بعد الهدنة... صراعات أجنحة ميليشيات الحوثي تخرج إلى العلن

بعد الهدنة... صراعات أجنحة ميليشيات الحوثي تخرج إلى العلن


07/08/2022

تشهد ميليشيات الحوثي الإرهابية صراعات واقتتالات داخلية غير مسبوقة بين تياراتها المختلفة وزعاماتها، تارة على المكاسب والإتاوات، وتارة أخرى على النفوذ والسلطة، واللافت في الأمر أنّ الزعماء الكبار في الميليشيات الموالية لإيران، كعبد الملك الحوثي ومحمد علي الحوثي، تعمل على تذكية الصراعات لضمان عدم انقلاب القادة عليهم في حال شكّلوا فيما بينهم تياراً أو تكتلاً.

 آخر مستجدات تلك الصراعات ظهرت أمس في صنعاء، فقد اندلعت اشتباكات مسلحة بين قيادات ميدانية من جماعة الحوثي الانقلابية في العاصمة التي تسيطر عليها الميليشيات منذ (8) أعوام.

وحسب مصادر محلية وإعلامية، نقل عنها موقع "المشهد اليمني"، فإنّ الاشتباكات العنيفة التي اندلعت بين قيادات حوثية، وخلفت قتلى وجرحى، جاءت على خلفية صراع للحصول على إيرادات الكسارات في صَرف شمال كلية المجتمع بصنعاء.

 ويأتي هذا بالتزامن مع تصاعد الخلافات والمواجهات المحتدمة داخل صفوف الميليشيات الحوثية، التي وصلت مؤخراً إلى حدّ التصفيات البينية والاختطافات، على خلفية تسابق وتنازع حول الصلاحيات والجبايات وتحصيل الأموال.

اندلاع اشتباكات مسلحة بين قيادات ميدانية في ميليشا الحوثي في العاصمة صنعاء على خلفية مكتسبات مادية

 ويتصدر القيادي في الميليشيات محمد علي الحوثي المشهد كأكثر القيادات الحوثية التي تزاحم على فرض مساحة نفوذ واسعة، بعد زعيم الميليشيات الذي تحول إلى ما يشبه المصلح الاجتماعي بين قياداته.

 وفي الطرف المقابل، يقاتل مدير مكتب رئاسة الانقلاب والرقم القوي في معادلة الصراع القيادي أحمد حامد، للبقاء على رأس أكثر المجاميع القيادية ومراكز القوى حضوراً، مستمداً قوته من كونه ممثلاً لزعيم الميليشيات داخل مؤسسات الدولة المنهوبة.

وتحدثت مصادر قبلية وسياسية في محافظتي صنعاء وذمار، نقلت عنها صحيفة "العين"، عن جولة صراع جديدة بدأت تظهر على السطح بين أحمد حامد ومحمد علي الحوثي حول شيوخ القبائل، حيث يسعى حامد إلى تحدي نفوذ محمد علي الحوثي في أوساط المجتمع القبلي.

 

صراع بين أحمد حامد ومحمد علي الحوثي حول شيوخ القبائل، حيث يسعى الأول لتحدّي نفوذ الثاني في أوساط المجتمع القبلي

 

 وقدّم حامد لزعيم الميليشيات الحوثية مقترحاً مدعوماً بقائمة طويلة من أسماء شيوخ قبائل يطلب طردهم من مواقعهم على رأس التجمعات القبلية، كون هؤلاء الشيوخ إمّا خارج البلاد، وإمّا غير فاعلين في مشهد الحرب"، وطلب دعماً لتنصيب عناصر قبلية أكثر ولاء للميليشيات.

في المقابل، يتحرك محمد علي الحوثي ضد مشروع أحمد حامد، كونه نسج علاقات قوية مع بعض المكونات القبلية والشيوخ الحاليين منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق علي صالح وتصفيته من قبل الميليشيات.

وحسب المصادر، فإنّ محمد علي الحوثي يرى في مقترح ومشروع أحمد حامد تهديداً لنفوذ راكمه على مدى الأعوام الماضية في أوساط القبائل، ويعتبر أيّ تغيير في تركيبة المجتمع القبلي وآلية اختيار قادة القبائل مساحة حساسة قد تفجر صراعات داخل المجتمع القبلي على الزعامة.

 

الصراع بين القيادات الحوثية البارزة في صنعاء انعكاس مباشر لما تعتبره تلك القيادات انتهاء لفترة التصالح التي كانت تمليها ظروف الحرب

 

 وطرح محمد علي الحوثي مقترحاً مضاداً، يفيد بضمان ولاء الشيوخ للميليشيات، عبر امتيازات إضافية وتقريبهم من السلطات في المحافظات بدلاً من الإطاحة بهم.

 ووفقاً لصحيفة "العرب" اللندنية، فإنّه خلال فترة الهدنة تصاعدت الصراعات والخلافات بين أجنحة الميليشيات المدعومة من إيران إلى وسائل الإعلام، بعد أن ظلت طي الكتمان خلال الأعوام الماضية.

طرح محمد علي الحوثي مقترحاً يفيد بضمان ولاء الشيوخ للميليشيات، عبر تقريبهم من السلطات في المحافظات بدلاً من الإطاحة بهم

 ومعلومات كثيرة حول تلك الصراعات بدأت تتسرب إلى وسائل الإعلام، بعضها محسوب على الحوثيين أنفسهم، من خلال تصريحات متبادلة تتضمن الاتهام بالفساد.

 الصراع بين القيادات الحوثية البارزة في صنعاء انعكاس مباشر لما تعتبره تلك القيادات انتهاء لفترة التصالح التي كانت تمليها ظروف الحرب، وهو السبب ذاته الذي ساهم في تحفيز حملة الحوثيين التي تستهدف التخلص من الحلفاء السياسيين من داخل القوى الأخرى، مثل حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صنعاء)، بالتوازي مع حملات أخرى ذات طابع مناطقي وطائفي كشفت عنها تصريحات قيادات عسكرية جنوبية موالية للحوثيين تحدثت عن تهميشها وإقصائها لأسباب جهوية، كما هو حال عضو مجلس الشورى الحوثي اللواء عبد الله الجفري الذي قال في تصريحات إعلامية: إنّ المجلس يتعامل معه بعنصرية بسبب انتمائه إلى جنوب اليمن.

 

تصريحات قيادات عسكرية جنوبية موالية للحوثيين تحدثت عن تهميشها وإقصائها لأسباب جهوية وذات طابع مناطقي وطائفي

 

 وأعلن عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين سلطان السامعي في تغريدة على تويتر مغادرته صنعاء بسبب مضايقات تعرض لها، وشنّ محافظ محافظة ريمة المعيّن من قبل الحوثيين فارس الحباري هجوماً على قيادات في الحكومة الحوثية، واتهمها بالفساد وإقصاء كوادر في المحافظة لأسباب طائفية ومذهبية.

 وعن أبعاد وخلفيات هذا الصراع، قال الباحث العسكري والإستراتيجي اليمني العميد محمد الكميم في تصريح لـ"العرب": إنّ "فترة الهدنة شهدت تعالي أصوات من داخل صنعاء ومن قيادات حوثية كبيرة تشتكي من الإهمال والإقصاء، رغم أنّها من السلالة نفسها، مثل عبد السلام جحاف الذي اشتكى قبل فترة من أنّه منبوذ من الجماعة لأنّه من محافظة ريمة، وكذلك سلطان السامعي وأحمد حاشد هاشم لأنّهما من تعز، ومحمد المقالح الذي بعد أن فصلوا ابنه من العمل تحول ضدهم وهو من إب، وأخيراً اللواء عبد الله الجفري الذي يقول إنّه تعرض للإقصاء لأنّه هاشمي جنوبي، إلى جانب الخلاف بين محافظ المحويت ومدير عام مؤسسة الكهرباء، وهو الخلاف الذي بسببه تم قطع الكهرباء عن المحافظة".

 

الكميم: لولا الحرب ضد الشرعية، لكانوا اقتتلوا فيما بينهم، وقد تكون فترة الهدنة كشفت سوءاتهم بشكل أكبر وأظهرت خلافاتهم بوضوح

 

 وعن تأثيرات الهدنة المحتملة على الصراعات داخل الجماعة، أضاف الكميم: "الخلافات تعصف بالجماعة، وتظهر بقوة من وقت إلى آخر من خلال الاستقطاب الإعلامي الحاد بين مكونات الجماعة، ثم توجيه أدواتهم نحو القيادات الأخرى. كما رأينا أنّ هناك حملات تكون تارة ضد أحمد حامد مدير مكتب رئيس المجلس السياسي الأعلى، وتارة أخرى ضد طه المتوكل وزير الصحة في حكومة الميليشيات، وتارة ثالثة ضد مهدي المشاط أو محمد علي الحوثي".

 وأردف: "لولا الحرب ضد الشرعية، لكانوا اقتتلوا فيما بينهم، وقد تكون فترة الهدنة كشفت سوءاتهم بشكل أكبر، وأظهرت خلافاتهم بوضوح".

ومن جهته، علّق الباحث السياسي اليمني رماح الجبري على تصاعد الخلافات داخل الميليشيات الحوثية في زمن الهدنة بالقول: إنّ "هذه عادة العصابات؛ تختلف عندما تتقاسم ما نهبته أو سطت عليه، وهو أيضاً حال الميليشيات الحوثية التي ظهرت خلافاتها بشكل جليّ بعد أشهر من إعلان الهدنة".

 وأضاف: "إذا افترضنا جدلاً أنّ الحرب توقفت وبقي الحوثي يسيطر على صنعاء، فستكون هناك حروب ومواجهات مسلحة بين أذرع الميليشيات وقياداتها على المكاسب والأموال".

 وفي سياق متصل، نقل موقع "العاصمة أون لاين" عن مراقبين أنّ تفاقم حدة الخلافات بين الأقطاب الحوثية يعكس حالة الوهن السياسي الذي يسيطر على الميليشيات، التي لطالما حاولت التظاهر بقدرتها على السيطرة، وحسم الأمور الخلافية.

 وكان فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن قد كشف في تقريره السنوي الأخير عن تصاعد الصراع بين قيادات ميليشيات الحوثي الإرهابية على مستوى الصف الأول، وخلافهم حول النفوذ والأموال، وأنّ احتمالية المواجهات المسلحة بينهم مرجحة جداً، في ظل احتفاظ كلّ قيادي بميليشيات خاصة به توفر له الحماية والدعم.

مواضيع ذات صلة:

اليمن بين تلغيم الأرض وتفخيخ العقل... ونيران الحوثي تمتد إلى المساجد

صراع الهوية في اليمن.. الحوثيون أسرى المشروع الإيراني

اليمن: كيف سيتعامل مجلس القيادة الرئاسي مع الحوثيين؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية