ارتدادات قمة كوالالمبور تطيح مهاتير محمد

ارتدادات قمة كوالالمبور تطيح مهاتير محمد


25/02/2020

عزت مصادر دبلوماسية عربية استقالة مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، إلى ارتدادات قمة كوالالمبور التي عمل من خلالها مهاتير على الزج ببلاده في صراع الأجندات الخارجية، وتحويل القمة إلى منصة لإعطاء دفع لممثلي الإسلام السياسي على حساب منظمة التعاون الإسلامي التي تضم دولا إسلامية كثيرة بقيادة السعودية ذات التأثير الديني والسياسي والاقتصادي المحوري في قيادة العالم الإسلامي.

وراهن مهاتير محمد على لعب دور ريادي من بوابة القمة وتحويل ماليزيا إلى قبلة سياسية ومالية بما يساعده على زيادة شعبيته، لكن الخلاف بشأن القمة، وخاصة اكتشاف الماليزيين أنها كانت جزءا من لعبة تركية وإيرانية لتطويق الدور السعودي، قد انتهى إلى أزمة سياسية داخلية زادت من حجم الضغوط السياسية والاجتماعية على حكومته.

وقاد الموقف من السعودية، ومحاولة جذب أموال جماعات الإسلام السياسي إلى ماليزيا، ما يهدد بتحويلها إلى ملاذ لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، إلى ردة فعل داخلية ضد مهاتير محمد، وأضعف التحالف الحاكم الذي كان يقوده، ما دفع إلى استقالة الحكومة.

واعتبرت المصادر الدبلوماسية في تصريح لـ”العرب” أن مهاتير محمد كان سيضع بلاده في طريق صعب بتحويلها إلى قبلة جديدة للجماعات المتشددة بعدما نجحت دول جنوب شرق آسيا في الحد من نفوذ هذه التنظيمات في معارك استمرت لسنوات، ما قد يضع البلاد في تصادم مع الدول التي تقود الحرب على الإرهاب وتعمل على تجفيف منابعه مثل الولايات المتحدة، فضلا عن السعودية التي تعمل على بناء تحالف إسلامي سياسي وأمني ضد جماعات الإسلام السياسي بمختلف مسمياتها ومرجعياتها، من الإخوان المسلمين إلى تنظيم القاعدة وصولا إلى تنظيم داعش.

وسلطت قمة كوالالمبور، المدعومة من دول مثل تركيا وإيران وقطر، بالإضافة إلى الجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين، الضوء على الصراع على عجلة قيادة العالم الإسلامي وعلى علاقات ماليزيا المتوترة مع دول الخليج الكبرى.

وأثار مهاتير محمد غضب دول ودوائر إسلامية مختلفة حين دعا إلى القمة، التي عقدت في شهر ديسمبر الماضي، جماعات مثل حركة حماس في فلسطين، وهي حركة إخوانية، فضلا عن كتّاب وشخصيات حركية تابعة لفروع جماعة الإخوان المسلمين، في خطوة بان وكأن هدفها إعادة تبييض الجماعة في الوقت الذي يتم فيه تصنيفها تنظيما إرهابيا في السعودية والإمارات ومصر، وتوضع فيه أنشطتها المختلفة وتمويلاتها تحت مراقبة شديدة في الغرب.

وخلافا لما جرى، لم يكن رئيس الوزراء الماليزي هو من وضع قائمة المنظمات والجمعيات، التي حضرت القمة تحت عناوين مضللة بهدف إكسابها شرعية، ولكن الدور الرئيسي كان لتركيا والرئيس رجب طيب أردوغان، الذي فتح أبواب بلاده أمام هذه الجماعات وأنشطتها السرية والعلنية.

وبسبب هذه الأجندة السرية لأنقرة توترت العلاقة بينها وبين الرباط بعد استدعاء جماعة محظورة في المغرب إلى القمة.

وكانت “العرب” قد نشرت في عدد سابق، استنادا إلى مصادر خاصة، أن المغرب عبّر لماليزيا عن انزعاجه، لكن الحكومة الماليزية أشارت إلى أن تركيا تقدمت بقائمة الأحزاب والشخصيات الإسلامية المشاركة، وأن القائمة شملت حركة “العدل والإحسان” المغربية المحظورة، وأن المغرب الرسمي نأى بنفسه عن أيّ نوع من التمثيل في القمة بسبب هذا التجاوز التركي، فضلا عن غموض أجندة القمة.

وشملت قائمة الدعوات أيضا حركة “التوحيد والإصلاح”، وهي حركة ذات مرجعية إسلامية، تشكل الذراع الدعوية لحزب “العدالة والتنمية” متزعم الائتلاف الحكومي في المغرب.

ونجحت تركيا في استخدام الإسلام السياسي العربي لخدمة أجنداتها، وسعت لتوسيع نفوذها إلى الإسلام السياسي في دول جنوب شرق آسيا حيث يجري الحديث عن إمكانيات كبرى خاصة مالية؛ كون هذه الدول تحولت إلى ملاذات دافئة لأموال التنظيم الدولي للإخوان التي تم تهريبها من دول أوروبا الغربية والأميركتين الشمالية واللاتينية، تحسبا لتجميدها بعدما أظهرت دول غربية كبرى حزما في مواجهة الاستثمارات المشبوهة والأموال السوداء.

ويقول متابعون للشأن الماليزي إن الخلافات داخل التحالف الحاكم ناجمة بالدرجة الأولى عن الصراع على السلطة، حيث رفض مهاتير محمد التنحي لفائدة أنور إبراهيم، لكنهم أشاروا إلى وجود خلافات بشأن ارتدادات قمة كوالالمبور، ووجود رفض واسع لخيار إدارة الظهر للسعودية ذات النفوذ القوي في جنوب شرق آسيا.

ونفوذ السعودية لا يتمثل فقط في وجودها على رأس منظمة التعاون الإسلامي، فهي تقيم أيضا علاقات اقتصادية وتجارية وثيقة مع دول مثل أندونيسيا وباكستان التي لا يمكن أن تغامر بخسارة الاستثمارات السعودية الكبرى لإرضاء أجندات غامضة.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية