الحكومات تواجه تحدي تجديد نمط التفكير في مكافحة تمويل الإرهاب

الحكومات تواجه تحدي تجديد نمط التفكير في مكافحة تمويل الإرهاب


10/12/2020

تغير مشهد الإرهاب والتطرف بشكل كبير على مدى السنوات العديدة الماضية، لكن ممارسات مكافحته عالميا ولاسيما تضييق خناق تمويل الجماعات المتشددة كانت بطيئة في التكيف مع تطور أساليب الإرهابيين، وقد تم تصوير تلك السياسات على أنها تقليد ناجع رغم أنها تحمل في طياتها نقائص كثيرة.

وغالبا ما تركز تقييمات جهود مكافحة تمويل الإرهاب على كيفية منع مجموعات مثل تنظيمي داعش والقاعدة من الحصول على مساهمات أو تجفيف الأموال بشكل جيد، لكن جيسيكا ديفيس كبيرة محللي الاستخبارات الاستراتيجية السابقة في دائرة الاستخبارات الأمنية الكندية ترى أن الأدوات الراهنة لم تعد تصلح.

وتجادل ديفيس، التي ترأس حاليا مؤسسة “تبصر استخبارات التهديد” في تحليل نشره معهد لوفير الأميركي المعني بدراسات الأمن القومي بأن هناك العديد من الأبعاد الأخرى لتمويل مكافحة الإرهاب، وأن القوانين والسياسات الحكومية بحاجة إلى التغيير للاستفادة منها بشكل أفضل.

ويبدو أن الطريقة التي يفكر بها المجتمع الدولي بشأن صندوق تمويل الإرهاب عفا عليها الزمن، والجهود العالمية لمنع ذلك لا تزال قاصرة ولكن يمكن أن يؤدي التحول المفاهيمي والنطاق الأوسع لسياسة مكافحة الإرهاب إلى فوائد أكبر.

ويعتقد المحللون الاستخباراتيون ومن بينهم دانيال بايمان، زميل أول في مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز أنه يجب أن توسع السياسات المُحسَّنة من نهج التجريم والاستخبارات المالية لتشمل إجراءات سرية ضد ممولي الإرهاب، وإعادة تقييم الإقصاء المالي – مثل العقوبات- وفائدتها ضد التهديدات الجديدة والقديمة.

ويتكون النظام البيئي للعنف السياسي من مجموعة واسعة من الجماعات والحركات المنتشرة حول العالم، لكن لا تزال الجماعات الإرهابية القديمة المألوفة مثل حركة الشباب الصومالية وحزب الله اللبناني وداعش تهديدات مستمرة أو متجددة، وتوجه هذه الجماعات الهجمات الإرهابية، ولكنها تلهم أيضا الجهات الفاعلة للقيام بأعمال عنف نيابة عنها.

ونظام العنف السياسي البيئي يعد الآن موطنا للمزيد من التهديدات المنتشرة في العالم، وتقول ديفيس إن هناك عددا لا يحصى من حركات اليمين المتطرف والنازية الجديدة النشطة اليوم، بالإضافة إلى الحركات المتطرفة المعروفة التي يمكن أن تحفز الأفراد على الانخراط في العنف لتعزيز أجندتهم السياسية أو الأيديولوجية.

وتنوع مشهد الإرهاب والتطرف بشكل متزايد من حيث المستويات التنظيمية للفاعلين، بدءًا من الحركات المتطرفة إلى الجماعات والخلايا والأفراد بما يمثل تحديات لممارسي مكافحة الإرهاب، حيث تم تصميم الأدوات في المقام الأول لمحاربة التنظيمات المتماسكة ولم تشمل حركات ظهرت في الآونة الأخيرة.

ولقد اكتسب تمويل مكافحة الإرهاب، باعتباره نهجا جديدا لتضييق الخناق على المتطرفين، شهرة عالمية بعد هجمات 11 سبتمبر 2011، رغم أن بايمان يرجع جذور تلك المشكلة إلى كل من الصراع في إيرلندا الشمالية والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

ويجادل منتقدو سياسات متابعة تمويلات الحركات المتطرفة في نقطتين مهمتين، الأولى أن تلك الممارسات لم تؤد إلى نتائج ملموسة، بل على العكس باتت التنظيمات الإرهابية أكثر ثراء وقدرة من أي وقت مضى، وعلى سبيل المثال داعش.

ومع ذلك، فإن العديد من هذه الانتقادات، بحسب ديفيس، تعترف فقط بالهدف السطحي المتمثل في “وقف تدفق الأموال” وتفشل في رؤية سياسات وممارسات صندوق تمويل الإرهاب التي تطورت بشكل كبير في العقدين الماضيين.

وبشكل عام، كان فهم الأكاديميين والممارسين ومجتمعات السياسة لما يحققه صندوق تمويل الإرهاب، وكيف يفعل ذلك؟ حيث يركز بشكل ضيق للغاية على بعض المقاييس مثل الأصول المصادرة أو التشريعات التي تم سنها، والتي لا تعطي نتائج في الممارسة العملية.

أما النقطة الثانية فتتعلق باستغلال المعلومات الاستخباراتية المالية لمتابعة الأموال وتسهيل التحقيقات والتهم الأخرى المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وغالبًا ما يُنظر إلى الاستخبارات المالية على أنها شيء تولده البنوك والكيانات المالية الأخرى من خلال التقارير الإلزامية أو القائمة على الشك.

ولذلك يعتقد كل من دانيال وديفيس أن النظام البيئي للإرهاب يتطلب اليوم نهجا متعدد الأوجه لمكافحته، فالجماعات الإرهابية لا تزال تموّل أنشطتها بطرق مختلفة اعتمادا على نطاق وحجم أنشطتها.

وفضلا عن ذلك، يرى المحللان أن سياسات وممارسات فرق العمل المعنية لم تعد تعكس الأهداف، وكذلك تحليل فعالية تلك الأساليب لم يعد كافياً- إن كان كذلك- إذا تم اعتبار أن صندوق التمويل الجماعي مجرد وقف لتدفق الأموال ومتابعتها.

وبدلاً من ذلك، يحتاج المجتمع الدولي إلى البحث عن طرق إضافية وإدماجها من خلال توسيع مفهوم الاستخبارات المالية وفائدتها، والنظر في الإجراءات السرية والتخريبية إذا لم تكن الاعتقالات والمحاكمات ممكنة، وإعادة التفكير في أساليب الاستبعاد المالي من خلال العقوبات.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية