بؤر داعشية في كركوك تقلق الاستقرار النسبي للأمن في العراق 

بؤر داعشية في كركوك تقلق الاستقرار النسبي للأمن في العراق 


09/09/2021

ما زالت مدينة كركوك، تمثل حجر عثرة أمام الاستقرار الأمني في العراق، الذي ما إن يعلن ضبطه لمناطق التوتر، حتى تعاود الجماعات "الإرهابية" نشاطها والذي كان آخرهُ الهجوم الدامي الذي استهدف مفرزةً عسكرية، فجر الأحد الماضي، أسفرَ عن مقتل وإصابة 16 عنصراً أمنياً في ناحية الرشاد جنوب المدينة. 

وحمل نواب المحافظة الشمالية والمتنازع عليها قومياً ما بين الكرد والعرب والتركمان، مسؤولية تردي الخروقات الأمنية في كركوك، إلى الحكومة المركزية. وفيما أكد نوابٌ كرد وجود حواضن اجتماعية لعناصر تنظيم "داعش" في جنوب وغرب المحافظة، حذرَ ممثلو العرب السُنة من العودة إلى ما قبل عام 2017 حيث الهيمنة الكردية وتحكم قوات البيشمركة بالملف الأمني بكركوك. 

اقرأ أيضاً: هل أعاد داعش تنظيم صفوفه في العراق؟.. آخر عملياته

وكانت قوات الحكومة الاتحادية، قد فرضت في تشرين الأول (أكتوبر) 2017، سيطرتها على مدينة كركوك، بعد أن كانت تخضع لسيطرة "البيشمركة" منذ اجتياح تنظيم "داعش" للأراضي العراقية عام 2014. وقبل ذلك كانت قوات المركز وإقليم كردستان، تدير أمن المدينة بصورةٍ مشتركة. 

تجاهل المعلومة الاستخبارية
 معاناة العراق مع الإرهاب طوال السنين الماضية، تأتي لافتقار المؤسسة العسكرية إلى الحس الاستخباري في التعامل مع المنظمات الإرهابية، فضلاً عن مواجهتها بأساليب تقليدية أفضت إلى خسائر كبيرة في أرواح العراقيين. وبعد الحرب على "داعش" أسهمت مشاركة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في تنمية التعاطي الاستخباري مع حركة الجماعات المسلحة في البلاد. 

مدينة كركوك في شمال العراق تعيش النزاع القومي والاضطراب الأمني منذ تغيير النظام السابق وإلى الآن

ويبدو أنّ التقصير والفساد يكمنُ وراء الخروقات الأمنية التي تحصل بين الحين والآخر في البلاد، إذ قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، بدر الزيادي إن اللجنة "اجتمعت مع نائب قائد العمليات المشتركة الفريق عبد الأمير الشمري، وناقشت الخرق الأمني الذي حصل في مدينة كركوك، بإيجاز ولمدة نصف ساعة"، مبدياً أسفه لـ "التقصير الواضح خصوصاً بعد ورود معلومات استخبارية جاءت قبل 48 ساعة عن استهداف نقطة أمنية في كركوك من قبل الدواعش، وكذلك جهاز الأمن الوطني قدمَ ذات المعلومات قبل خمسة أيام". 

اقرأ أيضاً: العراق يلاحق فلول داعش في عملية عسكرية جديدة... تفاصيل

وأكد الزيادي لـ"حفريات"، أنّ "بعض الأجهزة الأمنية، تجاهلت هذه المعلومات"، متوقعاً أنّ "التحقيق الذي أمرَ بهِ القائد العام للقوات المسلحة سيفضي إلى نتائج دقيقة وحقيقية".

عملية استباقية لملاحقة داعش
وعقب الحادث، عقدَ القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني، وعزا تصاعد هجمات "داعش" الأخيرة إلى سوء إدارة وتقصير القيادات العسكرية. وأمرَ الكاظمي بتشكيل لجنة للبحث في ملابسات الحادث. 

ويقول الفريق يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، إنّ الأخير "وجه بإطلاق عمليات نوعية واستباقية وتكثيف الجهد الاستخباراتي، وعدم إعطاء فرصة لبقايا فلول داعش للقيام بأيِّ عملٍ إرهابيٍّ تجاه القطعات المسلحة أو المواطنين"، مؤكداً أنّ "الرد سيكون رداً قاسياً وقوياً، وسنضربُ بيدٍ من حديد على ما تبقى من بقايا العصابات الإرهابية".


الهجمات الأخيرة لداعش في كركوك لم تكن طبيعية أو اعتيادية، بل هي نتيجة تخطيط للتنظيم، واستغلاله للفراغات الأمنية بين البيشمركة والقوات الاتحادية وتحركهِ بسهولة
 

وتابع قوله "هناك مناطق فارغة بين خط تواجد البيشمركة والقطعات العسكرية المركزية، وفي هذه المناطق يجب أن تكون هناك عمليات تنظيف، لأنها أصبحت مرتعاً للإرهابيين، لهذا هناك تنسيق مع البيشمركة للقيام بعمليات مشتركة ضمن هذه المناطق الفارغة أمنياً، لتنظيفها واستئصال البؤر الإرهابية الموجودة فيها".
وعلى إثر ذلك، وصل وزير الدفاع العراقي جمعة عناد برفقة قيادات عسكرية رفيعة إلى مدينة كركوك، صباح الأربعاء، للإشراف على تشكيل غرفة عمليات مشتركة بناءً على اتفاقٍ بين حكومتي المركز وإقليم كردستان. 

تحذيرات من دخول البيشمركة لكركوك
وأربكت المواجهة المسلحة بين عناصر "داعش" والقوات المرابطة في إحدى قرى ناحية الرشاد جنوب كركوك، التي أدت إلى مقتل 13 عنصراً في الشرطة الاتحادية أحدهم برتبة ضابط، وإصابة 3 آخرين، الأوضاع السياسية والأمنية في المحافظة. الأمر الذي دفع ببعض النواب الممثلين عن العربُ السنة، إلى التحذير من عودة قوات البيشمركة الكردية وفرض سيطرتها القومية على المدينة. 

وزير الدفاع العراقي جمعة عناد في كركوك للإشراف على إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين الجيش والبيشمركة

وقال النائب خالد المفرجي، لـ"حفريات"، إن "الإهمال داخل المؤسسة العسكرية الذي يبدأ من القيادات نزولاً إلى الجندي، سبب كل الخروقات الأمنية التي حصلت في محافظة كركوك، وطبيعة هذا الاهمال تكمنُ في نوم الجنود ضمنَ النقاط العسكرية المتواجدة في مناطق ساخنة، وفيها بؤر إرهابية، فضلاً عن سوء الإدارة والتخطيط وقلة الانضباط داخل المنتمين للمؤسسة".

اقرأ أيضاً: السلطات العراقية توقع بقيادات من تنظيم داعش... تفاصيل

وانتقد عضو التحالف العربي، "الحكومة العراقية لعدم استجابتها لهُ في قبول أبناء المناطق الرخوة أمنياً، للمشاركة مع الأجهزة الأمنية والحشد العشائري في مسك المدينة إلى جانب القطعات الاخرى، ومنع الاختراقات التي يقوم بها عناصر داعش". محذراً من "محاولة جهات سياسية كردية الدخول إلى كركوك للسيطرة عليها والعودة بها إلى ما قبل العام 2017".

نائب كردي: هناك حاضنة سكانية للإرهاب
من جانبهِ ردَّ النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شاخوان عبدالله، على التصريحات المناوئة للوجود الكردي في محافظة كركوك، وأكد لـ"حفريات"، أنّ "القوات الأمنية في إقليم كردستان دفعت الغالي والنفيس في سبيل حماية كركوك، وضحينا بالكثير من الشهداء من أجل استقرارها"، وتساءل عن سبب غياب أبناء المحافظة في إدارة القطعات العسكرية فيها؟ 

النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شاخوان عبدالله لـ"حفريات": القوات الأمنية في إقليم كردستان دفعت الغالي والنفيس في سبيل حماية كركوك، وضحينا بالكثير من الشهداء من أجل استقرارها


وأضاف النائب، عن المكون الكردي بالمحافظة، أنّ "الخروقات الأمنية في جنوب وغرب كركوك ليست وليدة اليوم، إنما لديها عمق بعد 2003، لأنّ أهالي تلك المناطق من العرب السُنة، وقد قاطعوا الانتخابات والعملية السياسية وحرّموا الدخول فيها، فضلاً عن مهاجمة القطعات الأمنية من الجيش والشرطة العراقية"، مبيناً أنّ "كل هذه الأمور أنتجت منظمات إرهابية، وأبرزها الحركة النقشبندية وجماعة أنصار السُنة وتنظيم القاعدة ولاحقاً تنظيم داعش، إذاً المشكلة هو في الحاضنة السكانية لتلك المنظمات".
وتتكون جغرافية جنوب وغرب كركوك، من مناطق "الحويجة" و"الرياض" و"الرشاد"، وتقطنها الغالبية من العرب السُنة، كما أنّ "داعش" يتمتع بمساحة
من الحركة في تلك المناطق التي تتمركز فيها خلاياه النائمة. 

كمين أمني يطيح 4 دواعش
وفي آخر التطورات الأمنية، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، قتل أربعة عناصر من تنظيم "داعش" في محافظة كركوك، في بادرة أولى للرد على الهجوم الذي شنهُ التنظيم على المفرز العسكرية، الأحد الماضي. 
وفي بيان لها، قالت قيادة العمليات: "ثأراً لشهداء الشرطة الاتحادية، تمكن أبطال قيادة العمليات المشتركة في كركوك مع جهاز مكافحة الارهاب، من قتل أربعة من عناصر داعش الإرهابي قرب ألتون كويري، بكمين ضمن قاطع عمليات كركوك". وأضاف "انتظرونا بالمزيد، سنقطع رؤوس الإرهاب".

الكاظمي لدى ترأسه المجلس الوزاري للأمن الوطني لبحث الخروقات الأمنية التي حصلت في كركوك

لكنّ قيادياً في القوات الكردية، حذرَ من "تزايد مخاطر داعش وتحركاتهِ في أطراف كركوك وجنوبها، وقد تم إبلاغ العمليات المشتركة حول هذا الموضوع وإعلامهم بطبيعة الأوضاع والتحركات".
واعتبر نوري حمه علي، أنّ "الهجمات الأخيرة لداعش في كركوك لم تكن طبيعية أو اعتيادية، بل هي نتيجة تخطيط للتنظيم، واستغلاله للفراغات الأمنية بين البيشمركة والقوات الاتحادية وتحركهِ بسهولة في تلك المناطق".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية