بعد جريمة هزت تركيا.. سياسات أردوغان حول العنف تؤجج الشارع التركي

بعد جريمة هزت تركيا.. سياسات أردوغان حول العنف تؤجج الشارع التركي


22/07/2020

تقود الحركات النسوية في تركيا موجة معارضة جديدة ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دفاعاً عن حقوقهن، في ظل ازدياد جرائم العنف ضد المرأة، والتي تصل في الكثير من الأحيان إلى القتل، وفي ظل المواقف السلبية التي يتخذها حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا من هذه القضية بالتحديد. 

 يستعدّ نظام أردوغان لعرض مشروع قانون (الزواج من المغتصب) المثير للجدل، ثانية على البرلمان التركي

ففي مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي، تداولت العديد من وسائل الإعلام التركية أنباءً عن استعدادات يجريها النظام الحاكم لعرض مشروع قانون "الزواج من المغتصب"، المثير للجدل، على البرلمان مجدداً، الأمر الذي قوبل برفض شديد، لا سيّما من قبل المنصّات والمنظمات الحقوقية المعنية بحقوق النساء والأطفال. 

ويعفي مشروع القانون المذكور الرجال المتهمين باغتصاب فتيات تحت سن 18 عاماً، من العقوبة إذا تزوجوا من ضحاياهم.

وأثار مشروع القانون كثيراً من الجدل والغضب في صفوف الجمعيات الحقوقية ومنظمات المرأة، التي تقول إنه يشرّع للاغتصاب، فيما تصرّ الحكومة على أنّه يهدف إلى معالجة ظاهرة زواج الأطفال التي تنتشر على نطاق واسع.

وبينما يبلغ سن الزواج القانوني 18 عاماً في تركيا؛ فإنّ تقريراً حكومياً أوضح أنّ نحو نصف مليون فتاة قاصر قد جرى تزويجهن خلال العقد المنصرم.

المعارضة التركية: النظام التمييزي والاستبدادي لحزب العدالة والتنمية الذي لا يهتم إلا بنفسه وأنصاره يُهدّد الحياة الاجتماعية

وفي نيسان (أبريل) الماضي، حمّلت قيادية كردية معارضة في تركيا، نظام الرئيس، رجب طيب أردوغان، مسؤولية تزايد وتيرة العنف ضد المرأة في البلاد، وعدم تفعيل آليات مواجهتها تحت ذريعة مواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وفق ما نقلت صحيفة "زمان" التركية.

جاء ذلك في تصريحات أدلت بها الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض، برفين بولدان، عبر مقطع فيديو بثته على الحساب الرسمي للحزب بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" آنذاك.

اقرأ أيضاً: أردوغان يواصل قمع الحريات واستهداف الحقوقيين في تركيا.. ما الجديد؟

وقالت المعارضة الكردية: إنّ معدل العنف ضد المرأة ارتفع في ظل تفشي كورونا بنسبة 27.8 بالمئة، مشيرة إلى أنّ 29 سيدة قتلن في آذار (مارس) الماضي.

وتابعت بولدان قائلة: إنّ "النظام التمييزي والاستبدادي لحزب "العدالة والتنمية"، الذي لا يهتم إلا بنفسه وأنصاره، يهدد الحياة الاجتماعية، شأنه في ذلك شأن الوباء تماماً".

وفي آذار (مارس) الماضي، كشف تقرير للمعارضة التركية عن أنّ 15 ألف و557 سيدة قتلن خلال فترة حكم حزب "العدالة والتنمية" التي امتدت 18 عاماً، منذ توليه الحكم عام 2002 وحتى 2020، وفق ما أوردت صحيفة "حرييت" التركية.

جاء ذلك بحسب تقرير أعدّه النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري سزغين طانري قولو، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 آذار (مارس) من كل عام.

وسلّطت الكثير من المنظمات الحقوقية العالمية الضوء على ظاهرة العنف ضدّ المرأة في تركيا، حيث قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته سابقاً ونشرته عبر موقعها الرسمي: "إنّ نظام الحماية التركي المعيب ضد العنف الأسري يترك النساء والفتيات في جميع أنحاء البلاد دون حماية من هذا العنف.

وفي سياق متصل، نظّمت الفعاليات النسوية الكثير من المسيرات للتعبير عن غضبهنّ، ولمطالبة نظام أردوغان باتخاذ مزيد من التدابير التي من شأنها وقف العنف ضد المرأة. 

 تقرير للمعارضة التركية: 15 ألف و557 سيدة قتلن خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية التي امتدت 18 عاماً

وانطلقت آخر تلك الفعاليات عقب مقتل شابة على يد صديقها، وسط تنديد بسياسات نظام الرئيس رجب طيب أردوغان التي لم تُجدِ في وقف وتيرة العنف التي زادت مؤخراً ضد المرأة.  

الجريمة البشعة راحت ضحيتها الشابة التركية، بينار غولتكين، التي ضربها صديقها جمال متين أفجي، ثم خنقها حتى الموت، وحاول إحراق جثتها قبل أن يضعها في برميل، ويدفنها في إحدى الغابات غربي تركيا.

بينار غولتكين

وإثر اكتشاف الجريمة ثار الرأي العام، وخرج المواطنون في مسيرات للتعبير عن غضبهم من الحادث، متهمين النظام بالتقصير في حماية النساء.

وفي مدينة إسطنبول، احتشدت أعداد كبيرة من النساء في منطقتي بشيكطاش، بالجانب الأوروبي من المدينة، وقاضي كوي، بالجانب الآسيوي، ورفعن شعارات مندّدة بالحادث.

وقد شهدت الفعالية مشاركة أعداد كبيرة من الفنانين الرافضين لمثل هذه الحوادث، فضلاً عن مشاركة منصّة "سنوقف الجرائم التي ترتكب بحق النساء"، ومجالس المرأة بالمدينة.

اقرأ أيضاً: إلى أي مدى سيمضي أردوغان في "تشريع" قمع المعارضة؟

وحرصت المحتجات على رفع لافتات كُتب عليها عبارات تدين الحادث، منها: "لن نصمت ضد هذه الحوادث"، و"حان وقت تفعيل اتفاقية إسطنبول" المتعلقة بمنع ومكافحة العنف ضد المرأة.

ورفعت المحتجات صوراً للشابة المقتولة، وهنّ يردّدن هتافات من قبيل "لا نريد الموت" و"سندمر ذكوريتكم"، و"فعّلوا اتفاقية إسطنبول". 

وفي كلمة ألقتها أمام المحتجات، قالت أمين عام منصة "سنوقف الجرائم التي ترتكب بحق النساء" فيدان آطا سليم: "نشعر بغضب شديد لدرجة أنه لا توجد لدينا أية نية للتراجع للخلف خطوة واحدة، لقد فاقت النساء بشكل يزعج المجتمع الذكوري، وقد سبق أن وقعنا اتفاقية إسطنبول، والنظام يرغب في الرجوع عنها".

وكان البرلمان الأوروبي دعا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي جميع الدول الأعضاء إلى المصادقة على "اتفاقية إسطنبول"، المتعلقة بمكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي.

وفي العام 2017، وقع الاتحاد الأوروبي على اتفاقية إسطنبول، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2014

اقرأ أيضاً: تركيا... تاريخ حافل بالقمع ضد الأرمن والأكراد.

وتعد الاتفاقية أداة قوية لمناهضة العنف ضد المرأة، تستفيد منها على وجه الخصوص المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال، لكن المعارضة التركية تتهم حكومة أردوغان بالتهرب من تطبيق الاتفاقية، لاسيما بعد تصريحات سابقة للقيادي في حزب العدالة والتنمية، نعمان كورتولموش، ألمح فيها إلى إمكانية انسحاب بلاده من الاتفاقية، وهو ما لاقى ردود فعل مستنكرة من قبل سياسيين معارضين ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة.

وكان نائب مدينة إسطنبول بالبرلمان عن حزب "العدالة والتنمية" نعمان قورتولموش، قد قال في وقت سابق، فيما يتعلق بالاتفاقية: "مثلما تمّ توقيع هذه الاتفاقية باستيفاء الإجراءات، سيتم أيضاً اتخاذ الإجراءات لإنهائها".

هذه التحركات أثارت الخوف والهلع لدى السيدات التركيات على حياتهن، لا سيّما في ظل الخطر الداهم الذي يهدد الأطفال.

وخلال عام 2019، قُتلت 474 سيدة ضمن أعمال العنف بحقّ المرأة، وفي كانون الثاني (يناير) 2020 توفيت 27 امرأة نتيجة للسبب نفسه.

يشار إلى أنّ مسألة حقوق الإنسان في تركيا تتدهور منذ محاولة الانقلاب الفاشل في تموز (يوليو) 2016 الماضي، الأمر الذي تسبّب في اعتقال الآلاف والفصل التعسفي وفرض حالة الطوارئ وأعمال عنف من قبل النظام التركي، بحجّة الموالاة للداعية فتح الله غولن.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية