النائب اللبناني وضاح الصادق لـ"حفريات": حزب الله وحلفاؤه مسؤولون عن الفراغ الرئاسي

النائب اللبناني وضاح الصادق لـ"حفريات": حزب الله وحلفاؤه مسؤولون عن الفراغ الرئاسي

النائب اللبناني وضاح الصادق لـ"حفريات": حزب الله وحلفاؤه مسؤولون عن الفراغ الرئاسي


26/02/2023

أجرى الحوار: حامد فتحي

بات مجلس النواب الهيئة الأهم في لبنان، في ظل تعلق الأنظار به انتظاراً لانفراجة تأتي من داخله، بشأن انتخاب رئيس جديد للبلاد، للخروج من مجهول الفراغ الرئاسي. وتتعلق قضايا عدة مثيرة للخلاف بعمل المجلس منذ إنتهاء عهد الرئيس السابق ميشال عون؛ من جهة الخلاف حول النصاب القانوني لاستمرار عقد الدورات اللاحقة في جلسات انتخاب الرئيس، ومؤخراً السجال الكبير على إثر دعوة رئيس المجلس نبيه بري إلى جلسة تشريعية.

وكان الجديد على تركيبة المجلس الحالي، هم النواب التغييريون، الذي خرجوا من رحم دعوات التغيير التي رفعتها احتجاجات 17 تشرين الأول (أكتوبر) العام 2019. ولم تسلم مواقف هؤلاء النواب البالغ عددهم 16 نائباً من انتقادات طالتهم من القوى الحزبية التقليدية، خاصة المعروفة باسم "السيادية"، في ملف انتخابات الرئاسة. فضلاً عن إخفاق هؤلاء النواب في تشكيل كتلة برلمانية واحدة.

وكان لـ"حفريات" حوار مع النائب التغييري عن المقعد السنّي في دائرة بيروت الثانية، وضاح الصادق، تناول مواضيع منها، الفراغ الرئاسي والخلافات حول إدارة جلسات مجلس النواب وانقسام النواب التغييريين.

هنا نصّ الحوار:

يتصدر ملف الانتخابات الرئاسية اهتمامات الجميع داخل لبنان وخارجه، فما هو موقفك كنائب من التغييريين من الأسماء المطروحة للرئاسة في جلسات مجلس النواب؟

ليست هناك أسماء مطروحة في المجلس جدّياً سوى النائب ميشال معوّض، أمّا باقي الأسماء فهي متداولة إعلامياً ليس أكثر، وبالتالي فإنّ ما شهدناه من جلسات في المجلس يدلّ على عدم الجدّية من قبل فريق كبير من النوّاب، إن لجهّة طرح شعارات أو التصويت بورقة بيضاء.

ولكن، هناك لوم يوجه إلى النواب التغييريين ووصفهم بالمثالية واللاواقعية بسبب طرح عدة أسماء للرئاسة، بعضها لم يعلن ترشحه، فهل يمكن جمع التغييريين على مرشح واحد؟

علاقات لبنان بمحيطه العربي والخارجي هي جزء من هويّته التاريخيّة

عندما كنّا في تكتّل واحد وقبل خروجي منه للأسباب التي ذكرت في السؤال، قمنا بمبادرة رئاسيّة من ضمنها سلّة أسماء مرشّحين أجمع نواب قوى التغيير عليها، وبغض النظر عن ملاحظاتي على المبادرة إلّا أن تراجع البعض عن أسماء السلّة أفشل المبادرة وظهّر استحالة الاتّفاق على اسم واحد.

لماذا يرفض النواب التغييريون دعم ترشح ميشال معوض؟ ألا يتفق معكم في كونه من خارج المنظومة الحاكمة نسبياً؟

لست بصدد الدفاع عن النائب ميشال معوّض، فهو حليف منذ أن شكّلنا معه جبهة المعارضة اللبنانية، بعد استقالته من المجلس النيابي وآخرين عقب تفجير الرابع من آب (أغسطس). ولا بدّ من الاعتراف بأنّ النائب ميشال معوّض لم يكن يوماً من أركان المنظومة، ولم يشارك في السلطة، كما أنّه لا تشوبه أي شبهات فساد طيلة توليه الشأن العام.

غياب تيار المستقبل الاختياري عن المشهد السياسي هو فرصة جيّدة لعودة هذا المكوّن التأسيسي للبنان (السنّة) إلى الدّولة ومنطقها، والخروج من الاصطفافات الطائفية

أما عن رفض بعض قوى التغيير - حتى قبل الانتخابات النيابية - للكثير من القوى السياسيّة كالنائب ميشال معوّض، فذلك لم يكن مفهومًا بالنسبة لي، وهذا ما شكّل نقاط اختلاف جوهريّة بين قوى التغيير منذ بداية الثورة.

من المسؤول عن استمرار الفراغ الرئاسي؟

الفريق الذي يمسك بمفاصل الحكم في البلد منذ العام 2011، والممثّل بثنائي حزب الله وحركة أمل إلى جانب التيّار الوطني الحرّ وحلفائهم، الذين يعطّلون جلسات الانتخاب ويعتمدون على تفسيرات للدستور تناسب مصالحهم السياسية بعكس نصّ الدستور خاصّةً المواد (49/74/75).

هناك خلاف في المجلس حول النصاب المطلوب لاستمرار عقد الدورة الثانية لجلسة انتخاب الرئيس بين نصاب الثلثين أو النصف زائد واحد، فما هو موقفك كعضو في المجلس من ذلك؟

تنص المادّة (49) من الدستور اللبناني على الأكثريّة المطلوبة لانتخاب الرئيس من الدورة الأولى وفي الدورات اللاحقة، ولا تحدد بأي شكل من الأشكال نصاباً للجلسة؛ فهي تحدد ثلثي أعضاء المجلس لفوز مرشّح في الدورة الأولى، والنصف زائد واحد في الدورات التالية حصراً.

أثار موضوع عقد جلسات مجلس الوزراء غضباً بين المكون المسيحي، وكثير منهم يرونه تعدياً على الميثاقية، فكيف ترى عقد الجلسات كنائب في مجلس النواب؟

إعادة تكوين السلطة تبدأ بانتخاب رئيس للجمهوريّة ثمّ تكليف رئيس حكومة وتشكيلها، وهكذا تعود الحياة الدستورية إلى طبيعتها، فلا يمكن لدولة أن تعيش في ظل الاستثناءات المتواصلة، وبالتالي المسألة لا تتعلق بالميثاقيّة ولا بصلاحيّات إنّما بانتظام المؤسسات.

كنائب عن مقعد سنّي، كيف تقيّم مشاركة السنّة السياسية في ظل غياب تيار المستقبل؟

غياب تيار المستقبل الاختياري عن المشهد السياسي هو فرصة جيّدة لعودة هذا المكوّن التأسيسي للبنان (السنّة) إلى الدّولة ومنطقها، والخروج من الاصطفافات الطائفية التي أدت إلى هذا الانقسام الحاد الذي يشهده لبنان. ومما لا شكّ فيه أنه بعد سنوات من أحادية التمثيل لتيار المستقبل، فتح غيابه المجال للكثير من الشخصيات والقوى أن تتقدم، وهذا صحي إلى حدّ ما، ويجب أن يبنى عليه، على أمل أن ينسحب ذلك على باقي المكوّنات اللبنانية.

كيف تصف الشهور التي قضيتها كنائب في مجلس منقسم بين كتل متصارعة، وكيف يؤثر ذلك على مهامك كنائب؟

ما زلنا في بداية الطريق النيابي، وبالتالي فإنّ عملية التعرّف على المجلس وآليات العمل فيه أخذت قسماً كبيراً من الأشهر الماضية، خصوصاً أنه لا توجد أية جهّة داخل أجهزة المجلس مسؤولة عن إرشاد وتوجيه النوّاب الجدد، على كلّ ما يحتاجون أن يعرفوه لممارسة مهامهم النيابية.

ما أهم الاقتراحات ومشاريع القوانين والقضايا التي قدمتها وناقشتها خلال عملك كنائب؟

على صعيد التشريع نقوم بتحضير مجموعة من القوانين متعلّقة بالرياضة والكهرباء والقضاء، كما انكبّينا على إعداد اقتراح تعديل شامل للنظام الداخلي للمجلس النيابي. وناقشنا داخل اللجان واللجان المشتركة والهيئة العامّة كلّ مشاريع واقتراحات القوانين، خصوصاً تلك المتعلّقة بالإصلاحات الضروريّة للبنان، والتي ما زالت قيد النقاش والبحث.

ما هو موقفك كبرلماني من مسألة سلاح حزب الله وتدخلاته الإقليمية في البلاد العربية بسبب ارتباطه بإيران؟

لطالما كنت ضدّ أي سلاح غير شرعي ينتقص من سيادة الدولة على أراضيها، وهذا ينطبق على كلّ السلاح المتفلّت وعلى رأسه سلاح حزب الله، الذي أصبح عبئاً على الداخل اللبناني؛ بدخوله في الصراعات الإقليمية، بذهاب الحزب للقتال في اليمن والعراق وسوريا.

ولا يمكن أن يستمر ذلك الوضع الذي أثر سلباً على علاقات لبنان الخارجيّة مع محيطه العربي والدولي، وبات يهدد وجود لبنان وهويته. بجانب أنّ ذلك السلاح يهيمن اليوم على القرار السياسي في البلد.

كيف ترى سير التحقيقات في قضية انفجار المرفأ، ومن المسؤول عن عرقلة التحقيقات؟

للأسف تمّت عرقلة التحقيق منذ انطلاقه في عدّة محطات، وذلك من قبل المشتبه بهم وفريقهم السياسي، مما يزيد الشكوك ويقوي الانطباع أن هذا الفريق الذي يريد إيقاف التحقيق في تفجير المرفأ بأي شكل من الأشكال، له اليد الطولى في التفجير. وخصوصاً أنّ أحد المسؤولين في هذا الفريق وصل به الأمر إلى تهديد المحقق العدلي علناً، ومن داخل قصر العدل بـ"قبعه" من مكانه. وأشدد على أنّ هذه القضية هي قضية مركزية، ولا مساومة عليها مني ومن مجموعة من النواب وقوى سياسية مختلفة حتى الوصول إلى الحقيقة والعدالة.

هناك إصلاحات اقتصادية مطلوبة كشرط لعودة الدعم الدولي إلى لبنان. هل ترى إمكانية لتنفيذ هذه الإصلاحات في ظل بقاء منظومة الحكم التي تسببت في الأزمة ذاتها؟

من الواضح ومن خلال الأشهر الماضية أنّ هذه المنظومة لا تسعى إلى أي إصلاح، وهي لا تملك لا الإرادة ولا القدرة عليه؛ لأنه إن تحقق سيضرب أساس وجودها في الحكم. ولذلك فقد قدمت مشاريع واقتراحات قوانين إصلاحية بعناوين رنّانة، إنما بمضمون فارغ لا يوصل إلى أي إصلاح فعلي.

ما هي رؤيتك لعلاقات لبنان الخارجية خاصة مع محيطه العربي والخليجي؟

علاقات لبنان بمحيطه العربي والخارجي هي جزء من هويّته التاريخيّة؛ فهو عضو مؤسس في الجامعة العربية. وبناءً عليه فإنّ جرّ لبنان إلى حالة عداء مع العرب، كما هو حاصل الآن، يناقض تماماً رغبة الأغلبية الساحقة من الشعب اللبناني، ويتنافى مع كلّ مصالحه الاقتصادية.

أنت رئيس حزب جديد في الساحة السياسية، باسم "خط أحمر". حدثنا عن القيم والمبادئ والأهداف التي يمثلها الحزب ؟

انبثق حزب خط أحمر من رحم ثورة 17 تشرين، من مجموعة من رجال وسيدات الأعمال، الذين رفضوا الخضوع والاستمرار بنهج وأسلوب إدارة البلد من قبل المنظومة الحاكمة منذ أعوام.

سلاح حزب الله أصبح عبئاً على الداخل اللبناني؛ بدخوله في الصراعات الإقليمية، بذهاب الحزب للقتال في اليمن والعراق وسوريا، حيث بات يهدد وجود لبنان وهويته

ونؤمن في الحزب بأنّ أمام لبنان فرصة في ظلّ هذه الأزمة، يقفز  من خلالها نحو المستقبل والحداثة، دون المرور بإعادة ترميم الدولة المهترئة التي وصلنا إليها. ويشدد حزبنا على المبادئ الأساسية المرتبطة بالمواطنة، ومدنية الدولة، ولا مركزيّتها، وتطبيق الدستور والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين، تحت سقف دولة سيّدة تملك قرارها كاملاً، وتفرض نظامها على كامل أراضيها، وتحيد عن الصراعات الإقليمية والدولية وسياسة المحاور.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية