الإخوان المسلمون: محاكمات وتدخل بالشأن الخارجي وحملة تكفير

الإخوان المسلمون: محاكمات وتدخل بالشأن الخارجي وحملة تكفير


17/01/2022

في تونس، جاءت إحالة راشد الغنوشي، وعدد من السياسيين إلى المحكمة الابتدائيّة، بتهم ارتكاب جرائم انتخابية في العام 2019، ضربة جديدة لحركة النهضة الإخوانية، التي باتت تنتظر ساعة الحساب. وفي المغرب، قام حزب العدالة والتنمية (المصباح) الإخواني، بتدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي، ربما للتغطية على ما يشهده الحزب من صراعات، في أعقاب الكارثة الانتخابيّة الأخيرة التي حلّت به. وفي اليمن، شنّت منابر الإخوان في مدينة تعز، حملة تكفير شعواء على الدكتورة ألفت الدبعي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز، والعضو السابق في مؤتمر الحوار الوطني، والحالي في لجنة صياغة الدستور الاتحادي.

إخوان تونس واقتراب ساعة الحسم

جاءت إحالة راشد الغنوشي، وعدد من السياسيين إلى المحكمة الابتدائيّة، بسبب ارتكابهم جرائم انتخابية في العام 2019، ضربة جديدة لحركة النهضة، تتمثل في محاكمة الرجل الأول فيها، بعد توقيف نائبه، نور الدين البحيري، الأمر الذي علّق عليه المحلل الاستراتيجي التونسي، حمدي الصديق، في تصريحات صحفيّة، بالتأكيد على أنّ "قرار إحالة هؤلاء الأشخاص إلى المحكمة للتحقيق معهم؛ هو دليل على بداية تعافي القضاء، لكن المشوار مازال طويلاً كي يتطهر كليّاً".

المحكمة أكدت في بيان رسمي، أنّ قرار الإحالة يأتي على خلفية رصد جرائم انتخابيّة، تضمنتها شكوى رسميّة وجهها وكيل الدولة العام لدى محكمة المحاسبات، إلى النيابة العموميّة بالمحكمة الإبتدائية بتونس، وعليه "تمّ اتخاذ قرار الإحالة على المجلس القضائي بالمحكمة الابتدائية بتونس؛ من أجل ارتكاب جرائم مخالفة تحجير الإشهار السياسي، والانتفاع بدعاية غير مشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والدعاية خلال فترة الصمت الانتخابي، طبق الفصول 57 و69 و154 و155 من القانون الأساسي، عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26/05/2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء".

جاءت إحالة الغنوشي وعدد من السياسيين للمحاكمة بتهم ارتكاب جرائم انتخابية العام 2019 ضربة جديدة لحركة النهضة

من جهة أخرى، سخرت تقارير إعلاميّة تونسيّة من سعيدة العكرمي، زوجة نائب رئيس حركة النهضة المحددة إقامته، نور الدين البحيري، فيما يتعلق بخطاب المظلوميّة التي مارسته، عبر نشر مزاعمها حول المكان الذي تم احتجاز البحيري فيه، وهو وفق روايتها عبارة عن "غرفة لا يوجد فيها سوى سرير واحد مهترئ، وكان يسمع أصوات الحيوانات البرية من ذئاب وخنازير، وكان محيط المنزل المهجور مدججاً برجال الأمن"، وهي الرواية التي كذّبها عميد المحامين التوانسة، إبراهيم بودربالة، مؤكداً أنّ البحيري يقيم في منزل أنيق، في منطقة من محافظة بنزرت، تتوفر فيه كل شروط الإقامة.

من جهتها، عقّبت أرملة القيادي القومي، الشهيد محمد براهمي، على تلك "الأكاذيب"، في تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، قائلة: "زوجي الذي خرّب جسدَهُ رصاصُ زوجك، تركتُه مسجّى في مُربّعِ الزعماء بمقبرة الزّلّاج، وهبتُهُ وِسامَ شرفِ على جبين تونس". وأضافت: "من هناك.. من المقبرة، أعلنْتُ لمئات الآلاف من المشيّعين، الذين ساروا خلف جنازته، أنّ قتلة محمد براهمي هم أنتم؛ تجّار الدين.." واستطردت موجهة حديثها لــ سعيدة العكرمي "أنتِ سقْفُ أحلامِك أن يقطع زوجك إضراب الجوع، فيأكل ويشرب، ثم يغادر مقرّ الإقامة الجبريّة إلى منزله، ثمّ يعود نائباً أو وزيراً مرّةً أخرى، أمّا أنا فسَقْفُ أحلامي أن يتحرّر وطني من كلّ وكلاء الاستعمار، وعلى رأسهم أنتم؛ فرع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بتونس.. أنتم وما فرّختُم من أدوات تكفيرية إرهابيّةٍ مُجرمة".

 إخوان اليمن.. خطاب كراهية وتطرف

حملة شعواء تشنها منابر الإخوان في مدينة تعز اليمنيّة، على الدكتورة ألفت الدبعي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز، والعضو السابق في مؤتمر الحوار الوطني، والحالي في لجنة صياغة الدستور الاتحادي، إثر تغريدة لها على صفحتها الرسميّة، على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، قالت فيها تعقيباً على اعتزال أحد الفنانين، "قالوا تاب عن الغناء تقرباً إلى الله .. وأنا أتوب إلى الله وأستغفره، عن فترة زمنية قبل عشرين عاماً، قررت فيها الابتعاد عن سماع الغناء، عندما كان وعيي خاضعاً لتزييف الوعي، بأنّ الغناء حرام، من لا يتذوق الغناء والموسيقى لا يعرف الله حق المعرفة".

الداعية الإخواني المتشدد، عبد الله العديني، قاد حملة التكفير ضد الأكاديميّة اليمنيّة، محرضاً الجماهير عليها، وشاركت المساجد التابعة للجماعة في حملة التكفير، حيث خصّصت ثلاثة مساجد خطبة الجمعة لتكفير الدبعي، وتحذير الناس أنّ ما تقوله يخالف الإسلام.

 

اقرأ أيضاً: "العدالة والتنمية" المغربي والعودة إلى الخطاب الشعبوي.. تناقضات وانتهازية الحزب الإخواني

عبد الله العديني، سبق وأن اتهم الدكتورة ألفت الدبعي، في العام 2017، بالانحراف عن الصراط المستقيم، والسعي إلى هدم اليمن.

حملة شعواء تشنها منابر الإخوان في مدينة تعز على الدكتورة ألفت الدبعي بسبب تغريدة تتعلق بحرمة الغناء

من جهتها، أصدرت عدة أحزاب سياسيّة في تعز، وهي: الاشتراكي، والتنظيم الناصري، والبعث، واتحاد القوى الشعبية، بياناً مشتركاً، هاجمت فيه "ظاهرة التشهير والتشكيك في معتقدات أصحاب الآراء، في دور العبادة، والنيل من أعراضهم في وسائل التواصل الاجتماعي"، واعتبر البيان أنّ "تخصيص ثلاث خطب جمعة خلال الأسبوع الماضي، في ثلاث مساجد مكرسة؛ للتحريض ضد الدكتورة ألفت الدبعي.. يعد مؤشراً خطيراً؛ يعكس عودة تنامي جماعات التكفير والتطرف، ونشر ثقافة التطرف"، ما اعتبره البيان المشترك امتداداً "لمسلسل الجريمة السياسيّة، والتي استهدفت حياة الكثير من المناضلين السياسيين، والمثقفين الوطنين اليمنين"، ذلك أنّ "فتاوى التكفير، كانت على الدوام مقدمة تمهيدية؛ لمشاريع تصفيات جسديّة".

إخوان المغرب: تدخل في الشأن التونسي

على الرغم من السقوط السياسي المدوي، والانقسامات الكبيرة داخل هيكله الإداري والسياسي، قام حزب العدالة والتنمية (المصباح) الإخواني في المغرب، بتدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي، ربما للتغطية على ما يشهده الحزب من صراعات، في أعقاب الكارثة الانتخابيّة التي حلّت به، في أيلول (سبتمبر) الماضي.

الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، وقّع على رسالة تضامنية موجهة إلى راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسيّة، عبّر فيها عن انشغال المصباح بتطورات الوضع الصحي لنائب الغنوشي، نور الدين البحيري، زاعماً أنّ "ما وقع له، تطور خطير في الأزمة السياسيّة التي تشهدها تونس". مطالباً بإطلاق سراح البحيري وكل المعتقلين السياسيين في تونس! "وأن يفتح حوار بين كل الفرقاء؛ لخلق أجواء انفراج سياسي، يخدم مصلحة الشعب التونسي".

قام حزب العدالة والتنمية الإخواني في المغرب بتدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي ربما للتغطية على صراعاته

الأكاديمي والمحلل السياسي المغربي، حسن بلوان، علّق على تلك الرسالة في تصريحات صحفيّة، مؤكداً أنّ "الحزب الإخواني المغربي، يعتمد مبدأ غض البصر عن كُل مشاكله الداخليّة، من انشقاقات واستقالات جماعيّة". وأضاف: "منطق غض البصر يكون عن كُل الملفات المهمة، إلّا عن الشؤون الداخلية للدول الأخرى، خاصة تلك التي تكون الامتدادات التنظيمية للإخوان طرفاً فيها.. في محاولة منه لخلق بطولات من ورق؛ للتغطية على فشله المستمر، وتشتيت انتباه مُريديه عن الفساد الذي ينخر هذه التنظيمات".

 

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: "جريمة" في مقر النهضة وتحريض في المغرب وتواطؤ في اليمن

بلوان لفت إلى أنّ "لكل بلد خصوصياته وقضاياه، التي تبقى في نطاق النقاش الداخلي، الشيء الذي لا يجب على حزب في بلد آخر التدخل فيه بشكل عام، فما بالك إن كان الملف والنقاش معروضاً على القضاء، كالحالة اليوم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية