الحرب الروسية الأوكرانية في الفضاء السيبراني: صراع عابر لساحات القتال

الحرب الروسية الأوكرانية في الفضاء السيبراني؛ صراع عابر لساحات القتال

الحرب الروسية الأوكرانية في الفضاء السيبراني: صراع عابر لساحات القتال


20/03/2023

في تقرير عاجل لها، الأربعاء 15 آذار (مارس) الجاري، قالت شركة مايكروسوفت إنّ مجموعة قرصنة إلكترونية، تابعة للاستخبارات الروسية، تستعد لشن هجمات إلكترونية جديدة، تستهدف البنية التحتية والمكاتب الحكومية في أوكرانيا، ممّا يشير إلى أنّ هجوم الربيع الروسي الذي طال انتظاره، ربما يشمل العمل في الفضاء الإلكتروني، وكذلك على الأرض.

التقرير ذكر أيضاً أنّ روسيا تعمل على تكثيف عمليات التأثير الإلكتروني خارج أوكرانيا؛ في محاولة لإضعاف الدعم الأوروبي والأمريكي؛ وإعاقة استمرار الدعم العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وغيرها من المساعدات الغربية للحكومة الأوكرانية.

تأمين العمليات الرقمية

بحسب "النيويورك تايمز"، قال كلينت واتس، رئيس مركز تحليل التهديدات الرقمية في مايكروسوفت، إنّ حملة الهجوم السيبراني الروسية، تتركز في الوقت الحالي في أوروبا، لكنّها سوف تتجه قريباً إلى الولايات المتحدة.

تقرير "النيويورك تايمز" أشار إلى أنّه ومنذ مرحلة ما قبل الحرب، كانت هناك جهود روسية، لاستخدام قدرات سيبرانية كبيرة ضد أوكرانيا؛ من أجل شل الحكومة، وإرباك الجهاز الإداري للدولة، حيث تُظهر الأدلة التي تم جمعها في الأشهر الأخيرة، أنّ روسيا حاولت في كثير من الأحيان توظيف الهجمات الإلكترونية؛ للمساعدة على شن هجمات مادية استهدفت شبكة الكهرباء الأوكرانية، وأهداف أخرى. لكن الأوكرانيين كانوا في الغالب متقدمين بخطوة على موسكو، وكان لديهم أنظمة احتياطية، وأخرى جديدة، بما في ذلك القدرة الفائقة على تأمين العمليات الرقمية في البلاد؛ ممّا سمح للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ببث رسائل على الإنترنت كل يوم؛ لحشد المواطنين وتحفيزهم على القتال.

حملة الهجوم السيبراني الروسية، تتركز في الوقت الحالي في أوروبا، لكنّها سوف تتجه قريباً إلى الولايات المتحدة

ويرى مراقبون أنّ تقرير مايكروسوفت يحمل أهمية كبيرة؛ لأنّ تحذيرات الشركة من الهجمات الإلكترونية في الفترة التي سبقت الحرب، كانت دقيقة إلى حد كبير. وبحسب مايكروسوفت، فإنّه منذ بداية الحرب، شنّت روسيا هجمات سيبرانية ضدّ أكثر من 100 مؤسسة أوكرانية، حكومية وخاصّة، ونجحت شبكات الدفاع الإلكتروني القوية، في التصدي بنجاح لمعظم هذه الهجمات.

تصعيد روسي

منذ مطلع العام 2023، صعّدت روسيا من هجماتها التجسسية، مستهدفة مؤسسات في 17 دولة أوروبية على الأقل، معظمها وكالات حكومية. وتتوقع مايكروسوفت أن تستمر روسيا في شنّ هجمات رقمية ضدّ أوكرانيا وشركائها، ربما يكون بعضها مدمراً.

وتعتقد مايكروسوفت أنّ مجموعة قرصنة روسية، تقوم في الوقت الحالي بإجراءات، يمكن أن "تكون استعداداً لهجوم متجدد". بما في ذلك عمليات الاستطلاع، والوصول للأهداف واختراقها، واستخدام البرامج الضارة لمحو البيانات، مثلما حدث في بداية الغزو؛ حيث إنّ هناك زيادة طفيفة في محاولات الدخول إلى الأهداف الحكومية، ومحاولات اختراق أنظمة البنية التحتية الحيوية؛ باستخدام البرامج المدمرة أو المعدلة.

حاولت روسيا تنفيذ العديد من الهجمات الإلكترونية، على شبكة الطاقة الأوكرانية العام الماضي، لكنّ المدافعين الأوكرانيين أوقفوا مئات الهجمات على منشآت الطاقة

ويقول المسؤولون الأوكرانيون إنّهم يشهدون أكثر من 10 هجمات إلكترونية كبيرة يومياً؛ حيث يركز المتسللون الروس على قطاع الطاقة، والمرافق اللوجستية، وأنظمة الأهداف العسكرية، وقواعد البيانات الحكومية.

من جهته، يقول إليا فيتيوك، رئيس قسم الأمن السيبراني في أوكرانيا ( SBU)، في بيان نشرته "النيويورك تايمز": "نراقب المخاطر والتهديدات في الوقت الفعلي، على مدار الساعة، طوال أيام الأسبوع". وأضاف: "نعرف بالاسم معظم المتسللين من الخدمات الروسية الخاصّة، والذين يعملون ضدنا". ومع استعداد العمليات الإلكترونية الروسية لتكثيف هجماتها، فإنّ الدفاعات الأوكرانية، على الأقل في الوقت الحالي، لا تزال قوية، وفقاً لمسؤولين أمريكيين وأوكرانيين.

دفاع قوي وهجمات مضادة

حاولت روسيا تنفيذ العديد من الهجمات الإلكترونية، على شبكة الطاقة الأوكرانية العام الماضي، لكنّ المدافعين الأوكرانيين أوقفوا مئات الهجمات على منشآت الطاقة، ولم يحدث سوى 30 حادثة، فقط، تسببت في اضطراب. وحتى في الحالات التي نجحت فيها الهجمات الإلكترونية على الشبكة الكهربائية، كانت أوكرانيا قادرة على العودة بسرعة كبيرة.

منذ مطلع العام 2023، صعّدت روسيا من هجماتها التجسسية

بدورها، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بتوجيه أنظمة الدفاع الإلكترونية الأوكرانية، بشأن كيفية شن هجوم مضاد ضد مجموعات القرصنة التي تسعى إلى شل أنظمتها. كما أظهرت تقارير مايكروسوفت، أنّ الأوكرانيين أصبحوا أكثر مرونة ضد الدعاية الروسية، وأنّ الاهتمام بالمواقع الإخبارية الروسية بين الأوكرانيين انخفض بشكل كبير مع استمرار الحرب.

الستار الحديدي

في 11 آذار (مارس) 2022، أصدرت الحكومة الروسية تعليمات لمشغلي المواقع الإلكترونية الروسية، لجعل أنفسهم مستقلين عن شبكة الإنترنت العالمية، لكن سرعان ما أصبح واضحاً أنّ المواقع والخدمات المملوكة للدولة فقط، هي التي انفصلت.

وفي غضون أسابيع بعد غزوها لأوكرانيا، صنعت روسيا بالفعل ستاراً حديدياً رقمياً، حيث حجبت الحكومة الروسية العديد من المواقع الإخبارية، وحظرت العديد من خدمات الإنترنت والمنصات الاجتماعية الغربية الشهيرة، بما في ذلك الفيسبوك وتويتر والإنستغرام. وعلى الرغم من هذه الحملة القمعية، لم تقطع روسيا علاقاتها بشبكة الإنترنت العالمية.

أوكرانيا طلبت من سجل الإنترنت الإقليمي لأوروبا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا الوسطى، إلغاء عناوين (IP) الروسية

جدير بالذكر أنّ أوكرانيا طلبت من سجل الإنترنت الإقليمي لأوروبا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا الوسطى، إلغاء عناوين (IP) الروسية؛ إلّا أنّ الطلب قوبل بالرفض، بداعي أهمية الحياد في حوكمة الإنترنت التقنية؛ بهدف الحفاظ على إنترنت عالمي قابل للتشغيل البيني، وأنّ الاستجابة لطلب أوكرانيا تشكل سابقة للتداخل بين السياسة الخارجية والإدارة الفنية، ممّا يقوض دور هذه المؤسسات كهيئات حكم شرعية عالمياً.

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية