الجزائر: كواليس انتخاب الإخوان رئيس حركة حمس.. ما دور عبد الرزاق مقري؟

عبد العالي حساني، رجل الظل الذي قام بدور المحلل لعبد الرزاق مقري

الجزائر: كواليس انتخاب الإخوان رئيس حركة حمس.. ما دور عبد الرزاق مقري؟


21/03/2023

اختار أعضاء مجلس الشورى، التابع لحركة مجتمع السلم (حمس)، الذراع السياسية لإخوان الجزائر، عبد العالي حساني شريف، رئيساً جديداً للحزب، خلفاً لعبد الرزاق مقري، الذي انتهت ولايته الثانية.

وبحسب صحيفة "النهار" الجزائرية، جرت مراسم التزكية خلال المؤتمر الثامن الذي عقدته حركة مجتمع السلم بالصالون الدولي للمعارض، وذلك بعد انسحاب المرشح عبد المجيد مناصرة في اللحظات الأخيرة.

صراع غير متوازن

هياكل حركة مجتمع السلم شرعت في انتخاب مندوبيها على مستوى الولايات قبل انعقاد مؤتمر الحركة، وقد برز اسمان متنافسان لخلافة عبد الرزاق مقري على رأس الحركة، وهما: مدير التنظيم في الحركة عبد العالي حساني، الذي لقي دعماً كبيراً من قبل قيادات (حمس)، وأعضاء المكتب الوطني، وهو من المحسوبين على جناح مقري، وكاتم أسراره، ووزير الصناعة السابق عبد المجيد مناصرة، بينما لم يتقدم أيّ من الأسماء الأخرى التي توقع المتابعون ترشحها.

جناح آخر داخل (حمس) حاول الاصطفاف وراء مناصرة، من أجل تجديد دماء الحركة، في مواجهة التيار التقليدي، الذي قرر عدم تغيير اللائحة لإعادة انتخاب مقري، في مقابل المجيء بأحد أنصاره والمقربين منه؛ ممّا يعني في نظر البعض أنّ مقري هو من سيدير الحزب من وراء الكواليس.

عبد الرزاق مقري، الذي انتهت ولايته الثانية

مناصرة بدأ حملته مبكراً، حين أعلن عزمه الترشح على رئاسة حمس في الصحف، وعبر منصات التواصل الاجتماعي؛ للحصول على تأييد مجلس شورى الحزب الإخواني، الذي يضم أكثر من (300) عضو، بينما أعلن حساني عن ترشحه للرئاسة في اليوم الثاني من المؤتمر العام، الذي أداره مقري وهيمن عليه، في استعراض لنفوذه، حتى أنّه دعا أصدقاءه من قيادات التنظيم الدولي للإخوان لحضور فاعليات المؤتمر، وعلى رأسهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

مناصرة طالب بتوسيع قاعدة الحركة، وتثمين خيار الوحدة، وتطوير منظومة الشورى والأداء القيادي، وتنافسية الحركة سياسياً، وإحياء العمل الشبابي والطلابي، وتفعيل دور المرأة

ولم يغفل مقري الجانب الدعائي، ففي كلمته الافتتاحية اتهم المملكة المغربية بالإصرار على مواصلة التطبيع مع إسرائيل، رغم ما أصابها من مشاكل؛ أرجعها بالأساس إلى سياسة التطبيع في مزايدة فجة.

مناصرة البعيد منذ أعوام عن (حمس)، والذي عاد إلى الحزب الإخواني بعد أن قام بحل حزب جبهة التغيير الذي أنشأه، وجد تفاعلاً سلبياً من مجلس شورى الحركة تجاهه، ولم تستطع المجموعة الموالية له التحرك داخل الحزب، الذي هيمن عليه مقري ومجموعته بشكل كبير.

فشل محاولة التجديد

عبد المجيد مناصرة عرض بالتزامن مع ترشحه وثيقة قال إنّها تحمل رؤية تجديدية لمسار الحركة المستقبلي. وقد انطلقت رؤيته من أبعاد (3)؛ أوّلها تقعيد أصول الحركة وشرحها، واعتبارها عناصر لا تقبل التغيير، وبفقدانها تفقد الحركة هويتها. وثانيها تحديد للمكتسبات التي راكمتها الحركة منذ نشأتها إلى الآن، بينما ينتقل في بعد ثالث إلى تبيان تأثير التطورات الجديدة في عالم اليوم، تحت سطوة ثقافة العولمة، وتقدّم تكنولوجيات الاتصال على طبيعة تفكير الإنسان المعاصر، وتغير التراتبية في المجتمعات، وكذا على دور ومكانة الأحزاب السياسية عموماً، ومفهوم العمل السياسي الإسلامي خصوصاً.

هياكل حركة مجتمع السلم شرعت الأسبوع الماضي في انتخاب مندوبيها على مستوى الولايات، قبل انعقاد مؤتمر الحركة

مناصرة طالب بتوسيع قاعدة الحركة، وتثمين خيار الوحدة، وتطوير منظومة الشورى والأداء القيادي، وتنافسية الحركة سياسياً، وإحياء العمل الشبابي والطلابي، وتفعيل دور المرأة، وتقديم مشروع لنهضة الجزائر من خلال تيار وطني واسع، وبلورة استراتيجية شاملة للاقتصاد الوطني، وتطوير الفعل الدبلوماسي للحركة، وتوسيع مجالات حركتها خارجياً.

لم يلقَ برنامج مناصرة اهتماماً من مجلس الشورى الذي يهيمن عليه عبد الرزاق مقري، بل تعرّض لحملة تشويه شعواء، وتوالت الاتهامات التي نالت من شخصه، خاصّة أنّه أعلن عن ترشحه قبل المؤتمر العام، ممّا دفعه إلى التساؤل: "كيف يقال إنّ الترشح لا يكون إلا أثناء المؤتمر؟". مضيفاً: "كيف يقال إنّها محسومة ولم يلتئم انعقاد المؤتمر؟ فهل تحوّل المؤتمر السيد إلى مؤتمر واجهة، أو مؤتمر موجه؟ وكيف يقال إنّها محسومة، والشورى لم تتم بعد، هل تحولت الشورى إلى معلمة وديكور؟".

انسحاب صامت

يبدو أنّ عبد المجيد مناصرة لم يتحمل الحملة الشرسة، والضربات التي تلقاها، فبحسب صحيفة "الشروق" الجزائرية، شوهد القيادي في الحركة عبد المجيد مناصرة وهو يغادر قاعة المؤتمر العام في يومه الأول، في حدود الساعة الثانية ظهراً، دون أن يدلي بأيّ تصريح، بعدما تأكد بأنّ الكفة ستميل بنسبة كبيرة لصالح حساني، وهو الأمر الذي استقر بصفة نهائية مباشرة بعد الاجتماع السري لأعضاء مجلس الشورى الجدد.

اختار أعضاء مجلس الشورى، التابع لحركة (حمس) الذراع السياسية لإخوان الجزائر، عبد العالي حساني، رئيساً جديداً للحزب

مناصرة قال في منشور له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "سبق أن عبّرت عن نيتي في الترشح لرئاسة الحركة، ولمّا لم تتوفر سبل تحقيق ذلك بالشكل الذي يلائم ما أنا مقتنع به، فضلت عدم تحويل النية إلى فعل أثناء انعقاد مجلس الشورى الوطني". وأضاف: "وبهذه المناسبة أعتذر لإخواني وأخواتي الذين رشحوني، والذين دعموا ترشيحي عن قناعة...، وأؤكد للجميع أنّ الحركة تبقى تجمعنا ونحن في خدمتها دائماً".

من جهة أخرى، وبحسب صحيفة "الشروق"، وبعد أن زكّى أعضاء حمس عبد العالي حساني رئيساً بالإجماع، دون دخول أيّ منافس آخر على الخط، انتخبوا كلاً من أحمد صادوق، وناصر حمدادوش، وعبد الكريم دحمان، نواباً للرئيس، وجميعهم من الجناح الموالي لعبد الرزاق مقري؛ ممّا يعني أنّ الحزب الإخواني نجح في إقصاء تيار الإصلاح والتجديد، واستقرّ على تكريس هيمنة جناح الرئيس السابق، والذي من المتوقع أن يعود إلى رئاسة الحركة بعد (5) أعوام من الآن.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية