الدين والعلمانية وتقاسم السلطة.. كيف يرى الشباب العراقي دولتهم؟

الدين والعلمانية وتقاسم السلطة.. كيف يرى الشباب العراقي دولتهم؟

الدين والعلمانية وتقاسم السلطة.. كيف يرى الشباب العراقي دولتهم؟


03/11/2022

أفادت نتائج استطلاع أجراه "مركز تمكين السلام" في العراق بأن قطاعا كبيرا من الشباب العراقي يؤيدون تقليص دور رجال الدين في الحياة العامة، إلا أنهم في الوقت ذاته يؤيدون أن يكون الإسلام مصدرا للتشريع.

وتركز هدف الاستطلاع في معرفة رأي الشباب العراقي في نوع الدولة التي يناضلون من أجلها، ووجهات نظرهم حول الدولة العلمانية ودور الدين في السياسة، وفق المركز.

و"مركز تمكين السلام" هو منظمة دولية غير ربحية تهدف إلى "النهوض بالسلام والتنمية في العراق" كما يقول عن نفسه، ومقره الرئيس العاصمة الأميركية، واشنطن، ولديه مكتب في أربيل.

وأجرت المؤسسة الاستطلاع في الفترة من 10 يوليو إلى 25 يوليو من العام الجاري على 1062 عراقيا مؤهلا للتصويت في الانتخابات، وتتراوح أعمارهم بين 18 عاما و40 عاما.

وتم إجراء الاستطلاع عبر مقابلات هاتفية مع عينات تمثيلية من جمع المحافظات العراقية، وذلك بهامش خطأ لا يتجاوز 3 في المئة، وفق تقرير المركز حول نتائج الاستطلاع.

مدير المركز، عمر النداوي، قال لموقع الحرة إن الباحثين حاولوا تجنب أن يميل الاستطلاع لشريحة مقابل أخرى، وتم اختيار شريحة ممثلة لشريحة الشباب بشكل عام بكل المحافظات الـ18 "للحصول على أكبر قدر من مصداقية المعلومات".

ويشير إلى أن من أهم ما يميز الاستطلاع هو "قياس آراء الشباب" بشكل كمي، فالكثير التحليلات المطروحة على الساحة تطرح تعميمات لكن لا تستند إلى تقييمات ذات معطيات كمية.

وغالبية الذين تم استطلاع آراؤهم هم متعلمون، و62 في المئة منهم يحملون أو يسعون للحصول على درجة البكالوريوس، كما أن غاليتهم لديهم وظائف.

وشملت العينات اختيار عدد متساو تقريبا من الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما لإجراء المقابلات في كل محافظة بناء على نسبة الذكور إلى الإناث في البلاد.

ورأى نحو 47 في المئة ممن استطلعت آراؤهم أن النظام السياسي في العراق يجب أن يكون ديمقراطيا علمانيا مع فصل واضح بين الدين والدولة، بينما قال 41 في المئة إنهم يريدون دولة ديمقراطية يكون فيها الدين هو مصدر التشريع مع منع الأحزاب الدينية من الحصول على مناصب حكومية.

وقال نحو 69 في المئة إنه ينبغي تقليص دور "المرجعية" الدينية، وقال 13.4 في المئة إنه يجب زيادة هذا الدور، وقال نحو 18 في المئة إن دورها يجب أن يستمر ولا يتغير.

وقال نحو 80 في المئة إن دور رجال الدين من المراتب المنخفضة يجب تقليصه، وحوالي 7 في المئة فقط طالبوا بزيادته، فيما قال 13.2 في المئة إنه ينبغي أن يستمر دون تغيير.

وأيد نحو 51 في المئة فكرة أن القادة الدينيين سيكونون قادرين على خدمة مجتمعاتهم على أفضل وجه بإعطاء توجيهات أخلاقية غير ملزمة للمواطنين في القضايا الاجتماعية.

وقال 38 في المئة إن على القادة الدينيين تقديم نصائح غير ملزمة للحكومة والمواطنين في الأمور السياسية في أوقات الأزمات.

وقال 10.7 في المئة فقط إنهم يجب أن يصدروا أوامر أو ينقضوا القوانين.

وقال ثلاثة من كل أربعة عراقيين تمت مقابلتهم إنهم يريدون أن يكون الإسلام إما المصدر الوحيد للتشريع (25 في المئة) أو أن يكون مصدرا ضمن مصادر أخرى (51 في المئة)، بينما رفض نحو 28 في المئة أن يكون مصدرا للتشريع.

ورأى نحو  39 في المئة أن "القوانين التي تفرض معايير أخلاقية لدين معين لكنها تؤثر على الجميع من شأنها أن تنتهك حريات الأديان الأخرى"، بينما قال 34 في المئة إنها ضرورية، وقال 27.5 في المئة إنه ينبغي فرضها على المجتمعات الخاصة بها فقط.

وعندما يتعلق الأمر بقوانين الأحوال المدنية التي تحكم الزواج والطلاق والميراث"، قال حوالي 30 في المئة إن الأفراد يجب أن يكونوا قادرين على اختيار القوانين التي تحكم شؤونهم ونزاعاتهم على أساس المعتقدات الدينية، بينما قال 62.5 في المئة إنه يجب أن يكون هناك قانون واحد للأحوال المدنية ينطبق على جميع مواطني العراق بغض النظر عن المعتقدات الدينية.

وفيما يتعلق بما إذا كان يجب على المدارس العامة أن تجعل التربية الإسلامية إلزامية، رأى 30 في المئة إنها يجب أن تدرس فقط التربية الإسلامية وأن تكون إلزامية، وقال 22 في المئة إن الدولة لا ينبغي أن تقدم التربية الدينية في المدارس لأنها مسألة شخصية، وقال 39 في المئة إن المدارس الحكومية يجب أن تقدم التعليم الديني لجميع الأديان الموجودة في العراق.

ويقول النداوي إن نتائج الاستطلاع تشير إلى رغبة كبيرة لدى شريحة واسعة من المجتمع العراقي، فئة الشباب، في نظام حكم علماني أو على الأقل نظام حكم يخلو من نفوذ الأحزاب التي تستخدم الدين في السياسة.

ويشير إلى أن تفضيل الأغلبية لنظام علماني أو مدني وإن كان الإسلام مصدر من مصادر التشريع فيه، إلا أن الأهم لهم هو ألا يكون للأحزاب ذات الصبغة الدينية دور في السياسة لأنها تستغل الدين والمشاعر الدينية "لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية ودنيوية".

وهذه النتئاج تعطي انطباعا برفض واسع لفكرة الحكم الديني على نظام الحكم المعمول به في إيران. ورغم ذلك تشير النتائج إلى أن المجتمع العراقي لايزال محافظ دينيا واجتماعيا، فهناك نسبة واسعة يريدون أن يكون الإسلام مصدرا من مصادر التشريع والحفاظ على دور الدين في التشريع والحياة العامة مع رفض تسلط الأحزاب الدينية.

ويعتبر النداوي هذا الأمر "مفارقة ونقطة مثيرة للاهتمام".

ويقول إن المجتمع العراقي بطبيعته محافظ، والمحافظة الاجتماعية هي جزء متأصل في الهوية، ودعا إلى إجراء المزيد من البحوث لمعرفة تفصايل ذلك بدقة.

وقال 62 في المئة من المستطلعة آراؤهم إن فصل السياسة عن الدين سيساعد في محاربة نظام المحاصصة، ورأى 68 في المئة إن الهوية الدينية لا تهم في اختيار المناصب العليا مثل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء.

واعتبر 12.8 في المئة إن فصل الدين عن السياسة سيؤدي إلى استبدال المحاصصة "بنظام سياسي مختلف وأسوأ".

وإذا كانت هناك انتخابات جديدة وحرة ونزيهة ستجرى الأسبوع المقبل، قال 40.5 في المئة من المستطلعة آراؤهم
إنهم سيصوتون لحزب سياسي يعبر عن مصالحهم بشرط أن يؤمن صراحة بفصل الدين عن السياسة.

وقال 22 في المئة إنهم سيصوتون لصالح حزب يشاركهم اهتماماتهم، بغض النظر عن الهوية الدينية للحزب.

وقال 30 في المئة إنهم لن يصوتوا.

وتشير مقدمة التقرير إلى حدوث تحول عميق في أفكار العراقيين حول الكيفية التي يريدون بها أن تُحكم دولتهم منذ احتجاجات "تشرين" التي خرجت ضد الحكومة في عام 2019.

ويقول التقرير إن استطلاعات الرأي التي أجريت منذ عام 2019 تظهر اتجاهات ثابتة، وهي معارضة العراقيين النظام الطائفي، وتفضيلهم بشكل متزايد دولة علمانية ديمقراطية منفصلة عن النفوذ الديني

وعلى الرغم من أن نظام تقاسم السلطة المعمول به غير منصوص عليه رسميا في الدستور العراقي، فإن الانتخابات الوطنية بين عامي 2005 و 2021، والحكومات التي تلت ذلك، تشير إلى نمط متكرر من اختيار المناصب: رئيس البرلمان سنيا، ورئيس الوزراء شيعيا، ورئيس الجمهورية كرديا. 

وقد سمح التعيين في هذه المناصب للأحزاب السياسية المهيمنة في كل مجموعة باستخدام ثقلها السياسي للمطالبة باختيار مرشحيها المفضلين. 

وفتحت المفاوضات الخلفية الباب للتدخل في عملية الاختيار من الحكومات الأجنبية، ولا سيما إيران، كجزء من صراع جيوسياسي إقليمي له دوافع سياسية ودينية، وفق المركز.

وكانت هناك "مقاومة داخل العراق لنظام تقاسم السلطة، ونمت المعارضة بشكل مطرد للتشوهات السياسية وفرص الفساد التي أدخلتها".

وسلطت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الضوء على معارضة لنظام المحاصصة او تقاسم السلطة، وأكدت الاحتجاجات أن الاستياء العام مدفوع بالمظالم الاجتماعية والاقتصادية، وليس الانقسامات الأيديولوجية أو الدينية.
 
وعلى الرغم من أن قادة الاحتجاج كانوا في الغالب من الشيعة، إلا أن تركيز الحركة لم يكن على المصالح الطائفية، بل كانت هناك "حركة وطنية" تركز على قضايا مثل تحسين الاقتصاد، والمساءلة الحكومية، ومحاربة الفساد، وتنظيم الميليشيات المدعومة من إيران والتي تعمل خارج سيطرة الحكومة. 

عن "الحرة"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية