الانتخابات الفرنسية.. لعنة بوتين ستحدّد ملامح السياسة القادمة في فرنسا‎

الانتخابات الفرنسية.. لعنة بوتين ستحدّد ملامح السياسة القادمة في فرنسا‎


06/04/2022

بات من الواضح، ومع انطلاق الحملة الانتخابية الخاصّة بالاستحقاق الرئاسي في فرنسا، والمقرر له أن يجري في العاشر من نيسان (أبريل) الجاري، في مرحلته الأولى، بينما تجري المرحلة الثانية يوم الرابع والعشرين من الشهر نفسه، أنّ هذه الانتخابات تتداخل فيها أوراق كثيرة؛ منها الداخلي، ومنها الخارجي، ومنها قضايا شائكة، وفضائح قد تطيح بهذا أو ذاك.

ولئن ينطلق الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، بحظوظ وافرة؛ للبقاء في الإليزيه، وحكم فرنسا لخمس سنوات أخرى مقبلة، فإنّ باقي المرشحين، وأهمهم منافسته في الدور الثاني لانتخابات العام 2017، ماريان لوبان، مرشحة التجمع الوطني، لم يرموا المنديل بعد، وبدأوا في استغلال بعض نقاط الضعف عند الرئيس، وأهمها وعوده الانتخابية التي لم يحقق أغلبها، وكذلك إثارة قضية مكتب الاستشارات "ماكينزي"، والذي تؤكد التقارير قيام حكومته بدفع أموال مجانية، تناهز نحو 2.64 مليار دولار، لهذا المكتب ولغيره من شركات الاستشارات.

على ما يبدو، فقد حسمت لعنة بوتين نتيجة الانتخابات الفرنسية لصالح إيمانويل ماكرون، لكنّ الأهمّ من هذا هو أنّ روسيا بوتين ستحدد ملامح المشهد السياسي الفرنسي لسنوات قادمة

لكن يبقى لماكرون الورقة الرابحة الأكبر، وهي الورقة الأوكرانية الروسية، والتي جاءت إليه هبة من السماء؛ لتجعله في ظرف أيام، الزعيم المفاوض لفلاديمير بوتين، وتقوّي من حظوظه في الانتخابات الرئاسية، كما أنّها، وهذا هو الأهم، قضت على أحلام باقي المرشحين المنافسين له، والذين في أغلبهم معجبون بالرئيس الروسي، ومنهم من له علاقات متميزة معه، على غرار السيّدة لوبان، التي وجدت نفسها في موقف الباحث عن مبرّر لهذه العلاقة.

اقرأ أيضاً: ما مدى تأثير المسلمين في الانتخابات الفرنسية؟

وعبثاً حاولت لوبان التبرّؤ من علاقتها بالرئيس الروسي؛ لاستمالة الناخبين الفرنسيين الرافضين له ولحربه على أوكرانيا، وكذلك عبثاً يحاول مرشح حزب "استعادة فرنسا"، إيريك زمور، ومرشحة اليمين الجمهوري، فاليري بيكريس، ومرشحة الحزب الاشتراكي آن هيدالغو.

هؤلاء جميعاً أصابتهم لعنة بوتين، وأفشلت حملاتهم الانتخابية، التي خلت في مجملها من أيّ برامج ووعود، وانّما تحوّلت إلى خطب وحوارات؛ لتبرير مواقف سابقة، في محاولة للتخلص من اللعنة البوتينية، والاصطفاف وراء الموقف الأوروبي الرافض للغزو الروسي لأوكرانيا.

اقرأ أيضاً: هجرات متزايدة لمسلمي فرنسا.. ما الأسباب؟

وعلى ما يبدو، فقد حسمت لعنة فلاديمير بوتين، نتيجة الانتخابات الفرنسية، لصالح إيمانويل ماكرون، لكنّ الأهمّ من هذا، هو أنّ روسيا بوتين ستحدد ملامح المشهد السياسي الفرنسي لسنوات قادمة، حيث ستنسحب منه شخصيات بارزة، وستتراجع شعبية أحزاب عريقة، بسبب ارتباطها بالرئيس الروسي.

دافعت لوبان عن علاقاتها السابقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، مبرّرة ذلك بالعلاقات التي أقامها رؤساء فرنسيون في السابق معه

وربما يكون هذا في صميم ما أكدته مرشحة اليمين المتطرف، ماريان لوبان (المرشحة عن التجمع الوطني) حيث قالت إنّ محاولتها الثالثة للوصول إلى قصر الإليزية، ستكون الأخيرة في حال فشلها مجدّداً. مضيفة للصحفيين أنّه في حالة هزيمتها فإنّها سوف تعتزل السياسة، وتبحث عن دور آخر لها، تكون فيه أكثر فائدة، مشدّدة على مواصلتها الدفاع عن الشعب الفرنسي، وفق قولها، دون أن تحدّد كيفية قيامها بذلك.

كما دافعت لوبان عن علاقاتها السابقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، مبرّرة ذلك بالعلاقات التي أقامها رؤساء فرنسيون في السابق معه، وهو تبرير ضعيف وفق مراقبين، ولم يستسغه أبداً الناخبون، أو يقتنعوا به.

من المؤكّد أنّ الرئيس الروسي بوتين، بحربه على أوكرانيا، قد حدّد اسم حاكم الإليزيه الجديد، ليس لهاته الدورة الرئاسيّة فحسب، وإنّما لدورات أخرى قادمة، وهو الأمر الذي سوف يكون له كذلك، أكبر الأثر في الانتخابات التشريعية الفرنسيّة المقبلة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية