الصراع الإخواني السلفي في ماليزيا يكرس المزيد من التشدد

الصراع الإخواني السلفي في ماليزيا يكرس المزيد من التشدد

الصراع الإخواني السلفي في ماليزيا يكرس المزيد من التشدد


29/11/2022

في العام 2020، وصفت هيئة كبار العلماء السعودية، جماعة الإخوان المسلمين بأنّها حركة منحرفة لا تمثل الإسلام الحقيقي، وصنفت جماعة الإخوان على أنّها حركة إرهابية، ما أدى إلى إدانة مجموعة من المنظمات غير الحكومية الماليزية، بما في ذلك حركة الشباب المسلم في ماليزيا ABIM والمنظمة الاجتماعية والتعليمية الإسلامية، بتهمة الانخراط ضمن أنشطة الإخوان المسلمين.

بدوره شنّ عبد الهادي أوانج، زعيم الحزب الإسلامي الماليزي (باس) الذراع السياسية للإخوان، هجوماً حاداً على هيئة كبار العلماء السعودية، كما زعم وزير الشؤون الدينية السابق، مجاهد يوسف راوا، أنّ جماعة الإخوان المسلمين لا تشكل تهديداً لماليزيا.

صراع من أجل الهيمنة

المتابع للشأن الماليزي، يمكن أن يلحظ وجود صراع بين التيار السلفي والإخوان المسلمين، حيث شنت جهة العلماء السنة في جماعة الإخوان المسلمين، بقيادة رئيس حزب الإسلام الماليزي عبد الهادي أوانج، هجوماً  على مفتي ولاية بيرليس (دار السنة)، الدكتور أسري أسري زين العابدين، المعروف باسم الدكتور مازا.

وقام الإخوان مؤخراً بمنع الدكتور مازا، من التحدث في المناسبات الدينية بولاية كيلانتان (دار النعيم)، التي يسيطر عليها الحزب الإسلامي الماليزي، ليكشف المنع عن شقاق ديني وسياسي عميق بين الجماعتين المتنافستين على الهيمنة على الحركة الإسلامية داخل ماليزيا.

يسعى الإخوان في ماليزيا إلى التأثير داخل الحكومة التنفيذية، وقطاع الخدمة المدنية، والمؤسسات الأكاديمية والتعليمية، والهيمنة على المساجد في جميع أنحاء البلاد، وبالمثل يسعى التيار السلفي إلى منافسة الإخوان في هذا القطاع، لقد غيرت هذه المجموعات طريقة تفكير شع الملايو، وأحدثت المنافسة انقساماً ساهم في إشعال الصراع بين الأعراق داخل ماليزيا.

عبد الهادي أوانج، زعيم الحزب الإسلامي الماليزي (باس) الذراع السياسية للإخوان

يركز الإخوان من خلال الحزب الإسلامي، على التركيز على القضايا الاجتماعية من منظور إسلامي، وينشط عناصر التنظيم اجتماعياً عبر الأنشطة الخيرية، وتروج الجماعة لأجندة متشددة، فهي لا ترفض زواج القصر، وتنادي بالفصل بين الجنسين في البيئات المدرسية، وتسعى إلى فرض الحجاب وغير ذلك من أجندة التنظيم.

لاهوت الإخوان

بحسب تقرير نُشر بالإنجليزية على موقع (European Eye on Radicalization) قام الحزب الإسلامي الماليزي بتشبيك لاهوت الإخوان المسلمين بنسخة قومية ماليزية من الإسلام السياسي، وطور الحزب الإسلامي الماليزي ما يُعرف بعقيدة السيادة الملاوية القومية، على مدى العقدين الماضيين؛ للاستفادة من النهضة المتنامية في ماليزيا، لكنّ ذلك أدى إلى إثارة المزيد من الانقسام في الأمة متعددة الثقافات.

التأثير الرئيسي للإخوان المسلمين يأتي هو من خلال الولايات التي يحكمونها في ماليزيا، وهي كيلانتان (دار النعيم)، وترينجانو (دار الإيمان). داخل هذه الولايات، يتحكم الحزب الإسلامي الماليزي في خطب صلاة الجمعة، ويسيطر على مجالس المساجد والمدارس الدينية المتعددة في الولاية.

أدى الصراع على السلطة الدينية بين السلفية والإخوان المسلمين في ماليزيا، إلى انقسام أئمة المجتمع الإسلامي، ففي الوقت الذي تخضع فيه كيلانتان وترينجانو لعقيدة الإخوان المسلمين، أصبحت بيرليس ولاية سلفية إلى حد كبير

لفترة طويلة، سيطر الحزب الإسلامي الماليزي على إدارة التنمية الإسلامية الماليزية (JAKIM)، التي يشرف عليها الآن وزير الحزب الإسلامي الماليزي، إدريس أحمد. ومع ذلك، فمن المشكوك فيه مدى سلطته الحقيقية على الإدارة، في ظل وجود سلطان شرف الدين إدريس شاه، الذي تمّ تعيينه مديراً للإدارة من قبل مجلس الحكام.

أدى الصراع على السلطة الدينية بين السلفية والإخوان المسلمين في ماليزيا، إلى انقسام أئمة المجتمع الإسلامي، ففي الوقت الذي تخضع فيه كيلانتان وترينجانو لعقيدة الإخوان المسلمين، أصبحت بيرليس ولاية سلفية إلى حد كبير، حيث يتم استبعاد الأئمة الذين يرفضون اتباع الأجندة السلفية.

ارتباطات خارجية

كلتا المجموعتين نشطتان خارج ماليزيا، وكشف لقاء نجيب رزاق مع قادة حماس، الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين في غزة، خلال فترة رئاسته للوزراء، الارتباط بين رئيس الوزراء وجماعة الإخوان، كما أثارت رسالة التهنئة التي بعث بها محمد خليل عبد الهادي، رئيس الإعلام في الحزب الإسلامي الماليزي، إلى حركة طالبان الأفغانية، بمناسة استعادة كابول في 18 آب (أغسطس) من العام الماضي، انتقادات دولية واسعة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تصريحات رئيس الوزراء السابق مهاتير المتشددة خلال زيارته للولايات المتحدة في العام 2019، جعلت الكثيرين يفكرون في ماليزيا كدولة منشقة.

يتم تعليم الأطفال في المدارس، أنّ أيّ ممارسات غير مسلمة تشكل خطراً محتملاً على عقيدتهم

وبناء على هذه المتغيرات، التي جرت وفق هندسة اجتماعية مدروسة، أصبح الشباب في ماليزيا من أكثر الجماعات محافظة في العالم الإسلامي اليوم، في حين توقع النقاد السياسيون أنّ حركة (أوندي 18) العلمانية، لن تكون فعالة على الصعيد السياسي في المستقبل القريب.

يرتبط التيار السلفي أيضاً بجماعات أصولية في تايلاند، خاصّة التيار الذي يتزعمه رجل الدين الذي تلقى تعليمه في السعودية لطفي جاباكيا، المعلم السلفي الرائد في تايلاند.

وبحسب موقع (European Eye on Radicalization)، تنصب جهود جاباكيا على تغيير طبيعة الهوية العرقية للملايو، خاصّة بين جيل الشباب في مناطق الجنوب، وتبرعت إدارة الثقافة الدينية في بيرليس (MAIPs) بمبلغ 20 مليون بات تايلاندي (61،180 دولاراً) من أموال الزكاة؛ لتمويل بناء مركز قراءة القرآن والسنة في جامعة فاتوني، كما تبرعت الإدارة بأموال طائلة للسلطات الإسلامية الإقليمية في جنوب تايلاند؛ لدعم التجمعات السلفية في مواجهة المد الإخواني.

تتلقى هذه المؤسسات الجزء الأكبر من أموالها التشغيلية من إدارة الشؤون الإسلامية في بيرليس، وإدارة الثقافة الماليزية (MAIPs). والتي تمتلك أيضاً كلية بيرليس الإسلامية (KUIPs)

جاء كل هذا على حساب حرية ممارسة الإسلام الوسطي، كما اعتاد ملايين الملايو لمئات السنين، والمعروف بــ "إسلام نوسانتارا"، وهو الإسلام الوسطي المتسامح. بالإضافة إلى ذلك، تمّ اعتبار بعض جوانب الثقافة واللباس في الملايو من المحرمات الاجتماعية، وحظرت رسمياً. أيضاً، تمّ تعريب اللغة الوطنية، حيث جرى استبدال العديد من الكلمات من لغة الملايو التقليدية بكلمات عربية.

ويتم تعليم الأطفال في المدارس، أنّ أيّ ممارسات غير مسلمة تشكل خطراً محتملاً على عقيدتهم، وهو ما تجلى في الجدل الدائر حول مهرجان بون أودوري، وهو مهرجان ثقافي ياباني تقليدي، يقام كل عام في ماليزيا، من قبل المجتمع الياباني المحلي، والذي بات يلاقي معارضة إخوانية وسلفية كبيرة.

الهيمنة على التعليم

ينصب التركيز الأساسي للإخوان والسلفيين لحركة على الهيمنة على المدارس. ولهذه الغاية، أنشأ الدكتور مازا بنفسه مدرسة ابتدائية، إلى جانب عدد من المدارس الأخرى ذات الميول السلفية. تتلقى هذه المؤسسات الجزء الأكبر من أموالها التشغيلية من إدارة الشؤون الإسلامية في بيرليس، وإدارة الثقافة الماليزية (MAIPs). والتي تمتلك أيضاً كلية بيرليس الإسلامية (KUIPs)، والتي حاول الإخوان اختراقها، لكنّ التيار السلفي فطن إلى ذلك، حيث تمت إقالة الرئيس التنفيذي السابق الدكتور محمد ميزان محمد أسلم؛ لعدم دعمه لجدول أعمال سلفي داخل المؤسسة. وحل محله حليف قوي للدكتور مازا، هو الدكتور محمد راضي عثمان.

ويستعرض تقرير موقع (European Eye on Radicalization)،  النشاط داخل هذه المؤسسات التعليمية، يتم تلقين الطلاب عقيدة الأيديولوجية السلفية. وقد أثار نائب المستشار السابق، بادليشة أحمد، المقرب من الدكتور مازا، حالة من الغضب، بسبب سؤال مثير للجدل في امتحان العلاقات العرقية، أكد فيه أنّ الداعية الهارب من الهند ذاكر نايك هو رمز إسلامي، إلى جانب افتراءات عنصرية ضد الهنود في سؤال آخر.

موضيع ذات صلة:

لماذا منع "الإخوان" نصر حامد أبو زيد من دخول ماليزيا؟

هكذا امتزجت الثقافة المالاوية بالإسلام في ماليزيا

هل تصبح ماليزيا قاعدة جديدة للتنظيم الدولي للإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية