الحكومة العراقية على مفترق طرق.. فهل ينتصر المحتجون سياسياً؟ ‎

العراق

الحكومة العراقية على مفترق طرق.. فهل ينتصر المحتجون سياسياً؟ ‎


30/10/2019

دعا زعيم تحالف "سائرون" مقتدى الصدر، نظيره في تحالف الفتح هادي العامري، إلى سحب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، بعدما وجه الأخير رسالةً إلى الصدر، طالبه فيها بالتفاهم السياسي مع العامري، بغية الاتفاق على تشكيلِ حكومةٍ جديدة.

اقرأ أيضاً: آخر تطورات مظاهرات العراق.. قتلى وإصابات بالعشرات

وجاءت رسالة عبدالمهدي بعد مطالبة الصدر إياه بالحضور إلى البرلمان والإعلان عن موعدٍ لإجراء انتخاباتٍ مبكرة، جواب رئيس الحكومة العراقية عُـدَّ محاولةً لـ"رمي الكرة" في ملعب الصدر، الذي اصطف مؤخراً إلى جانب المحتجين على الحكومة، التي شكلت بموجب اتفاقِ تحالفي؛ الفتح وسائرون في الـ25 من تشرين الأول (أكتوبر) العام 2018.  

بعد رفضه الاستقالة الصدر يهاجم عبدالمهدي ويطالب العامري بسحب الثقة عن حكومته فوراً

هذا ويحاول البرلمان العراقي، امتصاص غضب الشارع المحلي المتصاعد منذ بداية الشهر الجاري، عبر تصويته على حزمة إصلاحات من المرجح أن تساهم بتقويم مسار العملية السياسية في العراق، في حين ندّدت أصوات سياسية معارضة بقرارات البرلمان الأخيرة، عادةً إياها بـ"قرارات سياسية لا أكثر".

ضغط الاحتجاجات الشعبية، دفع الكثير من النواب العراقيين إلى تقديم استقالاتهم،  في حين شهد الراهن السياسي تراشقاً إعلامياً بين رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي والسلطة القضائية، عبر اتهامات متبادلة بالانحياز والفساد.

الصدر يفاجئ عبدالمهدي برسالة حادة لفظياً .. ويؤكد سحب الثقةِ عنه

الصدر لعبدالمهدي: سنسحب الثقة عنك فوراً
إلى ذلك، هاجم زعيم تحالف سائرون، مقتدى الصدر، رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، مطالباً زعيم تحالف الفتح هادي العامري بـ"سحب الثقة عنه فوراً".
وقال الصدر جواباً على عادل عبد المهدي، "كنتُ أظن أنّ مطالبتك بالانتخابات المبكرة حفظاً لكرامتك، أما إذا رفضت.. فإنني أدعو هادي العامري للتعاون من أجل سحب الثقة عنك فوراً".
وتابع الصدر قوله "ادعو العامري للعمل معاً لتغيير مفوضية الانتخابات وقانونها، والاتفاق على إصلاحات جذرية من ضمنها تغيير بنود الدستور لطرحها على التصويت، وفي حال عدم تصويت البرلمان فعلى الشعب أن يقول كلمته (ارحل)".

البرلمان العراقي يصوّت على حزمة إصلاحات جديدة وسط تشكيك سياسي بقانونية القرارات النيابية الأخيرة

رسالة الصدر، جاءت جواباً على رسالة وجهها عبدالمهدي إليه، بعدما طُلبَ من الأخير التوجه إلى البرلمان والإعلان عن موعدٍ للانتخابات المبكرة.
حيث قال عبدالمهدي في رسالته للصدر "وكما كتبت في رسالة سابقة إلى سماحتكم هناك بعض التحفظات"، موضحاً "إذا كان هدف الانتخابات تغيير الحكومة فهناك طريق أكثر اختصاراً، وهو أن يتفق سماحتكم مع الأخ العامري لتشكيل حكومة جديدة، وعندها يستطيع رئيس مجلس الوزراء تقديم استقالته واستلام الحكومة الجديدة مهامها خلال أيام إن لم نقل ساعات من تحقق هذا الاتفاق".

تشكيك سياسي بجدية إصلاحات البرلمان العراقي

عبدالمهدي للصدر: الانتخابات المبكرة أمرٌ مجهول
ونصت رسالة رئيس الحكومة العراقية، لحليفه السياسي "أعتقد أنّ الكتل السياسية ستتعاون بشكل واسع لتحقيق التصويت اللازم، (أي تشكيل حكومة جديدة)، أما الانتخابات المبكرة فمجهول أمرها"، متسائلاً: "فمتى سيتسنى إجراؤها؟ وهل سيتم الاتفاق على كامل شروطها؟ وهل ستأتي نتائجها حاسمة؟ وغيرها من أمور قد تتركنا أمام مجاهيل كبيرة".

 أربعة نواب يستقيلون من عضويتهم النيابية "فداءً لدماء شهداء التظاهرات"

ونبّه إلى أنّ "تحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال يومية معناه عدم تمرير الموازنة، ومعناه التوقف عن التوقيع على المشاريع الجديدة والقوانين المطلوب تشريعها بأسرع وقت، والتي بها نحقق خطوات تم الاتفاق عليها للإصلاح، وتوفير فرص العمل وتشجيع الاستثمارات والأعمال الجديدة، ناهيك عن أمور أخرى كثيرة يجب الالتفات إليها"، مضيفاً "فكم ستستغرق عملية حل مجلس النواب؟ أو تغيير المفوضية؟ فالمستثمرون يهربون بسبب المجهول والأحداث الدامية، وهناك دماء تسيل مما يتطلب إجراءات واضحة لتستطيع الدولة القيام بواجباتها، وتحفظ النظام العام وتطبق القانون على الجميع".
وأضاف عبد المهدي "تطالبون بعدم مشاركة الأحزاب الحالية إلا من ارتضاه الشعب، وأشير إلى أنني ذكرت في خطابي الأخير أنّ الأحزاب السياسية قد تخلفت عن فهم المعادلات الجديدة للبلاد؛ فلم تقم بواجبها كما يجب، كما تخلّفت عن ذلك الدولة، فنزل الشعب إلى الشوارع يعبّر عن رأيه".

اقرأ أيضاً: هكذا كشفت الاحتجاجات النفوذ الإيراني في العراق ولبنان

النائبان الشيوعيان رائد فهمي وهيفاء الأمين

تشكيك بحزمة إصلاحات البرلمان

وفي السياق ذاته، صوّت البرلمان العراقي، أول من أمس الإثنين، على حزمة إصلاحات؛ منها إلغاء المخصصات المالية والامتيازات من المسؤولين والرئاسات العراقية، وأعضاء البرلمان، والهيئات المستقلة والقضائية والدرجات الخاصة والمحافظين.
كما قرر تشكيل لجنة نيابية خاصة، تمثل كافة المكونات لغرض إجراء تعديلات على الدستور وتسليمها إلى مجلس النواب خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر فقط. إضافة إلى إلزام الحكومة بالتنفيذ الفوري بإلغاء الجمع بين الراتبين المأخوذة من قوانين العدالة الاجتماعية ومن ضمنها "امتيازات رفحاء".

العبادي يدعو السلطة القضائية إلى مناظرة علنية بعد مهاجمتها له والتلميح بفساده

يذكر أنّه بموجب القانون الذي أقره البرلمان العراقي العام 2006 والذي سمي بـ "قانون رفحاء"، يحصل كل من أقام بمخيم رفحاء (السعودية) للمعارضين لنظام صدام بعد حرب 1991، ولو لمدة أسبوع واحد، هم وعائلاتهم، على مرتبات شهرية ثابتة تشمل حتى من كان رضيعا آنذاك، إضافة لعلاج وسفر ودراسة مجاني على نفقة مؤسسة السجناء السياسيين، ويبلغ مجموع نفقات ما يترتب عليه هذا القانون سنوياً أكثر من 40 مليار دينار، عدا الامتيازات الأخرى بمليارات الدولارات، التي اعتبرت مستحقات لهم بأثر رجعي تسلموها دفعة واحدة، إضافة إلى قطع أراض وامتيازات تتعلق بأبنائهم وتوظيفهم في دوائر الدولة.

ويقول النائب عن تحالف البناء عامر الفايز، لـ"حفريات"، إنّ "هيئة رئاسة مجلس النواب عقدت اجتماعاً مع رؤساء الكتل واللجان البرلمانية قبل عقد جلسة البرلمان للاتفاق على إنهاء عمل مجالس المحافظات والتصويت على تخفيض سن التقاعد والغاء امتيازات الرئاسات الثلاث".

اقرأ أيضاً: العراق يتزلزل.. والإخوان المسلمون يعقدون مؤتمرهم الحزبي

لكن النائب الليبرالي فائق الشيخ علي، انتقد قرارات البرلمان الأخيرة التي وصفها بـ"السياسية"، وقال لـ"حفريات"، إنّ "مجلس النواب العراقي يحاول امتصاص نقمة الشارع العراقي، وكل القرارات المصوَّت عليها ليس لها غطاء قانوني".
وأكد الشيخ علي، أنّ "قوانين الامتيازات والصلاحيات الممنوحة لبعض الرئاسات والوزارات والهيئات، لا يمكن إلغاؤها إلا بقوانين يتم تشريعها نيابياً، وما حدث أمس كان تصويتاً على قرارات سياسية وليس تصويتاً على قوانين".

استقالات نيابية احتجاجاً على قمع التظاهرات
هذا وأعلن أربعة نواب عراقيين استقالاتهم من عضوية مجلس النواب، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"القمع المتواصل للاحتجاجات الشعبية"، واستقال كل من نائبي الحزب الشيوعي؛ رائد فهمي وهيفاء الأمين، كما استقال نائبان مستقلان، هما؛ مزاحم التميمي وطه الدفاعي.
وتعليقاً على ذلك، قال سكرتير الحزب الشيوعي رائد فهمي، إنّ "الأيام الماضية، أظهرت عجز الحكومة ومجلس النواب عن تلبية مطالب المتظاهرين والاستجابة لإرادة الشعب وبدء عملية التغيير"، وأضاف لـ"حفريات": "يجب أن تكون باكورة الخطوات استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة كفاءات وطنية بعيداً عن المحاصصة ومنظومة الفساد، تهيئ مستلزمات إجراء انتخابات مبكرة بعد تغيير كامل المنظومة الانتخابية وتشريع قانون انتخابات عادل".

اقرأ أيضاً: هل أطلقت الحكومة العراقية أيادي ميليشيات إيران لقمع التظاهرات؟
وأكد فهمي أنّ استقالته ورفيقته هيفاء الأمين "تأتي انسجاماً مع موقف حزبنا الشيوعي المساند للجماهير".
فيما عبر النائب المستقيل طه الدفاعي، عن استيائه من العملية السياسية، وقال لـ"حفريات"، إنّ قرار الاستقالة جاء "فداء لدماء شهداء التظاهرات وللذين قدموا أنفسهم قرباناً للعراق من أجل تحريره من دنس الاٍرهاب وداعش"، مشدداً على ضرورة "الوقوف مع شعبنا وأنّ نقدّم ما نستطيع تقديمه إلى أن تظهر شمس الحرية على العراق العزيز".

العبادي في تراشق إعلامي مع القضاء العراقي

العبادي والقضاء.. اتهامات متبادلة
وفي سياق متصل، طالب رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، السلطة القضائية بـ "الحفاظ على استقلالية القضاء وعدم زجه في معركة ضد الشعب".
وردّت السلطة القضائية، على العبادي، عبر ناطقها الرسمي عبدالستار البيرقدار، بالقول: "أنت أول من يعلم أنّ القضاء لا يستجيب لرغبات السلطة التنفيذية، بدليل أنّه كان يرفض طلباتك أنت ومدير مكتبك عندما كنتم تحاولون استغلال منصبكم لأغراضكم الخاصة"، منبهاً إياه إلى "مراعاة استخدام المصطلحات التي تضعف الثقة بالقضاء؛ لأنّها لم ولن تحقق أحلامك الوهمية بالعودة للمنصب الزائل إلى الأبد".

اقرأ أيضاً: العراق: عبد المهدي يفقد ثقة الشارع وميليشيا إيران تتوعد

وتابع البيرقدار "إنّ دفاعك عن وزرائك السابقين بسبب استقدامهم من قبل القضاء عن جرائم الفساد، يؤكد الشكوك بأنّك كنت شريكاً لهم في جرائمهم".

لم تمر سوى دقائق، حتى ردّ العبادي قائلاً "نتحدى أي جهة كانت أن تثبت تورطنا بالدفاع عن فاسد أو التدخل لحماية مختلس، وإن (صحت) فلماذا سكت القضاء وقتها ليفصح بها الآن في هذه الظروف بالذات!!"، مضيفاً "ما دخل القضاء بمنع أي شخص من أن يكون أو لا يكون رئيساً للوزراء؟ أليس الناخب هو من يختار". وأكد العبادي، استعداده لـ "مناظرات علنية لتبيان الحقائق ليكون الشعب هو الحكم على الرجال والمواقف والسياسات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية