الحكومة البنغالية ترفع يد الإخوان عن المنظومة التعليمية

الحكومة البنغالية ترفع يد الإخوان عن المنظومة التعليمية

الحكومة البنغالية ترفع يد الإخوان عن المنظومة التعليمية


25/01/2023

كان التعليم الديني جزءاً من بنية المؤسسة التعليمية في بنغلاديش، واحتل الدين الإسلامي مكانة فريدة في المدارس والكليات والجامعات، وكانت التربية الإسلامية واحدة من المواد الإجبارية المستمرة، حتى خلال فترة الوحدة مع باكستان.

 وبعد الاستقلال، تقدّم هذا التعليم بشكل عفوي، وكان غرس الوعي الديني في العقل المسلم في البنغال هدفاً لمناهج التعليم، خاصّة بعد أن أعاد الشيخ مجيب الرحمن تشكيل مجلس التعليم المدرسي لنشر وتعزيز التعليم الإسلامي.

وفي هذه الأجواء نشطت جماعة التبليغ، وكذلك تمكنت الجماعة الإسلامية، الذراع السياسية للإخوان، من التمدد والسيطرة على المؤسسات التعليمية، وأطلقت حملات التجنيد في المدارس والجامعات البنغالية، كما سعت نحو نشر إيديولوجيتها المتطرفة من أجل المزيد من الهيمنة والسيطرة.

تطوير التعليم الديني

تولي حكومة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، وهي إحدى بنات مجيب الرحمن، أهمية خاصّة لتطوير الجوانب الروحية داخل المؤسسة التعليمية، ودعم الروابط مع العالم الإسلامي، بعيداً عن أجندة الإخوان، فقامت الحكومة بدعم جماعة التبليغ، وقامت بتوسيعات كبيرة في مسجد مركز كاكريل، وبتعزيز دور بنغلاديش داخل منظمة التعاون الإسلامي.

 رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد

ويمكن القول إنّ العمل التنموي الذي قامت به رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، حتى الآن، للتعليم الإسلامي والمدارس الدينية في بنغلاديش، كان موضع تقدير من قبل البنغاليين، خاصّة بعد أن قامت بتأسيس جامعة عربية إسلامية مستقلة في العام 2013؛ لتطوير التعليم في المدارس الدينية، بالإضافة إلى دعم جمعية المدار، وهي أكبر منظمة للمعلمين في البلاد.

في هذا السياق، تمّ إضفاء الطابع المؤسسي على الجامعة من قبل رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، وكان الأمر يقتضي تقنين الحمولة الدينية داخل المناهج الدراسية، ورفع يد الإخوان عن العملية التعليمية، وذلك عن طريق الاهتمام بالعلوم الحديثة، وفصلها عن العلوم الدينية، حيث كان من الطبيعي فيما مضى الخلط بين الدين وسائر العلوم، ممّا يفقد الدراسة الدينية قدسيتها، ويفقد المحتوى العلمي موضوعيته.

تطوير المناهج وفض الاشتباك

قررت الحكومة البنغالية مؤخراً أن يتم تدريس (10) مواد في كل فصل، من الصف السادس إلى الصف العاشر؛ هي: اللغة والتواصل، والرياضيات والمنطق، والعلم والتكنولوجيا، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمجتمع والمواطنة العالمية، والحياة والمعيشة، والبيئة والمناخ، والقيم والأخلاق، والصحة والسلامة الجسدية والعقلية، والفن والثقافة.

وفي الصف العاشر تقرر أن يكون الامتحان في (5) مواد فقط؛ هي: البنغالية، والإنجليزية، والرياضيات، والعلم، والعلوم الاجتماعية.

تمّ تغيير اسم كتاب "التربية الإسلامية" إلى "الإسلام والتربية الأخلاقية"؛ بهدف تعميم القيم الأخلاقية من منظور إنساني يتفق وتعاليم الإسلام

هذا، وقد تمّ تغيير اسم كتاب "التربية الإسلامية" إلى "الإسلام والتربية الأخلاقية"؛ بهدف تعميم القيم الأخلاقية من منظور إنساني يتفق وتعاليم الإسلام، في ظل وجود مسيحيين وهندوس في بنغلاديش. وأصبحت التربية الإسلامية مادة اختيارية في الجامعات، ويوجد في بنغلاديش (5) جامعات تختص بدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية.

وقامت الحكومة كذلك بالقضاء على فوضى التعليم، والأدوار المشبوهة التي لعبتها المدارس التابعة للإخوان، مع تقويض قبضة الجماعة الإسلامية على ساحات التعليم الشعبية، بينما ظلت حركة تنقية المناهج وتحريرها من الحمولة المتطرفة مستمرة.

دعاية إخوانية مضادة ضدّ تطوير التعليم

كان من الطبيعي أن يرفض الإخوان كلّ ما يجري من تطوير في بنية المنظومة التعليمية في بنغلاديش، وعليه أصدر القائم بأعمال أمير الجماعة الإسلامية الشيخ مجيب الرحمن في 21 كانون الثاني (يناير) الجاري بياناً أدان فيه بشدة ما وصفه بــ "المؤامرة الحكومية الرامية إلى تدمير النظام التعليمي، وإدراج مناهج تتعارض مع الأخلاق والقيم الإسلامية"، مضيفاً: "الحكومة وبدون الأخذ في الاعتبار الغالبية السكانية الذين يشكلون 90% من المسلمين في البلاد تخطط لفرض نظام تعليمي ملحد على الطلبة في جميع المراحل الدراسية". وزعم أنّ حكومة رابطة عوامي لم تلتفت إلى آراء الأكاديميين والمثقفين وعلماء الدين في صياغة المناهج، وأنّها أدخلت تغييرات على الكتب المدرسية لإبعاد الجيل القادم عن القيم الدينية.

كان من الطبيعي أن يرفض الإخوان كلّ ما يجري من تطوير في بنية المنظومة التعليمية في بنغلاديش

القائم بأعمال أمير الجماعة الإسلامية ادّعى أنّ المناهج الدراسية تحتوي على تجاوزات أخلاقية تتعارض مع القيم الدينية، وأنّ هناك إيحاءات جنسية تمّ التلميح لها في ذكر أوصاف جسم الإنسان للجنسين، ويقصد بذلك مناهج علم الأحياء، وواصل ادعاءاته بأنّ ذلك يمكن أن يدفع الطلاب إلى الطريق الخطأ، محرضاً أولياء الأمور على التصدي لما وصفه بـ "المناقشات الصريحة والواضحة والمنفتحة، حول هذا الموضوع".

ادعاءات كاذبة

مجيب الرحمن واصل مزاعمه، مدعياً أنّ كتاب العلوم الاجتماعية تحاشى التطرق إلى الانتماء والهوية الإسلامية للفرد، وأنّه في صفحة (98) من هذا الكتاب، تمّ وصف "اختيار الدين بن بختيار الخلجي" بالغازي، ما يُعدّ إساءة للفتوحات الإسلامية.

جدير بالذكر أنّ ابن بختيار الخلجي هو قائد تركي لُقب بالغازي، قام بتأسيس الدولة الخلجية في بيهار العام 1193، وضمّ إليها البنغال، وقد اكتسب سمعة سيئة، نظراً للمذابح البشعة التي ارتكبها، ومنها تدمير الجامعة البوذية في نلندة.

القائم بأعمال أمير الجماعة الإسلامية هاجم إشارة كتاب العلوم الاجتماعية إلى نظرية داروين، ووصفها بالمناهضة للإسلام، وزعم أنّ كتب الصف السادس والصف السابع، فيها بعض المعلومات المضللة عن الإسلام، "فقد قارن الحكم الإسلامي للبنغال الممتد لأكثر من (600) عام، مع الحكم الاستعماري للإمبراطورية البريطانية الذي تبعه النظام الباكستاني".

الواضح أنّ الجماعة الإسلامية تحاول الضغط على الحكومة عبر نشر الشائعات حول النظام التعليمي

القيادي الإخواني هاجم بشكل مثير للاستغراب وجود "صور الحيوانات المختلفة مع صور عارية لأفراد"، لافتاً إلى أنّه تم شرح المعتقدات الهندوسية في الكتب الدراسية، لكنّها تجاهلت العناصر المتعلقة بالثقافة والقيم الإسلامية.

وعلى الرغم من سذاجة الادعاءات، والنزعة العنصرية الرافضة للتطرق لأصحاب الديانات الأخرى في البلاد، فقد مضى مجيب الرحمن في ادعاءاته، زاعماً أنّه "إذا استمر هذا النظام التعليمي، فسوف ينشر البذاءة والفاحشة على نطاق واسع، وسوف يتسبب في اضطراب وخلل اجتماعي، وسيُبنى جيل على أساس الإلحاد، ولن يأتي بنتائج إيجابية للمجتمع".

من الواضح أنّ الجماعة الإسلامية تحاول الضغط على الحكومة، عبر نشر الشائعات حول النظام التعليمي، وعن طريق التحريض تسعى نحو العودة إلى ممارسة الوصاية الدينية والاجتماعية، لكنّ الحكومة البنغالية تعي ذلك جيداً، ممّا يعني أنّ المواجهة سوف تستمر بين الطرفين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية