المقاطعة السعودية للبضائع التركية.. ضربة أخرى لسياسات أردوغان

المقاطعة السعودية للبضائع التركية.. ضربة أخرى لسياسات أردوغان


12/10/2020

يبدو أنّ سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تدفع الاقتصاد التركي وعلاقات أنقرة مع محيطها إلى مزيد من الخسائر. ولعلّ من الخطوات الأخيرة في هذا المجال توجّه المملكة العربية السعودية إلى عدم استيراد البضائع التركية، واستبعاد المقاولين الأتراك من المناقصات الكبرى، كما أفادت شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية أول من أمس.

 

قيمة الواردات التركية انخفضت منذ 2015، ما يُعَدُّ مؤشراً إلى غضب سعودي من السياسات الاستفزازية والعدائية التي يتبناها أردوغان ضد عدد من الدول الخليجية والعربية

 

وقال رجال أعمال أتراك بارزون إنّ السلطات السعودية كثفت جهودها لمنع الواردات التركية. وفي تغريدة نشرها على "تويتر" في الثالث من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري حث رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية، عجلان العجلان، على مقاطعة الواردات من تركيا.

وتشير "بلومبيرغ" إلى المبيعات التركية من السجاد والمنسوجات والمواد الكيماوية والحبوب والأثاث والصلب إلى السعودية بلغت 1.91 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من العام. وهذا يمثل انخفاضاً بنسبة 17٪ عن عام 2019. وأضافت الشبكة الأمريكية بأنّه بينما يمكن أن يُعزى بعض هذا الانخفاض إلى تفشي وباء كورونا حول العالم، فإنّ الإحصاءات السعودية تظهر، في الحقيقة، أنّ قيمة الواردات التركية قد انخفضت كل عام منذ 2015، ما يُعَدُّ مؤشراً إلى غضب سعودي من السياسات الاستفزازية والعدائية التي يتبناها الرئيس التركي أردوغان ضد عدد من الدول الخليجية والعربية. وقد رفضت العديد من الدول العربية التدخل التركي في الشؤون العربية في سوريا والعراق وليبيا.

التوقيت المؤلم

نمت العلاقات الاقتصادية بين تركيا والدول العربية في العقدين الماضيين، سواء من حيث التجارة أو من حيث تدفقات الاستثمار والسياحة. ومع أنّ الاستثمارات العربية والخليجية ليست هي الأكبر في تركيا، فإنّ توقيت المقاطعة الخليجية للبضائع التركية قد يكون مؤلماً؛ وسط التراجع الكبير في الليرة التركية ونزوح المستثمرين الأجانب، ما يعني أنّ الاقتصاد التركي لا يستطيع تحمل أي خسائر جديدة في مخزون العملة الصعبة وتدفقات رأس المال الأجنبي والسمعة والتصنيف الائتماني، وبالتالي زيادة أخرى في مستوى المخاطر، كما أفاد تحليل نشره موقع "المونيتور" الأمريكي.

وكان وزراء خارجية جامعة الدول العربية، نددوا في بيانهم الصادر في 9 أيلول (سبتمبر) الماضي، بـ "تدخل تركيا في الشؤون العربية"، بما في ذلك أعمالها العسكرية في سوريا وليبيا والعراق، وحثوا أنقرة على "وقف الاستفزازات التي يمكن أن تقوّض بناء الثقة وتهدد أمن المنطقة واستقرارها. كما دعا وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى الوحدة العربية لردع أفعال تركيا التي وصفها بأنها أكبر تهديد ناشئ للأمن القومي العربي. وأبدت ليبيا وقطر والصومال وجيبوتي تحفظات على البيان المشترك، الذي رحب أيضاً بتشكيل لجنة لمراقبة ومعالجة مثل هذا التدخل التركي، بحسب "المونيتور".

 

أوزتراك: كلما انحدرت الليرة التركية يهرع أدروغان بسرعة قصوى إلى قطر طلباً للنقود

 

ووفقًا لمحمد جوزل مانصور، النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي والذي يمثل مقاطعة هاتاي الحدودية الجنوبية، فإنّ المقاطعة السعودية للبضائع التركية قد تسببت بالفعل في "خسائر مادية جسيمة" للمزارعين والمصدرين في هاتاي والمناطق المحيطة بها. وحذر من أنه "إذا ظلت المشكلة من دون حل، فقد يتوسع الحظر الشامل الذي تفرضه المملكة العربية السعودية [من خلال تحركات مماثلة من قبل] حلفاء السعودية في المنطقة"، كما نقلت "المونيتور".

زيارة أردوغان قطر

إلى ذلك، قال الناطق باسم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، فائق أوزتراك، إنّ الهدف من وراء زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى قطر، الأسبوع الماضي، كان طلب المال.

وأضاف أوزتراك، أنه كلما انحدرت الليرة التركية، يهرع أدروغان بسرعة قصوى إلى قطر طلباً للنقود، حسبما أوردت صحيفة "زمان" التركية.

وتابع، وفق ما نقلت "سكاي نيوز عربية": "لكن لا بد أن يعلم (أردوغان) أنّ الذي يتلقى أموالاً من الخارج يتعود على تلقى الأوامر أيضاً. لذا نرى أن أمير قطر بات ينظر إلى أردوغان بدونية كلما طلب منه الأموال"، بحسب الصحيفة التركية.

ولفت أوزتراك إلى أنّ مواطن ضعف أردوغان تجعل الدولة التركية معرضة لضغوط الدول الأخرى وابتزازها.

اقرأ أيضاً: غضب شعبي سعودي متصاعد ضد تركيا ودعوات للمقاطعة الاقتصاديّة

وكان أردوغان اختتم الأسبوع الماضي زيارة إلى دولة قطر، بعد أيام فقط من انحدار العملة المحلية إلى مستوى 7.9 ليرة مقابل الدولار الواحد، وهو أسوأ رقم تحققه العملة التركية.

وفي مطلع تموز (يوليو) الماضي، زار أردوغان قطر في أول رحلة خارجية له منذ تفشي فيروس كورونا، وكانت الليرة التركية حينها متراجعة إلى حد 7.7 مقابل الدولار.

وفي السياق ذاته، انتقد كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري زيارة الرئيس أردوغان إلى قطر، واعتبرها مهينة بالنسبة إلى تركيا، بحسب "سكاي نيوز عربية".

وكانت حكومة أردوغان دانت تصريحات أدلى به مؤخراً المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، جو بايدن، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، وصف فيها أردوغان بأنه "مستبد"، وتحدّث عن ضرورة "تشجيع خصومه على إلحاق الهزيمة به".

المغرب يحمي أسواقه من "الغزو التركي"

من جانب آخر، وبعد أشهر من سياسة الضغط التي وصلت إلى حد التهديد، تمكن المغرب من "إجبار" تركيا على الرضوخ لمطلبه بتعديل اتفاقية التبادل الحر.

وتستغل أنقرة هذه الاتفاقية منذ سنوات "لإغراق" السوق المغربية بالمنتجات التركية بشكل ألحق ضرراً كبيراً بالإنتاج المحلي وبالوظائف، وفقاً لتقرير نشرته "سكاي نيوز عربية".

وبحسب الحكومة المغربية، فإنّ الاتفاقية، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2006، تكبد الاقتصاد المغربي، خسارة تقدر بملياري دولار سنوياً.

وصادق مجلس الحكومة في الرباط، الخميس الماضي، على تعديل اتفاقية التبادل الحر، وذلك بعد شهرين على التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الجانب التركي. ومن أبرز بنود التعديل، فرض رسوم جمركية لمدة خمس سنوات على عدد من المنتجات الصناعية التركية، لتبلغ 90 بالمئة من قيمة الرسوم.

اقرأ أيضاً: أردوغان.. وتجنيد المرتزقة

وسبق للحكومة المغربية، أن رفعت في العام 2018، قيمة الضرائب على الواردات التركية من منتوجات النسيج والألبسة إلى 90 بالمئة، مرجعة السبب إلى التأثر السلبي على شركات الإنتاج المحلية، وكذلك تضرر موردين آخرين، بحسب "سكاي نيوز عربية".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية