اختبار لـ"مصباح الإخوان" في المغرب خلال انتخابات معقدة

اختبار لـ"مصباح الإخوان" في المغرب خلال انتخابات معقدة


07/09/2021

يشهد المغرب غداً انتخابات برلمانية وبلدية (مجالس المدن والمحليات) للمرة الأولى بالتزامن، وسط دعوة لعدد هو الأكبر من الناخبين في تاريخ الانتخابات المغربية، يصل إلى قرابة 18 مليون ناخب من أصل 36 مليون مواطن، في ظل تغيير طريقة حساب النتائج، بحيث تعتمد على نسبة المقترعين من العدد الكلي، وتأثيرها في النتائج على نحو غير مسبوق، ما يجعلنا أمام انتخابات أكثر تعقيداً من سابقتها.

اقرأ أيضاً: المغرب يحذر من استغلال المساجد في الدعاية الانتخابية... تفاصيل

ووسط هذه الحالة، تقف جماعة الإخوان المسلمين في المغرب، متمثلة في حزب العدالة والتنمية الذي قاد الائتلاف الحكومي الحاكم على مدار 10 أعوام، في موقف المتأزم، فمن جهة يتوقع مراقبون أن تؤدي التغييرات الأخيرة في شكل العملية الانتخابية واحتساب النتائج إلى خصم من 30 إلى 40 مقعداً سابقاً للحزب في البرلمان، ما يطيح بآمال قيادته للائتلاف الحكومي القادم، فضلاً عن الظروف المعيشية والجائحة التي جعلت كافة الحكومات في موقف لا تحسد عليه، وفي ميزان لا يميل لصالحها فيما يتعلق برضا الجماهير.

اقرأ أيضاً: الاستقالات تعصف بإخوان المغرب: انهيار سردية الاستعلاء الأخلاقي للجماعة

وتأتي الخلافات الداخلية التي شهدها الحزب في الفترة الماضية، والحالة العامة التي تمر بها جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، سواء في تركيا أو في تونس، مؤثرات من المتوقع أن تُلقي بظلالها على النتائج، بحيث لا تأتي كما تشتهي سفن الجماعة، أو لا تسفر عن توهج مماثل لمصباح الجماعة في الانتخابات السابقة.

ويخوض حزب العدالة والتنمية الانتخابات في منافسة 1703 قوائم انتخابية، بشعاره التقليدي "المصباح" الذي يستطيع المتجول في شوارع المغرب والمتصفح للحملات الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي ملاحظة كثافة انتشاره على الجدران، وحضوره في بعض الوسائل الإعلامية خصوصاً المقربة من الجماعة.

وعشية الانتخابات، خرج الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الدكتور سعد الدين العثماني، في دعاية لحزبه، قائلاً: إنّ 10 أعوام من العمل الحكومي كانت غنية بالمنجزات التي نفتخر بها، مبيناً أنّ هذه الحصيلة شكلت محوراً أساسياً في حملتنا الانتخابية لاستحقاقات 8 أيلول (سبتمبر).

 

الخلافات الداخلية التي شهدها الحزب في الفترة الماضية، والحالة العامة التي تمر بها جماعة الإخوان في المنطقة مؤثرات من المتوقع أن تُلقي بظلالها على النتائج

 

وأضاف العثماني، في حوار صحفي مع موقع "الجزيرة"، أنّ الحكومتين السابقة والحالية وضعتا فوق سكة قطار تنمية بلادنا مخططات إصلاحية هيكلية سيستفيد منها المغرب، ليس على المستوى القصير فحسب، بل على المديين المتوسط والبعيد، بحسب ما أورده الموقع الرسمي للحزب.

وتابع: كما أننا أطلقنا مشاريع مهيكلة طال انتظارها لأزيد من 15 عاماً، كإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار واللامركزية الإدارية، التي تخفف العبء عن المواطنين المضطرين للتنقل إلى العاصمة من أقاليم بعيدة لقضاء أغراضهم الإدارية.

اقرأ أيضاً: هزيمة إخوان المغرب في انتخابات الغرف المهنية... هل اقتربت نهايتهم؟

وكتب رئيس اللجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية حسن حمورو، عبر صفحته على فيسبوك، إنّ خصوم حزب العدالة والتنمية، من اعتقد أنّ الخلافات الداخلية بيننا ستمنع الكثير منا من المشاركة والمساهمة في الحملة الانتخابية، وظنوا أنّ ذلك سيكون من نقاط الضعف التي ستدعم مؤامراتهم وتواطؤاتهم لمنعه من مواصلة تصدر الانتخابات، وبالتالي إزاحته من الحكومة ومن رئاسة المدن خاصة الكبرى، لكن مع انطلاق الحملة ظهر عكس ما توقعوا، وانخرط "المختلفون" في الدفاع عن الحزب، وعن الإيجابي في حصيلته، وفي التواصل المباشر مع المواطنين المتعاطفين وكذا الغاضبين والساخطين، بلغة السياسة التي تخاطب العقول وتحترم ذكاء المغاربة.

وعلى خلاف التصريحات التي تحاول غسل سمعة الحزب من التقصير والدعاية، فإنّ تصريحات أخرى لم تستطع أن تخفي القلق الذي يعتري الحزب، والتوقعات بعجزه عن المحافظة على حصته السابقة فضلاً عن زيادتها.

وبحسب ما أوردته جريدة العرب اللندنية، فإنّ قياديين بارزين في الحزب بدؤوا يمهدون لتراجع حظوظ الحزب في الانتخابات المقررة يوم غد، ويلقون المسؤولية على عاتق القاسم الانتخابي بدل الاعتراف بتراجع شعبيتهم وعجزهم خلال إدارة الحكومة في دورتين متتاليتين عن تحقيق الوعود التي أطلقوها في حملاتهم الانتخابية.

وقالت أوساط مغربية متابعة: إنّ حزب العدالة والتنمية، الذي فشل في إدارة البلاد خلال 10 أعوام من الحكم، من المتوقع أن يفقد جزءاً مهماً من مقاعده في مختلف المواقع، بما في ذلك مواقع نفوذه التقليدية، لكن من المستبعد أن يخرج من دائرة الأحزاب الفائزة، وهو ما يرشحه لأن يظل جزءاً من التحالف الحكومي القادم، وإن كان في دور الشريك الثانوي بدلاً من وضعه الحالي كشريك رئيسي.

اقرأ أيضاً: المغرب: لماذا لا يتذكر الإخوان مكافحة الفساد إلا قبيل الانتخابات؟

وتوقعت هذه الأوساط، بحسب المصدر ذاته، أن تشهد الانتخابات تصويتاً عقابياً ضد الحزب بسبب أخطاء كثيرة ارتكبها، وفشله في بلورة أفكار وبرامج تستجيب لمطالب الناس الذين سيحمّلونه إخفاقات الحكومة كونه الحزب الأول.

وأضافت جريدة العرب أنّ سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، اعترف بأنّ التوقعات تظهر تراجعاً واضحاً للحزب، لكنه بدلاً من البحث عن أسباب هذا التراجع اتهم الأحزاب بأنها دعمت القاسم الانتخابي الجديد لإضعاف حظوظ الحزب وانتزاع مقاعده.

المنافسون

تضم الحكومة الحالية 5 أحزاب، هي "العدالة والتنمية" (125 نائباً) بمجلس النواب الغرفة الأولى للبرلمان من أصل (395)، والتجمع الوطني للأحرار (37 نائباً) بقيادة وزير الفلاحة عزيز أخنوش، والحركة الشعبية (27 نائباً)، والاتحاد الاشتراكي (20 نائباً)، والاتحاد الدستوري (23 نائباً).

وتصدرت المشهد الانتخابي أحزاب معارضة، تمثلت بالأصالة والمعاصرة (102 نواب) والاستقلال (46 نائباً) والتقدم والاشتراكية (12نائباً)، إضافة إلى حزب فيدرالية اليسار (نائبان).

وضمن الأسباب التي تطرح مشهداً انتخابياً مغايراً، المنافسة الشديدة بين الأحزاب، ومن بينها أحزاب كانت حليفة للإخوان في الحكومة، تسعى حالياً إلى احتلال الصدارة.

وبحسب ما أورده موقع "دويتشه فيله"، فإنّ "حزب 'الأحرار" يُعدّ المنافس الأشرس في مواجهة العدالة والتنمية، وهو قريب من الملك.

يقول الموقع: إنّ الحزب دخل في عهد جديد، بعد الصعود المفاجئ لعزيز أخنوش إلى رئاسته عام 2016، وهو رجل الأعمال النافذ ووزير الفلاحة القوي الذي يستمر في منصبه منذ 14 عاماً.

 

عشية الانتخابات خرج الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني في دعاية لحزبه قائلاً: إنّ 10 أعوام من العمل الحكومي كانت غنية بالمنجزات التي نفتخر بها

 

فرض أخنوش حينها شروطاً قاسية على عبد الإله بنكيران -المنتشي بفوز حزبه العدالة والتنمية للمرة الثانية في الانتخابات- لأجل المشاركة في الحكومة، ما أدى إلى عرقلة المفاوضات لعدة أشهر، وفي النهاية تمّ إعفاء بنكيران وتعيين سعد الدين العثماني محله، ليقبل هذا الأخير بشروط أخنوش.

ظفر حزب "الأحرار" -أسسه مقرّب من الملك الراحل الحسن الثاني في السبعينيات، ومعروف باستقطابه نخب المال والأعمال والإدارة- بوزارات قوية، ما جعل متتبعين يستخلصون أنّ الحزب الذي جاء رابعاً في انتخابات 2016 صار أقوى ممّن حلّ في المركز الأول.

اقرأ أيضاً: "التطبيع الحلال"... ماذا كشفت زيارة حماس للمغرب؟

ومقابل صعود نجم "الأحرار"، توارى كثيراً حزب الأصالة والمعاصرة (البام) الذي كان المنافس الأول لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية لعام 2016، وفاز قبلها بالانتخابات المحلية، وكان معروفاً باستقطاب الأعيان وتجميع طبقة سياسية من كل الأحزاب الأخرى، هذا التراجع يعود إلى الانقسامات التي شهدها الحزب منذ مغادرة رجله القوي إلياس العماري للساحة السياسية، وصعود عبد اللطيف وهبي الذي ركّز على لغة توافقية مع حزب العدالة والتنمية، ما اعتبره متتبعون إشارة إلى أنّ ما يوصف بالدولة العميقة في المغرب لم تعد ترى في الحزب الذي يتخذ الجرار رمزاً له ورقة رابحة ضد الإسلاميين، بحسب المصدر ذاته.

المراقبون

تجري الانتخابات المغربية غداً تحت رقابة داخلية ودولية كثيفة، ما يعزز الثقة في نتائج العملية الانتخابية، ليظل التحدي الأكبر هو إقبال الجماهير على عملية الاقتراع، الذي كلما زاد، تناسبت تلك الزيادة عكسياً مع فرص الإخوان؛ لأنّ للجماعة قواعد ستصوّت لها تحت أي ظرف، لكنّ نزول غير قواعدها للتصويت يؤثر على فرصها في الصدارة.

وكشفت جمعيات مدنية مغربية عن تكليف ما يزيد على 2600 مراقب موزعين على 12 من الجهات الإدارية للمملكة، وذلك عشية انعقاد الاستحقاقات الانتخابية، بحسب ما أورده موقع "سكاي نيوز"، وتمّ تخصيص أكثر من 100 مراقب دولي ينتمون إلى 19 منظمة دولية للقيام بمهام مراقبة الانتخابات، وكشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب عن اعتماد أكثر من 4600 مراقب محلي لمراقبة عملية الاقتراع، وتجميع المعطيات حول سير الانتخابات بصفة عامة، بحسب موقع "النهار"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية