الإخوان في بنغلاديش وإستراتيجية فرض الوصاية الدينية

الإخوان في بنغلاديش وإستراتيجية فرض الوصاية الدينية


31/08/2022

لا يكفّ إخوان بنغلاديش عن توظيف الدين الإسلامي لأغراضهم السياسية، ويحاولون دوماً فرض وصايتهم من خلال التلاعب بالنصوص، والظهور بمظهر المدافع عن الدين في مواجهة حكومة يصفها الإخوان بـ"الكفر" دائماً.

أمير الجماعة الإسلامية، شفيق الرحمن، مارس دعاية سياسية كبيرة تحت غطاء ديني، وذلك في كلمته التي ألقاها في الحفل الذي أقيم في إحدى القاعات في داكا في 13 آب (أغسطس) الجاري؛ لتوزيع مساعدات مالية على العائلات المتضررة من حريق في منطقة كامار بارا أودى بحياة (7) أشخاص، وعلى الرغم من جلال الموقف، حاول شفيق الرحمن توظيف الحادث لتحقيق المزيد من الشعبية لجماعته، مطالباً الحكومة بالسير على منهج الله، وتحقيق شريعته في البلاد.

وتابع أمير الجماعة قائلاً: إنّ "الجماعة الإسلامية تعمل من أجل إرساء الشريعة الإسلامية في البلاد، والكثير منّا لا يريدون ذلك، لأنّهم يريدون أن يكون هناك بيئة خصبة لارتكاب الفساد والجرائم الأخرى، ومن يحبّون العيش في راحة وسلام وأمن وطمأنينة هم فقط يريدون سريان القوانين الإلهية المنصوص عليها في القرآن الكريم".

دين الإخوان في خدمة السياسة

وفي سياق الخطاب الديني، مرر أمير الذراع السياسية للإخوان خطاباً سياسيّاً، رافعاً شعار المظلومية، حيث قال: "كما تعلمون، فإنّ كبار قادة الجماعة الإسلامية تم إعدامهم شنقاً، والعديد من القادة تعرّضوا لإطلاق نار وأصيبوا بالشلل التام، ناهيك عن المضايقات السياسية التي يتعرّض لها النشطاء السياسيون الآخرون؛ من رفع دعاوى قضائية كاذبة ملفقة ومفبركة".

 أمير الجماعة الإسلاميّة الشيخ شفيق الرحمن

ولم ينسَ زعيم الإخوان في بنغلاديش استغلال المساعدات التي قدّمتها الجماعة الإسلامية للمتضررين، زاعماً أنّها تفعل ذلك بدافع حب الخير، وهاجم الحكومة لعدم قدرتها على مساعدة الفقراء، كما تفعل جماعته، وأردف قائلاً: "نشطاء الجماعة الإسلامية تلقوا تعليمات بالوقوف إلى جانب الضعفاء والفقراء والمساكين".

بدوره، قال مساعد الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ عبد الحليم، في المؤتمر نصف السنوي الافتراضي، لأعضاء الجماعة الإسلامية في مدينة بانشاغار: إنّ جماعته الربانية هي وحدها التي قدّمت يد المساعدة للمتضررين من الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت البلاد، ووقفت بجانبهم "بغضّ النظر عن دينهم وعرقهم وجنسهم، ومدّت يد العون للمدارس القومية التي تضررت من الفيضانات، واتخذت مبادرة لإعادة تأهيل تلك المدارس".

إذلال الفقراء والمحتاجين

وعلى المنوال نفسه، تفاخر نائب أمير الجماعة الإسلامية مجيب الرحمن بما تقدّمه الجماعة من مساعدات للفقراء، وكذا قدرتها على فهم الإسلام، والعمل بمنهجه، بحسب مزاعمه، مضيفاً:

"الجماعة الإسلامية ومنذ اليوم الأول من تأسيسها تعمل لصالح ورفاهية الشعب، وإنّنا نحاول جاهدين التخفيف من معاناتهم". مؤكداً أنّ الجماعة تعمل دائماً من أجل رسم الابتسامة على وجوه الضعفاء والمساكين"، قبل أن يناقض نفسه، وبعد وصلة تفاخر طويلة أمام الفقراء، ليُحذّر من التباهي بالقيام بأعمال الخير، في مشهد هزيل أثار سخرية المتابعين.

 

لم ينسَ زعيم الإخوان في بنغلاديش استغلال المساعدات التي قدّمتها الجماعة الإسلامية للمتضررين، زاعماً أنّها تفعل ذلك بدافع حب الخير، وهاجم الحكومة لعدم قدرتها على مساعدة الفقراء، كما تفعل جماعته

 

التصعيد في استخدام الخطاب الديني وتوظيفه سياسياً بلغ ذروته على لسان القائم بأعمال الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ أبو طاهر محمد معصوم، الذي زعم في مؤتمر نظمته الحركة لأعضائها في مدينة سراجغانج، في 18 آب (أغسطس) الجاري، أنّ "العلماء يتعرّضون للتعذيب والاضطهاد بسبب نشرهم لتعاليم القرآن الكريم"، الأمر الذي انطوى على استخدام خطاب تكفيري، يرى فيه الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، دلالة على نوايا الذراع الإخوانية بالعودة إلى ممارسة الإرهاب، ذلك أنّ التنظيم في بنغلاديش يُصنّف باعتباره أقصى اليمين المتطرف، وعليه فإنّ محاولة فرض الوصاية الدينية، وتكفير الآخر، تبدو مقدمات موضوعية للإرهاب الإخواني المحتمل.

استدعاء التدخل الأجنبي

وبحسب أنور، الذي خص "حفريات" بتصريحاته، فإنّ محمد معصوم يمثل الجناح القطبي داخل التنظيم في بنغلاديش، لافتاً إلى مزاعم الأخير التي قال فيها إنّ الجماعة الإسلامية تحاول خلق رأي عام وانطباع شعبي ضد التعذيب والقمع الذي تمارسه الحكومة، وتحاول إقامة مجتمع قائم على العدل بطريقة منهجية وديمقراطية، ولهذا فإنّه، وبحسب قوله، "لا بديل عن البدء بحكم قرآني؛ لتحويل هذه البلاد إلى دولة مسلمة ومتطورة".

وبالطبع فإنّ الجماعة تهدف من وراء هذا الخطاب الإيديولوجي إلى تبرير مواقفها السابقة، والإرهاب الذي مارسته عبر ميليشيات البدر التابعة لها، إبّان حرب الاستقلال، حين تورّط زعماء الإخوان في ممارسة جرائم حرب ضدّ أبناء الشعب البنغالي لصالح الجيش الباكستاني، ويبدو أنّ الحجّة دوماً حاضرة، وهي الزعم بالعمل على نشر الحكم القرآني.

أحمد فؤاد أنور: استخدام الجماعة الإسلامية خطاباً تكفيرياً دلالة على نوايا الذراع الإخوانية بالعودة إلى ممارسة الإرهاب

الأكاديمي المصري أكد أنّ الجماعة الإسلامية تحاول في الوقت نفسه التحريض على الحكومة واستدعاء التدخل الخارجي، وقد أصدر القائم بأعمال الأمين العام للجماعة أبو طاهر محمد معصوم في 17 آب (أغسطس) الجاري بياناً أعرب فيه عن قلقه العميق بشأن ما تم كشفه في تحقيق استقصائي عن وجود سجن سرّي وخلية تعذيب تدار بوساطة جهاز المخابرات العسكرية البنغالي، مطالباً بالكشف عن حقيقة وجود هذا السجن من عدمه، من خلال تحقيق بإشراف أممي من قبل الأمم المتحدة، زاعماً أنّ أحد المواقع الإخبارية السويدية نشر مؤخراً تقريراً مصوراً بخصوص وجود السجن السرّي المزعوم.

جدير بالذكر أنّ المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في زيارة حالياً لبنغلاديش، التي أعلنت صراحة عن عدد الأشخاص المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بممارسة الإرهاب، ومنهم عدد كبير من منسوبي وأعضاء الجماعة الإسلامية، التي تتحجج هنا بتقرير غير موثق، لتستدعي التدخل الخارجي الفج، كعادة الإخوان في كلّ مكان.

 

مواضيع ذات صلة:

إخوان بنغلاديش بين ممارسة الحسبة وخطاب المظلوميّة

الإخوان المسلمون في بنغلاديش: خطابات تحريضية ومخططات أفغنة

الفتنة الطائفيّة.. خطة الإخوان الأخيرة في بنغلاديش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية