اليمن: متى تنتهي ازدواجية المجتمع الدولي تجاه الأذرع الإيرانية؟

اليمن: متى تنتهي ازدواجية المجتمع الدولي تجاه الأذرع الإيرانية؟

اليمن: متى تنتهي ازدواجية المجتمع الدولي تجاه الأذرع الإيرانية؟


22/01/2023

تتزايد المطالب السياسية اليمنية لجهة إتخاذ مواقف متشددة تجاه ممارسات الحوثي العدوانية، ومنها الانتهاكات الموثقة من جهات حقوقية، محلية وأممية. ومن بين القضايا التي خضعت للنقاش في جلسة لمجلس الأمن الدولي بخصوص التطورات، العسكرية والإنسانية باليمن، العمل باتفاق الهدنة الإنسانية التي مر على انتهائها أكثر من ثلاثة أشهر. وقد عمدت ميليشيات الحوثي إلى الاستفادة القصوى من تلك الهدنة الأممية في إعادة التموضع عسكرياً، وترتيب صفوفها العسكرية، لا سيّما في ظل الخسائر الفادحة التي تعرضت لها، مؤخراً.

سياسة الإفلات من العقاب

وفي حين وثقت منظمة "سام" للحقوق والحريات، ومقرها جنيف، الخروقات الحقوقية للحوثي، ومنها استهداف وقنص المدنيين، فإنّ المنظمة الحقوقية قد دانت صمت وتجاهل المجتمع الدولي على الانتهاكات التي وصفتها بـ"غير المبررة" من جانب الميليشيات المدعومة من إيران.

وذكرت المنظمة الحقوقية الأممية، في بيان، أنّ "تكرار عمليات الاستهداف والقنص التي ينفذها الأفراد التابعون لجماعة الحوثي هو نتيجة متوقعة لاستمرار سياسة الإفلات من العقاب، ويتحمل المجتمع الدولي الجزء الأكبر من المسؤولية نظير صمته غير المبرر تجاه انتهاكات الجماعة ضد المدنيين".

عمدت ميليشيات الحوثي إلى الاستفادة القصوى من الهدنة الأممية في إعادة التموضع عسكرياً، وتريب صفوفها العسكرية، لا سيّما في ظل الخسائر الفادحة التي تعرضت لها، مؤخراً

وعرج البيان على الجرائم التي ترتكبها الميليشيات الحوثية بحق الأطفال، موضحاً استهداف قناص حوثي لعدد من الأطفال، قبل أسبوع، في منطقة النجد بمديرية صبر الموادم في تعز، أثناء سيرهم في الطريق العام، وقد أسفر عن إصابة 3 منهم بجروح متعددة وخطيرة، مشيراً إلى أنّ الأطفال المصابين هم "منور نعمان" 9 أعوام، و"عبد الله صالح" 11 عاماً، والطفل "عبدالله محمد قائد" 11 عاماً.

وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ سياسات أكثر فعالية، وتقديم المتورطين في هذه الجرائم للقصاء الدولي، وذلك "نظير الجرائم التي ارتكبوها والتي تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا تزال الجماعة وأفرادها تمارسها أمام المجتمع الدولي".

ووفق موقع الأمم المتحدة، فمن المرجح أن يقدم مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إحاطته الدورية للمجلس حول جهوده الأخيرة لإعادة إرساء اتفاق الهدنة، ومنها لقاؤه السابق مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، في العاصمة السعودية، الرياض، ثم زيارته الأخيرة لمسقط في 11 كانون الثاني (يناير) الحالي، والتي شهدت مباحثات مهمة مع كبار المسؤولين العُمانيين حول الجهود الإقليمية والدولية لتجديد الهدنة والعمل نحو تسوية سياسية في البلاد.

ثابت الأحمدي: الحوثي يسعى لفرض شروط تعجيزية

وقال المجلس إنّ المبعوث الأممي سوف يقدم إحاطته عبر تقنية الفيديو، من صنعاء، حيث "يبدو أنّ المبعوث الخاص سيسافر في نهاية هذا الأسبوع إلى صنعاء، وسيطلع المجلس إحاطته عبر الفيديو، وهي أول زيارة له إلى صنعاء منذ أواخر أيلول (سبتمبر) 2022، خلال المفاوضات بشأن تجديد الهدنة". 

ما بعد الهدنة 

كما أشار المجلس إلى أنّ غروندبرغ سيقوم بمشاركة الجميع جهوده مع الأطراف المختلفة بخصوص الهدنة. وتابع: "رغم أنّ القتال منذ انتهاء الهدنة كان محدود النطاق، إذ تم الإبلاغ عن بعض الاشتباكات في محافظات مأرب ولحج وتعز، إلا أنّ غروندبرغ يلاحظ أنّه من غير المحتمل أن يكون الوضع مستداماً ما لم يتم التوصل إلى اتفاق هدنة رسمي واستعادة العملية السياسية".

ومن جهته، سيقدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس، تصوراته حول الوضع الإنساني المأزوم والمتدهور باليمن، موضحاً حجم المخاطر الإنسانية، وكذا ضعف التمويل المطلوب لتلبية الاحتياجات المتزايدة، مع تشجيع المانحين على مواصلة دعم العمليات الإغاثية، في اليمن، وسد فجوات التمويل في خطة الاستجابة الإنسانية التي "لم يتم تمويلها إلا بحوالي 57%".

كما سيقدم غريفيثس، في إحاطته، المعضلات التي تواجه العمل الإنساني باليمن، ومنها المعوقات في مناطق نفوذ ميليشيات الحوثي.

عضو مشاورات الرياض ثابت الأحمدي لـ"حفريات": الحوثي لا يملك قراره، فهو مرتهن بمصالح إيران، ويخضع لوصايتها السياسية وينفذ أطماعها المتعددة في المنطقة 

قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي بيوم، عاود وزير الخارجية اليمني، أحمد عوض بن مبارك، الحديث عن مطالباته الملحة للمجتمع الدولي بنبذ الحوثي، سياسياً، والتأكيد على أنّهم ليسوا شركاء سلام.

وحمّل وزير الخارجية اليمني ميليشيات الحوثي الإرهابية، مسؤولية استمرار عرقلة معالجة قضية خزان صافر النفطي المهدد بالانهيار قبالة موانئ الحديدة في البحر الأحمر. وقال بن مبارك خلال لقاء مع القائم بأعمال السفارة الروسية لدى اليمن يفغيني كودروف، السبت الماضي، إنّ قضية خزان صافر تعتبر قضية بيئية، ومن ثم، يتعين ألا يتسامح العالم مع تعمّد الحوثيين إبقاء الخزان كتهديد بيئي وإنساني واقتصادي.

وثمّة محادثات جارية بين أطراف إقليمية، من جهة، وجماعة الحوثي، من جهة أخرى، وهي مباحثات أغلبها "سرية"، وفق عضو مشاورات الرياض، الدكتور ثابت الأحمدي، الذي لفت في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ هذه المحادثات، وحسب معلومات مسربة، متعلقة بالجوانب الإنسانية التي تخص الشعب اليمني، مع الأخذ في الاعتبار أنّ الحوثي ما زال يقوم بأعمال من شأنها إعاقة أيّ انفراجة سياسية، بل ويسعى لفرض "شروط تعجيزية، وغير منطقية تجاه الشرعية والتحالف". 

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس

تبعية الحوثي تعيق الانفراجة السياسية

وواقع الحال أنّ الحوثي "لا يملك قراره، فهو مرتهن بمصالح إيران، حيث يخضع لوصايتها السياسية، وإيران لها أطماع كبيرة ومتعددة في المنطقة، ومن هنا تزداد التعقيدات أكثر"، يقول الأحمدي.

وفي ما يتعلق بالانصياع للحوار وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، يقول عضو مشاورات الرياض إنّ "هذا أمر يبدو مستبعداً حتى اللحظة؛ لأنّ الحوثي لم يقدم أيّة تنازلات على أرض الواقع للشعب اليمني، رغم ما قدمته الشرعية والتحالف من أمور إيجابية لتحقيق الحل السياسي، بل فرض قبضته الحديدية على المناطق التي يسيطر عليها، علماً أنّ الوضع المأساوي يزداد، يوماً بعد يوم، على امتداد الجغرافيا اليمنية، بسبب تصلب هذه الجماعة تجاه مطالبها غير المعقولة". 

من جهة ثانية، تزداد حالة السخط اليومي ضد جماعة الحوثي بسبب احتكارها لكل العائدات والموارد، وكذا فرض الضرائب المبالغ فيها على المواطنين، دون تقديم أيّ خدمة تذكر للمواطن اليمني، بحسب عضو مشاورات الرياض. كما يبالغ الحوثي أيضاً في عملية "القمع اليومي" لكل المعارضين لسياسته، وآخرهم الناشطون الثلاثة المعتقلون من قبل الحوثي بسبب نشاطهم المعارض على منصات التواصل الاجتماعي، وهم الناشط والصحافي ماجد ياسين، والناشط مراد البنا، وذلك على خلفية سخريته من أداء مدير الأمن الحوثي، والناشط خالد الأنس الذي ثمّن جهود مدير أمن المحافظة الأسبق، عبد الحافظ السقاف، المحسوب على نظام حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وإلى ذلك، شدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، مؤخراً، على ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن "أربعة نشطاء يمنيين، ثلاثة منهم من مدوني الفيديو". وقد جرى اعتقالهم، تعسفياً، من قبل الحوثي، نهاية العام الماضي، على خلفية قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير.

ووفق مسؤول العمليات في المرصد الأورومتوسطي، أنس جرجاوي، فإنّه "من المشين احتجاز مدوني الفيديو وتصويرهم كمجرمين مكبلين في قفص الاتهام لمجرد انتقادهم لسلطة الأمر الواقع الحوثية. هذا المشهد يعكس مستوى الانحدار السحيق الذي وصلت إليه حالة الحريات تحت حكم جماعة الحوثي".

وتابع: "تعمّد وصم كل من يعبر عن رأيه بالخيانة أو التعاون مع الأعداء ليس جديداً أو مستغرباً، ولكنه أسلوب تتبعه جماعة الحوثي للقضاء على أيّ آراء معارضة لممارساتها، وتغييب النشطاء والمعارضين بحجج أمنية واهية".

المحلل السياسي اليمني حسن الفقيه: المواقف الدولية ذات لغة مطاطية

وفي ما يتصل بالمواقف الدولية المتوقعة تجاه الحوثي، لا يرجح المحلل السياسي اليمني، حسن الفقيه أي جديد، موضحاً لـ"حفريات" أنّ "المواقف الدولية غالباً ما تحمل لغة مطاطية وتفضل في الديباجة أن تقوم بصياغة عبارات فيها تحييد مثل أطراف الصراع، والدعوة إلى الانخراط في تفاهمات ومشاورات الحل السياسي".

وعلى ذكر انعقاد جلسة لمجلس الأمن الذي دان، في بيان سابق له، هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية كواحدة من الإدانات الصريحة، فإنّ الجلسة الجديدة "قد لا تحمل جديداً في ما يتعلق بإدانة هجمات الحوثيين وانتهاكاتهم"، يقول الفقيه.

ويردف: "قرارات ومواقف مجلس الأمن، منذ بدء الحرب، صارت، هي الأخرى، بحاجة إلى من يترجمها، في ظل الازدواجية الدولية التي تبدو غير معنية بتنفيذ قراراتها ومواقفها، بل تعمد إلى نقضها والالتفاف عليها".

فالحوثي "جماعة متطرفة وقامت بانتهاكات وممارسات تتجاوز جرائم تنظيمي القاعدة وداعش، المصنفين على قوائم الإرهاب"، بحسب المحلل السياسي اليمني، غير أنّ المجتمع لم يتخذ موقفاً، صريحاً وواضحاً، من هذه الذراع الإيرانية في ظل "ضغوطات تمارس على الشرعية اليمنية لتقديم تنازلات لهذه الجماعة دون إلزامها (أي الحوثي) بالكف عن تصعيدها وهجماتها وتخليها عن فرض أفكارها وتوسعاتها بالقوة"

مواضيع ذات صلة:

مارتن غريفيث ينهي مشواره في اليمن... ما الأسباب؟

-وزير الخارجية اليمني: الحوثيون خطر على المنطقة وليسوا شركاء سلام

مجلس الأمن يناقش الجهود الأممية لتمديد الهدنة الإنسانية في اليمن



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية