"الأمير المجدد"... وثائقي يبرز دور محمد بن سلمان في تطوير السعودية

قبل أسابيع من اجتماع في الرياض يُنظر إليه عالمياً على أنّه "تاريخي"، عرضت شبكة "إم بي سي" السعودية فيلماً وثائقياً جديداً يحمل عنوان "الأمير المجدد"، الذي يسلط الضوء على إنجازات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، منذ إعلانه ولياً للعهد في حزيران (يونيو) 2017.

ويتزامن عرض الفيلم الوثائقي مع بدء ولي العهد السعودي جولة إقليمية هي الثانية خارج المملكة منذ انتشار جائحة كورونا، بعد مشاركته في أوليمبياد بكين في شباط (فبراير) الماضي. وكانت مصر أولى محطات جولة الأمير محمد بن سلمان، تليها المملكة الأردنية الهاشمية وتركيا في لاحق من اليوم.

ويأتي عرض الفيلم قبل نحو (3) أسابيع من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للأراضي السعودية، ضمن جولة إقليمية محطتها الأولى إسرائيل، وسط تقارير عن أنّ بايدن، الذي تسببت زلاته ومواقفه في توتر العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية على مدار أكثر من عام، سوف يتلقي الأمير محمد بن سلمان وجهاً لوجه، قبل اجتماع موسع قد يشمل أيضاً زعماء مصر والأردن والعراق ودول مجلس التعاون الخليجي.

وظهر في الفيلم الوثائقي (14) شخصية مصرية من المفكرين والسياسيين والمثقفين في مختلف المجالات الفنية والثقافية والسياسية والدينية والاقتصادية، وكان أبرزهم المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق، و د. مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية، والشيخ أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، والقس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، وزاهي حواس وزير الآثار السابق، وحلمي النمنم وزير الثقافة السابق، واللواء سمير فرج الخبير الإستراتيجي، وعبد المنعم سعيد المفكر السياسي ورئيس مجلس إدارة "المصري اليوم"، حيث علق المشاركون على دور ولي العهد السعودي في تطوير المملكة في المجالات المختلفة.  

الأمير المجدد

يسلط الفيلم الضوء على إنجازات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورؤيته 2030 للمملكة، التي انعكست على المجتمع السعودي والعربي، وغيرت كثيراً من نظرة العالم إلى المملكة، من خلال تطوير اقتصاد السعودية وتحويلها من بلد نفطي فقط إلى بلد ذي اقتصاد متنوع، وفور إعلانه ولياً للعهد في حزيران (يونيو) 2017، تبنّى محمد بن سلمان "رؤية 2030"، القائمة على تنوع مصادر الاقتصاد والدخل السعودي، لكي تنهي اعتماد المملكة الطويل على الذهب الأسود كمصدر رئيسي للدخل وقاطرة أساسية لاقتصاد بلاده.

وقال بن سلمان: إنّ "رؤية 2030 ستضع المملكة العربية السعودية في موقع متقدم جداً عالمياً، بينما رؤية 2040 ستضع السعودية في مرحلة المنافسة عالمياً"، مضيفاً: "نحن ـ السعوديين ـ نريد أن نحافظ على مستوى الحياة نفسه وأفضل مع مرور الزمن، ونستمر في النمو في المستقبل، ناهيك من خطورة أن يعتمد اقتصاد المملكة بشكل رئيسي على النفط، مع ما يجابه النفط في الـ40 أو الـ50 عاماً القادمة من تحديات وقلة استخدامه، وستكون أسعاره أقل على المنظور البعيد".

عرضت "إم بي سي" فيلماً وثائقياً جديداً بعنوان "الأمير المجدد"، يسلط الضوء على إنجازات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان

ولفت إلى أنّ ذلك قد يؤدي إلى "خلل في الوضع الاقتصادي في المملكة وتبعات اقتصادية ومالية على مستوى الفرد والوطن لا تحمد عقباه"، مشيراً إلى أنّ المحرك الآخر للرؤية هو أنّ "هناك فرصاً كثيرة في المملكة في قطاعات مختلفة غير القطاع النفطي، منها التعدين والسياحة والخدمات اللوجيستية والاستثمار، وهناك فرص كثيرة ضخمة، وما تزال هناك رغبة ودافع قويان جداً نطمح أن نستفيد منهما كسعوديين".

وأضاف: "أعتقد أنّ هذين دافعان رئيسيان لعمل رؤية 2030، لكي نزيل التحديات التي تواجهنا، ونستغل الفرص غير المستغلة التي قد تكون بحجم 90% من وضع اليوم، ونستمر في النمو والازدهار وننافس على كلّ الجبهات".

وأبرز فيلم "الأمير المجدد" المشروعات العملاقة التى يجري تنفيذها بالمملكة، مثل مدينة العلا الأثرية، ومشروع نيوم العملاق، وغيرها من مشروعات وبرامج خدمة السائحين والزائرين، مثل موسم الرياض وخدمات الحج والعمرة، وغيرها من مشروعات تُطلق نهضة عمرانية شاملة أنجزها الأمير محمد بن سلمان خلال فترة ولايته للعهد.

 تمكين المرأة

كشف الفيلم عن خطة الأمير الشاب لتمكين المرأة السعودية ودعمها لنيل حقوقها في مواجهة العادات والتقاليد القديمة التي منعتها من أبسط تلك الحقوق.

وأثمرت جهود ولي العهد السعودي عن إصدار المملكة العربية السعودية في عهد "الأمير المجدد" (18) قراراً عدلياً، عزّزت من حقوق المرأة في المجتمع، بالإضافة إلى تنفيذ برامج تعليمية ومهنية تدفع بالمرأة قُدماً إلى الصفوف الأولى، فوفقاً للتقرير الصادر عن مجموعة البنك الدولي، الذي نشرته المنصة الوطنية الموحدة التابعة للمملكة، في كانون الثاني (يناير) الماضي، فإنّ السعودية حسنت من تصنيفها في المؤشرات العالمية من خلال القيام بإصلاحات للقوانين والتشريعات المتعلقة بتمكين المرأة للعام الثاني على التوالي.

مكافحة الإرهاب

سرد الفيلم كذلك دور ولي العهد فى مواجهة التطرف والإرهاب، وتجديد الخطاب الديني في المملكة، ووقف التيار المتشدد، من أجل ترسيخ صورة حقيقية للدين الاسلامي الوسطي الصحيح بعيداً عن الغلو والتطرف .

ووفقاً للفيلم، فإنّ مكافحة الإرهاب كانت على أجندة "الأمير المجدد"، الذي لم يتوانَ لحظة عن مواجهة التطرف والإرهاب، وتجديد الخطاب الديني في المملكة، بل إنّه وقف في وجه التيار المتشدد من أجل ترسيخ صورة حقيقية للدين الإسلامي الوسطي الصحيح بعيداً عن الغلو والتطرف.

وكان الأمير محمد بن سلمان قد قال في نيسان (أبريل) 2021: إنّ "المملكة كانت هدفاً رئيسياً للمشاريع المتطرفة والمشاريع الإرهابية في أنحاء العالم، إذن أنا أسامة بن لادن وأريد أن أنشر فكري المتطرف في العالم كله، وأريد أن أنشره خصوصاً بين المسلمين، من أين أبدأ؟ سأبدأ في الدولة التي فيها قبلة المسلمين وفيها مقدسات المسلمين ويتوافد عليها الحجاج المسلمون والمعتمرون، ويتوجه إليها المسلمون (5) مرات في اليوم، إذا نجحت في نشر مشروعي هناك، فسينتشر تلقائياً في أنحاء العالم، كلّ فكر متطرف عندما يريد أن يبدأ بلا شك فسيستهدف المملكة."

يتزامن عرض الفيلم الوثائقي مع بدء ولي العهد جولة إقليمية هي الثانية منذ انتشار كورونا، بعد مشاركته في أوليمبياد بكين

ونقلت عنه صحيفة "الشرق الأوسط" قوله حينها: "كنّا في مرحلة من المراحل صعبة جداً من الخمسينات إلى السبعينات... المشروع القومي العربي والاشتراكية والشيوعية وغيرها من مشاريع في المنطقة التي أعطت فرصة لكثير من الجماعات المتطرفة بأن تدخل بشكل أو بآخر المملكة، وتصل إلى مواقع مختلفة سواء في الدولة أو الاقتصاد وآخره، نتج عنها عواقب لا تحمد، ورأينا أثرها في الأعوام الماضية. اليوم لا نقدر أن ننمو ونجذب رؤوس الأموال والسياحة أو أن نتقدم بوجود فكر متطرف في المملكة. إذا كنت تريد ملايين الوظائف والبطالة تنزل والاقتصاد ينمو ودخلك يتحسن، يجب أن تستأصل هذا المشروع لمصلحة دنيوية، ناهيك من مصلحة بأنّ هؤلاء يجب ألّا يمثلوا ديننا الحنيف ومبادئنا السمحة بشكل أو بآخر. وبلا شك، هذه جريمة نتج عنها إنشاء منظمات إرهابية مثل إنشاء جماعات متطرفة قتلت أرواحاً في جميع أنحاء العالم، وقتلت أرواحاً في المملكة، وأضاعت مصالح اقتصادية، هذا عمل إجرامي غير قانوني ومجرم بناء على قانون المملكة، فأيّ شخص يتبنّى منهجاً متطرفاً، حتى لو لم يكن إرهابياً، فهو مجرم يحاسب عليه قانونياً".

القرآن دستورنا... والاجتهاد مفتوح

بالنسبة إلى ولي العهد السعودي، فإنّ الاعتدال والخطاب الديني والعدل القائم على أساس الشريعة الإسلامية هم اللبنة الأولى في بناء حصون اجتماعية ضد آفة الإرهاب، فقد نقلت عنه "الشرق الأوسط" قوله: إنّ "الاعتدال كلمة واسعة للغاية. كلّ فقهاء المسلمين والعلماء من أكثر من (1000) عام وهم يجتهدون فيما هو مفهوم الاعتدال، لا أعتقد أنّني في موقع أستطيع تحديد ما هو مفهوم الاعتدال بقدر ما ألتزم بدستور المملكة العربية السعودية الذي هو القرآن والسنّة، ونظامها الأساسي للحكم وتطبيقه على أكمل وجه بمفهوم واسع يشمل الجميع".

وتابع: إنّ "دستورنا هو القرآن، وسيستمر إلى الأبد، والنظام الأساسي في الحكم ينصّ على ذلك بشكل واضح للغاية. نحن كحكومة، أو مجلس الشورى كمشرّع، أو الملك كمرجع للسلطات الـ3، ملزمون بتطبيق القرآن الكريم، لكن في الشأن الاجتماعي والشخصي فقط ملتزمون بتطبيق النصوص المنصوص عليها في القرآن بشكل واضح. يعني يجب ألّا أطرح عقوبة شرعية من دون نص قرآني واضح أو نص صريح من السنّة".

يأتي عرض الفيلم قبل نحو (3) أسابيع من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للأراضي السعودية ضمن جولة إقليمية

وأوضح أنّ "الحكومة في الجوانب الشرعية ملزمة بتطبيق النصوص في القرآن ونصوص الحديث المتواتر وتنظر للحديث الآحاد حسب صحته وضعفه ووضعه، ولا تنظر إلى أحاديث الخبر بتاتاً إلا إذا كانت تُسند إليها آراء فيها مصلحة واضحة للإنسان، لا عقوبة على شأن ديني إلا بنص قرآني واضح، وتطبق هذه العقوبة بناء على كيفية تطبيقها في عصر الرسول، صلى الله عليه وسلم، فكونك تأخذ نصاً قرآنياً وتطبقه بطريقة غير الطريقة التي طبقها الرسول، صلى الله عليه وسلم، وتبحث عن الشخص وتثبت عليه التهمة بينما الرسول أتاه المتهم معترفاً وعامله بهذه الطريقة، فهذا ليس شرع الله، وتأتي لتطبق نصاً شرعياً أو عقوبة بحجة أنّها عقوبة شرعية ولا يوجد نص شرعي للمعاقبة في القرآن أو الحديث المتواتر، فهذا تزييف للشريعة. فالله، سبحانه وتعالى، عندما أراد أن يعاقب على جرم شرعي نص عليه، عندما حرّم شيئاً ووعد بالعقاب في الآخرة لم ينص ويأمرنا كبشر أن نعاقب عليه وترك الفرد يختار وحسابه يوم الدين وفي الآخرة. الله غفور رحيم، ويغفر كل شيء إلا أن يشرك به، فهذا المنهج الصحيح للتطبيق للقرآن والسنّة بناء على دستورنا".

مواضيع ذات صلة:

- محمد بن سلمان: الاضطرابات السياسية مصدرها إيران والقاعدة وداعش والإخوان

- محمد بن سلمان: الإخوان اخترقوا نظامنا التعليمي وسنقضي عليهم

- لقاء العاهل الأردني مع محمد بن سلمان... مباحثات واتفاقيات ودلالات سياسية