الطريق إلى البرلمان التونسي: كيف تنظر القوى السياسية للقانون الانتخابي الجديد؟

الطريق إلى البرلمان التونسي: كيف تنظر القوى السياسية للقانون الانتخابي الجديد؟

الطريق إلى البرلمان التونسي: كيف تنظر القوى السياسية للقانون الانتخابي الجديد؟


28/09/2022

انطلقت صباح الأحد 25 أيلول (سبتمبر) الجاري الفترة الانتخابية للانتخابات التشريعية في تونس المزمع إجراؤها في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وفق خريطة الطريق السياسية التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد ضمن إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021، وسط حالة من الجدل لم تعد غريبة على المشهد السياسي التونسي.

 ويحظر خلال تلك الفترة الإشهار السياسي أو بث نتائج استطلاعات الرأي التي تتعلق بالعملية الانتخابية، وكذلك الدراسات والأبحاث والبيانات المتعلقة بالانتخابات، في كافة وسائل الإعلام.

 وبحسب بيانات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، بدأت عملية التسجيل الآلي للناخبين الأربعاء الماضي، كما بدأت عملية التثبت من العناوين الفعلية للناخبين منذ الإثنين، وتستمر إلى 13 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، على أن تخصص تلك الفترة للنظر في النزاعات في قائمة الناخبين، وفق وكالة أنباء الشرق الأوسط.

 برلمان جديد كلياً

يجمع غالبية المراقبين في تونس على أنّ البرلمان المقبل سيكون وجهاً جديداً في المشهد السياسي؛ لأنّه سيتشكّل وفق قانون انتخابي جديد سيسمح للمرة الأولى بانتخاب الأفراد بشكل مباشر وليس من خلال القوائم الانتخابية، كما سيمنح المواطن الحق في محاسبة نائبه وسحب الثقة منه إذا استدعى الأمر ذلك، كذلك يضع القانون الجديد حدوداً صارمة فيما يتعلق بالمرشحين لإبعاد الفاسدين عن دوائر الانتخابات، وعدم السماح لهم بتسلق السلطة مجدداً، على حدّ وصف المراقبين.

 الرئيس التونسي قيس سعيد

 المحلل السياسي التونسي بسام حمدي يقول في تصريح لـ"حفريات": إنّ القانون الانتخابي الجديد سوف يغير طريقة انتخاب ممثلي الشعب في البرلمان، حيث تقلص عدد النواب من (217) نائباً إلى (161)، كذلك أبرز الملامح في القانون الانتخابي الجديد أنّه أصبح بإمكان الناخب سحب الثقة من النائب الذي ينتخبه إذا لم يقم بدوره التشريعي والرقابي على ما يرام، ولم يقدم الخدمات المرجوة منه للمواطنين أو ثبت فساده، أو غير ذلك من الأمور التي تدفع الناخب إلى سحب ثقته من هذا المرشح أو ذاك.

 كذلك يرى بسام حمدي أنّ إحدى مميزات القانون الانتخابي الجديد أنّه ألغى فكرة الحصانة الانتخابية التي كانت تُمنح للنواب من قبل، ويمكن بسهولة لجهات التحقيق والهيئات المختصة محاسبة جميع من يتورطون في أيّ اتهامات.

محلل سياسي تونسي: أبرز الملامح في القانون الانتخابي الجديد أنّه أصبح بإمكان الناخب سحب الثقة من النائب الذي ينتخبه إذا لم يقم بدوره التشريعي والرقابي على ما يرام

 

وبحسب حمدي، يستهدف القانون أيضاً ملاحقة جميع المتهمين في قضايا فساد مالي أو إداري أو أيّ نوع من القضايا الجزائية، لمنع ترشحهم مجدداً في الانتخابات التشريعية، حتى لا يسمح بإنتاج منظومة الفساد ذاتها مرة أخرى.

 وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أكد في اجتماع لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي أنّ "القانون الانتخابي لا يقل أهمية عن الدستور، وإن كان دونه مرتبة قانونية"، مضيفاً أنّ "الغاية من هذه الاختيارات التي تم وضعها بعد الاطلاع على عدد من التجارب، وما عاشته تونس في السابق، هي تحميل المسؤولية المباشرة للنواب؛ لأنّ النائب في المجلس النيابي أو التشريعي سابقاً كان لا يستمد وجوده من إرادة ناخبيه بل من تزكيته من قبل الهيئة المركزية من الحزب الذي ينتمي إليه، في حين يجب أن يكون النائب مسؤولاً أمام ناخبيه، لذلك تم التنصيص في الدستور ومشروع المرسوم على إمكان سحب الثقة بطرق محددة"، بحسب "الإندبندنت" بالعربية.

 جدل سياسي بين الترحيب والمقاطعة

أعلنت عدة قوى وأحزاب سياسية عن ترحيبها بالقانون الانتخابي الجديد، وقالت إنّها تستعد في الوقت الراهن لخوض غمار الانتخابات التشريعية وتأمل باستكمال خريطة الطريق السياسية في البلاد، وأبرز تلك الأحزاب "التيار الشعبي"، و"حركة الشعب"، و"الائتلاف من أجل تونس"، وغيرها، وفي المقابل أعلنت أحزاب أخرى في مقدمتها حركة النهضة، الذراع السياسة لجماعة الإخوان، عن مقاطعتها للانتخابات.

 وفي هذا الصدد يقول حمدي: إنّ "هناك عدداً من القوى السياسية في البلاد أعلنت عن مقاطعتها للانتخابات التشريعية المقبلة اعتراضاً على هذا القانون، بحجة أنّه "إقصائي"، وأنّه يسمح بالتصويت على الأفراد وليس القوائم، وهو أمر سيربك الأحزاب التي اعتادت الدفع بمرشحيها على قوائم انتخابية موحدة وضمن تحالفات سياسية، ولكن في المقابل، هناك قطاع عريض من القوى السياسية وافقت على القانون، واعتبرته فرصة لإفساح المجال الإيجابي للناخبين، للتعامل بصفة مستمرة ومباشرة مع النائب الذي سيرشحه ويمكنه محاسبته على أدائه في أيّ وقت، وكذلك السماح بسحب الثقة منه، إذا أخفق في مهامه، أو ثبت أيّ اتهام موجّه إليه".

بسام حمدي: يلاحق القانون المتهمين بقضايا فساد مالي أو إداري وأيّ نوع من القضايا الجزائية لمنع ترشحهم للانتخابات التشريعية

ومن جهته، اعتبر أمين عام حزب التيار الشعبي زهير حمدي أنّ "القانون الانتخابي الذي صدر في الرائد الرسمي إيجابي في عمومه، وأنّ نظام الاقتراع على الأفراد في دورتين سيمكّن أوسع قاعدة شعبية ممكنة من الوصول إلى مراكز القرار، ويتجنب هدر الأصوات، ويؤمّن كتلاً برلمانية قادرة على الحكم وأخرى على المعارضة، مشيراً، في تصريح لإذاعة "موازييك" التونسية، إلى عدم وجود أيّ نظام انتخابي بمنأى عن تكريس العروشية والجهويات، وهذا لا يخص فقط نظام الاقتراع على الأفراد كما هو متداول.

تسهيلات من جانب هيئة الانتخابات

أعلن محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم هيئة الانتخابات التونسية، الثلاثاء 27 أيلول (سبتمبر) الجاري، مجموعة من التعديلات والتسهيلات لمصلحة المرشحين للانتخابات البرلمانية، المقررة في 27 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وذلك بعد الشكاوى الكثيرة التي صدرت عن عدد من الأحزاب المؤيدة لخيارات الرئيس السياسية. وقال المنصري: إنّ هيئة الانتخابات وضعت نموذجاً للتزكيات على موقعها الرسمي لتوحيد وثيقة تزكية المترشحين، موضحاً أنّها لن تقبل الترشحات التي لا يعتمد أصحابها على تلك الوثيقة، بحسب ما أوردته صحيفة "الشرق الأوسط".

أمين عام حزب التيار الشعبي: القانون الانتخابي الذي صدر في الرائد الرسمي إيجابي في عمومه، ونظام الاقتراع على الأفراد في دورتين سيمكن أوسع قاعدة شعبية ممكنة من الوصول إلى مراكز القرار

 

 كما توقع المنصري أن تنظم هيئة الانتخابات دورة ثانية للاقتراع، بعد أسبوعين من الإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى في الانتخابات البرلمانية، وذلك في حال عدم حصول مترشح أو أكثر على أغلبية الأصوات في الدورة الأولى (50% زائد واحد).

 وفي حين يرى المحلل السياسي التونسي أنّ التسهيلات المقدّمة "أمر جيد"، يشدد على أهمية أن تراعي الهيئة المستقلة للانتخابات التشريعية في تونس عدداً من الاعتبارات من شأنها تسهيل العملية الانتخابية؛ منها على سبيل المثال إبداء مرونة في الشرط المتعلق بجمع (400) تزكية لمن يريد الترشح للانتخابات، يكون نصفها من الرجال والنصف الآخر من النساء، على أن تكون أعمارهم أقل من (35) عاماً، مشيراً إلى أنّ هذا الشرط قد يمثل عائقاً أمام الانتخابات التشريعية.

وفي السياق، أكد حمدي على ضرورة الالتزام بالحياد والشفافية والنزاهة من جانب جميع أطراف العملية الانتخابية، وقال: إنّ "الجهات التشريعية ستعمل بشكل كبير على ضمان حيادية ونزاهة واستقلال الهيئة الوطنية للانتخابات، المنوط بها تنظيم الماراثون الانتخابي بالبلاد".

مواضيع ذات صلة:

قضاة تونس المعزولون: فاسدون مرتبطون بالإخوان أم ضحايا قرار فرديّ؟

التمويل الخارجي لحركة النهضة الإخوانية تحت مجهر العدالة التونسية.. ما الجديد؟

الاتحاد التونسي للشغل يعلن إضراباً عاماً.. فهل خانه اختيار التوقيت؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية