الهجرة غير الشرعية في تونس تواصل حصد الأرواح.. أما من حلول؟

الهجرة غير الشرعية في تونس تواصل حصد الأرواح.. أما من حلول؟


02/06/2022

تفاقمت أزمة الهجرة غير الشرعية في تونس، لحدٍ تجاوز القلق، بينما تتوالى التحذيرات المحلية والدولية من مخاطر استمرار هذه الظاهرة التي تهدد حياة الشباب التونسي، دون إيجاد حلول سريعة وناجزة من جانب الحكومة والسلطات الأمنية في البلاد للحد من انتشارها والتصدي للمتاجرين بأرواح الناس. 

وتشهد تونس، على مدار السنوات الماضية، حوادث غرق كثيرة نتيجة إقبال المواطنين على الهجرة غير الشرعية عبر السواحل التونسية إلى خارج البلاد، كان آخرها، يوم 25 أيار (مايو) الماضي، بعدما أعلنت السلطات في البلاد فقدان نحو (70) شخصاً وإنقاذ (25)، نتيجة غرق مركب كانت تقلهم إلى إحدى الدول الأوروبية عبر ساحل مدينة صفاقس.

أرقام صادمة 

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نشر قبل أيام من هذا الحادث، بياناً بتاريخ 21 أيار (مايو) الماضي، تحدث فيه عن أعداد المفقودين نتيجة الهجرة غير الشرعية من تونس إلى إيطاليا.

وبحسب البيان، سجلت السلطات، نحو (297) حالة وفاة واختفاء لمهاجرين تونسيين ومن جنسيات أخرى على امتداد السواحل التونسية منذ بداية العام الجاري وحتى 19 أيار (مايو)، فيما ذكرت وزارة الداخلية الإيطالية، أنّ أعداد التونسيين الذين وصلوا إلى إيطاليا، خلال العام الجاري 2022، تراجع عما هو عليه عام 2021، من 3027 مهاجراً العام الماضي إلى 1917 مهاجراً هذا العام.

وبحسب البيان، بلغ عدد المهاجرين الذين تم اعتراضهم قبل مغادرة السواحل التونسية 6485 مهاجراً منذ بداية العام وحتى شهر أيار (مايو). 

تفاقمت أزمة الهجرة غير الشرعية في تونس

وفي السياق، قالت المنظمة الدولية للهجرة، إنّ نحو ألفي مهاجر قد فقدوا أو غرقوا في المتوسط العام الماضي، مقارنة بـ1401 عام 2020، وهو ما يعكس تفاقم غير مسبوق للأزمة، واستمرار تدفق المهاجرين على قوارب الموت رغم الحوادث المتكررة. 

وكان الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، العميد حسام الدين الجبابلي، قد أعلن في وقت سابق من شهر أيار (مايو) الماضي، نجاح السلطات التونسية في إحباط 11 عملية هجرة غير شرعية، وضبط 146 مهاجراً، خلال الأشهر الماضية. 

بسام حمدي: لم تعد الهجرة غير الشرعية تحدث بشكل عشوائي، ولكنها تخضع لقوانين مافيا دولية وعصابات كبري تحترف الأمر

وفي التفاصيل أوضح الجبابلي، بحسب موقع قناة نسمة التونسية، أنّ "الوحدات البرية والبحرية بالمنطقة البحرية للحرس الوطني بقرقنة، معززة بالوحدة البحرية الثالثة المتنقلة، تمكنت من إحباط 8 عمليات هجرة غير نظامية وضبط 94 مجتازاً، بينهم شخص مطلوب في قضايا حق عام وآخر عنصر تكفيري مصنف خطير.

وقال إنه "في سواحل سوسة والمنستير، تمكن الحرس البحري من إحباط 3 محاولات اجتياز غير شرعية للحدود البحرية، وضبط 26 مهاجراً تونسياً و26 مهاجراً من جنسيات أفريقية مختلفة".

ومراراً تحدث الرئيس التونسي قيس سعيد عن خطورة الظاهرة المنتشرة، وأكد على أهمية التعاون الإقليمي وتكثيف الجهود من جانب الحكومة التونسية للتصدي لها ومعالجة أسبابها من الجذور. 

وخلال لقائه مع وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قال سعيد "إنّ السياسات التقليدية لمواجهة الهجرة غير الشرعية أثبتت محدوديتها"، مطالباً الدول الأوروبية "بإقرار سياسة مشتركة تمكن من التشجيع على الهجرة الشرعية وفق آليات تضمن حقوق المهاجرين".

حمدي: الحلول الأمنية ستكون ناجزة للتعامل مع الأزمة، وعلى تونس أن تعزز حزامها الأمني في المناطق الساحلية وكذلك الإمكانات اللوجيسيتة في كافة المناطق بالدولة 

ويصل مئات المهاجرين معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، إلى تونس بهدف الانتقال منها إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، وغالباً ما يبحرون على متن قوارب متداعية، فيما تعد إيطاليا إحدى نقاط الدخول الرئيسية إلى أوروبا للمهاجرين من شمال أفريقيا الذين يصلون أساساً من تونس وليبيا اللتين زاد عدد المغادرين منهما بشكل كبير عام 2021، بحسب تقرير نشره موقع "فرانس 24".

ما أسباب تفاقم الأزمة؟

المحلل السياسي التونسي بسام حمدي يرى أنّ ظاهرة الهجرة غير الشرعية في تونس قد استفحلت خلال الفترة الماضية لعدة اعتبارات، منها؛ أنّ هناك مجموعات من المهاجرين استغلوا هشاشة الوضع الأمني في البلاد ونظموا رحلات هجرة غير نظامية لتهريب العشرات بل والمئات إلى خارج البلاد. 

السبب الثاني بحسب ما يقول حمدي لـ"حفريات" يتعلق بظهور لوبيات وعصابات كبرى مختصة بعمليات التهريب، تستغل حاجة البعض بالسفر خارج البلاد بحثاً عن الرزق أو لتحسين الوضع المعيشي من أجل المتاجرة بأحلامهم وتعريضهم لخطر الموت مقابل الأموال التي يحصلون عليها لتسهيل عملية السفر غير القانوني عبر سواحل البلاد. 

وينوه الكاتب إلى أنّ الهجرة غير النظامية من البلاد لم تعد تحدث بشكل عشوائي، ولكنها تخضع لقوانين مافيا دولية وعصابات كبرى تحترف الأمر، وتعتبره مجالاً للتجارة وموارد التمويل، حتى أنّ بعض المناطق أصبحت معلومة كوجهات للراغبين بالسفر عبر طرق غير مشروعة، وباتت العناصر الضالعة بهذا الأمر معروفين داخل المدن التونسية، وقد تحول الأمر لتجارة. 

ويشير حمدي إلى بعد آخر مهم في التعامل مع أزمة المهاجرين من تونس، يتعلق بتسلل عدد كبير من أبناء الدول الأفريقية إلى تونس عبر الحدود الليبية، ومن ثم الهجرة عبر السواحل التونسية إلى بعض الدول الأوروبية، وهو أمر يزيد من خطورة الموقف بشكل كبير ويفرض على السلطات اتخاذ خطوات مكثفة لحماية الحدود ومنع تدفقات المهاجرين عبرها. 

ما الحلول المقترحة؟

وحول أبرز الحلول المقترحة لمعالجة الظاهرة، يقول حمدي إنه يمكن للحلول الأمنية أن تكون ناجزة، مؤكداً على أهمية أن تعزز الدولة التونسية حزامها الأمني في المناطق الساحلية وكذلك الإمكانات اللوجيستية في كافة المناطق بالدولة وخاصة الساحلية منها، وأيضاً تعزيز الجهود الخاصة بوزارة الداخلية لمراقبة وتتبع المتربحين من هذه التجارة وفرض سيطرتها على كافة المنافذ الحدودية. 

الرئيس التونسي صرح سابقاً بأنّ السياسات التقليدية لمواجهة الهجرة غير الشرعية أثبتت محدوديتها مطالباً الدول الأوروبية بالتعاون للتصدي للأزمة

أما الحل الثالث وفق الكاتب التونسي، فيتمثل في ضرورة توفير بدائل آمنة للتوظيف والمعيشة الكريمة داخل الدولة، حتى لا يكون الشباب التونسي فريسة سهلة للتلاعب بهم وبأحلامهم، أملاً في الحصول على حياة اجتماعية أفضل خارج البلاد.

مواضيع ذات صلة:

ارتفاع ضحايا عمليات الهجرة غير الشرعية واليونان تلوم تركيا

أرقام صادمة عن ضحايا الهجرة غير الشرعية..

الهجرة غير الشرعية.. جغرافيا سماسرة الموت



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية