انتخابات تركيا: ما احتمالات خسارة أردوغان؟ وكيف سيتأثر الإخوان؟

انتخابات تركيا: ما احتمالات خسارة أردوغان؟ وما أثر ذلك على جماعة الإخوان؟

انتخابات تركيا: ما احتمالات خسارة أردوغان؟ وكيف سيتأثر الإخوان؟


14/05/2023

يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أحد أكبر التحديات السياسية اليوم الأحد؛ حيث يسعى لإعادة انتخابه لولاية ثالثة كرئيس. أردوغان الذي حكم نحو (20) عاماً، وأشرف على تعديل دستور تركيا في العام 2018، مانحاً نفسه سلطات واسعة، أصبح مهدداً بالغياب عن الساحة، في حين يؤكد معارضوه أنّ فوزه بولاية ثالثة ربما يأتي بعواقب وخيمة على تركيا.

المحلل السياسي التركي عبد الله بوزكورت أكد لمشروع التحقيق حول الإرهاب (IPT) أنّه "إذا فاز أردوغان، فإنّ هذا يعني موت الديمقراطية الناشئة والنظام الجمهوري في تركيا". مضيفاً: "سيجد صعوبة في تجاوز التداعيات الاقتصادية، بالنظر إلى الحالة غير المستقرة للاقتصاد التركي، لكنّه سيحكم بقبضة من حديد على البلاد؛ لقمع أيّ استياء، وسحق فصائل المعارضة". وتوقع بوزكورت أن يوسع أردوغان مشروع الأسلمة، كأداة مفيدة للتلاعب بالجماهير في تركيا.

صلاحيات مطلقة

وتشمل الصلاحيات الموسعة التي يتمتع بها الرئيس التركي صياغة الميزانيات، وإعلان حالة الطوارئ، وحلّ البرلمان، كما أنّ الدستور الذي عدّله؛ يمكّنه الآن من البقاء في السلطة حتى عام 2033.

ورغم هذه الصلاحيات الواسعة، يسعى أردوغان لتغيير الدستور التركي بشكل جذري، فقد أعلن العام الماضي أنّ "مدة صلاحية دستور 12 أيلول (سبتمبر) 1980 انتهت بالفعل".

يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أحد أكبر التحديات السياسية اليوم الأحد

لكن هذه المرة لا يمكن تجاهل التحديات المتصاعدة، خاصة مع اتحاد المعارضين ضدّ حكمه. وعليه، ربما تكون الانتخابات المقبلة هي المخرج الأخير للديمقراطية في تركيا، وقد توفر فرصة لإعادة الإصلاح السياسي، على الرغم من أنّها ستكون مهمة صعبة للغاية، وستستغرق على الأرجح عدة أعوام، وكل هذا مشروط بأن تفوز المعارضة.

لقد تحولت تركيا، التي كانت ذات يوم معقل الحداثة في الشرق الأوسط، إلى دولة ذات ميول إخوانية؛ بفضل سياسات أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية، وأصبحت أنقرة مركزاً للتطرف والتعصب الديني، ومحفزاً للصراعات في جميع أنحاء المنطقة.

عبد الله بوزكورت: إذا فاز أردوغان فإنّ هذا يعني موت الديمقراطية الناشئة والنظام الجمهوري في تركيا

حاول أردوغان وحلفاؤه كبح مشاكلهم السياسية من خلال تقييد المعارضة، وأقرّ البرلمان التركي "قانون التضليل" في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؛ حيث يقضي بالحكم بالسجن لمدة (3) أعوام على الصحفيين؛ لنشرهم معلومات تقول السلطات إنّها كاذبة وخطيرة.

بدوره، وعد المنافس كمال كليجدار أوغلو بتغيير جذري في هذا المسار، وقال لشبكة (بي بي سي): "الشباب يريدون الديمقراطية، إنّهم لا يريدون أن تأتي الشرطة إلى أبوابهم في الصباح الباكر؛ لمجرد أنّهم قاموا بالتغريد". مضيفاً: "أقول للشباب إنّ بإمكانهم انتقادي بحرية، سوف أتأكد من أنّ لديهم هذا الحق".

ولطالما عارض أوغلو حملة أردوغان القمعية على الصحافة الحرة في تركيا، حيث كتب في عام 2017 أنّ البلاد "كانت ملفوفة في عباءة من الخوف والقلق". ولفت إلى أنّه يأمل أن تلقى رسالته للتغيير صدى لدى الناخبين.

فرصة لبداية جديدة

وبحسب تصريحات إيرينا تسوكرمان، المختصة بملف حقوق الإنسان، فإنّ الانتخابات الرئاسية التركية تتيح من الناحية النظرية فرصة لبداية جديدة؛ لنبذ السياسة الاقتصادية الكارثية القائمة على نمط الاقتصاد الإخواني الذي يروج له أردوغان، كما أنّ إبعاد الأخير عن السلطة يمنح أنقرة فرصة ذهبية للحدّ من الفساد، وإبعاد المتطرفين عن السياسة والجيش، والعودة إلى الحوار مع السكان الأكراد، وجذب استثمارات أوسع وأكثر تنوعاً.

وبحسب المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، فإنّ عدم التجديد لأردوغان "سيمنح الاقتصاد التركي جرعة أوكسيجين هو في أمسّ الحاجة إليها، وسيقطع كل الأوكسيجين عن الإخوان المسلمين، إيذاناً برحيل الدكتاتور الذي أضرّ بتركيا على امتداد عقود، عكس التسويق الإعلامي الذي رافقه وبنى مسيرته، والمعتمد أساساً على الوازع الديني، وكذلك استحضار القومية التركية".

الانتخابات الرئاسية التركية تتيح فرصة لبداية جديدة

ويؤكد الجليدي، في تصريحاته التي خصّ بها "حفريات"، أنّه قبيل انتخابات الداخل التي انطلقت اليوم، ووفق استطلاعات الرأي، فإنّ الرئيس رجب طيّب أردوغان يواجه صعوبة في الفوز بهذه الانتخابات من دورتها الأولى، وقد يضطر إلى خوض جولة ثانية ليست مضمونة؛ فطريق الرجل إلى ولاية جديدة باتت محفوفة بالكثير من الغموض؛ بسبب انكشاف هشاشة الخطاب السياسي الذي لم يعد يقنع الأتراك.

إيرينا تسوكرمان: إبعاد أردوغان عن السلطة يمنح أنقرة فرصة ذهبية للحدّ من الفساد، وإبعاد المتطرفين عن السياسة والجيش، والعودة إلى الحوار مع السكان الأكراد، وجذب استثمارات أوسع وأكثر تنوعاً

ومن أسباب صعوبة فوز أردوغان أيضاً، وفق الجليدي، أنّ الاقتصاد التركي فقد الكثير من صلابته، فقد بلغ التضخم في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي 85.5%، وهو مستوى غير مسبوق، ولم يسجل منذ العام 1998، كما تهاوت الليرة التركية إلى مستويات قياسية أمام الدولار الأمريكي، وذلك بسبب سياسة أردوغان الاقتصادية غير التقليدية، المتمثلة في إبقاء أسعار الفائدة منخفضة؛ لتعزيز النمو الاقتصادي في تركيا حسب رأيه، وتحسين فرص تصدير السلع التركية؛ لأنّها تصبح أقل كلفة بالعملة الصعبة، وهي نظرية بنيت على المبادلات التجارية مع دول كان يحكمها الإسلام السياسي، وبالتحديد جماعة الإخوان، الذين انبطحوا تجارياً للأسواق التركية، وأغرقوا بلدانهم ببضائعها؛ ممّا تسبب في إفلاس عشرات الشركات في مصر، في الفترة القصيرة التي حكمها الإخوان، وفي تونس على امتداد (10) أعوام، وفي السودان وليبيا.

كما توقع مصرفيون في بنك (جي بي مورغان)، بحسب المحلل السياسي التونسي، تهاوي الليرة التركية بشكل حاد، وربما يقترب الدولار من تسجيل (30) ليرة عقب الانتخابات الرئاسية، إذا بدا واضحاً أنّ أنقرة لن تدخل سوى تغييرات طفيفة على سياساتها النقدية غير التقليدية.

الملف الاقتصادي

وربما يكون الملف الاقتصادي الورقة التي ستطيح بأردوغان؛ وربما تكون النتائج مفصلية بسقوط الإسلام السياسي، وتداعي آخر حصون الإخوان التي يحرسها أردوغان، فالشعب التركي يرزح منذ وقت طويل تحت وطأة أزمة كلفة المعيشة التي يؤججها التضخم، وكذلك فالأزمة مسّت المستثمرين الأجانب، الذين غادر كثيرون منهم البلاد، وسط تكرار تقلبات السوق في الأعوام الماضية. وزاد الطين بلّة الزلزال الأخير الذي ضرب البلاد، والذي كلّف الاقتصاد خسارة بنحو (34) مليار دولار، وتحتاج تركيا إلى أعوام لإعادة بناء ما تهدّم، بحسب تعبير الجليدي.

عدم التجديد لأردوغان سيمنح الاقتصاد التركي دفعة هو في أمسّ الحاجة إليها

ويرى الجليدي أنّ عدم التجديد لأردوغان سيمنح الاقتصاد التركي دفعة هو في أمسّ الحاجة إليها، لكنّه بالتأكيد سيوجه ضربة قاصمة لجماعة الإخوان المسلمين وأذرعها السياسية  التي أضرت بتركيا، وحكمت عليها بالبقاء معلّقة في منطقة لا جاذبية فيها، فلا هي نجحت أن تكون أوروبية، ولا هي أقنعت العرب والمسلمين بالانتماء إليهم.

مواضيع ذات صلة:

ما حقيقة صداقة الغنوشي بأردوغان؟

بهذه الطريقة يعزز أردوغان معركته الانتخابية

عشية الانتخابات التركية: أردوغان يبعث رسائل مفخخة للأكراد



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية