الجزائر... قمة لم الشمل تفجر الخلافات العربية

الجزائر... قمة لم الشمل تفجر الخلافات العربية

الجزائر... قمة لم الشمل تفجر الخلافات العربية


01/11/2022

في سياق ظروف دقيقة ومعقدة في المنطقة والعالم، تنطلق اليوم القمة الـ (31) بالجزائر، تحت شعار "لم الشمل"، بأمل أن تكون موعداً للمّ الشمل وإحداث التوافق وتبنّي رؤية موحدة لتعزيز العمل العربي المشترك، مع إعطاء الأولوية القصوى للقضية الفلسطينية، لكنّ عدة دول، لا سيّما دول الخليج، لن تكون ممثلة بقادة دولها.

وتُعدّ قمة "لم الشمل" الأولى منذ (3) أعوام، مع استمرار الانقسامات حول الصراعات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً في سوريا وليبيا، وقد استعدت الجزائر لاستضافة القادة العرب، بتشديد الإجراءات الأمنية ورفع أعلام الدول وعرض الآثار التاريخية للدول المشاركة.

في ظلّ هذه الأزمات المتعددة التي تعانيها المنطقة العربية والتحديات أمام التحول الدولي الذي يرافق الحرب الروسية-الأوكرانية، هيمنت الخلافات البينية والأزمات المحلية على أجندة اللجنة التحضيرية واجتماع وزراء الخارجية، وظهر ذلك في التلاسن المسجل بين المغرب والجزائر، وفي الإعلان عن غياب العديد من القادة العرب.

خلاف جزائري ـ مغربي

وفي قرار مرتقب، أعلن المغرب الإثنين أنّ الملك محمد السادس لن يشارك في القمة العربية بالجزائر، وأكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أنّه يتعذر على ملك المغرب محمد السادس حضور القمة العربية التي تحتضنها الجزائر لاعتبارات إقليمية، وأنّ القمة العربية حدث رئيسي، لكنّها لا تختزل العمل العربي المشترك، حسب تعبيره.

ويرجع تقرير لصحيفة "العرب" اللندنية قرار العاهل المغربي الملك محمد السادس عدم المشاركة في القمة العربية إلى موقف الجزائر التي حرصت على استفزاز الوفد المغربي برئاسة وزير الخارجية ناصر بوريطة، وما حمله ذلك من رسالة رمزية مفادها أنّ الجزائر غير مستعدة لاستقبال العاهل المغربي.

 أعلن المغرب الإثنين أنّ الملك محمد السادس لن يشارك في القمة العربية بالجزائر

وأنّ الجزائر تراهن على القمة للإيحاء بأنّ نظامها متين ومتماسك، وتبديد ما علق بأذهان الجزائريين من مخاوف بشأن العزلة التي تشهدها بلادهم بسبب تمسكها ببوليساريو، واعتبر التقرير أنّ عرض المصالحة من جانب المغرب سيضعها في وضع صعب، فهي ستبدو أمام الجزائريين غير راغبة في التخلص من عبء الجبهة الانفصالية والأموال الكثيرة التي تنفق عليها بدلاً من إنفاقها على التنمية وتحويل الجزائر إلى دولة قوية قياساً بمثيلاتها من دول الغاز والنفط.

تقرير "العرب" لفت أيضاً إلى أنّ المسؤولين الجزائريين يتخوفون من عرض للمصالحة كان سيقدمه العاهل المغربي لو حضر، ممّا يضعهم في مواجهة مع الشارع الجزائري، فضلاً عن دور الجزائر في تمكين بوليساريو من الحصول على مسيّرات إيرانية، وهي قضية أخرى قد توتر علاقتهم بدول عربية مشاركة في القمة.

تمثيل منخفض

يشارك في القمة رؤساء مصر، وفلسطين، وموريتانيا، والعراق، وتونس، وجزر القمر، والصومال، وجيبوتي، فضلاً عن أمير قطر، إلى جانب نائب رئيس الإمارات، وولي عهد كل من الكويت والأردن، إلى جانب رؤساء المجالس الرئاسية في كل من السودان واليمن وليبيا.

وعلى مستوى منخفض ما بين رئيس حكومة، ونائب رئيس وزراء وممثل للرئيس أو الملك، أو وزير، يأتي تمثيل كل من السعودية، والمغرب، وسلطنة عمان، والبحرين، ولبنان.

الجزائر تراهن على القمة للإيحاء بأنّ نظامها متين ومتماسك، وتبديد ما علق بأذهان الجزائريين من مخاوف بشأن العزلة التي تشهدها بلادهم

ويستمر تجميد مقعد سوريا داخل أروقة القمة العربية بسبب قرار الجامعة العربية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 تعليق عضويتها، جراء اعتماد نظام بشار الأسد الخيار العسكري لقمع احتجاجات شعبية اندلعت في آذار (مارس) من العام ذاته، للمطالبة بتداول سلمي للسلطة.

يُذكر أنّ الجزائر سعت في الكواليس بتشجيع من روسيا لإعادة دمشق إلى الجامعة العربية، لكنّها تخلت عن هذا المسعى رسمياً بناء على طلب النظام السوري نفسه.

الخلافات العربية تعصف بتوافق وزراء الخارجية

وكانت الجزائر قد دفعت بالتنسيق مع حاضرين في أشغال وزراء الخارجية العرب ومندوبي الجامعة العربية بوثيقة "إعلان الجزائر"، التي سترفع إلى اجتماع القادة العرب في القمة، وذلك من أجل الإثراء والنقاش قبل اعتمادها، لكنّه لم يتضح إن كانت وثيقة موازية أو مكملة أو مضمنة في جدول الأعمال الذي أعدته اللجنة التحضيرية.

وكادت الخلافات العربية تعصف بتوافق وزراء الخارجية على جدول الأعمال (اعتمد يوم الأحد)، حيث أبدت بعض الدول "احتجاجاً على أكثر من بند على جدول أعمال قمة الرؤساء والقادة المقررة يومي الأول والثاني من تشرين الثاني (نوفمبر)، حتى تدخلت الجامعة العربية وأيدت إدراج كل البنود التي طالبت بها الدول الأعضاء".

ولأول مرة لم يستمر الاجتماع المغلق لوزراء الخارجية العرب يوم السبت 29 تشرين الأول (أكتوبر) سوى (15) دقيقة، احتجت خلاله المغرب (4) مرات، فضلاً عن احتجاجات من أطراف عربية أخرى قبل أن يستكمل الوزراء اجتماعهم يوم الأحد".

وتأخر اجتماع وزراء الخارجية والمندوبين إلى غاية صبيحة نهار الإثنين من أجل تذليل الخلافات والصعوبات التي اعترت أشغال اللجنة التحضيرية، خاصة أنّ الأزمة القائمة بين البلد المضيف والمغرب ألقت بظلالها على عملية التحضير، وتحولت إلى بيانات وبيانات مضادة.

وأفادت مصادر من  الجامعة العربية أنّ وزراء الخارجية العرب حاولوا خلال عملهم على البيان الختامي "إعلان الجزائر" إيجاد صيغة توافقية للتنديد بـ "التدخل" التركي والإيراني في الشؤون العربية، فقد طلب بعض الأعضاء ذكر أنقرة وطهران بالاسم، بينما عارض آخرون ذلك.

وقد توصل وزراء الخارجية والمندوبون لاحقاً إلى (7) ملفات سينظر فيها القادة وممثلو الدول العربية، وتتعلق بـ "دعم القضية الفلسطينية، وإقرار استراتيجية متعلقة بالأمن الغذائي، وإعلان باسم الدولة المضيفة بأبرز القضايا التي تم بحثها"، وهو ما يوحي بأنّ "إعلان الجزائر" سيكون جزءاً من جدول الأعمال.

قمة "لم الشمل" تُعقد مع استمرار الانقسامات حول الصراعات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً في سوريا وليبيا والجزائر والمغرب

الملفات الـ (7) تتناول، بحسب تقارير صحفية جزائرية، القضية الفلسطينية والأزمات العربية القائمة في ليبيا واليمن وسوريا ولبنان والعراق والسودان، وإصلاح الجامعة العربية ومكافحة الإرهاب، والموقف من سد النهضة الإثيوبي، ودعم تنظيم مصر لقمة المناخ المرتقبة، ورفض التدخل الإيراني بالشؤون العربية.

تخبط وارتباك ومفاجآت

هذا، وتحدث رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية في المغرب محمد بودن، في تصريح لقناة الحرة، عن "التخبط والارتباك وسوء التنظيم الجزائري وغياب الالتزام بقواعد البروتوكول والمراسيم المصاحبة لمثل تلك المناسبات".

يُذكر أنّ القمة العربية ستشهد أيضاً تحولات رقمية واستخداماً لافتاً لوسائل التواصل الحديثة، في سابقة بتاريخ القمم العربية.

مواضيع ذات صلة:

هل تكون مصالحة الجزائر آخرَ الأحزان الفلسطينية؟

المغرب والجزائر متفقتان في الغضب من فرنسا. لماذا؟

الجزائر والأزمة الليبية.. هل من جديد؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية