بعد تفجير إسطنبول... كيف يعيش السوريون في تركيا؟

بعد تفجير إسطنبول... كيف يعيش السوريون في تركيا؟

بعد تفجير إسطنبول... كيف يعيش السوريون في تركيا؟


20/11/2022

اختفى اللاجئون السوريون مؤخراً من الشوارع التركية، وأغلقوا متاجرهم ومطاعمهم في إسطنبول لأيام؛ بعد إعلان أنّ منفذة هجوم تقسيم يوم الأحد الماضي "سورية الجنسية"، وأنّها دخلت إلى الأراضي التركية بشكل غير قانوني.

اللاجئون تحسبوا لهجمات عنصرية من قبل الأتراك، كما تحسبوا لأيّ إجراءات تنفذها الأجهزة الأمنية، والتي تتمثل بالتعدي على السوريين وتلفيق التهم لهم، من حيث الدخول بشكل غير قانوني، أو الإقامة والعمل بشكل مخالف، وفي النهاية لا بدّ أن يكون هناك العشرات من السوريين ككبش فداء لتهدئة الرأي العام التركي، بعد التحشيد والتحريض من قبل النظام بروايته حول أحلام البشير.

ووفقاً لموقع "أحوال تركيا"، فقد حرض العشرات من السياسيين خلال الأيام الماضية الناس باستخدام خطاب استفزازي أو عنصري ضد السوريين، للاستفادة من الحادثة الإرهابية التي وقعت في شارع الاستقلال، لتوظيفها أيضاً في حملاتهم الانتخابية.

ورغم أنّ  الرئيس رجب طيب أردوغان سمح لملايين اللاجئين السوريين بالقدوم إلى تركيا، إلا أنّه خضع للشارع ولتوجهاته، لكي يقطع الطريق على المعارضة التي تستغل الملف للنيل منه في الانتخابات المقبلة التي ستجري في حزيران (يونيو) المقبل، وأقرّ لوائح جديدة للحدّ من تواجدهم في بلاده.

اللاجئون تحسبوا لهجمات عنصرية من قبل الأتراك

وعن أوضاع اللاجئين بعد عملية تقسيم الإرهابية، أكد الناشط الحقوقي طه الغازي أنّه بعد إعلان وزارة الداخلية التركية أنّ منفذة تفجير إسطنبول هي  أحلام البشير، سورية الجنسية وتابعة لحزب العمال الكردستاني، تصاعدت مخاوف اللاجئين السوريين هناك، خصوصاً في محيط منطقة التفجير.

وأضاف الغازي في تصريح صحفي لموقع "ارفع صوتك" أنّ هذه الحالة تحديداً أعادت إلى الأذهان ما عاشه السوريون في شباط (فبراير) عام 2020 وما بعدها، حين قُتلَ (33) جندياً تركياً، نتيجة قصف لميليشيات الأسد على إحدى النقاط العسكرية التركية، المتواجدة داخل الأراضي السورية.

وتابع: "في تلك الفترة للأسف الشديد أصبح هناك حالة ضغط على المجتمع اللاجئ في تركيا، واليوم الحالة نفسها تتكرر تماماً مع العمل الإرهابي الذي أودى بحياة (6) أشخاص وإصابة قرابة (81) شخصاً".

العشرات من السياسيين يُحرضون خلال الأيام الماضية الناس على استخدام خطاب استفزازي أو عنصري ضد السوريين

ويشير إلى استغلال بعض قيادات المعارضة التركية هذه الحادثة، وإلصاق العمل الإرهابي بجنسية المنفذ أو المنفذة، مضيفاً: "طبعاً الإرهاب لا جنسية له ولا دين له، وهو بالنهاية أمر غير إنساني، ولكن في عالم السياسة دائماً هناك أطراف تسعى للربط ما بين جنسية الفاعل ودينه أو عرقه".

وفي سياق متصل، أشار عدد من اللاجئين الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، في تصريح صحفي لـ "حفريات"، أنّ العمل الإرهابي المستنكر من قبلهم يؤثر على العائلات السورية في تركيا؛ إذ أصبح لديهم "تخوف من التواجد في الأماكن العامة والحدائق والأماكن المزدحمة، وبعض العمال اليوم كان لديهم تخوف كبير جداً من ردة فعل الشارع التركي ممّا حدث".

وأوضحوا أنّ "المشكلة الأساسية في ما تم ضخه إعلامياً وتحديد جنسية الفاعل"، متابعين: "عادة في أيّ عمل إرهابي تُترك جنسية الفاعل لآخر حلقة، ولكن هناك بعض التيارات والجهات الإعلامية التركية ركزت وسلطت الضوء على جنسية الفاعل، وتركت باقي الأحداث في الواقعة، وللأسف هناك فئة كبيرة في الشارع التركي باتت تتأثر خلال الأعوام الماضية بما يتم تقديمه في بعض وسائل الإعلام التركية.

هذا، وتصدّر تريند Suriyeli شبكات التواصل الاجتماعي في تركيا، وأطلق المغردون حملات تطالب بطرد اللاجئين بتهمة زعزعة الأمن العام، بعد نشر صورة المتهمة بالتفجير، وفق ما نقل موقع haberdairesi.

ورأى المغردون الأتراك أنّ اللاجئين هم "أكبر مشكلة تواجه تركيا وتعيق تقدّمها"، وأنّه يتوجب على الدولة طردهم وعدم الاكتراث بحالهم في بلادهم، حتى لو تعرضوا للإبادة من قبل النظام، فإنّه يكون شأناً داخلياً لا تتحمل تركيا وزره.

أكد عدد من اللاجئين أنّ العمل الإرهابي المستنكر من قبلهم يؤثر على العائلات السورية في تركيا

من جهته، قال صحفي سوري مقيم في تركيا، طلب عدم ذكر اسمه الكامل للمصد ذاته: إنّ هذا التفجير "سيكون ذريعة للأحزاب التركية المعارضة لتكثيف تحريضها ضد اللاجئين السوريين في تركيا، ولتبرير حملات التضييق عليهم أو طردهم لأجل تحقيق مكاسب انتخابية".

ويرى أنّ "الجميع سيعمد إلى استثمار هذا الحادث للتأثير على الناخب التركي" مشككاً بالرواية الرسمية.

وعبّر عن دهشته لذكر جنسية مرتكب التفجير في الإعلام، "لأنّ ذلك لا يحدث عادةً عند وقوع أيّ هجوم إرهابي من قبل حزب العمال، بل يُشار إلى أنّ المنفذ إرهابي من الحزب فقط".

وعن تأثير واقعة التفجير على الوجود السوري في تركيا، بيّن أنّ هناك "الكثير ممّن يترصدون حدوث وقائع مثل تفجير إسطنبول، سواء من المواطنين العنصريين أو السياسيين الذين يريدون شماعة ضد اللاجئين السوريين لقلب كفة الموازين لصالحهم".

لاجئون لـ "حفريات": أصبح لدى العائلات السورية في تركيا تخوف من التواجد في الأماكن العامة والحدائق والأماكن المزدحمة

وقد نشرت عدة صحف ووسائل إعلام تركية أخباراً عن لاجئين سوريين قضوا بحوادث مأساوية خلال الـ (24) ساعة الماضية في العديد من المدن.

فبحسب موقع "عثماني نت"، فإنّه تعرّض خلال اليومين الماضيين أكثر من (7) سوريين للاعتداء على يد جماعات عنصرية تجوب الشوارع بإسطنبول، التي يقطن فيها الكثير من السوريين، (5) منهم غادروا المستشفيات بعد علاجهم من الإصابات، وبقي إلى الآن شخصان في حالات مستعصية.

هذا، وتعرضت عائلة سورية في بورصة لاعتداء من قبل عائلة تركية والأسباب مجهولة، وعند اللجوء إلى المركز الأمني تم احتجاز العائلة السورية والإفراج عن العائلة التركية، بحجة أنّهم الضحايا، وأنّ السوريين هم من افتعلوا المشاجرة، وفق موقع dha التركي.

وبحسب وكالة "DHA" الإخبارية، فقد فقدت اللاجئة السورية أمل الرحيل (52) عاماً حياتها أثناء محاولتها عبور الطريق في مدينة إلازيغ شرق البلاد، حيث اصطدمت بشاحنة ضخمة لخلط الإسمنت.   

وبالمثل لقي الطفل السوري "عبد الرحمن عيد" (11) عاماً حتفه عندما صدمته شاحنة صغيرة في مدينة قونيا، وتم نقله إلى سوريا ليُدفن إلى جانب والده وشقيقته اللذين تُوفّيا بانفجار قنبلة قبل أعوام، وفق موقع "haber dairesi".

اختفى اللاجئون السوريون مؤخراً من الشوارع التركية، وأغلقوا متاجرهم ومطاعمهم في إسطنبول لأيام

وفي ولاية دوزجة غرب البلاد، عثرت الشرطة التركية على الطالب الجامعي "ميلاد المحمود" ميتاً في الغابة، وتم نقل الجثة إلى مشرحة مستشفى دوزجة الجامعي وفتح تحقيق بالحادث.

وبيّن موقع "son dakika" أنّ الطالب السوري ميلاد يدرس في جامعة دوزجه في كلية الآداب والعلوم قسم الأحياء، وأنّ أصدقاءه لاحظوا غيابه فقاموا بإخبار الشرطة التي كثّفت البحث عنه قبل أن تجده ملقى في الغابة دون حراك.

وفي سياق رسمي، أزالت دائرة النفوس العامة في تركيا ملفات الجنسية الاستثنائية لعدد من السوريين، رغم مضيّ فترة طويلة لدخولهم مرحلتَي الأرشيف والدوام على "السيستم".

وتلقى عدد كبير من السوريين رسالة إلكترونية جاء فيها: "تمّت إزالة الطلب من إجراءات الجنسية التركية الاستثنائية"، وفق ما نقل موقع "نداء بوست".

وقد شكّل هذا القرار صدمة كبيرة لمتلقيه، خاصة أنّ جميعهم في المرحلة الرابعة وأعقدها، كونها تبقى عالقة لفترة طويلة وتخضع فيها ملفاتهم لدراسة أمنية مطولة.

تريند  Suriyeliتصدّر شبكات التواصل الاجتماعي في تركيا، وأطلق المغردون حملات تطالب بطرد اللاجئين بتهمة زعزعة الأمن العام

ويمر الحصول على الجنسية التركية بـ (7) مراحل، تُعتبر الرابعة أهمها، ويستغرق وصول السوريين إليها قُرابة الـ (3) أعوام، من العمل والمتابعة في دوائر الهجرة.

وبدأت تركيا في عام 2016 منح جنسيتها الاستثنائية لبعض اللاجئين السوريين المتواجدين على أراضيها، واستهدفت بشكل أساسي العاملين في قطاعَي التعليم والصحة وأصحاب الشهادات العليا، ومالكي المنشآت الصناعية.

ومؤخراً، تصاعدت نبرة الأصوات المناهضة لوجود اللاجئين السوريين في تركيا، وبشكل خاص من قِبل الأحزاب المعارضة، التي باتت تتخذ منهم ورقة ضغط على الحكومة، ووسيلة للتأثير على الرأي العام، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في البلاد.

وقد جدد زعيم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض كمال كليجدار أوغلو التأكيد على أنّ حزبه "سيعمل على إرسال اللاجئين إلى بلادهم بإرادتهم مع ضمان سلامة أرواحهم وممتلكاتهم في حال وصوله إلى السلطة"، مضيفاً: "سنرسي السلام مع ذاك البلد، وسنرسلهم إلى بلادهم، وفق ما نقلت صحيفة "زمان" التركية.

وخرج رئيس حزب "النصر" التركي المعارض أوميت أوزداغ بتصريحات عنصرية جديدة ضد اللاجئين السوريين، طالت أيضاً كل مواطن تركي يريد بقاء السوريين في تركيا، واصفاً إيّاه بأنّه "خائن".

وقال أوزداغ في مقابلة تلفزيونية: "إلى جهنم، إذا كنت تريد السوريين، فاذهب معهم في الحال...، أنا لست عنصرياً، لكن لا أريد مشاركة وطني مع أحد".

 ويعيش في تركيا، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية إسماعيل جاتاكلي، (3) ملايين و(762) ألفاً و(686) شخصاً، مؤكداً عدم حدوث أيّ تغيير يُذكر على أعداد السوريين الذين يقيمون ضِمن قانون الحماية المؤقتة منذ عام 2017.

مواضيع ذات صلة:

تفجير إسطنبول: تضامن عربي ودولي واسع.. والداخلية التركية تكشف عن تفاصيل جديدة

القصة الكاملة لتفريخ الإخوان للتنظيمات الإرهابية في آسيا

منتديات داعش: أكاديمية ضخمة لتعليم الإرهاب



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية