الرياض تحتضن ملتقى دينياً عالمياً... هل ينجح في تعميم التسامح؟

الرياض تحتضن ملتقى دينياً عالمياً... هل ينجح في تعميم التسامح؟


12/05/2022

تعزيزاً لقيم الدين الإسلامي السمحة ودفاعاً عن صورته المعتدلة أمام محاولات تشويهه من قبل العديد من التيارات التي تدّعي زوراً الانتساب إلى الإسلام، أكد نحو (100) عالم ورجل دين من مختلف أنحاء العالم على التشديد على كرامة الإنسان والمساواة العادلة بين البشر وعمق المشتركات الإنسانية، مع التركيز على وجوب تفهم الخصوصيات الدينية والثقافية وعدم الإساءة لأتباعها، وإنّما يجري الحوار حولها لإيضاح ما يلزم إيضاحه، كما هو أدب الإسلام في الإيضاح والبيان.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن محمد بن عبد الكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي، في كلمته خلال ملتقى القيم المشتركة بين الأديان، الذي نظمته الرابطة في الرياض، أمس الأربعاء، نقلت تشديده على رفض أيّ تأويل خاطئ أو متعمد يقوّض التعايش بين أتباع الأديان، ممّن يتشاركون الوجود والمسؤولية عن سلام العالم وانسجام مجتمعاته، وأضاف: "المشاركون في هذا الملتقى لا يقدّمون أنفسهم كممثل لأيّ إيديولوجية أو الترويج لأيّ سياسة خاصة، وجاؤوا من بلدان صديقة وشقيقة، يتواصلون مع بعضهم بعضاً في أجواء من الاحترام والمحبة والتقدير والتعاون من أجل صالح الجميع"، مطالباً بضرورة تجنّب التشدد في المواقف أو التقلب فيها من أجل أهداف مرحلية ومخادعة.

أكد (100) عالم ورجل دين من مختلف أنحاء العالم على التشديد على كرامة الإنسان والمساواة العادلة بين البشر وعمق المشتركات الإنسانية

قال البطريرك برثلماوس الأول، بطريرك القسطنطينية المسكوني وروما الجديدة: إنّ الواجب على الجميع تكريس عمله من أجل الحوار والتقارب لبناء جسور التواصل بين مختلف أتباع الثقافات والديانات والشعوب، وتعزيز السلام والتضامن حول العالم، لحماية الكرامة الإنسانية، مضيفاً أنّ دور الدين لا يرتبط فقط بمخاوف الإنسان، بل بهوية الشعوب والحضارات، منوهاً بأنّ الدين حافظ على مختلف الإنجازات الثقافية وصيانة القيم الإنسانية، ممّا يحتم التعاون للالتزام بالسلام، وهو نتيجة لنضال وتضحية وصبر، بالاعتماد على الاحتياطي المتوفر في تراث الأديان لصناعة السلام.

وأضاف البطريرك المكسوني أنّ "أفضل الطرق للوصول إلى السلام والتسامح، هو الحوار الصادق والاحترام المتبادل، ووجودنا هنا يدعم هذه المساهمات لتطوير الثقة المتبادلة، وتصحيح أخطاء بعض المفكرين المعاصرين ممّن قلل من حيوية الأديان وأثرها الهائل في تثبيت السلام ونفي المتطرفين"، مؤكداً أنّ الانفتاح على الآخرين لا يهدد الهويات، بل يعززها ويرسخها أكثر.

وقد ركّز المشاركون في الملتقى على بلورة رؤية حضارية لترسيخ قيم الوسطية في المجتمعات البشرية، وتعزيز الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب، ويشارك في الملتقى قادة الأديان حول العالم من المسلمين واليهود والمسيحيين والهندوس والبوذيين وغيرهم، مع مشاركة قيادات فكرية مؤثرة.

وتضمَنت فعاليات المؤتمر كلمات لعدد من القيادات الدينية والفكرية المشاركة، إلى جانب عرض مرئي عن دور القيادات الدينية في تعزيز قيم السلام والوئام، فضلاً عن حلقات حوار لمشاركة وجهات النظر من التقاليد الدينية حول موضوع المنتدى.

بطريرك القسطنطينية: الواجب على الجميع تكريس عمله من أجل الحوار والتقارب لبناء جسور التواصل بين مختلف أتباع الثقافات والديانات

وشهد الملتقى حلقات نقاشية، تناولت عدداً من الموضوعات المتصلة بقضايا الحوار والتسامح والتواصل بين الأديان والثقافات، ومن ذلك موضوع "الكرامة الإنسانية" التي ناقشت المساواة العادلة بين البشر وعمق المشتركات الإنسانية مع التركيز على وجوب تفهم الخصوصيات الدينية والثقافية وعدم الإساءة لأتباعها، وإجراء الحوارات الجادة حولها.

وركزت الجلسة النقاشية الثانية على تفكيك مفهوم الصراع الحتمي للحضارات وصدامها، وتعزيز قيم الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب لصالح الجميع، تحت شعار: "أسرة إنسانية واحدة تتعارف وتتفاهم وتتعاون مع إيضاح الحق للجميع".

الوسطية وتفهم الآخر

تناولت الجلسة الثالثة للملتقى موضوع "الوسطية وتفهم الآخرين"، وراهنت على فطرية القيم الإنسانية ودورها في تكوين شخصية الاعتدال، وتفهم التنوع بين البشر وعدم تحويلها إلى خوف وكراهية وصراع، وإنّما إلى حوار وتفاهم وتعاون لصالح الجميع. وحظي الملتقى بحوارات مفتوحة حول المبادرات المقدمة، قبل عقد الجلسة الختامية، وتلاوة البيان الختامي مشتملاً على إعلان القيم الإنسانية المشتركة على ضوء مخرجات ومداولات الملتقى وتوافق الجميع.

من جهته، أكد عبد الوهاب بن محمد الشهري الوكيل للاتصال المؤسسي برابطة العالم الإسلامي، أنّ الملتقى ينطلق في ضوء أهداف الرابطة المشمولة بنظامها الأساسي ولوائحها الخاصة بها، ترسيخاً لدورها العالمي كمنظمة دولية مستقلة غير حكومية تُعنى بنشر قيم الإسلام الداعية لخير الإنسانية، ومن ذلك التعاون مع الجميع حول تعزيز المشترَكات الإنسانية من أجل عالم أكثر تعاوناً وسلاماً، ومجتمعات أكثر تعايشاً ووئاماً، منطلقاً من أرض المملكة العربية السعودية، أرض الإشعاع والتواصل الإسلامي والإنساني.

وشدّد الشهري على أنّ الملتقى جاء على أساس متين من تعاليم ديننا العظيم الداعي للحوار والتعاون، ولا سيّما في دائرة المشتركات الجامعة التي تكفل التعايش الأمثل في عالمنا لكلّ التنوع الإنساني، الذي في ضوئه تمّ إيجاد المنظومة الدولية الحديثة تحت مظلة الأمم المتحدة، مشتملة على منظمات وهيئات وبرامج عالمية يلتقي حولها الجميع، ومن بينها منظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، التي أسهمت فيها الدول الإسلامية من خلال علمائها ومفكريها بدور فاعل.

وأكّد الشهري على أنّ الذين حضروا الملتقى هم "قادة دينيون مستقلون تماماً عن أيّ توجهات تخرج عن الإطار الديني"، مشدداً على أنّ رابطة العالم الإسلامي في هذا الصدد لا تتعامل مع أيّ أهداف إيديولوجية أو سياسة أيّاً كانت، وذلك هو نهجها، والواجب في أمثال هذه اللقاءات التي يتعين أن تكون خالصة من أيّ أهداف غير هدفها السامي المعلن.

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية