الإسرائيليون في مونديال قطر: لماذا يكرهنا العرب إلى هذا الحد؟

الإسرائيليون في مونديال قطر: لماذا يكرهنا العرب إلى هذا الحد؟

الإسرائيليون في مونديال قطر: لماذا يكرهنا العرب إلى هذا الحد؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
10/12/2022

مونديال قطر دخل مراحله الأخيرة، بعدما توغلت ثماني فرق في الأدوار الإقصائية، بينها منتخب المغرب الذي يواجه اليوم السبت المنتخب البرتغالي، في موقعة نارية وحماسية ستشد إليها أنظار العرب من المحيط إلى الخليج.

في غضون ذلك وقبله، يزداد الغضب الإسرائيلي من قطر بالتزامن مع المعاملة السيئة التي يواجهها الإسرائيليون المتواجدون لحضور مباريات مونديال قطر، حيث يصطدم الصحفيون والمشجعون الإسرائيليون بحالة من الرفض التام من قبل المواطنين القطريين والمشجعين العرب وحتى من الجماهير الأوروبية، ويزداد تعرض الإسرائيليين للكراهية والسخرية بشكل أوسع عندما تكون هناك مباريات للمنتخبات العربية، ما تسبب ذلك بخيبة أمل إسرائيلية واسعة.

وقبل انطلاق المونديال خاض الجانبان القطري والإسرائيلي مفاوضات سياسية أكثر منها رياضية، بغرض تسهيل وصول المشجعين الإسرائيليين لحضور المونديال، لكنّ الإسرائيليين المتواجدين داخل قطر، يعانون من أقسى موجات السخرية والازعاج من قبل الجمهور العربي، كما فرضت قطر شروطاً على وصول الإسرائيليين لحضور بطولة كأس العالم، حيث فرضت وصول شركات طيران غير إسرائيلية تقل الإسرائيليين إلى مطار حمد الدولي، في المقابل قدمت قطر تسهيلات كثيرة للفلسطينيين لحضور المونديال، وطالبت إسرائيل بعدم عرقلة سفر الفلسطينيين.

إزالة اسم اسرائيل

وألغت قطر على الموقع الرسمي للفيفا اسم إسرائيل عن خريطة الدول، واستبدلت ذلك بعبارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعند الدخول إلى موقع اللجنة المنظمة لكأس العالم بقطر لتحديد أقرب وكالة لشراء بطاقات البطولة، يطلب تحديد وكالة المبيعات الأقرب لموقع المشتري والتي تحدد حسب الدولة، وعند الدخول إلى آسيا والشرق الأوسط، يتم استعراض جميع الدول باستثناء إسرائيل، ليكون الخيار المتاح هو الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقبل انطلاق فعاليات بطولة كأس العالم، حاولت إسرائيل شن هجوم إعلامي رسمي على تنظيم قطر مونديال 2022، ما حمل استكثاراً إسرائيلياً على دولة عربية أن تنظم مثل هذا الحدث الرياضي الكبير الذي يجمع كل العالم حوله، كما طالبت إسرائيل الفيفا بإلغاء هذه الاستضافة، بزعم ارتباط الدوحة بعلاقات وثيقة مع المنظمات المسلحة المعادية لإسرائيل، إلى جانب انتهاكها لحقوق العمال الأجانب، وهي اتهامات فندتها منظمات دولية.

تحدثت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، عن صحفيين إسرائيليين في قطر قولهم، نشعر بأننا مكروهون محاطون بالعداء وغير مرغوب فينا، في الشارع يرافقنا فلسطينيون وإيرانيون وقطريون ومغربيون وأردنيون وسوريون ومصريون، جميعهم ينظرون إلينا بكراهية وسخرية، حتى إنّ سائقاً قطرياً كان يقل طاقماً تلفزيونياً إسرائيلياً من مكان لآخر، وحين اكتشف السائق أنهم إسرائيليون أنزلهم في مكان مجهول، إننا في مكان نشعر فيه بالجنون مقابل الكثير والكثير من الفلسطينيين، كم هو مفاجىء ذلك. 

صحيفة "إيديعوت أحرنوت" العبرية: يبدو أنّ الصور ستعلق في ذاكرة الإسرائيليين، هي صور الإزعاجات المتواصلة للصحافيين الإسرائيليين من جانب المشجعين ممن يلوحون بأعلام فلسطين

وأشارت الصحيفة، إلى أنّ الإسرائيليين شاهدوا للمرة الأولى تجربة الرفض والتجاهل والكراهية، وعدم قبول الإسرائيليين في بلد مسلم عربي، كما أنّ مراسلي الأخبار في المحطات الإسرائيلية سافروا بحماسة إلى قطر، وجهزوا الكاميرات وانتظروا قدوم عدد من العرب ليمتدحوا إسرائيل، لكن سرعان ما وجدوا أنفسهم يتعرضون للاستهزاء من العرب.

صحيفة "إيديعوت أحرنوت" العبرية، قالت بعد أكثر من أسبوع على افتتاح المونديال في قطر، يبدو أنّ الصور ستعلق في ذاكرة الإسرائيليين، صور الإزعاجات المتواصلة للصحافيين الإسرائيليين من جانب المشجعين، ممن يلوحون بأعلام فلسطين أو السياح من الدول العربية أو المواطنين القطريين، الذين يمتنعون بنفور عن التحدث مع الإسرائيليين، في المقابل العالم تجاهل موت العمال الأجانب قبل المونديال، والمعاملة السيئة للمثليين والقيود المفروضة على بيع الكحول.

غضب إسرائيلي من قطر

يقول الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور جهاد ملكة إنّ "حالة التعاطف من قبل الجماهير العربية للقضية الفلسطينية ومقاطعتهم للإعلام الإسرائيلي، أغضبت إسرائيل والتي بدورها اتهمت قطر وشعبها بالوقوف خلف حالة التحريض الشرسة التي يتعرض لها المشجعون والصحفيون الإسرائيليون، بعد أن سمحت قطر بتنظيم فعاليات تضامنية مع الفلسطينيين خلال المونديال".

وأوضح ملكة في حديثه لــ"حفريات": "الحدث الرياضي الذي رسخ مكانة فلسطين في وجدان كل مواطن عربي، يهدد استمرارية اتفاقيات السلام التي أبرمتها إسرائيل مع الأنظمة العربية، فما يحدث في قطر دليل على أنّ الشعوب العربية غير راضية عن ما تقوم به الأنظمة، من توقيع لاتفاقيات سلام مع إسرائيل".

 ولفت إلى أنّ "قطر كانت على علم مسبق بنوايا إسرائيل الكيدية تجاه تنظيم أول دولة عربية في الشرق الأوسط هذا الحدث الكروي، لذلك قامت بفرض إجراءات وقيود على حضور الإسرائيليين، وفي مقابل ذلك قامت بتفعيل القضية الفلسطينية، وإبراز إسرائيل كدولة عنصرية محتلة لفلسطين، ونجحت في حشد الشعوب العربية ".

 واستبعد ملكة أن "تقدم إسرائيل على اتخاذ خطوات معادية تجاه قطر، كون إسرائيل لديها مصلحة كبيرة مع قطر فيما يخص ملف غزة، فقطر تسيطر بفضل العلاقات الإيجابية التي تقيمها مع حماس على تهدئة جبهة غزة، ومنع حدوث أي تصعيد عسكري مع إسرائيل، وبالتالي هذا يخدم إسرائيل التي تستعين بقطر في كل جولة تصعيد تحدث مع غزة".

تضرر إسرائيل

في سياق ذلك أكد الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور سعيد زيداني أنّ "المجتمع الإسرائيلي تضرر بشكل كبير على المستوي المحلي والعالمي، من جراء ما يحدث لمواطنيه من موجات كراهية وعنف وسخرية من قبل الجمهور العربي داخل دولة قطر، إلى جانب استغلال نشطاء مواقع التواصل في بث المواقف المحرجة التي يتعرض لها الإسرائيليون".

الباحث في الشأن الإسرائيلي الدكتور جهاد ملكة  لـ"حفريات": أستبعد أن تتخذ إسرائيل خطوات معادية تجاه قطر، كون إسرائيل لديها مصلحة كبيرة مع الدوحة في ملف غزة

وبين زيداني في حديثه لـ"حفريات" أنّ "إسرائيل ستعيد ترتيب حساباتها في المنطقة، بعدما اعتقدت أنّ اتفاقيات السلام ستحتوي الشعوب العربية نحوها، ولكن ما يجري سينعكس سلباً على العلاقات المستقبلية الإسرائيلية مع الدول العربية في المنطقة، بعد أن أدركت إسرائيل مدى عمق الشرخ بين الأنظمة العربية وشعوبها، فيما يخص قبول إسرائيل ككيان في المنطقة على حساب دولة فلسطين".

توتر العلاقات الثنائية

ولم يستبعد أن "تؤثر الأحداث التي يتعرض لها الجمهور الإسرائيلي بتواطؤ قطري، على مستقبل العلاقات الثنائية في مجالات عديدة، فالحكومة الإسرائيلية الآن في مآزق مما يحدث، فبمجرد أن حذفت الفيفا اسم إسرائيل عن خريطة الدول في المنطقة، فهذا يعتبر فضيحة كبيرة لإسرائيل، خاصة وأنها تواصل مساعيها في توسيع مصالحها في الشرق الأوسط".

يذكر أنّ إسرائيل قد حذرت مواطنيها من السفر إلى قطر لحضور المونديال لدواعٍ أمنية، لكن لم يمتثل الجمهور لذلك وتوجهوا لحضور الحدث الكروي، وبعثت إسرائيل برسائل إلى جمهورها، طالبت من خلالها بإخفاء أي إشارات تدل على هويتهم الإسرائيلية، لمنع أي احتكاك قد يتعرضون له.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية