التشويش الإخواني يمتد إلى تونس... اتهامات لحركة النهضة بإفساد القمة الفرنكوفونية

التشويش الإخواني يمتد إلى تونس... اتهامات لحركة النهضة بإفساد القمة الفرنكوفونية

التشويش الإخواني يمتد إلى تونس... اتهامات لحركة النهضة بإفساد القمة الفرنكوفونية


20/11/2022

في نجاح ديبلوماسي جديد للرئيس التونسي قيس سعيّد، انطلقت في جزيرة جربة التونسية أمس أعمال الدورة الـ (18) لقمة الفرنكوفونية، بحضور كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وبمشاركة حوالي (90) وفداً و(31) من القادة الكبار، وذلك برغم الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها بلاده منذ قرابة (16) شهراً.

في أثناء ذلك، تجتاح منطقة جرجيس، التي يربطها بجربة جسر طويل، منذ أسابيع احتجاجات لسكان محليين على فقدان ذويهم في حادثة غرق مركب للمهاجرين، واتهامهم للسلطات بالمماطلة في كشف مصيرهم، وقد اتُهمت حركة النهضة الإخوانية باستغلال هذه المظاهرات ومحاولة الوصول بها إلى مقر انعقاد القمة، عشية الانطلاق الفعلي لها الجمعة، قبل أن تتصدى السلطات لذلك.

وتراهن تونس على احتضانها للقمة الفرانكوفونية للتسويق لاستقرار الأوضاع في البلاد، فضلاً عن رغبتها في عقد شراكات اقتصادية خلال هذه القمة مع الضفة الأخرى للمتوسط.

الإخوان وسياسة التشويش

هذا، ودعت صفحة قريبة من حركة النهضة، تُدعى "أصدقاء حركة النهضة"، التونسيين إلى الخروج عشية انعقاد القمة الفرنكوفونية، احتجاجاً على غلاء الأسعار، ودعت الصفحة في تدوينة نشرتها عبر صفحتها على فيسبوك إلى الكشف عن حقيقة اختفاء جثث المفقودين في حادثة جرجيس.

وجاء في التدوينة: "دعوات للخروج بكامل تراب الجمهورية في مسيرات بجمعة الغضب، احتجاجاً على غلاء الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية للتونسيين، وتنديداً بسياسة القمع البوليسية وتجاهل الدولة لمطالب أهالي جرجيس بكشف حقيقة اختفاء جثث أبنائهم المفقودين خلال عمليات الهجرة البحرية".

تراهن تونس على احتضانها للقمة الفرانكوفونية للتسويق لاستقرار الأوضاع في البلاد

ويروج حلفاء حركة النهضة، المنضوون تحت ما يسمّونه "جبهة الخلاص"، أنّ تنظيم القمّة "استغلال من قبل سلطات الانقلاب للتسويق للانقلاب"، وقالت سميرة الشواشي العضو في الجبهة، وهي تكتّل أحزاب معارضة في مقدّمها حزب النهضة، في مؤتمر صحافي السبت بالعاصمة تونس: "نتمنّى أن يكون حضور الوفود في قمّة الفرنكوفونية في تونس دعماً لمسارها الديمقراطي".

سعيّد يتهم أطرافاً بإفساد القمة

قال الرئيس التونسي قيس سعيّد في كلمة ألقاها الجمعة استعداداً لانطلاق القمة الفرنكوفونية: "أعتقد أنّ هذه القرية والمنتدى الاقتصادي ستكون آثارهما إيجابية، فنحن نعمل على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في ظل خيارات الشعب التونسي، وسنعمل على تحقيقها، ولنا في ذلك تصور وإمكانيات وقدرات لا بدّ أن نستغلها للخروج من هذه الأوضاع".

وتعهد الرئيس التونسي بأنّ "الوصول إلى الحقيقة سيكون في القريب"، مشيراً إلى أنّ "أطرافاً تحاول إفساد القمة"، مضيفاً: "الحل تقوم به الدولة، ومن يريد أن يعمل من أجل تأجيج الأوضاع لإفساد هذه القمة، فليعلم أنّه قد فشل".

اتُّهمت حركة النهضة الإخوانية باستغلال هذه المظاهرات ومحاولة الوصول بها إلى مقر انعقاد القمة

وجدد التزامه بتحقيق مطالب التونسيين في حياة كريمة، مؤكداً أنّ الخيارات "وطنية وموجودة، ولا تندرج في ظل أيّ إملاءات من أيّ طرف كان".

وحول اختيار جزيرة جربة لاحتضان القمة، قال سعيّد: "بالنظر إلى جملة من المعطيات حتى تعود الفائدة على الجنوب"، معتبراً أنّ "كل شبر في تونس قادر على احتضان القمم وفي أحسن الظروف وفي أمن تام، سواء كان في جربة أو جرجيس أو سيدي بوزيد".

سعيّد أكد أيضاً، بحسب ما نشره موقع قناة نسمة التونسية: "المهم أن تكون الإرادة واضحة والإعداد جيد يشرف التونسيين ويشرف دولتنا".

محاولات عديدة

هذا، وتشهد تونس أجواء مشحونة سياسياً مع بدء العد التنازلي للانتخابات البرلمانية، التي تعتبر المحطة الأخيرة في خريطة طريق أطلقها الرئيس سعيّد بعد إطاحته خصومه الإسلاميين الذين قادوا الحكم بعد ثورة 14 كانون الثاني (يناير).

وهو ما دفع حركة النهضة إلى محاولة تعطيل كل دواليب الدولة بطرق عديدة؛ بدايةً بالتسبب والمساهمة في قطع بعض المواد الاستهلاكية الأساسية من الأسواق، ودعوة التونسيين إلى التحرك والاحتجاج على ذلك بتعلّة تدهور الأوضاع المعيشية.

قيس سعيّد: أعتقد أنّ هذه القرية والمنتدى الاقتصادي ستكون آثارهما إيجابية

ونظمت أيضاً عدّة مسيرات في شوارع تونس الرئيسية، وبشكل خاص في شارع الحبيب بورقيبة "رمز الثورة"، ودعت أطرافاً دولية إلى التدخل بالشأن التونسي، ومنع الرئيس سعيّد من مواصلة مساره الإصلاحي، الذي دفع بها إلى خارج سدّة الحكم.

ومؤخراً، كشفت السلطات الأمنية عن عدّة مخططات لإثارة الفوضى في تونس، والتشويش على المسار الانتخابي المقرر في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، عبر الدفع لأطراف من أجل الاحتجاج وحرق العجلات المطاطية، وكشفت معطيات أمنية أنّ معاذ الغنوشي، ابن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، متورط بذلك.

وشنّت الحركة حملات كثيرة ضدّ الرئيس التونسي في العالم، وآخرها في جنيف خلال مؤتمر حقوق الإنسان، للترويج بأنّ "سعيّد انقلب على الدستور، وعطّل مؤسسات الدولة، وينتهك حقوق الإنسان".

حقد إخواني

وقد امتنعت "النهضة" عن استهداف فرنسا بشكل مباشر بعد توليها الحكم، ولكنّ ائتلاف الكرامة الذي يُعدّ ذراعاً من أذرعها، الذي صعد إلى البرلمان في انتخابات 2019، حاول إحراج باريس من خلال طرح مذكرة للتصويت في البرلمان التونسي المنحل، لمطالبة فرنسا بالاعتذار علناً عمّا سمّاها جرائمها الاستعمارية، لكنّ اللائحة رُفضت من قبل الغالبية في مجلس النواب السابق.

وكانت تونس قد استقلت عن فرنسا عام 1956، لكنّ السجالات في شأن الماضي الاستعماري لباريس عادت بقوة بعد ثورة 14 يناير (كانون الثاني) 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ومهّدت لصعود تيارات إسلامية على غرار حركة النهضة وائتلاف الكرامة.

حركة النهضة حاولت تعطيل كل دواليب الدولة بطرق عديدة كالاحتجاج والالتجاء إلى قوى أجنبية

وكانت القمة مقررة في جربة يومي 12 و13 كانون الأول (ديسمبر) 2020، لكنّها أُرجئت بسبب جائحة "كورونا" إلى 20 و21 تشرين الثاني (نوفمبر) لعام 2021، قبل أن تتأجل مجدداً إلى 19 و20 الشهر الجاري.

وقبل الإعلان عن تأجيل القمة حينها، كشف الرئيس التونسي قيس سعيد عن وجود ضغوط من قبل تونسيين على عواصم غربية لسحب تنظيم القمة الفرنكوفونية من بلاده، في إشارة إلى خصومه الذين تقودهم حركة النهضة.

دعم ونجاح برغم التشويش

وخلال اليوم الأول للقمة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت لنظيره التونسي قيس سعيد أنّ بلاده ستمنح قرضاً قيمته (200) مليون يورو لتونس التي تمر بأزمة اقتصادية عميقة تفاقمت بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، وأفاد بيان صادر عن الإليزيه أنّ "رئيس الجمهورية جدد دعم فرنسا لتونس والشعب التونسي في مواجهة التحديات التي تواجهها البلاد".

كما رحب الرئيس الفرنسي بـ "الحوار البنّاء والمفتوح بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي، على أمل أن يؤدي إلى اتفاق نهائي".

من جانبه، قال وزير الاقتصاد التونسي سمير سعيد خلال القمة: إنّ تونس تسعى للحصول على شركاء دوليين لمشاريع استثمارية بقيمة (10) مليارات دينار تونسي (3.2) مليارات دولار).

وكانت تونس التي تتجاوز ديونها 100% من الناتج المحلي الإجمالي، قد توصلت إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي منتصف تشرين الأول (أكتوبر) للحصول على قرض جديد بنحو ملياري دولار يتم صرفه على أقساط تبدأ في كانون الأول (ديسمبر).

 

مواضيع ذات صلة:

تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي

اعترافات الغنوشي: إعلان هزيمة أم خداع سياسي؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية