الهجرة غير الشرعية... هل نجحت تونس في إدارة الملف؟

الهجرة غير الشرعية... هل نجحت تونس في إدارة الملف؟

الهجرة غير الشرعية... هل نجحت تونس في إدارة الملف؟


18/05/2023

شكّل استفحال ظاهرة الهجرة غير النظامية للمهاجرين من تونس نحو سواحل أوروبا، وخصوصا الإيطالية، ملفاً حارقاً تسعى البلدان الأوروبية للحدّ منه بوقف تيارات المهاجرين السرّيين التي تزايدت أعدادها في الأعوام الأخيرة.

ورغم أنّ البيانات تشير إلى أنّ (24383) شخصاً وصلوا إلى السواحل الإيطالية قادمين من تونس منذ مطلع العام حتى 2 أيار (مايو) الجاري، بمعدل (200) شخص يومياً، وبزيادة تفوق نسبة 1000% مقارنة بـ (2201) وافد في الفترة نفسها من العام الماضي، غير أنّ البلد يحظى بإشادات دولية لجهوده في مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وبحسب البيانات الإيطالية، فإنّ أكثر من (44) ألف شخص وصلوا إلى إيطاليا أو حاولوا عبور وسط البحر الأبيض المتوسط انطلاقاً من تونس منذ بداية العام، وقد تراجعت ليبيا إلى المرتبة الثانية كطريق للهجرة غير النظامية إلى إيطاليا.

إيطاليا تشيد بجهود تونس

هذا، وأشاد وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي الإثنين، في تونس العاصمة، بـ"الجهود الكبيرة" التي تبذلها السلطات التونسية لمكافحة الهجرة غير القانونية في اتجاه السواحل الإيطالية.

وخلال لقائه نظيره التونسي كمال الفقي، أكد الوزير الإيطالي "تقديره الكامل للجهود الكبيرة التي تبذلها تونس لحماية حدودها البحرية والبرية، ومكافحة شبكات التهريب، ومصادرة قواربها، وإنقاذ المهاجرين في البحر"، بحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية الإيطالية.

والتقى الوزير الإيطالي الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي شدد على "أنّه لا يمكن معالجة هذه الظاهرة وفق مقاربة أمنية فقط، بعد أن أثبتت التجربة محدوديتها"، حسب بيان للرئاسة التونسية.

 البيانات تشير إلى أنّ (24383) شخصاً وصلوا إلى السواحل الإيطالية قادمين من تونس منذ مطلع العام

يُذكر أنّ أجزاءً من سواحل تونس تبعد أقل من (150) كيلومتراً عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، وتسجّل بانتظام محاولات هجرة في اتجاه السواحل الإيطالية، وغالبية المشاركين فيها من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

وكان الحرس الوطني التونسي قد أعلن في وقت سابق أنّه أنقذ أو اعترض "أكثر من (14) ألف شخص، معظمهم يتحدّرون من أفريقيا جنوب الصحراء، إضافة إلى تونسيين، خلال الأشهر الـ (3) الأولى من العام الحالي"، ويناهز هذا العدد (5) أضعاف ما تم إحصاؤه خلال الفترة نفسها من عام 2022.

ووفق وزارة الداخلية الإيطالية، وصل أكثر من (14) ألف مهاجر إلى إيطاليا منذ بداية العام، مقارنة بأكثر من (5300) خلال الفترة نفسها من العام الماضي، و(4300) في عام 2021، وأحصى "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، المتخصص في متابعة ملف الهجرة في تونس، موت (200) شخص على الأقل في حوادث غرق مراكب منذ مطلع العام الحالي.

وأعرب مسؤولون أوروبيون، من بينهم رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، عن خشيتهم من انهيار الاقتصاد التونسي، وما قد يترتب على ذلك من زيادة تدفق المهاجرين إلى الشواطئ الأوروبية.

سعيّد يقترح عقد اجتماع دولي لحلّ الأزمة

من جانبه، اقترح الرئيس التونسي قيس سعيّد تنظيم اجتماع دولي "للاتفاق على صيغ تعاون تقضي على أسباب الهجرة غير النظامية"، دون الاقتصار فقط على معالجة النتائج والآثار.

جاء ذلك لدى استقباله وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بينتيدوزي، الذي يزور تونس لمناقشة قضية زيادة تدفقات المهاجرين غير الشرعيين انطلاقاً من السواحل التونسية نحو بلاده.

أبدت إيطاليا استعدادها لزيادة عدد المهاجرين القانونيين من تونس، مقابل دعوتها إلى بذل مزيد من الجهود لمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية

وقالت رئاسة الجمهورية التونسية في بيان: إنَّ سعيّد "اقترح عقد اجتماع دولي في أقرب الآجال على مستوى رؤساء الدول والحكومات، أو على مستوى وزراء الداخلية، تشارك فيه كل الدول المعنية، بما في ذلك الدول التي يتدفّق منها هؤلاء المهاجرون".

وشدَّد الرئيس التونسي، بحسب البيان، على أنّه "لا يمكن معالجة هذه الظاهرة وفق مقاربة أمنية فقط، بعد أن أثبتت التجربة محدوديتها".

وأشار إلى أنّ "أعداد الضحايا تتضاعف يوماً بعد يوم، وهناك شبكات إجرامية تستغل الظروف اللّا إنسانية لمن تقطّعت بهم السبل نتيجة الفقر واليأس وتتلقّفهم للاتجار"، وأوضح أنّ "القضاء على الأسباب هو الطريق الأنجع لوضع حدّ للهجرة غير النظامية"، مؤكداً أنّ تونس "تعاني بدورها من هذه المأساة، والحلّ لا يمكن أن يكون إلّا جماعياً وفق مقاربة جديدة".

وقد أصبحت السواحل التونسية محطة انطلاق للمهاجرين غير الشرعيين عبر البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا.

تعاون تونسي ـ إيطالي

في شباط (فبراير) الماضي عقدت تونس اتفاقاً مع الحكومة الإيطالية شكّل منعرجاً إيجابياً في ملف الهجرة السرّية بين ضفتي المتوسط، وقد أبدت إيطاليا استعدادها لزيادة عدد المهاجرين القانونيين من تونس، مقابل دعوتها إلى بذل مزيد من الجهود لمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية.

"جهود كبيرة" تبذلها السلطات التونسية لمكافحة الهجرة غير القانونية في اتجاه السواحل الإيطالية

وفي 20 نيسان (أبريل) الماضي بحث الوزير الايطالي هاتفياً مع نظيره التونسي كمال الفقي "دعم الجهود المشتركة في إطار مقاربة شاملة للتصدّي لظاهرة الهجرة غير النظاميّة"، وذلك مع التأكيد على زيادة الرّفع من نسق التّعاون بين الطرفين للقضاء على الشبكات الإجراميّة التي تنشط في مجال الاتّجار بالبشر.

وتُحذّر منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال الهجرة من تفشي ظاهرة الهجرة السرّية على متن قوارب بحرية من سواحل تونس نحو جزيرة (لامبيدوزا) الإيطالية بشكل غير مسبوق، ولجوء عشرات الآلاف من الحالمين بجنة أوروبا في الأعوام الـ (5) الأخيرة نحو الإبحار خلسة نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، وقد انتهى عدد كبير من رحلاتهم بالغرق والهلاك في عرض البحر.

قلق أوروبي

وارتفعت وتيرة محاولات الهجرة التي غالباً ما تنتهي بحوادث ومأساة غرق، إثر خطاب انتقد فيه الرئيس التونسي قيس سعيّد بشدة ظاهرة الهجرة غير القانونية وتوافد المهاجرين وغالبيتهم من جنسيات أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده.

وأكد الوزير التونسي على "طبيعة العلاقات الاستراتيجية التي تربط تونس بالاتحاد الأوروبي، وبأهمية الدعم الأوروبي لبلادنا للمضي قُدماً في إصلاحاتها الاقتصادية والاجتماعية وإرساء منوال للتنمية الشاملة والعادلة، في إطار شراكة تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل والتضامن لمواجهة التحديات المشتركة بما في ذلك ظاهرة الهجرة".

وشدّد على الموقف التونسي الداعي "إلى اعتماد مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد في التعاطي مع هذه الظاهرة تقوم على التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية".

رئاسة الجمهورية التونسية: سعيّد اقترح عقد اجتماع دولي في أقرب الآجال على مستوى رؤساء الدول والحكومات، أو على مستوى وزراء الداخلية، تشارك فيه كل الدول المعنية، بما في ذلك الدول التي يتدفّق منها هؤلاء المهاجرون

وقال الاتحاد الأوروبي في بيان: إنّ محادثات يوهانسون ستركز "بشكل أساسي على المكافحة المشتركة لتهريب المهاجرين من أجل المساهمة في منع الهجرة غير القانونية".

وكان وزير الخارجية التونسي نبيل عمار قد دعا الاتحاد الأوروبي إلى "التضامن" من أجل مكافحة الهجرة غير القانونية، وذلك لدى لقائه المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون.

ونهاية آذار (مارس) الماضي أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنّ التكتل يشعر بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس، ويخشى انهيارها، وقال: "إذا انهارت تونس، فإنّ ذلك يهدد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي، والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نريد تجنب هذا الوضع".

مواضيع ذات صلة:

الهجرة غير الشرعية في تونس: فردوس أوروبا يتحول إلى جحيم

الهجرة غير الشرعية في تونس تواصل حصد الأرواح.. أما من حلول؟

أرقام صادمة عن ضحايا الهجرة غير الشرعية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية