العراق: سجاد سالم نائب أعزل بمواجهة الحشد الشعبي... ما نتيجة المواجهة؟

العراق: سجاد سالم... نائب أعزل بمواجهة الحشد الشعبي... ما نتيجة المواجهة؟

العراق: سجاد سالم نائب أعزل بمواجهة الحشد الشعبي... ما نتيجة المواجهة؟


23/05/2023

ارتفعت حدة المواجهة بين النائب في مجلس النواب العراقي سجاد سالم، وبين هيئة الحشد الشعبي، إلى حدّ إغلاق الحشد لمقار النائب المستقل في محافظة واسط، جنوب البلاد. وترجم الحشد حدة توتره من ناقديه السياسيين إلى إنزال إحدى فرقه العسكرية بعناوين احتجاجية مدنية، ادعت أنّها تمثل ما يُسمّى بـ "أمّة الحشد".

ودرج سالم، وهو محامٍ، وكان من بين أبرز الناشطين في "حراك تشرين" الاحتجاجي 2019، على اتهام بعض عناصر "الحشد" بالتورط بدماء الناشطين وجماعات الحراك، ووجّه في منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي انتقادات لاذعة لرئيس الحشد الشعبي فالح الفياض، وطالب بعزله عن رئاسة الهيئة، على خلفية عمليات إلقاء قبض قام بها "أمن الحشد" لأشخاص على خلفية اتهامات كيدية.

ودخل القضاء المحلي على خط الأزمة المحتدمة بين الجانبين، وأبلغ النائب سجاد سالم بالمثول أمامه، بناءً على دعوى قضائية أقامتها هيئة الحشد الشعبي، وذلك بتهمة الإساءة لرئيسها الفياض وقائد الأركان فيها عبد العزيز المحمداوي المعروف بـ "أبي فدك"، في حين نددت قوى "التغيير والديمقراطية" بقيام "قوى السلاح" بأفعال خارجة عن القانون، منتقدةً الحكومة بعدم ضبط الأمور وتثبيت هيبة الدولة.

دفاعاً عن مقاتلي الحشد

ويعزو النائب المستقل سجاد سالم توالي انتقاداته لهيئة الحشد الشعبي إلى أنّها تأتي من أجل الكشف عن الفساد المالي والإداري المستشري في الهيئة المرتبطة برئاسة الوزراء، حيث يهيمن القادة الحشديون على المقدرات المالية للهيئة، وعلى مستحقات آلاف المقاتلين ضد تنظيم داعش الإرهابي. ويحاول سالم إيصال خطابه الإعلامي إلى كافة المنتسبين في القوات الأمنية، مؤكداً أنّ الهدف من وراء تصاعد حدة الانتقادات ضد الحشد الشعبي، يأتي من أجل الكشف عن كيفية  تلاعب إدارة الحشد بامتيازات منتسبيه.

قوات أمنية تقف أمام مكتب النائب سجاد سالم بعد اغلاقه من قبل عناصر ينتمون للحشد الشعبي

ومنذ أسابيع، يهاجم إعلام الحشد الشعبي، والفصائل الموالية لإيران، النائب التشريني، متهماً إيّاه بالعمالة للأجنبي، فضلاً عن المساهمة في تجارة المخدرات في محافظة واسط التي يمثلها في البرلمان الاتحادي. ويعتقد الحشديون أنّ سالم يمثل أجندة حركة "تشرين" المناوئة لتواجد ما يُسمّى بـ "فصائل المقاومة"، الداعية لإسقاط النظام السياسي في العراق.

ويقول سالم في تصريح خص به "حفريات": إنّ "مقاتلي الحشد الشعبي هم مقاتلون ناضلوا مع الآخرين في قتال تنظيم داعش الإرهابي لدى غزو الأخير محافظات عراقية عدة"، مبيناً أنّ "أولئك المقاتلين خبروا القتال والمعاناة، ومارسوا دوراً بطولياً في تحرير العراق من عناصر التنظيم".

وصل عدد مقاتلي الحشد الشعبي إلى (160) ألف مقاتل موزعين على فصائل وألوية تهيمن عليها القوى المقرّبة من إيران، ويُصرف لها (2.7) مليار دولار من ميزانية الدولة العراقية

ويوضح أنّ "في الحشد الشعبي من يدعون أنفسهم بالقادة، وهم حالياً يشرفون على إدارته، بينما هم لم يشتركوا في القتال والتضحيات والمعاناة التي مر بها الجنود المقاتلون في معارك التحرير"، مؤكداً أنّ "انتقاداته واتهاماته توجه صوب إدارة هيئة الحشد، وليس إلى أولئك المقاتلين".
ويصل عدد مقاتلي الحشد الشعبي إلى (160) ألف مقاتل موزعين على فصائل وألوية تهيمن عليها القوى السياسية المقرّبة من إيران، ويُصرف لهيئة الحشد (3.56) تريليون دينار عراقي، (2.7) مليار دولار، من ميزانية الدولة العراقية، ممّا يجعل الحشد ثالث أكبر مؤسسة أمنية بعد وزراتي الدفاع والداخلية.

ويؤكد النائب المدني أنّه لا يريد أن "نضيع أعواماً أخرى، كما أضعنا (20) عاماً بعد سقوط النظام السابق في 2003، لأنّ ذلك سوف يؤثر على الاقتصاد والتطور والتنمية، وليس أمامنا سوى مواجهة تلك الفصائل سلمياً، وليس أمامنا سوى تحقيق طموحاتنا، لأنّه بدون ذلك سوف يكون المستقبل أسوأ من الحاضر".
 

مغلق بأمر الحشد

طوّق محتجون يرتدون زياً مدنياً في محافظة واسط مكتب النائب سجاد سالم، منددين بتصريحاته التي تنال من "تضحيات الحشد الشعبي"، على حدّ تعبيرهم، كما رفعوا شعارات ضد النائب المستقل، وتم خط عبارة "مغلق بأمر الحشد" على جدران المكتب وسط المحافظة.

من جانب آخر، أبلغ القضاء المحلي النائب سجاد سالم بالمثول أمامه لإكمال الإجراءات القانونية في الدعوى المرفوعة ضده، حيث اشتكت هيئة الحشد سالم لدى القضاء؛ بدعوى الإساءة لرئيس الهيئة فالح الفياض، وقائد الأركان عبد العزيز المحمداوي الملقب بـ "أبي فدك".

قوى التغيير والديمقراطية تقرأ بيانها في مؤتمر صحافي عقدته في بغداد

ويرى سالم أنّ التظاهرات التي طوقت مكتبه "تأتي بعد تقديمه إخباراً لجهاز  الادعاء العام في محافظة واسط، حول محاولة اغتيال فاشلة بحق شخصين في مركز المدينة"، وأضاف: "لا أخشى الذهاب إلى القضاء، وسأواجه الاتهامات، وسأقوم بتقديم إبلاغات إلى القضاء عن حالات فساد واسعة داخل هيئة (الحشد)".

وتابع قوله: "إنّ الدعوى التي رفعوها ضدي لأسباب مختلفة، تتعلق بانتقادات كثيرة وجهتها ضدهم، لكن يبدو أنّ تصريحاتي الأخيرة بشأن سرقة أموال المفسوخة عقودهم من قبل الهيئة، هي ما أثار سخطهم وغضبهم".

وسبق أن قال سالم في تصريحات عن أموال المفسوخة عقودهم: إنّ "أغلب أموال المفسوخة عقودهم قد تمّت مصادرتها من قبل الهيئة. هذا ملف خطير، وقد كتبت بذلك لرئيس الوزراء؛ لأنّ (216) مليار دينار عراقي، من أصل (300) مليار دينار، موجودة في قانون الأمن الغذائي تمّت مصادرتها من قبل هيئة (الحشد)، في حين أنّ الأصل أن يتم توزيع هذه المبالغ بين وزارتي الدفاع والداخلية وهيئة الحشد".

القوى المدنية تنتقد

وردّاً على مهاجمة الفصائل المسلحة لمكتب النائب المحسوب على التيار المدني، انتقدت قوى "التغيير الديمقراطية" الحكومة العراقية لتفشي ظاهرة انتشار السلاح الذي يهدد أمن البلد واستقراره، مشددة بوجوب منع المظاهر المسلحة، ومساعي تقييد حرية التعبير.


النائب سجاد سالم لـ (حفريات): التظاهرات التي طوقت مكتبي تأتي بعد تقديمي إخباراً لجهاز الادعاء العام في محافظة واسط، حول محاولة اغتيال فاشلة بحق شخصين في مركز المدينة

وقالت القوى في بيان لها: إنّها "تتابع بقلق بالغ الأفعال الشنيعة التي تمارسها قوى السلاح المنفلت، ضاربة هيبة الدولة واستقرار البلد عرض الحائط". وأضاف البيان: "تدق تلك الأحداث ناقوس الخطر فيما تبقى من دولة، لا سيّما بعد تهديد للنائب المستقل سجاد سالم، الذي تعرّض مكتبه في محافظة واسط لاعتداء من قبل مجاميع مسلحة معروفة الانتماء؛ بسبب مواقفه المبدئية من السلاح خارج إطار الدولة".

وتابع البيان: "إنّ قوى التغيير والديمقراطية تشجب تلك الأفعال الخارجة عن القانون، وتدين فاعليها أيّاً كان انتماؤهم، كما ننتقد تخلي السلطات المعنية عن مسؤوليتها في حماية أمن البلد واستقراره، ومنع المظاهر المسلحة، ومساعي تقييد حرية التعبير، ونشدد في الوقت نفسه على العمل من أجل إنفاذ القانون والدستور العراقي".

مواضيع ذات صلة:

نار الخلاف تستعر داخل المكوّن المسيحي في العراق.. ما علاقة الحشد الشعبي؟

العراق: اتهامات لسياسيين بدعم النزاعات العشائرية على حساب سلطة الدولة... كيف ولماذا؟

هل يتدخل المجتمع الدولي لحل أزمة المياه بين العراق وإيران وتركيا؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية