الإمارات موطن التسامح والتعايش‎

الإمارات موطن التسامح والتعايش‎


25/09/2019

أكّد عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف في جمهورية مصر العربية، الدكتور علي جمعة، أهمية التسامح في الفكر الإسلامي؛ بوصفه أحد أهم الثوابت التي تشترك فيها الديانات السماوية، وهو يشمل التسامح مع النفس والتسامح مع الآخر، مشيراً إلى أنّ العقيدة لا تصحّ ولا تُقبل إلا بالاقتناع العقلي والاطمئنان القلبي؛ لذا حرّم الإسلام الإكراه في الدين.

مبادرة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "عام للتسامح" تعكس الأولوية المركزية لقيمة التسامح لدى القيادة الرشيدة

وسلّط جمعة الضوء في محاضرته التي جاءت ضمن فعالية نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، أول من أمس، في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بمقر المركز في أبوظبي، بحضور مدير المركز، الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، بعنوان "التسامح في الفكر الإسلامي ودوره في خدمة الإنسانية"، سلّط الضوء على التسامح؛ بوصفه أحد أهم الثوابت التي تشترك فيها الديانات السماوية، كما تطرّق إلى بُعد مهم وبارز لمعنى التسامح في الدين الإسلامي، ألا وهو تحريم الإكراه في الدين، إضافة إلى مبادئ الإسلام السمحة في ضرورة حماية أماكن العبادات الخاصة بأهل الأديان السماوية الأخرى؛ مثل الكنائس ومعابد الديانات الإلهية، والدفاع عنها، مثلها مثل الدفاع عن مساجد المسلمين، وفق ما أوردت صحيفة "العرب" اللندنية.

ويمثّل التسامح صفة إنسانية نبيلة وقيمة أخلاقية عالية، حثّت عليها جميع الديانات السماوية وغير السماوية، وعززها الفكر البشري المنفتح.

والتسامح كمفهوم أخلاقي واجتماعي دعا إليه الرسل والأنبياء والفلاسفة والمفكرون والمصلحون عبر التاريخ، قديمه وحديثه، لما له من دور وأهمية كبرى في تحقيق وحدة وتماسك المجتمعات البشرية والقضاء على الخلافات والصراعات بين الجماعات والأفراد، وهو ركيزة أساسية في بناء الأوطان، ودعم وحدة المجتمعات؛ وفق جمعة.

وأبرزت الديانات السماوية قيمة التسامح، لا سيما الدين الإسلامي، الذي حرص على إرساء علاقة تعارف وتعاون بين المسلمين وغيرهم من أبناء الديانات والثقافات الأخرى، وفق قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾، في رؤية تدعو إلى جسر الهوة والفرقة بين الشعوب المختلفة، بغضّ النظر عن التباينات والاختلافات.

وقال جمعة: "على عكس ما تروّج له الجماعات المتطرفة من خطابات التطرف والتعصب والتكفير، يحرص الإسلام على أن تكون الدعوة إليه عن طريق الحوار والإقناع، لا عن طريق الجبر والإكراه، مثلما ورد في قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.

ويتّضح من ذلك؛ أنّ الإسلام يُقرّ حرية الاعتقاد، ويرفض رفضاً قاطعاً إكراه أحد على اعتناق الإسلام في اعتراف صريح بالتَعددِيّة الدينية.

وفي هذا السياق؛ بيّن الدكتور علي جمعة: أنّ التسامح تحقّق في الإسلام بصورة واضحة، فقد تعايش في مدينة رسول الله ﷺ المسلم واليهودي والمسيحي مع غيرهم، واستقبل الرسول الوفود العربية من عابدي الأوثان، وتمتع الجميع بالاحترام والمواطنة وحرية ممارسة شعائر دينهم، ولم نجد أثراً لعصبية أو اضطهاد أو تمييز.

الإمارات جعلت من التسامح واقعاً مُعيشاً في مجتمعها الذي يعيش فيه خليط متنوع من الأعراق والديانات في تناغم

 وأضاف المحاضر: "تكريس التسامح في مجتمعٍ ما يحتاج إلى برنامج خاص لتربية الأفراد وتعليمهم، وتكريس قيم الانفتاح والتعايش وقبول الآخر في قلوبهم وعقولهم".

وبيّن أنّ "الديانات السماوية تستقي من مَعينٍ واحد، وأنّ الأنبياء إخوة، لا تفاضل بينهم من حيث أصل الرسالة"، مؤكّداً أنّ التسامح يشمل التسامح مع النفس والتسامح مع الآخر، مشيراً إلى أنّ العقيدة لا تصحّ ولا تُقبل إلا بالاقتناع العقلي والاطمئنان القلبي؛ لذلك حرّم الإسلام الإكراه في الدين.

كما شدّد المُحاضر على ضرورة احترام العُبّاد ورجال الدين وأماكن العبادة على اختلافها، مؤكداً أنّ القرآن الكريم أمر بمجادلة المخالفين بالحسنى والعقل؛ وهو ما يترتب عليه وجوب احترام الآخر وتقدير إنسانيته، ومناقشة فكره وفهمه وعقيدته على أساس من التسامح والرحمة والرِفق.

وأكّد جمعة أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة تعدّ موطناً أصيلاً للتسامح والتعايش، ومن هذا المنطلق، جاءت مبادرة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بجعْل عام 2019 "عاماً للتسامح"؛ وهو ما يعكس الأولوية المركزية لقيمة التسامح لدى القيادة الرشيدة للدولة، التي جعلت من التسامح واقعاً مُعيشاً في مجتمع الإمارات الذي يعيش فيه خليط متنوع من الأعراق والديانات في تناغم تام.

هذا وتعدّ الإمارات الدولة الوحيدة في العالم التي خصصت حقيبة وزارية للتسامح، كما أنها تحتضن مقيمين من أكثر من 200 جنسية من مختلف الثقافات والأديان يعيشون على أراضيها بانسجام ووئام، وتحتل المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم؛ حيث تأتي في المركز الأول عالمياً كأكبر دولة مانحة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للشعب اليمني، عام 2018، وتحافظ للعام الـ 5 على التوالي على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية.

وأنهى الدكتور علي جمعة محاضرته بالتأكيد على أنّ "التسامح يعد ركيزة أساسية لتأسيس مجتمعات عصرية يعيش فيها الفرد آمناً مطمئناً على حياته وماله وعرضه"، مشدّداً على أنّ الأخلاق الحميدة تعدّ بمنزلة المدخل الرئيس لتحقيق قيمة التسامح، وجعلها المبدأ الحاكم للتعامل بين الناس.

 

الصفحة الرئيسية