المتغطرسون إذ يمنحون السلالات الحاكمة سمعةً سيئة

المتغطرسون إذ يمنحون السلالات الحاكمة سمعةً سيئة

المتغطرسون إذ يمنحون السلالات الحاكمة سمعةً سيئة


25/02/2023

ترجمة وتحرير: محمد الدخاخني

بالنّسبة إلى جنرال أوغنديّ كبير درّبه الجيش البريطانيّ في «ساندهيرست»، فإنّ موهوزي كاينيروغابا رجلٌ غير أرثوذكسيّ. في تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، عرض مائة بقرة، في صورة مهر عروس، على رئيسة الوزراء الإيطاليّة، جيورجيا ميلوني. وفي مغامرة أخرى، ورد أنّها مُعدّة جيّداً، على «تويتر»، هدّد موهوزي بغزو كينيا وقهر نيروبي، ممّا أدّى إلى إقالته من منصب قائد «قوّات الدّفاع الشّعبيّة الأوغنديّة». ومن الغريب أنّه رُقّي، في الوقت نفسه، إلى رتبة بأربع نجوم.

في مداخلات أخرى عبر الإنترنت، في وقتٍ متأخّر من الليل، دعم موهوزي الغزو الروسيّ لأوكرانيا، وأشاد بدونالد ترامب باعتباره «الرّجل الأبيض الوحيد الذي احترمته على الإطلاق». كما أنّ لديه جانباً أكثر قتامة. أثناء قيادته للقوّات الخاصّة، تورّط في اختطاف وتعذيب معارضين سياسيّين. وفي عام 2021، في صدى بارد للدّيكتاتور الوحشيّ عيدي أمين، دافع عن حقّه في اتّخاذ مثل القرارات بعد أن «استيقظَ من سُبات مخمور».

رئيس أوغندا السّلطوي

كما يعرف الأوغنديّون من تجاربهم المؤلمة، فإنّ موهوزي يفلت من العقاب لأنّه الابن والوريث المفترض ليويري موسيفيني، رئيس أوغندا السّلطوي. قد يتنحّى موسيفيني، أخيراً، في عام 2026، بعد 40 عاماً في السّلطة. ومن خلال خلق سُلالة سياسيّة وتأمين الخلافة في الحكم قبل استقالته، يمكنه القول بأنّ «الاستمراريّة» تخدم مصالح أوغندا على أفضل وجه مع ضمان سلامته في المستقبل.

في وقت سابق من هذا الشّهر، استخدم كيم جونغ أون، ديكتاتور كوريا الشّماليّة، موكباً من الصّواريخ الباليستيّة طويلة المدى كخلفيّة مُخيفة لحفلة تدشين لابنته، كيم جو آي، التي يُعتقد أنّها في العاشرة من عمرها.

كيم جونغ أون

مَن يدري ما الذي فهمته الصّبيّة من كلّ هذا؟ من جانبه، أرسل والدها المرح والشّرير بالتّناوب، الذي أطلق عليه ترامب اسم «رجل الصّواريخ الصّغير»، رسالةً إلى العالم الذي يتابعه عن كثب: «من حيث أتيت، هناك أكثر من كيم». نجل «الزّعيم العزيز»، كيم جونغ إيل، وحفيد الأب المؤسّس لكوريا الشّماليّة، كيم إيل سونغ، كان يشير بوضوح، بهذا القول، إلى أنّ الحديث عن تغيير النّظام في بلاده لا طائل من ورائه. سيتعيّن على الغرب التّعامل معه ومع أشباهه إلى أجل غير مسمّى.

رجل كمبوديا القويّ

هون سين، رجل كمبوديا القويّ المدعوم من بكين، لديه أفكار مماثلة حول الخلافة. في الأسبوع الماضي، أغلق واحدةً من آخر المنصّات الإعلاميّة المستقلّة المتبقّية في البلاد، «صوت الدّيمقراطيّة»، بعد أن انتقدت نجله، كما يُفترض. هون سين  (70 عاماً)، الذي يحكم منذ 35 عاماً، قد يكون متوتّراً بشأن ما سيحدث بعد ذلك. في رأيه، ينبغي أن يكون هون مانيه، الابن المفضّل الذي عيّنه نائباً لقائد القوّات المسلّحة، خليفة له. وتقول «العفو الدّوليّة» إنّ أيّ شخص ينتقد أسرة هون سين، حتّى لو كان ذلك عن بُعد، يواجه «قمعاً مستمرّاً».

الملك التايلندي ماها فاجيرالونجكورن، من بين أكثر أفراد العائلة المالكة عرضة للفضائح. وقد رقّى كلبه الأليف، فو فو، إلى منصب قائد القوّات الجويّة!

يعكس استمرار وتكاثر السّلالات الدّيكتاتوريّة شعوراً عائليّاً بانعدام الأمان واتّجاهاً عالميّاً نحو السّلطويّة. في إيران، التي ينهار نظامها «الدّيمقراطيّ» الذي بُني بعد عام 1979، يُذكَر مجتبى خامنئي، نجل المرشد الأعلى آية الله عليّ خامنئي، بوصفه خليفةً محتملاً. في نيكاراغوا، يُقال إنّ الرئيس دانيال أورتيغا وزوجته، التي هي، أيضاً، نائبته، روزاريو موريللو - وكلاهما من أشهر المارقين الثّوريّين في العالم - يجهّزان ابنهما، لوريانو أورتيغا، لتولّي أعلى منصب في البلاد.

في سوريا، أبرزت آثار الزّلازل الأخيرة، التي أسيئت إدارتها، مدى الكارثة التي يمكن أن تُحدثها سلالة عائليّة ذاتيّة الاستمراريّة، وغير خاضعة للمساءلة، وغير كفؤة على حيوات النّاس العاديّين. ورث الرّئيس بشار الأسد المنصب عن والده، حافظ الأسد، المشهور بقتله للمعارضين. وعند خوضه الحرب الأهليّة في سوريا، لجأ بشار إلى التّكتيكات الوحشيّة نفسها التي تعلّمها وهو في كنف والده. وهو لم يتعلّم أي شيء منذ ذلك الحين. وقد يتبعه ابنه الأكبر، حافظ، طوعاً أو كرهاً.

أنغولا: فشل السلالات

في المقابل، تُقدّم أنغولا دراسة حالة عن كيفيّة فشل السّلالات السّياسيّة. حكم خوسيه إدواردو دوس سانتوس البلاد لما يقرب من أربعة عقود رئيساً وزعيماً للحزب الحاكم. ومع ذلك، أسهم الفساد الجسيم المرتبط بأسرته في سقوطه. انقلب عليه خلفه المختار، جواو لورينسو، واستهلّ تحقيقات مع أولاده، بما في ذلك إيزابيل دوس سانتوس، التي وُصفت بأنّها أغنى امرأة في أفريقيا. وقد توفّي الرّئيس السّابق في المنفى العام الماضي.

 الملك التايلاندي ماها فاجيرالونجكورن

لطالما وُجِدَت السّلالات السّياسيّة داخل الدّيمقراطيّات القائمة، أيضاً - مع نتائج متفاوتة. عائلة كينيدي هي أفضل مثال أمريكيّ معروف، على الرّغم من تضاؤل شهرتها هذه الأيّام. جورج بوش الأب أنجب، على نحو لا يبعث على السّرور، جورج دبليو بوش. ذات مرّة، تحدّث ترامب عن ابنته، إيفانكا، بوصفها وريثة للرّئاسة. تحظى كندا بابني عائلة ترودو، بيير وجوستين. في الهند، من الصّعب الهروب من عشيرة غاندي، التي سار سليلها الأخير، راهول، على قدميه في جميع أنحاء البلاد. تنتشر عائلة بوتو بكثرة في باكستان. لحسن حظّ بريطانيا، هناك بوريس جونسون واحد فقط.

استخدم كيم جونغ أون، ديكتاتور كوريا الشّماليّة، موكباً من الصّواريخ الباليستيّة طويلة المدى كخلفيّة مُخيفة لحفلة تدشين لابنته، كيم جو آي

ويُعدّ الملك ماها فاجيرالونجكورن، الذي اعتلى العرش التّايلانديّ في عام 2016، من بين أكثر أفراد العائلة المالكة عرضة للفضائح. وقد أُطلق عليه اسم «كاليجولا سيام»، نسبة إلى الإمبراطور اليونانيّ الأنانيّ والمتقلّب كاليغولا، ورقّى كلبه الأليف، فو فو، إلى منصب قائد القوّات الجويّة، وارتكب العديد من الحماقات الأخرى أثناء توليه للعهد. على كلّ، يبدو أنّ ماها قد هدأ مؤخّراً.

في بريطانيا، يتآمر الثّلاثي الرّهيب، أندرو وويليام وهاري، عن غير قصد، لدفع قضيّة تحويل المملكة المتّحدة إلى جمهوريّة. الأمراء المتحاربون والمتغطرسون يمنحون السّلالات من جميع الأنواع سمعةً سيئة - وربما يدمّرونها.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

سيمون تيسدال، الغارديان، 19 شباط (فبراير) 2023




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية