللجوء في دولة السنغال، بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب في بلاده، فتم القبض عليه وقدّم إلى محكمة جرائم الحرب، ونال جزاءه هناك".

 وأشار إلى أنّ الحكومة الحالية في السودان التي يرأسها البرهان يمكنها أن تفعل كل ما تريد، لأنّ البرهان هو الذي يرأس مجلس السيادة وقيادة القوات المسلحة، فيمكنه إطلاق سراح البشير أو يحدد إقامته، لكنّ البشير بحكم أنّه مطلوب دولياً لن يستطيع الذهاب إلى أيّ دولة، وسيظل في السودان.

 تعقيدات كثيرة

الحديث عن خروج البشير الآن "قد يكون نوعاً من المناورة السياسية من قبل العسكر كما يراها البعض، من أجل الضغط والتلويح وتخويف الشارع من عودة النظام السابق"، حسبما نقلت "سبوتنيك" عن الباحث السياسي السوداني أبو عبيدة عوض.

 وأشار عوض إلى أنّ تلك الخطوة إذا ما تم تنفيذها، فسوف تؤدي إلى تعقيدات كثيرة في المشهد السياسي، حيث تتهم القوى السياسية رئيس مجلس السيادة بالعمل على عودة النظام البائد، في التوقيت الذي تستعد فيه البلاد للذكرى الثانية لـ 25 أيلول (سبتمبر)، والترقب لاحتجاجات جديدة في الشارع، لافتاً إلى أنّ المشهد سوف يكون أكثر تعقيداً وارتباكاً خلال الأيام المقبلة، ومخاوف من زيادة حدة الاحتقان الذي قد يؤدي إلى الاحتكاك والفوضى.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية