الحكومة الصومالية الجديدة بين تربّص الإخوان وجدل التطبيع

الحكومة الصومالية الجديدة بين تربّص الإخوان وجدل التطبيع


20/06/2022

ملفات عديدة وملحّة، باتت تنتظر تحركات سريعة من الرئيس الصومالي الجديد، حسن شيخ محمود، في ظل هيمنة حركة شباب المجاهدين الإرهابية على مساحات واسعة من البلاد، وكذا تردي الأوضاع الاقتصادية؛ حيث أصبح الصومال على أعتاب مجاعة جديدة، بالإضافة إلى ملف التطبيع والعلاقات الخارجية.

على صعيد الدعم الأمريكي، ومع خطط إعادة انتشار القوات الأمريكية في الصومال، أعلن مكتب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، في 13 حزيران (يونيو) الجاري، أنّ وكيلة وزارة الخارجية، فيكتوريا نولاند، التقت بالرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، خلال زيارتها للعاصمة مقديشو؛ لتقديم دعم الولايات المتحدة لأجندة الأمن والمصالحة والإصلاح الخاصة به. كما أعربت نولاند عن دعم الولايات المتحدة المستمر، لجهود مكافحة الإرهاب، التي يقودها الصومال والاتحاد الأفريقي.

وفي الوقت نفسه، وفي ظل موجة الجفاف المدمر، وظروف انعدام الأمن الغذائي في الصومال، عقدت نولاند اجتماعاً مع المبعوث الخاص لمواجهة الجفاف، عبد الرحمن عبد الشكور وارسامي، ووكالات الأمم المتحدة المختصة، بما في ذلك منظمة الأغذية والزراعة، واليونيسيف، وبرنامج الغذاء العالمي. ولفتت نولاند، بحسب بيان الخارجية الأمريكية، إلى خطط حكومة بلادها الحالية؛ لتوفير الغذاء للصومال، والعمل على الوقاية من المجاعة، وتقديم المساعدات الإنسانية الأخرى؛ كجزء من حوالي 105 مليون دولار من المساعدات الإنسانية الجديدة لمنطقة القرن الأفريقي.

تسمية رئيس الوزراء الجديد

من جهته، عين الرئيس الصومالي، النائب حمزة عبدي بري، رئيساً للوزراء الأربعاء الماضي، بالتزامن مع مواجهة الصومال لمجموعة من التحديات الهائلة، وقالت الرئاسة الصومالية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": إنّ "الرئيس يتمنى لرئيس الوزراء الجديد كل النجاح، وهو يقود أجندة الحكومة الإصلاحية الطموحة، ويدعو الشعب الصومالي إلى تقديم الدعم له".

 الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الجديد حمزة عبدي بري

من جانبه، تعهد رئيس الوزراء الصومالي الجديد، في مؤتمر صحفي مشترك، أمام الرئيس محمود، "بالعمل ليل نهار"؛ لتجاوز الأزمات الطاحنة التي تمر بها البلاد.

وبدوره، طلب الرئيس الصومالي من رئيس حكومته "تسريع مهامه ذات الأولوية، التي تشمل قضايا مثل؛ الأمن والجفاف والمصالحة، والعمل على تحسين علاقة الصومال مع بقية دول العالم".

 

تروّج منابر الإخوان أنّ الرئيس محمود له صلات بالجماعة محاولة استغلال معارضته الشديدة لحركة الشباب، من خلال تقديم الإخوان كبديل إسلامي، يمكن من خلاله مواجهة الحركة المتمردة

 

كان الرئيس الصومالي الجديد، تعهد في خطابه الافتتاحي الذي ألقاه في 9 حزيران (يونيو) الجاري، بتعزيز "الاستقرار السياسي من خلال التشاور، والتأييد المتبادل". ويقول مراقبون إنّ اختياره لحمزة، الذي تربطه علاقات وثيقة برئيس جوبالاند أحمد مادوبي، يُعد دليلاً على نيته في بناء علاقات أفضل، مع القادة الإقليميين في الصومال.

جدير بالذكر أنّ حمزة عبدي بري، الذي شغل منصب رئيس مفوضيّة جوبالاند المستقلة للانتخابات في 2019-2020، وعمل في الحكومة الفيدرالية لمدة أربعة  أعوام قبل ذلك، هو أول رئيس وزراء يخرج من عشيرة أوغادين في الصومال.

معضلة الإخوان والصراع مع حركة الشباب

يقال إنّ الرئيس محمود، له صلات بحزب الإصلاح، الفرع الصومالي لجماعة الإخوان المسلمين، وهي الأقاويل التي تروج لها منابر الإخوان المسلمين، والتي تحاول استغلال معارضة الرئيس الشديدة لحركة شباب المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة، من خلال تقديم الإخوان كبديل إسلامي، يمكن من خلاله مواجهة الحركة المتمردة.

في هذا السياق، قال أحمد عبد الله شيخ، القائد السابق لوحدة قتالية دربتها الولايات المتحدة؛ لمحاربة حركة الشباب، إنّه يجب على الحكومة قيادة بديل إسلامي قوي، ويقصد بذلك جماعة الإخوان المسلمين المنتمي إليها أيديولوجياً، حيث صرّح غير مرة أنّ رؤيته تتلخص في "أخذ الرواية الإسلامية من حركة الشباب، وإظهار الناس أنّ الدولة تحمي دينهم"، بحسب موقع (All africa) الأمريكي.

جدير بالذكر أنّ الرئيس محمود خلال خلال فترة ولايته السابقة، حاول كسب المتمردين بوعود بالعفو، لكن دون جدوى، وهو إلى الآن يؤكد أنّ المعركة ستنتهي على طاولة المفاوضات، لكنّه في الوقت نفسه يعتزم إطلاق عملية هجومية جديدة؛ ربما من أجل تطويق الجهاديين واحتوائهم، ومن ثمّ دفعهم إلى عمق أكبر في مناطق الريف، وعليه يمكن أن تبدأ المحادثات بعد ذلك.

 المبعوث الخاص لمواجهة الجفاف، عبد الرحمن عبد الشكور وارسامي

ويمكن القول إنّ قتال الجماعات الجهادية، سوف يكون أحد أهم التحديات الأولى، والأكثر صعوبة أمام الرئيس الصومالي الجديد، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ عليه مواجهة الجفاف الشديد الذي يعرّض البلاد لخطر المجاعة الكاملة. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، هناك أكثر من 3.5 مليون صومالي، في حاجة ماسة للمساعدات الغذائية.

جدل التطبيع مع إسرائيل

في حزيران (يونيو) العام 2016، أفاد موقع إخباري، يديره صحافيون معارضون للنظام الصومالي، أنّ حسن شيخ محمود، وثلاثة مسؤولين صوماليين آخرين، سافروا إلى تل أبيب في زيارة قصيرة، والتقوا هناك مع بنيامين نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين. في ذلك الوقت، أكد مسؤول كبير مقرب من محمود، لـ"تايمز أوف إسرائيل"، أنّ الاجتماع قد تم بالفعل، وأنّ اجتماعاً آخر قيد الإعداد. مضيفاً: "هناك أيضاً اجتماع رسمي على مستوى منخفض جرى في القدس، في كانون الأول (ديسمبر) العام 2015، شارك فيه ممثلون عن البلدين".

ولم يؤكد نتنياهو أو ينف وقوع هذا الاجتماع، واكتفى بالقول: "لدينا الكثير من الاتصالات، مع دول ليس لدينا معها علاقات رسميّة".

 

زعمت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أنّ دبلوماسياً صومالياً مقرباً من الرئيس محمود، أكد أنّ عودة الأخير إلى السلطة، كانت تطوراً إيجابياً لعملية تطبيع محتملة، بين مقديشو وتل أبيب

 

ومنذ أيام، زعمت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أنّ دبلوماسياً صومالياً مقرباً من الرئيس محمود، أكد أنّ عودة الأخير إلى السلطة، كانت تطوراً إيجابياً لعملية تطبيع محتملة، بين مقديشو وتل أبيب، وأنّ المجموعة التي كانت تعارض التطبيع مع إسرائيل، خرجت من السلطة.

جدير بالذكر أنّه في آذار (مارس) العام 2019، امتنع الصومال عن التصويت، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على قرار بإدانة إسرائيل لاحتلالها مرتفعات الجولان السورية، وهي المرة الأولى التي تتخلى فيها دولة عضو في جامعة الدول العربية، عن إدانة الدولة العبرية في محفل دولي كبير، على الرغم من أنّ مقديشو صوتت في اليوم نفسه، لصالح ثلاثة قرارات أخرى مناهضة لإسرائيل، وكررت لاحقاً رفضها للمزاعم الإسرائيلية بشأن هضبة الجولان، لكن الامتناع عن التصويت، ربما كان يشير آنذاك، إلى نقاش ما يجري في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، حول العلاقات المحتملة مع إسرائيل.

زعمت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أنّ دبلوماسياً صومالياً مقرباً من الرئيس محمود أكد أنّ عودة الأخير إلى السلطة كانت تطوراً إيجابياً لعملية تطبيع محتملة

هذا وقد تم استدعاء مبعوث الصومال لدى الأمم المتحدة إلى بلاده بعد التصويت، وصرّح مسؤول حكومي رفيع المستوى، بأنّه فوجئ بالامتناع عن التصويت، قائلاً: إنّ ذلك "يتعارض مع الموقف الحكومي الرسمي". لكن بعد فترة وجيزة من هذا التصويت، أعرب دبلوماسي صومالي رفيع المستوى علناً، عن دعمه لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث قال الدبلوماسي عبد الله دول، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": إنّ "إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لا يضر أحداً؛ بل يعزز السلام والتعاون". قبل أن يهاجم الفلسطينيين في تغريدة تالية، زاعماً أنّهم يفوتون الفرصة تلو الأخرى، وأنّهم أغبياء وخاسرون! الأمر الذي دفع وزير الخارجية الصومالي، آنذاك، أحمد عيسى عوض، إلى إقالة عبد الله دول من منصبه.

على كل، لا يتوقع كثيرون أن يقدم الرئيس الصومالي الجديد على تلك الخطوة، التي ربما لا تمثل أولوية لحكومته، إلا إذا جاء ذلك في إطار اتفاق عسكري واقتصادي شامل، يمكنه من التصدي لحركة شباب المجاهدين، التي تسيطر على مساحات شاسعة من الريف، وكذلك مواجهة المجاعة المحتملة، في واحدة من أفقر البلدان في العالم، حيث يعيش أكثر من 70 في المئة من سكان الصومال، على أقل من 1.90 دولار في اليوم.

مواضيع ذات صلة:

ماذا يعني إعادة نشر القوات الأمريكية في الصومال بالتزامن مع تولي الرئيس المنتخب؟

جماعة الشباب الصومالية.. لغز زيادة العمليات الإرهابية والابتعاد عن القاعدة

ملفات ملتهبة على طاولة الرئيس الصومالي الجديد



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية