الصراع الصومالي الكيني.. كيف يخدم حركة الشباب الإرهابية؟

الصراع الصومالي الكيني.. كيف يخدم حركة الشباب الإرهابية؟


28/09/2020

أعلن الجيش الصومالي في 27 أيلول (سبتمبر) الجاري عن مقتل 16 عنصراً من حركة الشباب الصومالية في الجنوب، زافّاً نبأ تحرير 40 طفلاً من قبضة التنظيم، في عملية أخذت صدى واسعاً، وعزّزت الثقة في قدرة الجيش الصومالي على مواجهة الجماعة الإرهابية الأكثر نشاطاً بين فروع تنظيم داعش الإرهابي.

اقرأ أيضاً: هل تتخلى قطر عن "فرماجو" حفاظاً على وجودها في الصومال؟

بالتزامن تقريباً مع معركة الجيش الصومالي في مواجهة عناصر حركة الشباب، كانت كتيبة أخرى من قوة الجيش ذاته منشغلة في معركة، ليست مع قوات إرهابية تتبع حرب العصابات؛ حيث الكر والفر والخطف والإعدام في ميادين عامة، بل مع جيش نظامي جار هو كينيا، في تجدّد للتوتر الحدودي بين البلدين.

وبحسب مسؤولين محليين وشهود عيان، فإنّ مواجهات حدثت لفترة وجيزة بين القوات الصومالية والكينية أول من أمس على الحدود المشتركة بين البلدين، بعد أن أطلق الجانب الكيني أعيرة نارية لردع متظاهرين صوماليين عن الاقتراب من الحدود، بحسب ما أورده موقع "الصومال الجديد".

اقرأ أيضاً: إلى أين وصلت العمليات العسكرية ضد حركة الشباب الصومالية؟

أمّا التظاهرات، فقد كانت ردّ فعل على مقتل 3 مدنيين، ليسوا من عناصر حركة الشباب، بحسب تأكيد المتظاهرين، على يد قوات كينية، في واقعة تُعدّ فتيلاً متكرراً يشعل تلك المناوشات من وقت لآخر، حيث يردّ الجيش الصومالي على الكيني، وتبدأ المواجهة، والتي قد تصبح مواتية أكثر من أي وقت آخر للعناصر الإرهابية للتحرك والتمركز أو التخطيط للأهداف.

 

حدثت مواجهات لفترة وجيزة بين القوات الصومالية والكينية على الحدود المشتركة بين البلدين

والتوتر الحدودي، وإن بدا أمنياً، فهو جزء من توتر تاريخي يعود إلى ترسيم الحدود المائية بين البلدين، وفي العام 2009 تفاقم التوتر وبات يتجه نحو الصراع، حين رفض البرلمان الصومالي تحديد الجرف المائي القاري الكيني، بما يسمح لها بالتنقيب عن الموارد دون الخوض       في نزاع، وبعد أعوام، تحديداً في شباط (فبراير) 2019، تفاقم التوتر حين أسندت الصومال التنقيب عن الثروات لشركة بريطانية في المنطقة المتنازع عليها مع كينيا.

حركة الشباب الصومالية استغلت تفشّي جائحة كورونا لزيادة عملياتها في الداخل الكيني

وبسبب تلك الأزمة السياسية، فإنّ المناوشات التي تجري بين البلدين ذات أبعاد أكثر عمقاً من كونها توتراً أمنياً على الحدود، أو تهديداً يواجه كينيا من قبل مخيمات اللاجئين الصوماليين على حدودها، والتي يتغلغل فيها عناصر حركة الشباب الصومالية، لينفذوا عمليات في الداخل الكيني.

 

فيما تشدد كلّ من الدولتين على مواجهة الإرهاب فإنّ استمرار عدائهما يمنح ميزة نوعية للعدو المشترك

ولا يعني ذلك التخفيف من جدّية المخاطر الإرهابية التي تواجه الدولتين معاً، من قبل متشددي حركة الشباب، لكن المقصود أنّ تحقيق أيّ تقدّم في ملف مكافحة الإرهاب من قبل الدولتين، فيما الحدود والتوترات السياسية بأبعادها الأمنية مشتعلة، سوف يحول دون تحقيق قفزات حقيقية في الملف، وسيترك دائماً بؤرة يستطيع الإرهابيون التقدم منها إلى الأمام.

كما أنّ ذلك لا يعني أنّ المخاطر الإرهابية التي تواجه الصومال باتت قريبة من الانفراج، أو أنّ عملية تسفر عن مقتل 16 عنصراً من الحركة تعني قرب نهاية التنظيم الذي يضمّ الآلاف،  ويتمركز في الجنوب والوسط، وينتقل إلى دول الجوار، ويسجل عملياته في وضح النهار رداً على مواجهات الأمن. فقد أعدمت الحركة في 26 أيلول (سبتمبر) الجاري شخصين وسط الصومال بتهمة التجسّس، ويرى مراقبون أنّ الإعدامات جاءت رداً على مقتل 8 أشخاص على يد الأمن في 23 من الشهر ذاته.

 

التوتر الحدودي وإن بدا أمنياً فهو جزء من صراع تاريخي يعود إلى ترسيم الحدود المائية

كما ترتفع المخاطر التي تواجه كينيا جرّاء حركة الشباب الصومالية؛ إذ استغلت تلك الحركة خلال الشهور الماضية تفشّي جائحة كورونا لزيادة عملياتها في الداخل الكيني، في وقت تحاول فيه نيروبي تقويض مخاطر الحركة، فقد قرّرت وزارة الداخلية الكينية في 3 أيلول (سبتمبر) الجاري تجميد أرصدة 9 مواطنين كينيين بتهمة تمويل حركة الشباب الصومالية.

وقال آنذاك وزير الداخلية الكيني فريد ماتاينغي: إنّ الطريق الوحيد لتقييد الإرهابيين هو تدمير الشبكات التي تقوم بتسهيل أعمالهم والجهات التي تقدّم لهم الدعم المالي، وشدّد أنّ بلاده لن تستسلم للإرهابيين.

وفيما تشدّد كلّ من الدولتين على مواجهة الإرهاب، وتتصدّيان للعدو ذاته، فإنّ استمرار عدائهما يمنح ميزة نوعية للعدو المشترك.

مصر وغزة نموذجاً

وربّما في تتبع الطريقة التي تعاملت بها مصر مع حدودها الشرقية مع قطاع غزة، دليل على أنه من غير الممكن تحقيق اختراقات في مواجهة الإرهاب العابر، فيما الحدود مشتعلة وغير منضبطة ومصدر تهديد، أو أنّ الخلافات تتقدم على هدف مواجهة الإرهاب بين طرفين.

وقد اختارت مصر أمنها القومي على حساب خلافاتها مع حماس، التي هي أحد أفرع جماعة الإخوان المسلمين، أمّا الأخيرة التي كانت تمثل مصدر قلق للقاهرة، فقد كان في صالحها وقتها الدخول في كنف مصر عوضاً عن مواجهتها.

اقرأ أيضاً: هل تنشئ مصر قاعدة عسكرية في الصومال؟

وبالفعل حققت مصر اختراقاً في الملف، وفي كانون الثاني (يناير) من العام 2017، استقبلت القاهرة نائب المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والوفد المرافق له، لتبدأ بعد تلك الزيارة فترة من المشاورات بين الأجهزة المصرية والحركة، لتحقيق مطالب هدم الأنفاق، وضبط الحدود، ومنع الخطر المحدق بمصر شرقاً.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية