الأكراد شعب مكابِد يعاني الأمرّين

الأكراد شعب مكابِد يعاني الأمرّين

الأكراد شعب مكابِد يعاني الأمرّين


كاتب ومترجم جزائري
29/12/2022

ترجمة: قصري مدني

في زمن التزام الغربيين ضد داعش أعطى الأكراد الكثير من أنفسهم وفقد عدد كبير منهم أرواحهم. لكن عندما يقصف الأتراك قراهم بذريعة القضاء على حزب العمال الكردستاني يظل الغربيين أنفسهم صامتين بلا حراك، كما يفعلون الآن إزاء الأرمن الذين يطاردهم الأذريون.

لا تزال دوامة العنف التي أطلقها أردوغان ضد الأكراد - الذين يضعهم جميعاً في خانة التشدد الإرهابي - تعيث فساداً في هؤلاء السكان. منذ البداية ورفضُ تركيا الاعتراف بالهوية الكردية يقف ضد أي تسوية سلمية للنزاعات. بالنسبة لأردوغان الحل الوحيد حلٌّ ذو اتجاه واحد وهو الحلّ العسكري. 

الأكراد شعب مجزّأ ومشتّت، إنه أكبر أمّة عديمة الجنسية في العالم. فهم يتجمّعون في أربعة بلدان مختلفة: شرق تركيا وشمال غرب إيران وشمال العراق وشرق سوريا

الأكراد شعب مجزّأ ومشتّت، إنه أكبر أمّة عديمة الجنسية في العالم. فهم يتجمّعون في أربعة بلدان مختلفة: شرق تركيا وشمال غرب إيران وشمال العراق وشرق سوريا. والشتات الكردي ذو بال وشأن في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا والولايات المتحدة وأستراليا.

قُدِّر عددُ الأكراد بنحو 35 مليوناً، لكن بشكل تقريبي إلى حد ما، لأنّ الدول الأربع المعنيّة لم تجرؤ على إجراء أيَّ تعداد سكاني. في تركيا يشكل الأكراد 20٪ من السكان، ومن هنا يأتي اهتمام السلطة التركية المحموم وتدخلاتها الوحشية غير الحساسة لحقوق الإنسان. الغالبية العظمى من الأكراد مسلمون من أتباع المذهب السني، مع بعض الخصائص التي تميزهم عن الأتراك والعرب.

عندما وُعد الأكراد بدولة

في أعقاب الحرب العالمية الثانية أعاد الحلفاء رسم الحدود على بقايا الإمبراطورية العثمانية: وُعد الأكراد بدولة كردستان المستقلة، مثل الأرمن والآشوريين. وعدت معاهدة سيفر الموقّعة عام 1920 الأكراد بالحكم الذاتي في جنوب شرق الأناضول. لكنّ هذا الوعد ألغِي بعد بضع سنوات بموجب معاهدة لوزان، والآن أصبح الأكراد موزَّعين بين تركيا وإيران وسوريا والعراق. في عام 1924 ظهر تمرّد كردي في تركيا وامتد إلى الدول المجاورة. لكنّ هذا الشعور القومي مكبوت بشدة: تحريم وحظر اللغة والعادات والجمعيات والتجمعات السياسية. وفي العراق مع التعريب القسري الذي فُرض في القرى قام صدام حسين بإعدام 5000 كردي في حلبجة عام 1988.

يعود تاريخ مشروع كردستان إلى القرن العاشر، مع ظهور إمارات كردية مستقلة. يَعتبِر الأكراد أنفسهم من نسل المِيديين، وهم شعب كانوا قريبين من الفرس في العصور القديمة.

في عام 1925 استجاب الغربيون، الفرنسيون والبريطانيون لمطالب القومية العربية وهمّشوا بشكل غير عادل التطلعات الكردية، وهكذا دُفِنت الوعود السابقة بكردستان مستقلة وموحّدة

في عام 1925 استجاب الغربيون، الفرنسيون والبريطانيون لمطالب القومية العربية وهمّشوا بشكل غير عادل التطلعات الكردية، وهكذا دُفِنت الوعود السابقة بكردستان مستقلة وموحّدة. وبموازاة ذلك حُكم على المسيحيين الأصليين في تركيا (الآشوريين الكلدان) بالتهميش والإقصاء المبرمَج. لم يكن لدى عصبة الأمم الشجاعة للرد على الآشوريين الكلدانيين ولا على الأكراد. وأدى ذلك إلى ارتباط هكاري بتركيا، وهو معقل انسحاب المسيحيين الذي تعرّض لمضايقات امتدت قروناً من الزمن من قبل الأكراد لصالح المسلمين.

قُدِّر عددُ الأكراد بنحو 35 مليوناً، لكن بشكل تقريبي إلى حد ما، لأنّ الدول الأربع المعنيّة لم تجرؤ على إجراء أيَّ تعداد سكاني.

وفقًاً لوثائق الكنيسة القبطية كان الرسول أندرو أوّل مبشّر مسيحي لدى الأكراد. ابتداءً من القرن الخامس الميلادي أصبحت المسيحية ديناً منتشراً في هذه المناطق الكردية التي تميّزت بالفلسفة االزرادشتية. كما قام القديس ساباس بتحويل العديد من الزرادشتيين في الوقت نفسه. بعد الفتح العربي تحوّل الأكراد المسيحيون على نطاق واسع إلى الإسلام، لكنّ ذلك لم يمنع بعض الوجهاء الأكراد من أن يصبحوا مسيحيين، كما حدث في القرن التاسع، عندما اعتنق نصر، وهو جنرال كردي في جيش القسطنطينية، المسيحية. وبالمثل ارتد الأمير الكردي ابن الضحاك، صاحب حصن الجعفري، عن الإسلام من أجل المسيحية الأرثوذكسية.

قرى مسيحية كردية

في القرن العشرين كانت هناك قرى مسيحية كردية. كانت قبيلة سيواس الكردية بأكملها تمارس العبادة المسيحية وطقوسها. في العراق اعتنق أحمد بارزاني، وهو زعيم كردي مهم، المسيحية في عام 1931 أثناء الانتفاضة ضد الحكومة العراقية. في الآونة الأخيرة زرعت التيارات الإنجيلية مجتمعات، مثل كنيسة المسيح الكوردوفونية، ببعض النجاح، حيث أصبحت اللغة الكردية تستخدم في الطقوس الاحتفالية، بينما يحظر الإسلام رسمياً استخدام هذه اللغة في صلواته الرسمية. في عام 1995 اعتنق المفكر المعروف دانيال علي المسيحية وكتب كتباً شهد فيها على أسباب ردته عن الإسلام. بالإضافة إلى ذلك  أسس كردي مسيحي آخر، مجيد رشيد محمد شبكة كردية تضم 2000 مسلم انشقوا عن الإسلام.

ذلك توجد اليوم، على هامش 80٪ من الأكراد المسلمين، أقلية مهمة من الأكراد المسيحيين، من الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت والإنجيليين.

مصدر الترجمة عن الفرنسية 

dreuz.info

https://www.dreuz.info/2022/12/les-kurdes-un-peuple-en-souffrance-276041.html?utm_source=mailpoet&utm_medium

مواضيع ذات صلة:

أنقرة منزعجة من فرنسا... ما علاقة الهجوم على الأكراد؟

هجوم باريس يحيي صدمة عمليات قتل ناشطات كرديات في فرنسا قبل 10 أعوام... ما علاقة تركيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية