الحكومة تباشر عمليات التثبت... هل أغرقت حركة النهضة تونس بالتعيينات المشبوهة؟

الحكومة تباشر عمليات التثبت... هل أغرقت حركة النهضة تونس بالتعيينات المشبوهة؟

الحكومة تباشر عمليات التثبت... هل أغرقت حركة النهضة تونس بالتعيينات المشبوهة؟


17/11/2022

بعد عام من كشف التحقيقات في قضية الوظائف والتعيينات المشبوهة عن تشغيل (47) ألف موظف بالاستناد إلى شهادات علمية مزورة؛ خلال فترة حكم حركة النهضة الإخوانية، عادت ملفات الفساد التي تراكمت في عشرية حكم الإخوان في تونس لتطفو مجدداً على السطح هذه الأيام، لتشمل قضايا تزوير الشهادات العلمية.

 الحكومة التونسية التي فتحت عدّة قضايا في ملفات فساد وإرهاب تعود إلى "العشرية السوداء"، استجابت أيضاً إلى الدعوات المطالبة بفتح تحقيق في التعيينات التي جرت خلال الأعوام الماضية، وفتحت ملف التعيينات المشبوهة في الوظيفة العمومية، التي باتت تشكل أحد أخطر أوجه الفساد التي طبعت منظومة الحكم التي قادتها حركة النهضة.

 الحكومة التونسية تباشر عمليات تثبت في الشهادات

وبعد الدعوات المتصاعدة لفتح ملفات التعيينات المشبوهة، لا سيّما من حملة الشهادات الجامعية العليا الذين يوجهون اتهامات للأحزاب التي قادت البلاد خلال الأعوام الماضية، بفتح أبواب الوظيفة العمومية لأنصارها والموالين لها، دون الأخذ بالاعتبار معيار الكفاءة، قال وزير التشغيل والتكوين المهني والناطق باسم الحكومة نصرالدين النصيبي الأحد: إنّه تم الانطلاق في عمليات تثبت في جميع الشهادات العلمية بكل الوزارات.

عادت ملفات الفساد التي تراكمت في عشرية حكم الإخوان في تونس لتطفو مجدداً على السطح هذه الأيام

 وأوضح المتحدث باسم الحكومة في مداخلة على قناة الوطنية الأولى (حكومية) عن تبادل للمعطيات بين جميع الوزارات، مؤكداً أنّ الجرد متواصل للشهادات العلمية، وأفاد بأنّه تمت إحالة حوالي (15) ملفاً على القضاء، مشيراً إلى تركيز منظومة للختم الإلكتروني للشهادات لوضع حد لعمليات التدليس.

 من (217) ألف موظف إلى (800) ألف موظف

عمليات التثبت هذه أعقبت كشف تحقيقات في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن تورط (16) شخصاً من محافظة القصرين، وسط تونس، في تزوير شهادات علمية من أجل الحصول على وظائف في عدد من البلديات، وأذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين بالاحتفاظ بهم بعد ثبوت تهم التزوير ضدهم.

 وقبلها بشهرين، قررت السلطات التونسية سجن موظفين آخرين كانوا يعملون بشهادات مدرسية مزورة، ممّا أعاد إلى الواجهة حينها الجدل حول ظفر الكثيرين بوظائف حكومية في قطاعات التربية والشؤون المالية والصحة وغيرها عبر تزوير شهادات علمية مختلفة طيلة العشرية الماضية.

 

التعيينات المشبوهة ساهمت في إفلاس الوظيفة العمومية وإغراقها بانتدابات الموظفين

 

 وقبل عام، كشفت التحقيقات في قضية الوظائف والتعيينات المشبوهة عن تشغيل (47) ألف موظف بالاستناد إلى شهادات علمية مزورة؛ وتمّت حينها إحالة أكثر من (150) معلماً وأستاذاً إلى التحقيقات، ثبُت أنّ المستوى التعليمي لا يرتقي إلى رتبتهم المهنية، كما تم التفطن إلى تزوير شهادات لإطارات ومهندسين وحتى وزراء، وتم الكشف أيضاً عن تواصل صرف رواتب المئات من الذين غادروا الحياة؛ وهي جريمة خطيرة جداً، بعد أن تم نهب أموال خزينة الدولة عن طريق عمليات تحايل.

 وأكد رئيس جمعية مكافحة الفساد أنّ عدد ملفات تدليس الشهادات العلمية التي أحيلت على القضاء قليل جداً، وقد ظهر الأمر "أكثر وقاحة" في العشرية السوداء مع حكم حركة النهضة، ممّا ساهم في إفلاس الوظيفة العمومية وإغراقها بانتدابات الموظفين الذين ارتفع عددهم من حوالي (217) ألف موظف في القطاع العام إلى (800) ألف في أعوام قليلة، ممّا ساهم في عجز المؤسسات عن أداء مهامها وإفلاسها.

 توظيف (6839) متمتعاً بالعفو التشريعي (أغلبهم من النهضاويين)

وبحسب دراسة رسمية أنجزها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية، فقد بلغ عدد المنتفعين بالعفو التشريعي العام (أغلبهم من قيادات حركة النهضة وقواعدها) من الذين تم انتدابهم عشوائياً في الوظيفة العمومية، دون إجراء مناظرة بعد عام 2012، حدّ (6839) موظفاً.

 وأقر العفو التشريعي العام بعد أسابيع قليلة من الإطاحة بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، خلال حكومة محمد الغنوشي الثانية، وتم البدء عملياً في تطبيقه بعد العام 2013، حين تمكنت حركة النهضة من فرض سلطتها.

قبل عام، كشفت التحقيقات في قضية الوظائف والتعيينات المشبوهة عن تشغيل (47) ألف موظف بالاستناد إلى شهادات علمية مزورة

 وحول تعيينات العفو التشريعي العام في عهد الترويكا (بقيادة حركة النهضة)، وفي علاقتها بالوضع الذي تعيش فيه البلاد وقتها، أكد القيادي المستقيل من حركة النهضة عبد اللطيف المكي أواخر 2015 أنّ 95% من المنتدبين في الوظيفة العمومية كانوا عملة، وعددهم قرابة (7) آلاف شخص، لم يشتغل منهم سوى (4) آلاف منتدب.

 وأفاد حينها بأنّ التعيينات الأخرى تشكلت لها لجنة خاصة للنظر فيها، مشدداً على أنّهم ليسوا كلهم أبناء النهضة.

 وكانت جريدة المغرب التونسية قد كشفت في تحقيق صحفي أنّ حوالي (10) آلاف شخص تمتعوا بالعفو التشريعي العام، تحصل (3646) شخصاً على (6) آلاف دينار كتسبقة، بينما تمّ انتداب (6) آلاف آخرين في الوظيفة العمومية، وذلك وفق أمر حكومي صدر عام 2012.

ارتفع عدد الموظفين في القطاع العمومي من حوالي (217) ألف موظف في القطاع العام إلى (800) ألف في أعوام قليلة، ممّا ساهم في عجز المؤسسات عن أداء مهاها وإفلاسها

 

 وفي ما يتعلق بتفعيل الانتدابات، فقد بلغت التعيينات (7519) تعييناً على مستوى الورق، بينما باشر منهم (5850) شخصاً، يتوزعون بين (5647) شخصاً في الوزارات، و(203) في المنشآت.

 من جانبه، أفاد رئيس الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة أنّه قد تم تعيين (11) ألف متمتع بالعفو التشريعي العام وإعادة إدماجهم، من بين (21) ألفاً و(800) منتدب في الوظيفة العمومية خلال فترة حكم الترويكا.

  وتكمن إشكالية تعيين المتمتعين بالعفو التشريعي العام في مستويين اثنين؛ وهما عدم احترام مبدأ المساواة بين طالبي الشغل العمومي والشفافية في إجراء الانتدابات من جهة، وعدم الاحتكام إلى قانون الانتداب الاستثنائي للانتداب العمومي، دون اعتبار الموالاة التي اعتمدتها هذه التعيينات، من جهة ثانية.

 أصابع الاتهام تتجه إلى حركة النهضة

كل أصابع الاتهام في هذا الملف تتجه إلى حركة النهضة، التي سارعت بمجرد تسلمها مقاليد السلطة في تونس إلى تعيين عدد كبير من أتباعها وأنصارها وقواعدها في مختلف الإدارات والمؤسسات؛ مستغلةً أحكام مرسوم العفو التشريعي لتوظيف أنصارها بهدف الاستقطاب الانتخابي.

 وتتهم أحزاب تونسية معارضة بشدة تعيين قياديين من حركة النهضة في الوظائف العمومية وفي الإدارات المحلية، واتهمت الحزب الذي يرأسه راشد الغنوشي بمواصلة إنجاز برامجه "بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، عبر فرض أعضائه في مراكز القرار العليا بالحكومة".

وكان رئيس جمعية مكافحة الفساد إبراهيم الميساوي قد أشار إلى أنّ التوافق مع حركة النهضة الإخوانية، وشراء منظومة السلم الاجتماعي، كلف الدولة آلاف التعيينات المشبوهة عن طريق شهادات مزورة في وزارات المالية والصحة والتربية ومؤسسة الديوانة والبنوك العمومية.

 يُذكر أنّ التعيينات المشبوهة في تونس لم تشمل الوظائف العادية فحسب؛ بل شملت رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، إلى جانب محافظين ومعتمدين وعُمد، وموظفين ساميين بالوزارات، والإدارات الجهوية والبلدية، وتبلغ نسبة البطالة الآن 18.4%، وقد تضاعف عددها مقارنةً بما كانت عليه عام 2010.

 

مواضيع ذات صلة:

تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي

اعترافات الغنوشي: إعلان هزيمة أم خداع سياسي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية