اليمن: ماذا بعد رفض الحوثيين تمديد الهدنة؟ وما إستراتيجيتهم المستقبلية؟

اليمن: ماذا بعد رفض الحوثيين تمديد الهدنة؟ وما إستراتيجيتهم المستقبلية؟

اليمن: ماذا بعد رفض الحوثيين تمديد الهدنة؟ وما إستراتيجيتهم المستقبلية؟


05/10/2022

رفضت ميليشيات الحوثي تمديد الهدنة الأممية المقررة منذ أعوام في اليمن كأحد آليات الحل السياسي ومساعدة المواطنين، والتي انتهت في 2 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وفضلاً عن رفض تمديد الهدنة، هدّدت الميليشيات المدعومة إيرانياً باستهداف السفن وشركات البترول العاملة في المياه الإقليمية، ممّا وصفه مراقبون بأنّه تحدٍّ خطير يهدد حركة الملاحة في تلك المناطق.     

وقالت الحكومة اليمنية ردّاً على التصعيد الحوثي: إنّه "رغم تعنّت الميليشيات الحوثية، فقد جلبت الهدنة التي استمرت منذ 2 نيسان (أبريل) عام 2022 العديد من المنافع لقطاع واسع من أبناء شعبنا نتيجة للتنازلات التي قدّمتها الحكومة اليمنية والتحالف العربي للتخفيف من المعاناة الإنسانية، حيث لم يدخرا جهداً في إبداء كافة أشكال المرونة والتعاون مع المبعوث الخاص لتجاوز العقبات التي اختلقتها الميليشيات الحوثية"، بحسب "سي إن إن".

متى يتخلى المجتمع الدولي عن سياسية الاسترضاء؟

ومن جهته، قال رئيس الوزراء اليمني عبر "تويتر": إنّ "سياسة الاسترضاء لا تعزز فرص السلام، ولا تدفع الحوثيين إلا إلى مزيد من التعنّت، لقد سمعنا صوت المجتمع الدولي الواضح في دعوته للسلام، وتجاوبنا بكل إخلاص وصدق مع تلك الدعوة، وننتظر اليوم أن نسمع القوة نفسها والوضوح نفسه في إدانة عرقلة الحوثيين ورفضهم للسلام".

واعتبر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني رفض الحوثي لتمديد الهدنة أنّه دليل آخر على "سوء النوايا"، وغرّد الإرياني عبر "تويتر" قائلاً: "تؤكد ميليشيات الحوثي الإرهابية مع كل منعطف يمر به البلد أنّها مجرّد أداة قذرة بيد نظام الملالي في إيران لتنفيذ أجندته التوسعية وسياساته التدميرية في المنطقة، دون أيّ اكتراث بمصالح اليمن ومعاناة الشعب اليمني المتفاقمة منذ (8) أعوام".

اعتبر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني رفض الحوثي لتمديد الهدنة أنّه دليل آخر على "سوء النوايا"

وفي السياق، ذكرت مصادر متطابقة لصحيفة "عكاظ" أنّ الأمم المتحدة قدّمت مقترحاً لتمديد الهدنة لـ6 أشهر تنتهي في شباط (فبراير) العام المقبل، بما يسمح للمبعوثين الأمميين والدوليين التحرك والضغط على الأطراف اليمنية للرضوخ للسلام، مشيرة إلى أنّ عدم التزام الحوثيين بتنفيذ بنود الهدنة السابقة والاكتفاء بوضع شروط ومطالب جديدة خارج نقاط اتفاق الهدنة السابقة يشكّل أكبر عائق إلى جانب الخروقات المستمرة.

وتوقعت المصادر أن يقوم المبعوث الأممي هانس غروندبرغ والأمريكي تيموثي ليندركينغ خلال الأيام القادمة بزيارة للمنطقة وعقد لقاءات مع الأطراف اليمنية والضغط عليهم للقبول بمقترحات الأمم المتحدة بتمديد الهدنة (6) أشهر، موضحة أنّ هناك تحركات دبلوماسية يتوقع أن يقوم بها سفراء الدول الراعية للسلام في اليمن، خصوصاً السويد والاتحاد الأوروبي.

ابتزاز حوثي... ومراوغة لكسب الأرض

المحلل السياسي اليمني وضاح الجليل قال في تصريح لـ "حفريات": إنّ المجتمع الدولي بقيادة مبعوث الأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ فشل في تمديد الهدنة الأممية بالبلاد لمدة (6) أشهر إضافية، وباتت الهدنة اليوم في حكم المنتهية، في حين ما تزال الجهود الدولية مستمرة بشكل مكثف لتمديدها، لكنّها لا تبدو على المستوى نفسه في الفترات الماضية، والآن دخل اليمن مرحلة جديدة بسبب التعنّت من جانب الميليشيات الحوثية ووضع شروط تعجيزية أمام الوسطاء.

محلل سياسي يمني: استغل الحوثي الهدنة الماضية لتعزيز موارده المالية بالاستيلاء على عوائد ميناء الحديدة وغيرها من الموارد، وحشد المئات من الأعضاء الجدد، ونوّع أسلحته، وبدأ بتوسيع النطاقات الجغرافية التي يسيطر عليها

 

وبحسب الجليل، حاولت الميليشيات من خلال تلك الشروط المجحفة والصعبة للغاية ابتزاز المجتمع الدولي للحصول على المزيد من المكاسب، في حين قدّم الطرف الآخر، وهو الحكومة الشرعية، العديد من التنازلات أملاً في التوصل إلى اتفاق بتمديد الهدنة لـ 6 أشهر إضافية، بما يضمن الحدّ الأدنى من متطلبات الشعب اليمني.   

ونوّه الجليل إلى أنّ الحوثي لم يلتزم أصلاً ببنود الهدنة في السابق، في مقدمة ذلك فتح الطرقات وفك الحصار عن مدينة تعز وبقية المناطق المحاصرة، وأيضاً لم تلتزم الميليشيات بتعهدها السابق بدفع رواتب الموظفين من عوائد ميناء الحديدة، واكتفت بالاحتفاظ بتلك الأموال لنفسها، ممّا أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني في البلاد واستفحال الأزمة المعيشية وتسجيل أرقام غير مسبوقة من المواطنين تحت مستوى خط الفقر.

إستراتيجية جديدة للحوثي

بحسب الجليل، استغل الحوثي الهدنة خلال الـ6 أشهر الماضية لتعزيز موارده المالية بالاستيلاء على عوائد ميناء الحديدة وغيرها من الموارد، وحشد المئات من الأعضاء الجدد، ونوّع أسلحته، وبدأ بتوسيع النطاقات الجغرافية التي يسيطر عليها، وهي إستراتيجية خطط لها الحوثي منذ عدة أشهر، وسيعمل على تنفيذها خلال الفترة المقبلة، وتستهدف توسيع المساحات الجغرافية تحت نطاق سيطرته والقيام بضمّ مدن ومناطق جديدة إليها.   

الجليل: المجتمع الدولي بقيادة مبعوث الأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ فشل في تمديد الهدنة الأممية بالبلاد لمدة 6 أشهر إضافية

وضمن إستراتيجيته تلك، قام الحوثي بحملات واسعة لاعتقال النشطاء والعاملين بمجال السياسة وحقوق الإنسان لتمهيد الأرض أمام مشروعه التوسعي وتحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف، واليوم هو يرفض تمديد الهدنة؛ لأنّها كانت فترة مؤقته بالنسبة إليه لاستعادة القوة وإعادة التمركز والتمحور والانطلاق نحو مساحات جديدة للسيطرة.  

وما بعد الهدنة لدى الحوثي الكثير من المخططات التي يستهدف تنفيذها، لذلك حاول الضغط على الحكومة الشرعية والأطراف الدولية الوسيطة في موضوع الهدنة، بوضع شروط تعجيزية أمامهم، وكافة هذه الشروط تصب في مصلحته في المقام الأول، بحسب الجليل.  

ويشير الجليل إلى أنّه خلال الأيام الأخيرة من الهدنة نفذت ميليشيات الحوثي عدداً من العمليات تمثل اختراقاً صريحاً للهدنة، وقد كثّفت من عملياتها خلال اليومين الماضيين، بهدف ابتزاز الحكومة الشرعية والتحالف العربي، وكذلك المجتمع الدولي، لإخضاعهم للشروط التي وضعتها الميليشيات.   

وبحسب المحلل اليمني، الحوثي لديه خطة عسكرية سيحاول تنفيذها خلال الفترة المقبلة؛ تشمل التوسع في ضمّ أراضٍ جديدة وتنفيذ العديد من المناوشات على جبهات مختلفة، بغرض إرباك الحكومة الشرعية وانتزاع بعض المناطق من تحت سيطرتها، وذلك يتطلب انتباهاً دولياً ومصارحة من جانب المؤسسات التي تتفاوض في اليمن لكشف الحقيقة كاملة ودعم الحكومة الشرعية بشكل مكثف لإعداد عدتها بهدف التصدي لهذا المخطط، ومواجهة التحركات الحوثية على الجبهات التي تسيطر عليها الحكومة أو قوات التحالف العربي.   



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية