الانتخابات المصريّة: تحالف الإخوان والناصريّين يضرب التّيارين!

الانتخابات المصريّة: تحالف الإخوان والناصريّين يضرب التّيارين!

الانتخابات المصريّة: تحالف الإخوان والناصريّين يضرب التّيارين!


27/09/2023

محمد صلاح

رغم الضجيج الذي بدأ مبكراً وإعلان تنظيم الإخوان، المصنف إرهابيا في مصر، دعمه مرشحاً محتملاً في الانتخابات الرئاسية المصرية، وترحيب ذلك المرشح بالدعم الإخوانجي وإعلانه عزمه على إعادة دمج الإخوان في المجتمع، لن تكون المنافسة في الانتخابات شديدة بل محدودة للغاية، وحظوظ السيسي في الفوز تكاد تكون محسومة لأسباب منطقية، بغض النظر عن ترويج الإخوان وحلفائهم لنظرية مفادها أن فوز السيسي سيهدد البلاد ويعرّضها لمخاطر. ويبدو أن ذلك هو سبب إصرار مؤيدي الرئيس المصري على إظهار مدى شعبيته نكاية في الإخوان وكل الدول والجهات التي تدعمهم، وليس كما يعتقد البعض من أجل تحسين صورة بلدهم في الخارج، فهم أدركوا أن الغرب لن ينفعهم، وأن منظمات ومراكز وجهات غربية تستهدف بلدهم، وهم يتابعون الآن كيف يتصارع الغرب على الفوز بما تبقى من ثروات، أو حتى أراض، لدول عربية ضربتها الثورات بتشجيع غربي!!

لكن الصخب الذي سيعم مصر في الأسابيع المقبلة سيزيد، والضجيج سيكون عالياً بالطبع لدى اللجان الإلكترونية الإخوانية وبعض وسائل الإعلام الغربية المخترقة إخوانياً، خصوصاً مع إعلان اثنين من المنتمين إلى التيار الحر الترشح للمنافسة على المقعد الرئاسي. وبغض النظر عن أعداد المشاركين في عملية الاقتراع، ومحاولات الجهات الداعمة للإخوان التقليل من شأن الانتخابات أو الإساءة إليها، رغم دعم التنظيم للمرشح الناصري، فالمؤكد أن طوابير المقترعين أمام مقار السفارات المصرية في الخارج ولجان الاقتراع في الداخل ستسبب ألماً وأوجاعاً شديدة للإخوان وأعداء الدولة المصرية، كما أن مظاهر الاحتفالات أمام اللجان، حين تبدأ مرحلة الانتخابات داخل مصر، ستزيد من محنة الجماعة. لكن الأهم أن مصر تجاوزت مرحلة الإخوان وخطر الفوضى ومحنة الربيع العربي، وباتت المسافة بينها وبين الإخوان ومن يحترمونهم بعيدة جداً، فلم تعد يؤثر فيها أو في المصريين دعاية سوداء، أو قذائف المنصات الإعلامية الإخوانية، أو حتى دموع عناصر الجماعة على المحنة التي أدخلوا أنفسهم فيها.. فالمصريون تجاوزوا تلك المرحلة، ولم يعد يؤثر فيهم إرهاب "داعش"، أو عنف الإخوان، أو حتى دموعهم!!

يدرك المصريون أن الربيع العربي لم يزر المنطقة إلا مرة واحدة، وأحدث فيها ما أحدثه من دمار وخراب وتشريد وقتل، وما زالت تأثيرات ألغامه تتفجر في بعض الدول التي زارها، وشظاياه تتناثر لتصل إلى دول أخرى على أطرافها، لكن تأثير الألغام ووطأة الشظايا بقيا محدودين ولم يعودا يصلان إلى المدى الذي وصلته الموجة الأولى والرئيسية للإعصار، التي ضربت المنطقة عام 2011.

كانت وطأة الزيارة فادحة وأسقطت الحكم في دول وحولت بعضها إلى ساحات لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، غير أن بعض رذاذ الربيع كان قد هطل على المنطقة قبل عام 2011، فضرب العراق والصومال وكذلك قطاع غزة، ولم تتنبه الأنظمة والشعوب في باقي الدول العربية إلى أن القادم أسوأ، فلم تعالج أخطاءها أو الفساد في مجتمعاتها أو الظلم بين مؤسساتها فكانت النتيجة الكارثية، إذ استُغلت الشعوب المقهورة أو المظلومة أو المحبطة أو الغاضبة بواسطة من ظلوا على مدى عقود يخططون ويرسمون النظريات ويغيرون الخرائط ويضعون السيناريوات لمستقبل المنطقة، هم وجدوا الفرصة سانحة لشن الحرب من دون أسلحة، أو تحريك للجيوش أو إرسال الطائرات أو البوارج أو الغواصات، فقطاعات وفئات من الشعوب صارت هي الأسلحة، وجحافل اليائسين والمحبطين صاروا المنفذين للخطط المغرضة للحرب، أو قل الاضطرابات!! وأكثر من طابور خامس كانت عناصره جاهزة للتفاني في إظهار الولاء لأجهزة استخبارات وجماعات متأسلمة لا تعترف بوطن، لينالوا المكافآت على خدماتهم وتآمرهم ضد أوطانهم.

حدث ما حدث والتطورات معروفة للجميع، واكتشف الناس أن بينهم عملاء تحالفوا مع الأعداء وقبضوا الثمن، وأن كل الدول التي جرفها الربيع العربي تراجعت عقوداً إلى الوراء، سواء تلك التي قاومت فيها أنظمة الحكم التغيير كاليمن وسوريا، أم التي تنازل فيها الحكام طواعية ورحلوا قبل أن تنهار مجتمعاتهم كتونس ومصر، أم التي قتل فيها رأس النظام ونُكل بحاشيته كليبيا. لم يكن الهدف إزاحة الأنظمة ونصرة الشعوب بل إسقاط الدول وهدمها فوق رؤوس من فيها وتسليمها، بعد أن تسوى بالأرض، إلى جماعة ظلت أكثر من 80 عاماً كامنة تنتظر لحظة الانقضاض والتمكين.

احتاجت الشعوب بعض الوقت حتى استردت الوعي وفطنت إلى اللعبة الكبرى والمؤامرة العظمى، وسقط الإخوان في مصر وانفضحت جهات ظلت تحرك الأحداث من خلف ستار، وبدأت لعبة الإرهاب واستعانت دول وأجهزة استخبارات وجماعات بالإرهابيين علهم ينقذون الموقف ويعيدون الربيع مجدداً إلى المسار الذي سار فيه من قبل.

فشلت كل محاولات الإخوان وحلفاء الجماعة في دول عدة ومؤامرات أجهزة استخبارات وتواطؤ منظمات حقوقية ومراكز بحثية وادعاءات ومزاعم صحف ووسائل إعلام، بطول الأرض وعرضها، في صنع ربيع عربي جديد، أو تحريك الأعاصير مرة أخرى لتضرب الدول التي نجت من الزيارة الأولى، ورغم أموال أنفقت وجهود بُذلت للإيحاء بأن الربيع سيعود من جديد والثورة آتية لا محالة والإخوان سيستردون السلطة وسيستعيدون التمكين. رفضت الشعوب وقاومت، وأوصدت كل المنافذ التي يمكن أن تُخترق مجتمعاتها من خلالها. بالنسبة إلى مصر يستغرب المتأثرون بالإعلام الإخوانجي غياب ردود فعل شعبية تجاه أحداث تصنعها الجماعة، وهشتاغات جرى توظيف الآلاف ضمن لجان إلكترونية للدوام فيها، ومواقع إلكترونية إذا طالعتها اعتقدت أن مصر مشرفة على السقوط، والحكم فيها يترنح والجيش ينهار، والجثث تملأ الشوارع، والناس على أبواب الميادين تستعد للاعتصامات، والفوضى في طريقها لتسود!!

ستجرى الانتخابات الرئاسية في موعدها ولن تتعطل بفعل مؤامرات الإخوان ومحاولات ناشطين يتمركزون في دول غربية ويعتقدون أن في إمكانهم تحريك الناس داخل مصر وتحريضهم على تخريب بلدهم، والمؤكد أن دعم التنظيم الإرهابي لمرشح ناصري فضح التيارين، وسيتلقى الناس صراخ الإخوان والأشخاص والجهات التي تمتطيهم الجماعة وادعاءات التزوير ومزاعم التدخلات بالسخرية والضحك، أما مصر فتخطت مرحلة كان فيها خبر "مضروب" كفيلاً بتحريك تظاهرة، بل صار المصريون يسخرون ويتهكمون على ادعاءات الإخوان وأكاذيب الإعلام المتحالف مع تنظيمهم حول أحوال بلدهم، وفبركات القنوات المعادية عن مؤسساتهم، وتقارير المنظمات الغربية الحقوقية المتحيزة ضد وطنهم، وحين تطالع هشتاغَ ضد السيسي لا تصدق أنه يعبر عن حال المصريين، وتأكد أن الإخوان في كل أنحاء العالم جيّشوا أنفسهم ليخدعوك بأن تلك هي آراء المصريين. عليك أن تدرك أن الكتلة الكبيرة من الشعب المصري هي التي حددت مصير مصر ونزعت السلطة عن الإخوان، وهي كتلة لا تتعامل بالهشتاغات وغير معنية بمواقع التواصل الاجتماعي، بل كلما عرف أعضاء هذه الكتلة أن اللجان الإلكترونية الإخوانية تدفعهم لكراهية بلدهم عاندوا وأظهروا حبهم لها أكثر، وكلما سعت قنوات الجماعة إلى اغتيال شخص ما معنوياً احتفى غالبية الشعب المصري به، وكلما لاحظوا شماتة أعداء الدولة المصرية مع كل كارثة أو حادثة رقص المصريون على إيقاع غضب أعدائهم، ليؤكدوا لهم أن الوعي عاد وأن ذلك الربيع لن يأتي مجدداً أبداً.

عن "النهار العربي"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية