الحوثيون يخنقون اليمنيات بهذه القيود.. ما علاقة إيران وطالبان؟

من النموذج الإيراني ونموذج نظام طالبان... الحوثيون يستلهمون قيوداً لخنق اليمنيات

الحوثيون يخنقون اليمنيات بهذه القيود.. ما علاقة إيران وطالبان؟


22/12/2022

يتصاعد القمع الذي تفرضه القيود الحوثية على النساء بشكل متزايد منذ 2017، فقد حرمت الميليشيات الانقلابية النساء والفتيات من إمكانية الوصول إلى رعاية الصحة الإنجابية، ومُنعن من العمل في بعض المحافظات، وأرغمن على الفصل بحسب النوع الاجتماعي في الأماكن العامة، وأُلزمن باتباع شرط المحرم، فضلاً عن قيود أخرى مستلهمة من باقي الحركات الإرهابية القائمة على أفكار ثيوقراطية.

وبحسب ما نقلته وكالة "فرانس برس" عن شهادات ليمنيات، أنّ الجماعة الإرهابية المدعومة إيرانياً تستلهم من النموذج الإيراني ونموذج نظام طالبان لقمع أيّ صوت معارض وتركيع المجتمع".

وتلاشى حلم عبير المقطري بالدراسة خارج اليمن بسبب قيود جديدة فرضتها ميليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، على تنقل النساء في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

حرمت الميليشيات الانقلابية النساء والفتيات من إمكانية الوصول إلى رعاية الصحة الإنجابية

وتقول الشابة البالغة (21) عاماً لوكالة "فرانس برس": "حصلت على منحة دراسية في القاهرة، ولكن لم يسمح لي الحوثيون بالمغادرة من مطار صنعاء" الخاضعة لسيطرتهم منذ 2014، منددة بحرمانها من حقوقها "البديهية".

ولم يسمح أيضاً لعبير التي يحاصر المتمردون مدينتها تعز، جنوب غرب اليمن، من التوجه إلى مطار عدن الخاضعة لسيطرة الحكومة، متذرعين بمنع النساء من التنقل من مدينة إلى أخرى أو السفر من دون محرم.

ومنع النساء من السفر بدون محرم لمسافات طويلة يشبه القيود التي تفرضها حركة طالبان في أفغانستان، وهو أمر لم يكن موجوداً في اليمن قبل الحرب المتواصلة منذ (8) أعوام. 

وينتمي الحوثيون إلى الأقلية الزيدية، ونشأت "حركة أنصار الله" التي تمثلهم في صعدة في التسعينات على خلفية التهميش بحق الحوثيين.

ورغم أنّ المجتمع اليمني محافظ بشكل عام، إلا أنّه سمح تقليدياً بمساحة للحريات الفردية، لكنّ ذلك كله تغيّر مع صعود الحوثيين.

منع النساء من السفر بدون محرم لمسافات طويلة يشبه القيود التي تفرضها حركة طالبان في أفغانستان

ويفرض المتمردون الحوثيون قواعد اجتماعية ودينية متشددة في المناطق التي يسيطرون عليها.

وتقول رضية المتوكل، وهي ناشطة حقوقية يمنية، ومؤسِّسة ورئيسة منظمة يمنية لحقوق الإنسان: إنّه على الرغم من أنّ المجتمع اليمني لطالما كان محافظاً، "فهذه أول مرة يصدر فيها قرار بتحديد حرية التحرك للنساء من قبل سلطة رسمية".

وبحسب المتوكل، فإنّ التنقل أو السفر مع محرم يشكل سابقة "خطيرة للغاية" تعاقب بشكل خاص النساء العاملات، مع اتجاه عام لتحديد وجودهن في الفضاء العام.

بين إيران وطالبان

وتمّ إغلاق العديد من برك السباحة وصالات الرياضة المخصصة للنساء في صنعاء في شهر آب (أغسطس) الماضي، من بينها مشروع صالون تجميل ونادٍ رياضي تابع لعائشة أحمد.

وبعد عدة التماسات ومناشدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من طرف عائشة، سُمح لها بإعادة فتح صالون التجميل، ولكن ليس الصالة الرياضية التي أغلقت إلى أجل غير مسمّى.

وتقول: إنّ القرار ترتب عليه "فقدان (8) موظفات في النادي الرياضي لوظائفهن من أصل (15) موظفة".

يفرض المتمردون قواعد اجتماعية ودينية متشددة في المناطق التي يسيطرون عليها

وفي الحديدة غرب البلاد، التي تخضع أيضاً لسيطرة الحوثيين، أغلقت السلطات مقهى مخصصاً للسيدات.

وتقول مالكة المقهى (38) عاماً، اشترطت عدم الكشف عن اسمها: إنّ العاملات طلبن منها "الموافقة على كل الشروط للاستمرار" موضحة: "أخبرناهم بموافقتنا على ارتداء ما يريدونه، حتى لو كان البرقع الأفغاني".

وتتابع: "تم الاتفاق على ارتداء زي موحد طويل (يشبه العباءات)".

من جانبها، ترى بلقيس اللهبي، مستشارة النوع الاجتماعي في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، أنّ هذه الإجراءات تخدم الأهداف الدينية والسياسية على حدٍّ سواء، وتأتي لإرضاء الجناح الأكثر تشدداً من الحوثيين.

وتقول اللهبي: إنّ الحوثيين "يستلهمون من النموذج الإيراني ونموذج نظام طالبان لقمع أيّ صوت معارض، وتركيع المجتمع".

مقاومة من المجتمع

وفي صعدة معقل الحوثيين، وبعض القرى النائية، لم يعد بإمكان السيدات التنقل وحدهن بعد الـساعة الـ (6) مساء، حتى في حالات الطوارئ الطبية، ولم يعد بإمكانهن الوصول إلى وسائل منع الحمل بسهولة حيث توجد قيود على ذلك.

وتم تكليف وحدة شرطة نسائية تُعرف باسم "الزينبيات" بتنظيم وفرض النظام في جميع الأماكن المخصصة للنساء.

لكن في المدن الكبرى هناك مقاومة من قبل السكان لما تصفه رضية المتوكل بـ "محاولات طلبنة المجتمع"، خاصة في العاصمة صنعاء التي لطالما عُرفت بالتنوع السكاني والجيل الجديد من اليمنيين الذي يرغب بالدفاع عن حقوقه.

ولقيت قرارات منع حفلات التخرج المختلطة في الجامعات وفي المطاعم، بالإضافة إلى منع الموسيقى خلال بعض الاحتفالات، استهجاناً من قبل السكان في صنعاء، ممّا أجبر السلطات على التراجع في بعض الأحيان.

ولكن تقول المتوكل: إنّها "معركة طويلة الأجل"، موضحة: "لا نعلم من سيفوز (...) لأنّه في النهاية الناس مرهقون".

هذا، وتتضاعف الحملة الحوثية الضاغطة على المجتمع المدني اليمني بالتشديد المستحدث لحركة النساء في المجتمع المحافظ، بعد تزايد حالات الإيقاف والسؤال المستفز عن وجهتهنّ خلال تنقلاتهن الفردية المضنية بين المحافظات اليمنية مترامية الأطراف ومتقطعة الأوصال جراء الحرب، وأبرزها السؤال الدائم: أين المحرم؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية