بعد أنباء عن انقطاعها بالكامل.. أين وصلت أزمة المياه في لبنان؟

بعد أنباء عن انقطاعها بالكامل.. أين وصلت أزمة المياه في لبنان؟


17/07/2022

يواجه لبنان أزمة محتدمة تتعلق باحتمال انقطاع المياه في كافة أرجاء البلاد خلال الأشهر الـ (3) المقبلة، مع تفاقم أزمة الكهرباء وما يترتب على ذلك من توقف مستمر لمضخات المياه في مناطق متعددة بالبلاد.  

وشهدت الأسابيع القليلة الماضية انقطاعاً متكرراً للكهرباء والمياه في مختلف أنحاء البلاد، وصل إلى (20) يوماً متواصلة من الانقطاع، وصرّح المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران باحتمال انقطاع المياه نهائياً عن كافة المناطق في البلاد خلال شهرين.

وقال جبران في تصريح لشبكة "سكاي نيوز": إنّ "المياه عادت إلى بيروت ومناطقها، بعد انقطاع نحو أسبوعين، إلا أنّنا أمام مشكلة جديدة، هي بالأساس تأمين الكهرباء والمازوت لضخ المياه إلى كلّ لبنان".

وعن العطل في "قسطل بيروت"، وهو خط المياه الرئيسي الذي يغذي العاصمة، قال جبران: إنّ "القسطل عمره (62) عاماً، وتم العمل مراراً على إصلاحه، وجرت عدة محاولات لتأمين خطة بديلة استغرقت (4) أيام، لكنّ المياه وصلت إلى بيروت بكميات أقل خلال الأسابيع الماضية".

وأضاف جبران: "القسطل قديم جداً، والوضع صعب مالياً لأنّ الإصلاحات تتم بالدولار، والمتعهد حاول إصلاحه مرتين ولم ينجح، لذلك تم تغييره، وتم إصلاح القسطل لكن لا أعرف ما إذا كانت الكهرباء والمازوت سيتوفران لتبقى المياه في بيوت اللبنانيين".

هل تنقطع المياه نهائياً؟

في المقابل، قال مدير برنامج تغير المناخ والبيئة في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية من بيروت، الدكتور نديم فرج الله، خلال لقائه ببرنامج "ناس أونلاين" على شبكة "روسيا اليوم": إنّ "المياه لن تنقطع بعد شهرين مثلما قال مدير مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان".

جان جبران: لبنان مهدد بانقطاع كامل للمياه في غضون شهرين، ولا نعرف ما إذا كانت الكهرباء والمازوت سيتوفران لتبقى المياه في بيوت اللبنانيين

وأوضح أنّ مسألة الانقطاع الكامل أمر مستبعد، لكنّه أكد على وجود أزمة مياه صعبة جداً؛ بسبب الواقع الاقتصادي الموجود بلبنان حالياً، وبسبب الضائقة المالية التي تعاني منها مؤسسات المياه.

وأضاف: "هناك مناطق كثيرة في لبنان تعتمد على المياه من محطات الضخ التي تعتمد بالأساس على الكهرباء، لذلك يتسبب انقطاعها المتكرر في حدوث أزمة في ضخ المياه".

وأشار فرج إلى أنّ "سبب تصريحات مدير مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان هو من أجل الضغط على سفراء الدول المانحة للبنان".

 (100) ألف ليرة للبرميل 

وبحسب تصريحات نقلتها صحيفة "الديار" اللبنانية عن السكان المحليين في مناطق مختلفة من لبنان، بلغ سعر برميل المياه؛ بسبب الأزمة الأخيرة (100) ألف ليرة بحد أدنى، ما يعادل نحو (66) دولاراً، ولا يتمكن المواطنون في أغلب الحالات من الحصول عليه بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وشح المياه في معظم المناطق.  

ووفق حديث أحد تجار المياه، وكنيته أبو علي، وهو كما يصفه زبائنه صاحب صهريج "آدمي"، لأنّ أسعاره مقبولة، والمياه التي يبيعها "حلوة"، يقول إنّه "يشتريها من آبار ارتوازية خاصة يملكها مواطنون حوّلوها إلى محطات لبيع المياه، على حدّ تعبيره.

 

غسان بيضون: طالما لا يوجد تمويل، وطالما أنّ أسعار المحروقات تتجاوز قدرة مؤسسة المياه على تحمّلها، فإذاً نتوقع دائماً عجزاً في المؤسسة عن ضخ المياه وتأمين الكميات العادية التي كانت تؤمنها للمواطنين والمشتركين

 

وعن الأسعار يلفت إلى أنّها كانت عادية جداً تبدأ من (50) ألف ليرة، ولكن عندما ازداد الطلب على المياه، مع تفاقم الأزمة، وارتفاع أسعار البنزين والمازوت، أصبح بعض أصحاب الصهاريج أكثر طمعاً وزادوا الأسعار إلى (300) و(400) و(500) ألف ليرة.  

وأضاف أبو علي أنّ "الزبائن كانوا يتقبلون هذا الوضع بشكل اضطراري نظراً للأزمة الصعبة التي يعانيها الناس، لكنّ وصول السعر إلى (100) ألف ليرة وأكثر جعل أمر الحصول على المياه صعباً ومستحيلاً على بعض الأسر".

ما أسباب تفاقم الأزمة؟

اعتبر المدير العام السابق في وزارة الطاقة غسان بيضون أنّ "الأسباب التي أدت لتفاقم أزمة انقطاع المياه في بيروت من دون أفق لحلها هي عدم توفر التمويل لتأمين المحروقات لتشغيل المولدات، وبالتالي تشغيل المضخات واستخراج المياه وتوزيعها؛ لأنّ النسبة الكبيرة من المياه الموزعة في لبنان تحتاج إلى ضخ وتوزيع عبر الشبكات".

هناك مناطق كثيرة في لبنان تعتمد على المياه من محطات الضخ التي تعتمد بالأساس على الكهرباء

وأوضح أنّه "طالما لا يوجد تمويل، وطالما أنّ أسعار المحروقات تتجاوز قدرة مؤسسة المياه على تحملها، فإذاً نتوقع دائماً عجزاً في المؤسسة عن ضخ المياه، وتأمين الكميات العادية التي كانت تؤمنها للمواطنين والمشتركين"، بحسب حديث لموقع "سبوتنيك".

وأشار بيضون إلى أنّ "المساعدات ممكنة لكنّها لن تعيد الوضع إلى ما كان عليه"، وقال: إنّ "هناك تقصيراً؛ أوّلاً من المؤسسات الدولية التي من المفترض أن ترعى شؤون الصحة في العالم، ومن الممكن من الدول الصديقة التي يفترض أنّها صديقة أن تراعي حاجة لبنان وتنظر إلى مشكلته وألّا تقف كمتفرج، وهذان مصدران مهمّان للمعالجة".

 

نديم فرج الله: لبنان يعاني أزمة نقص مياه قاسية، لكن لا نتوقع انقطاعاً كاملاً بعد شهرين

 

وأضاف: "يمكن انتظار أوضاع وتراجع أسوأ، في حال لم يتم تأمين المحروقات اللازمة."

وأوضح بيضون أنّ "المعالجة الداخلية أمر صعب ومحدود، ومهما توفر لن يتمكن من تأمين كامل حاجة المؤسسات العامة المنتشرة على جميع الأراضي اللبنانية التي تعاني من المشكلة نفسها، وهي العجز المالي وعدم القدرة على تأمين المحروقات، نحن بانتظار مساعدات من مؤسسات دولية ومن دول صديقة معنية بمعاونة لبنان على الوجه الإنساني أقله".

تحركات برلمانية وحكومية لاحتواء الأزمة

النائب في البرلمان اللبناني فؤاد المخزومي دخل على خط أزمة المياه، وسجل عدة تحركات خلال الأسبوع الماضي مع عدد من السياسيين الآخرين لمحاولة احتواء الأزمة.

وقال المخزومي في سلسلة تغريدات عبر "تويتر": إنّ أزمة انقطاع المياه في بيروت والمناطق المجاورة لها سببها هو اهتراء الشبكة وتآكلها بسبب الملوحة أو مياه الأمطار، وعدم توافر المازوت لتشغيل محطات ضخ المياه.   

فؤاد المخزومي: تقدمت بسؤال للحكومة حول سبب عدم وضعها خطة عمل واضحة لإعادة تأهيل شبكات المياه في البلاد

وأشار إلى التنسيق بين عدد من المؤسسات المعنية مع الشركة المسؤولة عن تغذية بعض المناطق، للعمل تدريجياً على إحلال الشبكات القديمة بأخرى جديدة لمنع تكرار الانقطاع، وقال: "إنّ العملية ستأخذ وقتاً، مع أهمية توفير المازوت أو تحويل الشبكات إلى العمل بالطاقة الشمسية لتسهيل العمل في ظل عدم توافر الكميات اللازمة من المازوت".

وفي تدوينة أخرى أوضح المخزومي أنّه "تقدّم إلى مجلس النواب بمشروع قانون معجل، يستهدف تخصيص قطعة أرض بمنطقة مطمر الكوستا برافا، لبناء محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بهدف إنارة مطار رفيق الحريري الدولي ودعم منظومة الطاقة في بيروت".

وأشار المخزومي في تدوينة ثالثة إلى أنّه "تقدّم بسؤال للحكومة حول سبب عدم وضعها خطة عمل واضحة لإعادة تأهيل شبكات المياه في البلاد، وتساءل: "لماذا لم تُخصص الأموال التي وهبتها المؤسسات الدولية لإعادة تأهيل البنى التحتية وصيانة الأنابيب المهترئة والمتآكلة في العاصمة؟".

مواضيع ذات صلة:

إذا أشعلت المياه صراعات الشرق الأوسط من يطفئها؟

أصفهان عطشى.. والإيرانيون يهتفون ضد خامنئي: مياهنا رهينة

هذه أكثر الدول تضرراً من شح المياه في العالم



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية